60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 23 أغسطس 2025    هل يحق لمكتسبي الجنسية المصرية مباشرة الحقوق السياسية؟ القانون يجيب    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 23 أغسطس 2025    وزير الدفاع الإيراني: لو استمرت حربنا مع إسرائيل 15 يوما "لاختلف الأمر"    حكام مباريات الأحد في افتتاح الجولة الرابعة من الدوري الممتاز    شبورة كثيفة ورياح واضطراب حركة الملاحة، الأرصاد تحذر من ظواهر مقلقة في طقس اليوم    القاهرة تسجل 40 مجددا والصعيد يعود إلى "الجحيم"، درجات الحرارة اليوم السبت في مصر    مفارقة غريبة، كريم محمود عبد العزيز وزوجته ودينا الشربيني في حفل روبي بالساحل الشمالي (فيديو)    عايدة رياض: أعيش في رعب مع نبيلة عبيد| حوار    سيف الإسلام القذافي يعلن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا    القاهرة تُسجل 40 مئوية.. تحذير من حالة الطقس اليوم: ارتفاع «طارئ» في الحرارة    ضبط 50 محلًا بدون ترخيص وتنفيذ 40 حكمًا قضائيًا بحملة أمنية بالفيوم    قطع المياه 6 ساعات ببعض مناطق الجيزة لتحويل خط رئيسي    فلسطين.. جيش الاحتلال ينفذ حملة دهم واسعة في بلدة المغير شمال شرق رام الله    لمحبي الآكلات الجديدة.. حضري «الفاصوليا البيضاء» على الطريقة التونسية (الخطوات والمكونات)    إنقاذ حياة مريض بعمل شق حنجري بمستشفى الجامعي بالمنوفية    جامعة أسوان تهنئ البروفيسور مجدي يعقوب لتكريمه من جمعية القلب الأمريكية    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    الجرام يسجل أقل من 3900 جنيها.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    محمد النمكي: الطرق والغاز جعلت العبور مدينة صناعية جاذبة للاستثمار| فيديو    أهداف إنشاء صندوق دعم العمالة غير المنتظمة بقانون العمل الجديد    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    الأمم المتحدة تعلن المجاعة رسميًا.. ماذا يحدث في غزة؟    عصابات الإتجار بالبشر| كشافون لاستدراج الضحايا واحتجازهم بشقق سكنية    بورسعيد.. أجمل شاطئ وأرخص مصيف| كيف كانت الحياة في المدينة الباسلة عام 1960؟    فيفي عبده تعلن وفاة الراقصة المعتزلة سهير مجدي    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    «الأستانلس أم التيفال»: هل نوع حلة الطبخ يغير طعم أكلك؟    بطريقة درامية، دوناروما يودع جماهير باريس سان جيرمان (فيديو وصور)    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    أطعمة تسبب الصداع النصفي لدى النساء ونصائح للسيطرة عليه    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    بوتين: واثق أن خبرة ترامب ستسهم في استعادة العلاقات الثنائية بين بلدينا    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    نشرة التوك شو| موجة حارة جديدة.. وشعبة السيارات تكشف سبب انخفاض الأسعار    رسميا.. جامعة الأزهر 2025 تفتتح أول كلية للبنات في مطروح وتعلن عن تخصصات جديدة    طارق فهمي: الإعلان الأممي عن تفشي المجاعة في غزة يعكس حجم الكارثة الإنسانية    تشيلسي يقسو على وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي (فيديو)    في ظهوره الأول مع تشيلسي، إستيفاو ويليان يدخل التاريخ في الدوري الإنجليزي (فيديو)    رياضة ½ الليل| إيقاف تدريبات الزمالك.. كشف منشطات بالدوري.. تعديلات بالمباريات.. وتألق الفراعنة بالإمارات    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة الأهلي في الدوري.. صور    وزير الري يشارك في جلسة "القدرة على الصمود في مواجهة التغير المناخي بقطاع المياه"    ارتفاع الكندوز 39 جنيها، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    إسرائيل تشن هجومًا على مخازن تابعة لحزب الله في لبنان    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 23 أغسطس 2025    قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا    مقتل عنصر من الأمن السورى فى هجوم انتحارى نفذه "داعش" بدير الزور    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتاب الأحمر.. اعترافات كارل يونغ الخطيرة
نشر في نقطة ضوء يوم 11 - 12 - 2015

في سمينار العام 1939 ناقش يونغ التحول التاريخي لشخصية الشيطان قائلا: «عندما يظهر الشيطان أحمر اللون، يكون نارياً، ما يعني طبيعة شغوفة تسبب الفسق والكراهية أو الحب الجامح».
أخيراً رأى النور: «الكتاب الأحمر». بعد ست عشرة سنة من عمل كارل غوستاف يونغ على هذا الكتاب، وبعد ما يقارب خمسين عاماً على وفاته، وفي العام 2009، ظهرت النسخة الكاملة «طبق الأصل»، من هذا الكتاب على شكل مجلد مكتوب بخط فني ومجلد بغلاف أحمر أنيق، مزودا باللوحات والمخطوطات التي كان يونغ قد رسمها بما يتلاءم مع أخيولاته. وفي العالم 2012 ظهرت «نسخة القارئ»، باللغتين الالمانية والانكليزية، وهي تحتوي على النص الكامل للكتاب الاصلي بعد إزالة الرسومات والمخطوطات. ومؤخرا صدر بنسخته العربية عن دار الحوار، دمشق. قام بترجمته متيّم الضايع، ورنا بشور.
ليس الكتاب الأحمر كتاباً عادياً يشبه بقية الكتب الأدبية أو النفسية، كما أنه لا يشبه أياً من كتب يونغ نفسها، إنه عمل في علم النفس ضمن إطار أدبي.
منذ بداية الحرب العالمية الأولى، وفي ذروة تطوّر البشرية نحو التقدم العلمي والصناعي وما تلاها من حروب واستبداد وتملك وسيطرة، وفي ذروة توجه الإنسانية نحو الحياة الاستهلاكية والصراعات الطبقية، وتوجه الإنسان نحو الخارج ومحاولته إلقاء اللوم على الآخر، أدرك يونغ أن المشكلة تبدأ في داخل الإنسان وتنتهي فيه، وأن اللاوعي ليس مادة خاملة، بل هناك من يعيش في تلك الأعماق، وهكذا، تحول إلى أعماقه باحثاً عن تشخيص مقنع لما أصبح الانسان عليه.
إن ما يجعل هذا الكتاب مختلفاً عن غيره، هو أنه لم يطرح مشكلة أو حلا لمشكلة، ولم يقدم محاضرة ولا عِظة يمكن للقارئ أن يتبناها أو يعمل عليها لحل مشكلته، بل قام بدراسة معمقة على نفسه واعتبرها طريقاً خاصاً به، لم يتبع عبرها شخصاً آخر، ولا ينصح أحدا بأن يتبعه عبرها، بل يمكن للمرء من خلالها أن يراقب ويرى ويخلق طريقه الخاص بنفسه ولنفسه. لكن ما انتهى إليه في نهاية المطاف، هو أن الحياة تقوم على المتناقضات، وأن فيها الأبيض والأسود، والعيش والموت، والخير والشر، وأن الإنسان مخلوق على هذا الاساس وليس عليه أن يقبل أن السواد والشر والموت أمور موجودة فيه فقط، بل أن يحبها ويتعامل معها كما يتعامل مع نقيضها.
في أحد أيام عام 1957 كتب يونغ في أحد يومياته: «كانت تلك السنوات التي حدثتكم عنها، حيث كنت أتعقب الصور الداخلية، أهم وقت في حياتي. يمكن اشتقاق كل شيء منها. بدأ الأمر في ذلك الوقت، ولم تعد التفاصيل اللاحقة تهمّ كثيراً. تتألف حياتي كلها من إسهاب ما، انفجر من اللاوعي، وغمرني كجدول غامض، وهدد بتحطيمي. كانت تلك المواد تكفي لأكثر من عمر واحد. كل ما حدث لاحقاً، كان مجرد تصنيف خارجي وإسهاب علمي، ودمج بها في الحياة. لكن البداية الخارقة للطبيعة التي احتوت كل شي، كانت حينها».
العام الذي قصده يونغ هو عام 1913 الذي كان محورياً في حياته. بدأ اختباراته على نفسه، بما أصبح معروفا ب «مواجهاته مع اللاوعي» ودام ذلك حتى عام 1930. خلال هذه التجربة طور تقنية «لفهم عملياته الداخلية»، «لترجمة العواطف إلى صور». وقد أطلق لاحقاً على هذا المنهج مصطلح «التخيل الفعّال».
في هذا الكتاب الفريد، والاستثنائي، نقف على الجهة الاخرى من الانقسام بين علم النفس والأدب، فيونغ شرع بكتابة «الكتاب الأحمر». نسخ بأمانة معظم الأخيولات من الكتب السوداء، وأضاف إلى كل منها مقطعاً يشرح فيه معنى كل حادثة، إضافة إلى إسهاب شعري.
مع الصفحات الاولى للكتاب الأحمر نلاحظ تأثر يونغ بكتاب نيتشه الشهير: «هكذا تكلم زرادشت». وقد اعترف حول ذلك بقوله: «فجأة أمسك الروح بي وحملني إلى بلاد صحراوية، قرأت فيها زرادشت». ايضا يبدو واضحاً تأثره بمؤلف «الكوميديا الالهية» لدانتي، إلى حدّ انه ساعد في تشكيل بنية العمل. يصف «الكتاب الأحمر» هبوط يونغ إلى الجحيم. لكن بينما استطاع دانتي استخدام علم أكوان راسخ، كان «الكتاب الاحمر» محاولة لتشكيل علم أكوان فردي. إن دور فيلمون في عمل يونغ، يشبه دور زرادشت في عمل نيتشه، وفرجيل في عمل دانتي.
شخصية «فيلمون» ظهرت لأول مرة في الكتب السوداء في 27 كانون الثاني من عام 1914، بالنسبة ليونغ، فيلمون مثّل بصيرة سامية، وكان أشبه بمعلم له. كان يُجري محادثات معه في الحديقة. لقد ذكر ذات مرة أن فيلمون تطور من شخصية إيليا، الذي ظهر سابقاً في أخيولاته: « كان فيلمون وثنياً وأحضر معه جوّاً مصرياً - هلينياً مع ألوان غنوصية.. هو من علمني الموضوعية الروحية، واقع الوساطة الروحية. من خلال محادثات مع فيلمون، أصبح الفرق بيني وبين موضوع أفكاري واضحاً.. نفسياً، كان فيلمون يمثل بصيرة سامية».
حول العمق الروحاني يمكن اعتبار كل ما كتبه أو باح به يونغ في هذا الكتاب الذي لم يكن لينشره خلال حياته، فالكتاب نشره الورثة بقرار لربما يخالف رغبة كاتبه، لكن الكتاب نُشر، ويمكن اعتماده كوثيقة أصيلة لباحث ومفكر وأديب جريء الخيالات، لكل ما يمكن أن يتخيله الانسان المفكر والمثقف فلسفيا وميثولوجيا ولاهوتيا ونفسيا كما كارل يونغ.
«لقد اقتربت اشياء عجيبة أكثر. استدعيت روحي وطلبتُ منها الغوص في الفيضانات التي كنتُ أستطيع سماع زمجرتها البعيدة. اندفعتُ إلى الظلمة كالسهم، ومن الأعماق صرخت: هل ستقبل ما أحضره؟».
أنا: «سأقبل ما تمنحينه. ليس لدي الحق بالحكم أو بالرفض».
الروح: «اسمع إذاً. يوجد درع قديم ومعدات صدئة لآبائنا هنا، وزخارف جلدية وحشية، وقصبات رماح أكلتها الديدان، ورؤوس رماح ملوية، وأسهم مكسورة، ودروع عفنة، وجماجم وعظام إنسان وجواد، ومدافع قديمة ومقاليع، ومعدات هجوم محطمة، ورؤوس رماح حجرية..».
كأن كارل يونغ هذا جمع كل كنوز الحضارات القديمة الميثولوجية: صوراً مذهلة للآلهة، ومعابد فسيحة، ولفافات البردي، وأوراق برشمان عليها أحرف لغات منسية، وكتباً مليئة بالحكمة الضائعة، وترانيم الكهنة القدماء وأناشيدهم، وقصصاً تم تناقلها عبر العصور لآلاف الأجيال، بحيث يحار القارئ باستيعاب ثروة معرفية بهذا الحجم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.