عميدة طب بنات الأزهر في حفل تخرج الوافدين: كونوا نبراسًا للرحمة ببلادكم    ننشر حصاد وزارة الإسكان خلال أسبوع| فيديو جراف    الفضة تقفز ل 119 جنيها للجرام محليا.. وتلامس أعلى مستوى تاريخي عالميا عند 75 دولارًا للأوقية    الزراعة: خطط إرشادية لرفع إنتاجية المحاصيل.. والإرشاد زود إنتاجية القمح ل20 أردبا    استطلاع صادم يكشف أزمة قيادة غير مسبوقة داخل حزب العمال البريطاني    جيش الاحتلال الإسرائيلى يشن غارات عنيفة على قرى ومحافظات جنوب لبنان    مجموعة الفراعنة.. أنجولا وزيمبابوي يتعادلان 1 - 1 فى الشوط الأول    الجيش الأوكراني: أسقطنا 73 مسيرة روسية استهدفت مناطق متفرقة في البلاد    أمم أفريقيا 2025| «مجموعة مصر».. تعادل إيجابي بين أنجولا وزيمبابوي في الشوط الأول    القبض على عاطل استغل إصابة شخص واستولى على دراجته النارية| فيديو    مراسل القاهرة الإخبارية: تفجير مسجد الإمام سبب ذعر المصلين أثناء صلاة الجمعة    وكيل الصحة بالإسماعيلية تفاجئ مستشفى الحميات    وزيرا الأوقاف والتعليم العالي ومفتي الجمهورية ومحافظين السابقين وقائد الجيش الثاني الميداني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد العباسي    السياحة تنظم قافلة ترويجية كبرى في السوق الصيني ببكين وشنغهاي    كوريا الشمالية تعلن خطة لتوسيع إنتاج الصواريخ وتعزيز قدراتها العسكرية في 2026    رئيس وزراء السودان: اللقاءات مع الجانبين المصري والتركي كانت مثمرة    تركيا: اعتقال مشتبه به ينتمي ل "داعش" كان يخطط لشن هجوم في رأس السنة الجديدة    النقل تناشد المواطنين المشاركة لمنع ظاهرة رشق الأطفال للقطارات بالحجارة    بمشاركة 60 ألف متسابق.. وزير الرياضة يطلق إشارة البدء لماراثون زايد الخيري    اتحاد السلاح يستعين بخبير بولندي لتبادل الخبرات الفنية فى سلاح السيف    غداً.. فصل التيار عن 9 مناطق بمركز بيلا في كفر الشيخ    حبس موظف 4 أيام بتهمة تصنيع الأسلحة والذخائر داخل منزله بقنا    اختل توازنه.. كواليس مصرع طفل سوداني سقط من علو بالطالبية    ضبط 5 طن دقيق مجهول المصدر وتحرير 214 محضر تمويني بالمنوفية    إطلاق غرفة عمليات لمتابعة مشاركة المرأة في جولة الإعادة بالدوائر ال19 الملغاة    تحسن صحة محمود حميدة وخروجه من المستشفى.. ويستعد لطرح فيلمه الجديد "الملحد" الأربعاء المقبل    بعد 25 عاما.. إنعام محمد علي تكشف أسرار اختصار مسلسل أم كلثوم في 4 سهرات    بعد مغادرته المستشفى، تفاصيل الحالة الصحية للفنان محمود حميدة    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    «تكنولوجيا وقيادة وإدارة».. «الري» تؤسس جيلا جديدا لإدارة منظومة المياه    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    أسباب انتشار مشاكل الجهاز التنفسي العلوي والسفلي بين الأطفال في الشتاء    الرعاية الصحية تعلن قيد جمعية الخدمات الاجتماعية للعاملين بالهيئة رسميا بوزارة التضامن    القاهرة الإخبارية: غارات مفاجئة على لبنان.. إسرائيل تبرر وتصعيد بلا إنذار    افتتاح 3 مساجد بعد الإحلال والتجديد بسوهاج    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    هيئة الدواء: هذه الأخطاء الشائعة في استخدام الأدوية تهدد صحتك    زامبيا وجزر القمر في مهمة الأهداف المشتركة ب أمم أفريقيا 2025    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    «شيمي»: التكامل بين مؤسسات الدولة يُسهم في بناء شراكات استراتيجية فعّالة    مدير دار نشر: معرض القاهرة للكتاب لا يزال ظاهرة ثقافية عالمية    مجلس جامعة القاهرة يعتمد ترشيحاته لجائزة النيل.. فاروق حسني للفنون ومحمد صبحي للتقديرية    رخصة القيادة فى وقت قياسى.. كيف غير التحول الرقمي شكل وحدات المرور؟    غارات وقصف ونسف متواصل يستهدف مناطق واسعة بقطاع غزة    تحذير رسمي من وزارة الزراعة بشأن اللحوم المتداولة على مواقع التواصل    مباراة مصر وجنوب أفريقيا تتصدر جدول مباريات الجمعة 26 ديسمبر 2025 في كأس أمم أفريقيا    مخالفات مرورية تسحب فيها الرخصة من السائق فى قانون المرور الجديد    أمن الجيزة يكشف غموض العثور على جثة بائع بمدينة 6 أكتوبر    تفاصيل جلسة حسام حسن مع زيزو قبل مباراة مصر وجنوب إفريقيا    معركة العمق الدفاعي تشغل حسام حسن قبل مواجهة جنوب إفريقيا    كأس الأمم الأفريقية.. زيمبابوي وأنجولا اليوم من أجل التعويض    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كامي لوافييه: العاطفة جواب بسيط على العالم
نشر في نقطة ضوء يوم 18 - 04 - 2010

كامي لوافييه، شاعرة فرنسية، من الجيل الجديد الذي بدأ بالحضور في المشهد الشعري الفرنسي، وقد زارت بيروت مؤخرا بدعوة من الجامعة اللبنانية (كلية الآداب والعلوم الإنسانية) وبين جامعة رين الثانية (فرنسا)، لتشارك في مهرجان شعري لبناني فرنسي «قولوا معنا» (أقيم في بيروت يومي 24 و25 الحالي) اشترك فيه كل من الشعراء باتريك دوبوست وكامي لوافييه (فرنسا) ومحمد على شمس الدين وجمانة حداد وألان تاسو وباتريسيا الياس (لبنان)، حيث تناوب الجميع على القراءة، مقدمين نصوصهم وباللغتين. . هنا لقاء مع الشاعرة الفرنسية تقدم فيه نفسها للقارئ العربي:
سنبدأ بسؤال تقليدي، هلا لك أن تقدمي نفسك للقارئ العربي؟
- ولدت في مدينة نوفير العام 1965، بدأت كتابة الشعر خلال إقامتي في الصين وباللغة الصينية، كنت طالبة هناك. كما أنني ترجمت الكثير من الشعر الصيني، إذ كنت متأثرة جدا بالشعر الكلاسيكي الصيني والياباني. كنت أكتب الشعر غالب الأحيان، لكن هذا لم يمنع من أنني كنت أكتب النثر أيضا.

هل يمكن القول إذاً أنك جئت إلى الشعر عبر ترجمته في البداية؟
- أجل، عبر ترجمة الشعر الصيني إلى الفرنسية، كما أيضا عبر تأثير اللغة الصينية نفسها التي كانت أكبر من تأثير الترجمة نفسها. إذ ترجماتي الأولى لم تكن ترجمات تعتمد الوزن «السكندري» ما كان يجعل النص المترجم، «ينظف» اللغة الصينية بالكامل، أقصد لم يكن القارئ يعرف أنه كان أمام ترجمة، بل يرى فقط أنه أمام «شعر» فقط. كنت أحاول في ترجمتي، أن أظهر هذه اللغة الأجنبية في النص. إذ، كما نعلم، ليس هناك إعراب ولا ضمائر «شخصية» في اللغة الصينية ما كان يعطي اللغة الفرنسية غرابة ما. أغلب الأحيان، أحاول أن أجد شيئا في اللغة، شيئا «يشقلبها»، لا يكون متعارفا عليه، وبما أني أملك تجربة في الترجمة، أشعر دائما أني فقدت لغتي، أي لم أعد أعرف القواعد التي تعلمتها في طفولتي. كل ذلك امتزج ببعضه البعض، ولم يعد لدي الحس بالنحو، لذلك أظن أنني حين أكتب اليوم فأنا أمزج الصينية مع لغتي.

لو حاولنا اصطلاحا أن نتحدث عن تيارات ومدارس إذا جاز التعبير، أين يمكن أن نضع تجربتك هذه في سياق الشعر الفرنسي المعاصر؟
÷ أعتقد أن شعري ينبثق من جانب الغنائية، أي من شعر ينبع من عاطفة ما، وهذه كلمة لا تزعجني البتة، إذ أعتقد فعلا أن الشعر ينبع من إحساس ما، إنه جواب على عاطفة ما، من دون أن يعني ذلك، الذهاب إلى غنائية مفرطة، بل هي غنائية معقلنة، كما يقال اليوم. هي كتابة مرتبطة بالتجربة والعالم، ولكن ليس بشكل تجريدي...

ما الذي تقصدينه بالقول بتجربة مرتبطة بالعالم»؟
- بالنسبة إلي، الشعر فقط هو الجواب على كل ما يمكن أن أشعر به من أحاسيس، من معرفة بالعالم، وهو أيضا جواب أو صدى لما أتعلمه وأراه وأسمعه. إنه بالضرورة علاقة ما بيني وبين العالم. هذه هي العلاقة ببساطة.

تقولين إنك لا تذهبين إلى غنائية مفرطة، هل تقصدين بأنك تقطعين مع نوع من الغنائية وجدناها في الشعر الفرنسي؟
- أجل أعتقد أنني أكسر مع غنائية ما، إذ على الأقل أجد أن لغتي لا تزال «مقلوبة» قليلا، كما أنني في ما يتعلق بالصورة، فأنا أتجنب جميع الصور الغنائية، كما أنني لا أفكر العاطفة على اعتبار أنها شيء يأتي من الذات وتطفح عنها. بالنسبة إليّ إنها تشكل جوابا بسيطا عن العالم. ليست نوعا من «العواطفية» كما أن موضوعاتي التي أكتبها، غير مرتبطة البتّة بهذه العواطفية.
من هم الشعراء، في ما عدا الشعراء الصينيين بطبيعة الحال، الذين أثروا بك في بداية رحلتك مع الكتابة؟
- إذا أردت العودة إلى الشعراء الفرنسيين نجد في البداية أبولينير، الذي حرضني شعره كثيرا. هناك أيضا جاك ريدا الذي اعتبره شاعر الحركة الذي كان يتنقل على دراجته النارية (الصغيرة) بين مختلف الضواحي الباريسية. هناك أيضا بليز ساندرارس كما بيير ريفردي الذي أحب فيه هذا الجانب الرصين كما هذه البساطة في اللغة والصور. أعتقد أنهم الشعراء الذين أثروا بي أكثر من غيرهم. هناك شعراء غير فرنسيين، ينبغي الاعتراف أنهم لعبوا دورا: إميلي ديكنسون، مارينا تسفيتاييفا. أعتقد أنني بحاجة إلى أن أجد خطا من الشعر النسائي لأنتمي إليه، لذلك لو عدت إلى العصر الوسيط لقلت إن هناك أيضا لويز لابيه، أما في العصر الحديث فأعترف أنني أصبت بخيبة أمل من الشاعرات.

في ما لو عدنا إلى الأسماء التي ذكرتها الآن، لوجدنا أنك تبحثين عن «خارج ما»؟
- أجل

أريد أن أقول إنك بحاجة دائما إلى ثقافات أخرى، إلى حضارات أخرى، وكأنك تبحثين فيها عن أجوبة مختلفة؟
- أعتقد لأنني ولدت في مدينة «نوفير» ونوفير مدينة مرعبة.


أنت الآن في لبنان، من أجل ربيع الشعراء، حيث أقمت عدة قراءات، كيف تكونت هذه الرحلة؟
- إنه دانيال ريو (أستاذ الأدب في جامعة رين الثانية ونائب رئيس بيت الشعر في مدينة رين الفرنسية) الذي دعانا. سبق لي أن اشتركت في مهرجان «ديكلامون» الذي يقام في مدينة رين، من هنا رغب ريو في استعادة هذه التجربة هنا في لبنان، مع الجامعة اللبنانية، من خلال دعوته أيضا شعراء لا ينتمون فقط إلى «البرفورمونس»، بل أيضا «شعراء الصوت» العاري، إذ جاز القول، وأعتقد أنه من الجيد أن يكون هناك هذا التناوب. إذ أن التيارين مفترقان في فرنسا وما من أحد يجمع بينهما. من هنا حين عرض علي ذلك، وافقت بسرعة وبخاصة أنني لا أعرف الشرق الأوسط بتاتا.

هي تجربتك الأولى إذاً في هذه المنطقة، ما هو انطباعك الأول عنها؟
- غالبا ما أقارن البلدان الجديدة التي أزورها مع البلدان التي سبق إلي أن زرتها. لا أعرف، ربما هي الصين، لكن من دون الحشود الصينية (تضحك)، وربما هي مارسيليا، أي هذا الجانب المتوسطي، إذ أعتقد أن المدينتين متشابهتان كثيرا من هنا أظن أن ثمة قرابة بين البلدان المتوسطية، ربما هي قرابة عائلية أو ثقافية وهذا ما يدهشني.

بعيدا عن هذه التجربة مع المدينة، هل أوحى لك هذا المكان شيئا على الصعيد الشعري مثلا؟
- في هذه الفترة أكتب كثيرا عن رحلاتي وعن البلدان التي أزورها. لكن حين أكون على سفر لا أكتب شيئا عن البلد الذي أنا فيه، ما من كلمة واحدة، بل على العكس، أترك نفسي تتخضب بكل ما يأتيني، إذ أثق بالذاكرة وما ستحتفظ به، وهذا هو الأهم بنظري. في أي حال، بالنسبة إليّ، هي رحلتي الأولى إلى هنا، وأظن أن أي بلد هو غير موجود إلا إذا عدنا إليه، إذ لا تكفي رحلة واحدة فقط.

لأطرح السؤال بشكل آخر، لقد قرأت مع شعراء لبنانيين، كيف كان صدى ذلك عند؟
- لقد تأثرت وانفعلت مع قصائد محمد علي شمس الدين، وبخاصة أن الترجمة الفرنسية أوصلت النص، لقد أعجبتني مثلا هذه الجملة التي استعادها دوما في نهاية كل مقطع من إحدى قصائده. أضف إلى أن قراءته لقصائده بالعربية – وعلى الرغم من أنني كنت أتمنى أن أفهم النص – إلا أنه من حيث الإيقاع ومن حيث تحريك يديه جعلني أعجب فعلا بهذه القراءة.

هل سيدفعك هذا الأمر مثلا إلى زيادة تعمقك ومعرفتك بالشعر العربي؟ أظن أنه قبل مجيئك إلى هنا لم تكوني على اطلاع على الشعر اللبناني؟
- إلى حد ما، إذ قبل مجيئي إلى هنا حاولت البحث عن أكبر عدد من الكتب الشعرية المترجمة إلى الفرنسية، على الرغم من أنه ليس من السهل إيجاد ذلك بسهولة في فرنسا. وجدت عددا من الشعراء والكتاب الكلاسيكيين.. أعتقد فعلا أنني سأحاول أن استمر في معرفة هذا الشعر.

ما الذي شدك إلى هذا الشعر كي تعتبري أنك ستكملين البحث لاحقا؟
لا أعرف كيف أحدد ذلك بالضبط، وجدته شعرا قريبا مني على الرغم من أنني كنت أعتقد أنه شعر يأتي من مكان بعيد. كنت أظن أنه بلد مجهول، كما أنني لا أعرف ثقافته. في أيّ حال، فقط مجرد الاستماع إلى الشعراء اللبنانيين جعلني أشعر بأنه شعر قريب وهذا ما دفعني إلى القول لِمَ كان يجب عليّ أن أذهب إلى الشرق الأقصى من دون أن أمرّ في الشرق الأوسط الذي يبدو لي في النهاية أقرب إلى ما أحسّ به

عن السفير
كامي لوافييه، شاعرة فرنسية، من الجيل الجديد الذي بدأ بالحضور في المشهد الشعري الفرنسي، وقد زارت بيروت مؤخرا بدعوة من الجامعة اللبنانية (كلية الآداب والعلوم الإنسانية) وبين جامعة رين الثانية (فرنسا)، لتشارك في مهرجان شعري لبناني فرنسي «قولوا معنا» (أقيم في بيروت يومي 24 و25 الحالي) اشترك فيه كل من الشعراء باتريك دوبوست وكامي لوافييه (فرنسا) ومحمد على شمس الدين وجمانة حداد وألان تاسو وباتريسيا الياس (لبنان)، حيث تناوب الجميع على القراءة، مقدمين نصوصهم وباللغتين. . هنا لقاء مع الشاعرة الفرنسية تقدم فيه نفسها للقارئ العربي:
سنبدأ بسؤال تقليدي، هلا لك أن تقدمي نفسك للقارئ العربي؟
- ولدت في مدينة نوفير العام 1965، بدأت كتابة الشعر خلال إقامتي في الصين وباللغة الصينية، كنت طالبة هناك. كما أنني ترجمت الكثير من الشعر الصيني، إذ كنت متأثرة جدا بالشعر الكلاسيكي الصيني والياباني. كنت أكتب الشعر غالب الأحيان، لكن هذا لم يمنع من أنني كنت أكتب النثر أيضا.
هل يمكن القول إذاً أنك جئت إلى الشعر عبر ترجمته في البداية؟
- أجل، عبر ترجمة الشعر الصيني إلى الفرنسية، كما أيضا عبر تأثير اللغة الصينية نفسها التي كانت أكبر من تأثير الترجمة نفسها. إذ ترجماتي الأولى لم تكن ترجمات تعتمد الوزن «السكندري» ما كان يجعل النص المترجم، «ينظف» اللغة الصينية بالكامل، أقصد لم يكن القارئ يعرف أنه كان أمام ترجمة، بل يرى فقط أنه أمام «شعر» فقط. كنت أحاول في ترجمتي، أن أظهر هذه اللغة الأجنبية في النص. إذ، كما نعلم، ليس هناك إعراب ولا ضمائر «شخصية» في اللغة الصينية ما كان يعطي اللغة الفرنسية غرابة ما. أغلب الأحيان، أحاول أن أجد شيئا في اللغة، شيئا «يشقلبها»، لا يكون متعارفا عليه، وبما أني أملك تجربة في الترجمة، أشعر دائما أني فقدت لغتي، أي لم أعد أعرف القواعد التي تعلمتها في طفولتي. كل ذلك امتزج ببعضه البعض، ولم يعد لدي الحس بالنحو، لذلك أظن أنني حين أكتب اليوم فأنا أمزج الصينية مع لغتي.
لو حاولنا اصطلاحا أن نتحدث عن تيارات ومدارس إذا جاز التعبير، أين يمكن أن نضع تجربتك هذه في سياق الشعر الفرنسي المعاصر؟
÷ أعتقد أن شعري ينبثق من جانب الغنائية، أي من شعر ينبع من عاطفة ما، وهذه كلمة لا تزعجني البتة، إذ أعتقد فعلا أن الشعر ينبع من إحساس ما، إنه جواب على عاطفة ما، من دون أن يعني ذلك، الذهاب إلى غنائية مفرطة، بل هي غنائية معقلنة، كما يقال اليوم. هي كتابة مرتبطة بالتجربة والعالم، ولكن ليس بشكل تجريدي...
ما الذي تقصدينه بالقول بتجربة مرتبطة بالعالم»؟
- بالنسبة إلي، الشعر فقط هو الجواب على كل ما يمكن أن أشعر به من أحاسيس، من معرفة بالعالم، وهو أيضا جواب أو صدى لما أتعلمه وأراه وأسمعه. إنه بالضرورة علاقة ما بيني وبين العالم. هذه هي العلاقة ببساطة.
تقولين إنك لا تذهبين إلى غنائية مفرطة، هل تقصدين بأنك تقطعين مع نوع من الغنائية وجدناها في الشعر الفرنسي؟
- أجل أعتقد أنني أكسر مع غنائية ما، إذ على الأقل أجد أن لغتي لا تزال «مقلوبة» قليلا، كما أنني في ما يتعلق بالصورة، فأنا أتجنب جميع الصور الغنائية، كما أنني لا أفكر العاطفة على اعتبار أنها شيء يأتي من الذات وتطفح عنها. بالنسبة إليّ إنها تشكل جوابا بسيطا عن العالم. ليست نوعا من «العواطفية» كما أن موضوعاتي التي أكتبها، غير مرتبطة البتّة بهذه العواطفية.
من هم الشعراء، في ما عدا الشعراء الصينيين بطبيعة الحال، الذين أثروا بك في بداية رحلتك مع الكتابة؟
- إذا أردت العودة إلى الشعراء الفرنسيين نجد في البداية أبولينير، الذي حرضني شعره كثيرا. هناك أيضا جاك ريدا الذي اعتبره شاعر الحركة الذي كان يتنقل على دراجته النارية (الصغيرة) بين مختلف الضواحي الباريسية. هناك أيضا بليز ساندرارس كما بيير ريفردي الذي أحب فيه هذا الجانب الرصين كما هذه البساطة في اللغة والصور. أعتقد أنهم الشعراء الذين أثروا بي أكثر من غيرهم. هناك شعراء غير فرنسيين، ينبغي الاعتراف أنهم لعبوا دورا: إميلي ديكنسون، مارينا تسفيتاييفا. أعتقد أنني بحاجة إلى أن أجد خطا من الشعر النسائي لأنتمي إليه، لذلك لو عدت إلى العصر الوسيط لقلت إن هناك أيضا لويز لابيه، أما في العصر الحديث فأعترف أنني أصبت بخيبة أمل من الشاعرات.
في ما لو عدنا إلى الأسماء التي ذكرتها الآن، لوجدنا أنك تبحثين عن «خارج ما»؟
- أجل
أريد أن أقول إنك بحاجة دائما إلى ثقافات أخرى، إلى حضارات أخرى، وكأنك تبحثين فيها عن أجوبة مختلفة؟
- أعتقد لأنني ولدت في مدينة «نوفير» ونوفير مدينة مرعبة.
أنت الآن في لبنان، من أجل ربيع الشعراء، حيث أقمت عدة قراءات، كيف تكونت هذه الرحلة؟
- إنه دانيال ريو (أستاذ الأدب في جامعة رين الثانية ونائب رئيس بيت الشعر في مدينة رين الفرنسية) الذي دعانا. سبق لي أن اشتركت في مهرجان «ديكلامون» الذي يقام في مدينة رين، من هنا رغب ريو في استعادة هذه التجربة هنا في لبنان، مع الجامعة اللبنانية، من خلال دعوته أيضا شعراء لا ينتمون فقط إلى «البرفورمونس»، بل أيضا «شعراء الصوت» العاري، إذ جاز القول، وأعتقد أنه من الجيد أن يكون هناك هذا التناوب. إذ أن التيارين مفترقان في فرنسا وما من أحد يجمع بينهما. من هنا حين عرض علي ذلك، وافقت بسرعة وبخاصة أنني لا أعرف الشرق الأوسط بتاتا.
هي تجربتك الأولى إذاً في هذه المنطقة، ما هو انطباعك الأول عنها؟
- غالبا ما أقارن البلدان الجديدة التي أزورها مع البلدان التي سبق إلي أن زرتها. لا أعرف، ربما هي الصين، لكن من دون الحشود الصينية (تضحك)، وربما هي مارسيليا، أي هذا الجانب المتوسطي، إذ أعتقد أن المدينتين متشابهتان كثيرا من هنا أظن أن ثمة قرابة بين البلدان المتوسطية، ربما هي قرابة عائلية أو ثقافية وهذا ما يدهشني.
بعيدا عن هذه التجربة مع المدينة، هل أوحى لك هذا المكان شيئا على الصعيد الشعري مثلا؟
- في هذه الفترة أكتب كثيرا عن رحلاتي وعن البلدان التي أزورها. لكن حين أكون على سفر لا أكتب شيئا عن البلد الذي أنا فيه، ما من كلمة واحدة، بل على العكس، أترك نفسي تتخضب بكل ما يأتيني، إذ أثق بالذاكرة وما ستحتفظ به، وهذا هو الأهم بنظري. في أي حال، بالنسبة إليّ، هي رحلتي الأولى إلى هنا، وأظن أن أي بلد هو غير موجود إلا إذا عدنا إليه، إذ لا تكفي رحلة واحدة فقط.
لأطرح السؤال بشكل آخر، لقد قرأت مع شعراء لبنانيين، كيف كان صدى ذلك عند؟
- لقد تأثرت وانفعلت مع قصائد محمد علي شمس الدين، وبخاصة أن الترجمة الفرنسية أوصلت النص، لقد أعجبتني مثلا هذه الجملة التي استعادها دوما في نهاية كل مقطع من إحدى قصائده. أضف إلى أن قراءته لقصائده بالعربية – وعلى الرغم من أنني كنت أتمنى أن أفهم النص – إلا أنه من حيث الإيقاع ومن حيث تحريك يديه جعلني أعجب فعلا بهذه القراءة.
هل سيدفعك هذا الأمر مثلا إلى زيادة تعمقك ومعرفتك بالشعر العربي؟ أظن أنه قبل مجيئك إلى هنا لم تكوني على اطلاع على الشعر اللبناني؟
- إلى حد ما، إذ قبل مجيئي إلى هنا حاولت البحث عن أكبر عدد من الكتب الشعرية المترجمة إلى الفرنسية، على الرغم من أنه ليس من السهل إيجاد ذلك بسهولة في فرنسا. وجدت عددا من الشعراء والكتاب الكلاسيكيين.. أعتقد فعلا أنني سأحاول أن استمر في معرفة هذا الشعر.
ما الذي شدك إلى هذا الشعر كي تعتبري أنك ستكملين البحث لاحقا؟
لا أعرف كيف أحدد ذلك بالضبط، وجدته شعرا قريبا مني على الرغم من أنني كنت أعتقد أنه شعر يأتي من مكان بعيد. كنت أظن أنه بلد مجهول، كما أنني لا أعرف ثقافته. في أيّ حال، فقط مجرد الاستماع إلى الشعراء اللبنانيين جعلني أشعر بأنه شعر قريب وهذا ما دفعني إلى القول لِمَ كان يجب عليّ أن أذهب إلى الشرق الأقصى من دون أن أمرّ في الشرق الأوسط الذي يبدو لي في النهاية أقرب إلى ما أحسّ به
عن السفير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.