محافظ كفر الشيخ: مجرى نهر النيل آمن ولا يوجد به تعديات    الإعلامية منى سلمان: حجم جرائم الاحتلال في غزة أجبر الإعلام الغربي على التغطية    أهلي طرابلس سيبقى حتى تقام المباراة أو ينسحب الهلال.. الVAR يهدد لقاء الحسم بالدوري الليبي    في مباراته الرسمية الأولى.. كيف كان الظهور الأول للتونسي علي معلول مع الصفاقسي؟ (صور)    الرياضية: النصر يرفع عرضه لضم كومان من بايرن ميونخ    محافظ الجيزة: إيقاف العمل الميداني لعمال النظافة تحت أشعة الشمس بدءًا من الغد    ليلة فنية بمسرح المنوعات بنادي محافظة الفيوم وفقرات تراثية وإثرائية عن صناعة الدواجن    مدير الرعاية الصحية بالأقصر يتابع أعمال التطوير في المجمع الدولي ومستشفى الكرنك    محافظ المنيا يتفقد مشروعات تعليمية في بني مزار ويضع حجر أساس مدرسة جديدة    أحمد المسلماني يكشف تفاصيل لقاء الرئيس السيسي حول بناء الشخصية المصرية وإصلاح الإعلام    تغريدة محمد صلاح تدفع إسرائيل للتعليق على واقعة استشهاد سليمان العبيد    نيوكاسل يراقب وضع إيزاك تمهيداً للتحرك نحو ضم جاكسون من تشيلسي    فرقة روك أيرلندية تهاجم حكومة نتنياهو وتدين حماس وتدعو لوقف فوري للحرب في غزة    مقتل 3 مسلحين وشرطي في هجوم جنوب شرقي إيران    محمود سعد يكشف تطورات مفاجئة عن الحالة الصحية ل أنغام: «العملية كبيرة والمشوار مش بسيط»    "الرعاية الصحية بالأقصر" تعلن بدء التقديم بمعهدي المجمع والكرنك للتمريض للعام الدراسي 2025-2026    بنك مصر يوقع بروتوكولا ب124 مليون جنيه لتطوير مركز رعاية الحالات الحرجة بالقصر العيني    وكيل صحة المنيا يشدد على الانضباط وتطوير الخدمات الصحية    عبدالغفار: «100 يوم صحة» تقدم خدمات علاجية ووقائية متكاملة بالمجان بجميع المحافظات    التضامن الاجتماعي تنفذ 6 قوافل طبية توعوية لخدمة سكان مشروعات السكن البديل    «من سنة إلى 15 عاما»..السجن ل4 بتهمة سرقة «هاتف» بالإكراه في بنها بالقليوبية    68 غرزة فى وجه الأشقاء.. مشاجرة عنيفة وتمزيق جسد ثلاثة بالبساتين    كل ما تريد معرفته عن ChatGPT-5.. كيف تستفيد منه في عملك؟    موعد صرف معاشات سبتمبر 2025.. اعرف الجدول والأماكن    بين المزايا والتحديات.. كل ما تريد معرفته عن السيارات الكهربائية    محمد الغبارى: ما تدعيه إسرائيل هو بعيد تماما عن الحق التاريخى    رنا رئيس تنضم ل أبطال فيلم سفاح التجمع بطولة أحمد الفيشاوي    ليست كل المشاعر تُروى بالكلمات.. 5 أبراج يفضلون لغة التواصل الجسدي    «فاطمة المعدول» الحائزة على تقديرية الأدب: أحلم بإنشاء مركز لإبداع الأطفال    "ملف اليوم" يكشف روايات الاحتلال المضللة لتبرئة نفسه من جرائم غزة    صاحبه الفرح الأسطوري ومهرها ب60 مليون.. 20 صور ومعلومات عن يمنى خوري    أمين الفتوى يوضح: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل ما يملك الإنسان لبناته لأنه بذلك يعطل أحكام الميراث    موعد المولد النبوي الشريف في مصر 2025.. إجازة 3 أيام وأجواء روحانية مميزة    رئيس «الأعلى للإعلام» يوجه بعقد ورشة لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي على أكثر من يوم    "الجلاد ستيل" يضخ 3 مليارات للتوسع في الإنتاج وزيادة حصته التصديرية    هزة أرضية على بعد 877 كيلو مترا شمال مطروح بقوة 6.2 ريختر    سعر مواد البناء مساء اليوم 10 أغسطس 2025    حجز متهم بإتلاف سيارة لتشاجره مع مالكها بالبساتين    أهمية الاعتراف الغربي ب "الدولة الفلسطينية"    أين هم الآن «معتصمو رابعة والنهضة» ؟    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    حكم الدردشة مع صحابي بالموبايل في الحمام؟.. أمينة الفتوى تجيب    اتحاد عمال الجيزة يضع خطته للتأهيل والتدريب المهني    اندلاع حريق في "كافيه" بقليوب.. تفاصيل    تأجيل استئناف متهم بالانضمام لجماعة إرهابية بالجيزة ل16 سبتمبر    تسجيل منتجي ومالكي العلامات التجارية حسب «الرقابة على الصادرات والواردات»    بروتوكول تعاون بين البنك الأهلي المصري وشركة "بيرنس كوميونتي"    محافظ بورسعيد يستقبل الطفلة فرح ويعد بفتح حساب التضامن فى اسرع وقت    دخان حرائق الغابات الكندية يلوث أجواء أمريكا ويهدد صحة الملايين    النصر السعودي يتعاقد مع مارتينيز مدافع برشلونة    بيلد: النصر يتوصل لاتفاق مع كينجسلي كومان.. وعرض جديد لبايرن    الصحة تدرب أكثر من 3 آلاف ممرض ضمن 146 برنامجًا    الأزهر يعلن جدول امتحانات الدور الثاني للثانوية الأزهرية 2025 للقسمين العلمي والأدبي    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 4 فلسطينيين في محافظة نابلس    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    الجيش اللبناني يغلق بعض المداخل المؤدية للضاحية الجنوبية    الهلال السعودي يعلن رسميًا التعاقد مع الأوروجوياني داروين نونيز حتى 2028    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كامي لوافييه: العاطفة جواب بسيط على العالم
نشر في نقطة ضوء يوم 18 - 04 - 2010

كامي لوافييه، شاعرة فرنسية، من الجيل الجديد الذي بدأ بالحضور في المشهد الشعري الفرنسي، وقد زارت بيروت مؤخرا بدعوة من الجامعة اللبنانية (كلية الآداب والعلوم الإنسانية) وبين جامعة رين الثانية (فرنسا)، لتشارك في مهرجان شعري لبناني فرنسي «قولوا معنا» (أقيم في بيروت يومي 24 و25 الحالي) اشترك فيه كل من الشعراء باتريك دوبوست وكامي لوافييه (فرنسا) ومحمد على شمس الدين وجمانة حداد وألان تاسو وباتريسيا الياس (لبنان)، حيث تناوب الجميع على القراءة، مقدمين نصوصهم وباللغتين. . هنا لقاء مع الشاعرة الفرنسية تقدم فيه نفسها للقارئ العربي:
سنبدأ بسؤال تقليدي، هلا لك أن تقدمي نفسك للقارئ العربي؟
- ولدت في مدينة نوفير العام 1965، بدأت كتابة الشعر خلال إقامتي في الصين وباللغة الصينية، كنت طالبة هناك. كما أنني ترجمت الكثير من الشعر الصيني، إذ كنت متأثرة جدا بالشعر الكلاسيكي الصيني والياباني. كنت أكتب الشعر غالب الأحيان، لكن هذا لم يمنع من أنني كنت أكتب النثر أيضا.

هل يمكن القول إذاً أنك جئت إلى الشعر عبر ترجمته في البداية؟
- أجل، عبر ترجمة الشعر الصيني إلى الفرنسية، كما أيضا عبر تأثير اللغة الصينية نفسها التي كانت أكبر من تأثير الترجمة نفسها. إذ ترجماتي الأولى لم تكن ترجمات تعتمد الوزن «السكندري» ما كان يجعل النص المترجم، «ينظف» اللغة الصينية بالكامل، أقصد لم يكن القارئ يعرف أنه كان أمام ترجمة، بل يرى فقط أنه أمام «شعر» فقط. كنت أحاول في ترجمتي، أن أظهر هذه اللغة الأجنبية في النص. إذ، كما نعلم، ليس هناك إعراب ولا ضمائر «شخصية» في اللغة الصينية ما كان يعطي اللغة الفرنسية غرابة ما. أغلب الأحيان، أحاول أن أجد شيئا في اللغة، شيئا «يشقلبها»، لا يكون متعارفا عليه، وبما أني أملك تجربة في الترجمة، أشعر دائما أني فقدت لغتي، أي لم أعد أعرف القواعد التي تعلمتها في طفولتي. كل ذلك امتزج ببعضه البعض، ولم يعد لدي الحس بالنحو، لذلك أظن أنني حين أكتب اليوم فأنا أمزج الصينية مع لغتي.

لو حاولنا اصطلاحا أن نتحدث عن تيارات ومدارس إذا جاز التعبير، أين يمكن أن نضع تجربتك هذه في سياق الشعر الفرنسي المعاصر؟
÷ أعتقد أن شعري ينبثق من جانب الغنائية، أي من شعر ينبع من عاطفة ما، وهذه كلمة لا تزعجني البتة، إذ أعتقد فعلا أن الشعر ينبع من إحساس ما، إنه جواب على عاطفة ما، من دون أن يعني ذلك، الذهاب إلى غنائية مفرطة، بل هي غنائية معقلنة، كما يقال اليوم. هي كتابة مرتبطة بالتجربة والعالم، ولكن ليس بشكل تجريدي...

ما الذي تقصدينه بالقول بتجربة مرتبطة بالعالم»؟
- بالنسبة إلي، الشعر فقط هو الجواب على كل ما يمكن أن أشعر به من أحاسيس، من معرفة بالعالم، وهو أيضا جواب أو صدى لما أتعلمه وأراه وأسمعه. إنه بالضرورة علاقة ما بيني وبين العالم. هذه هي العلاقة ببساطة.

تقولين إنك لا تذهبين إلى غنائية مفرطة، هل تقصدين بأنك تقطعين مع نوع من الغنائية وجدناها في الشعر الفرنسي؟
- أجل أعتقد أنني أكسر مع غنائية ما، إذ على الأقل أجد أن لغتي لا تزال «مقلوبة» قليلا، كما أنني في ما يتعلق بالصورة، فأنا أتجنب جميع الصور الغنائية، كما أنني لا أفكر العاطفة على اعتبار أنها شيء يأتي من الذات وتطفح عنها. بالنسبة إليّ إنها تشكل جوابا بسيطا عن العالم. ليست نوعا من «العواطفية» كما أن موضوعاتي التي أكتبها، غير مرتبطة البتّة بهذه العواطفية.
من هم الشعراء، في ما عدا الشعراء الصينيين بطبيعة الحال، الذين أثروا بك في بداية رحلتك مع الكتابة؟
- إذا أردت العودة إلى الشعراء الفرنسيين نجد في البداية أبولينير، الذي حرضني شعره كثيرا. هناك أيضا جاك ريدا الذي اعتبره شاعر الحركة الذي كان يتنقل على دراجته النارية (الصغيرة) بين مختلف الضواحي الباريسية. هناك أيضا بليز ساندرارس كما بيير ريفردي الذي أحب فيه هذا الجانب الرصين كما هذه البساطة في اللغة والصور. أعتقد أنهم الشعراء الذين أثروا بي أكثر من غيرهم. هناك شعراء غير فرنسيين، ينبغي الاعتراف أنهم لعبوا دورا: إميلي ديكنسون، مارينا تسفيتاييفا. أعتقد أنني بحاجة إلى أن أجد خطا من الشعر النسائي لأنتمي إليه، لذلك لو عدت إلى العصر الوسيط لقلت إن هناك أيضا لويز لابيه، أما في العصر الحديث فأعترف أنني أصبت بخيبة أمل من الشاعرات.

في ما لو عدنا إلى الأسماء التي ذكرتها الآن، لوجدنا أنك تبحثين عن «خارج ما»؟
- أجل

أريد أن أقول إنك بحاجة دائما إلى ثقافات أخرى، إلى حضارات أخرى، وكأنك تبحثين فيها عن أجوبة مختلفة؟
- أعتقد لأنني ولدت في مدينة «نوفير» ونوفير مدينة مرعبة.


أنت الآن في لبنان، من أجل ربيع الشعراء، حيث أقمت عدة قراءات، كيف تكونت هذه الرحلة؟
- إنه دانيال ريو (أستاذ الأدب في جامعة رين الثانية ونائب رئيس بيت الشعر في مدينة رين الفرنسية) الذي دعانا. سبق لي أن اشتركت في مهرجان «ديكلامون» الذي يقام في مدينة رين، من هنا رغب ريو في استعادة هذه التجربة هنا في لبنان، مع الجامعة اللبنانية، من خلال دعوته أيضا شعراء لا ينتمون فقط إلى «البرفورمونس»، بل أيضا «شعراء الصوت» العاري، إذ جاز القول، وأعتقد أنه من الجيد أن يكون هناك هذا التناوب. إذ أن التيارين مفترقان في فرنسا وما من أحد يجمع بينهما. من هنا حين عرض علي ذلك، وافقت بسرعة وبخاصة أنني لا أعرف الشرق الأوسط بتاتا.

هي تجربتك الأولى إذاً في هذه المنطقة، ما هو انطباعك الأول عنها؟
- غالبا ما أقارن البلدان الجديدة التي أزورها مع البلدان التي سبق إلي أن زرتها. لا أعرف، ربما هي الصين، لكن من دون الحشود الصينية (تضحك)، وربما هي مارسيليا، أي هذا الجانب المتوسطي، إذ أعتقد أن المدينتين متشابهتان كثيرا من هنا أظن أن ثمة قرابة بين البلدان المتوسطية، ربما هي قرابة عائلية أو ثقافية وهذا ما يدهشني.

بعيدا عن هذه التجربة مع المدينة، هل أوحى لك هذا المكان شيئا على الصعيد الشعري مثلا؟
- في هذه الفترة أكتب كثيرا عن رحلاتي وعن البلدان التي أزورها. لكن حين أكون على سفر لا أكتب شيئا عن البلد الذي أنا فيه، ما من كلمة واحدة، بل على العكس، أترك نفسي تتخضب بكل ما يأتيني، إذ أثق بالذاكرة وما ستحتفظ به، وهذا هو الأهم بنظري. في أي حال، بالنسبة إليّ، هي رحلتي الأولى إلى هنا، وأظن أن أي بلد هو غير موجود إلا إذا عدنا إليه، إذ لا تكفي رحلة واحدة فقط.

لأطرح السؤال بشكل آخر، لقد قرأت مع شعراء لبنانيين، كيف كان صدى ذلك عند؟
- لقد تأثرت وانفعلت مع قصائد محمد علي شمس الدين، وبخاصة أن الترجمة الفرنسية أوصلت النص، لقد أعجبتني مثلا هذه الجملة التي استعادها دوما في نهاية كل مقطع من إحدى قصائده. أضف إلى أن قراءته لقصائده بالعربية – وعلى الرغم من أنني كنت أتمنى أن أفهم النص – إلا أنه من حيث الإيقاع ومن حيث تحريك يديه جعلني أعجب فعلا بهذه القراءة.

هل سيدفعك هذا الأمر مثلا إلى زيادة تعمقك ومعرفتك بالشعر العربي؟ أظن أنه قبل مجيئك إلى هنا لم تكوني على اطلاع على الشعر اللبناني؟
- إلى حد ما، إذ قبل مجيئي إلى هنا حاولت البحث عن أكبر عدد من الكتب الشعرية المترجمة إلى الفرنسية، على الرغم من أنه ليس من السهل إيجاد ذلك بسهولة في فرنسا. وجدت عددا من الشعراء والكتاب الكلاسيكيين.. أعتقد فعلا أنني سأحاول أن استمر في معرفة هذا الشعر.

ما الذي شدك إلى هذا الشعر كي تعتبري أنك ستكملين البحث لاحقا؟
لا أعرف كيف أحدد ذلك بالضبط، وجدته شعرا قريبا مني على الرغم من أنني كنت أعتقد أنه شعر يأتي من مكان بعيد. كنت أظن أنه بلد مجهول، كما أنني لا أعرف ثقافته. في أيّ حال، فقط مجرد الاستماع إلى الشعراء اللبنانيين جعلني أشعر بأنه شعر قريب وهذا ما دفعني إلى القول لِمَ كان يجب عليّ أن أذهب إلى الشرق الأقصى من دون أن أمرّ في الشرق الأوسط الذي يبدو لي في النهاية أقرب إلى ما أحسّ به

عن السفير
كامي لوافييه، شاعرة فرنسية، من الجيل الجديد الذي بدأ بالحضور في المشهد الشعري الفرنسي، وقد زارت بيروت مؤخرا بدعوة من الجامعة اللبنانية (كلية الآداب والعلوم الإنسانية) وبين جامعة رين الثانية (فرنسا)، لتشارك في مهرجان شعري لبناني فرنسي «قولوا معنا» (أقيم في بيروت يومي 24 و25 الحالي) اشترك فيه كل من الشعراء باتريك دوبوست وكامي لوافييه (فرنسا) ومحمد على شمس الدين وجمانة حداد وألان تاسو وباتريسيا الياس (لبنان)، حيث تناوب الجميع على القراءة، مقدمين نصوصهم وباللغتين. . هنا لقاء مع الشاعرة الفرنسية تقدم فيه نفسها للقارئ العربي:
سنبدأ بسؤال تقليدي، هلا لك أن تقدمي نفسك للقارئ العربي؟
- ولدت في مدينة نوفير العام 1965، بدأت كتابة الشعر خلال إقامتي في الصين وباللغة الصينية، كنت طالبة هناك. كما أنني ترجمت الكثير من الشعر الصيني، إذ كنت متأثرة جدا بالشعر الكلاسيكي الصيني والياباني. كنت أكتب الشعر غالب الأحيان، لكن هذا لم يمنع من أنني كنت أكتب النثر أيضا.
هل يمكن القول إذاً أنك جئت إلى الشعر عبر ترجمته في البداية؟
- أجل، عبر ترجمة الشعر الصيني إلى الفرنسية، كما أيضا عبر تأثير اللغة الصينية نفسها التي كانت أكبر من تأثير الترجمة نفسها. إذ ترجماتي الأولى لم تكن ترجمات تعتمد الوزن «السكندري» ما كان يجعل النص المترجم، «ينظف» اللغة الصينية بالكامل، أقصد لم يكن القارئ يعرف أنه كان أمام ترجمة، بل يرى فقط أنه أمام «شعر» فقط. كنت أحاول في ترجمتي، أن أظهر هذه اللغة الأجنبية في النص. إذ، كما نعلم، ليس هناك إعراب ولا ضمائر «شخصية» في اللغة الصينية ما كان يعطي اللغة الفرنسية غرابة ما. أغلب الأحيان، أحاول أن أجد شيئا في اللغة، شيئا «يشقلبها»، لا يكون متعارفا عليه، وبما أني أملك تجربة في الترجمة، أشعر دائما أني فقدت لغتي، أي لم أعد أعرف القواعد التي تعلمتها في طفولتي. كل ذلك امتزج ببعضه البعض، ولم يعد لدي الحس بالنحو، لذلك أظن أنني حين أكتب اليوم فأنا أمزج الصينية مع لغتي.
لو حاولنا اصطلاحا أن نتحدث عن تيارات ومدارس إذا جاز التعبير، أين يمكن أن نضع تجربتك هذه في سياق الشعر الفرنسي المعاصر؟
÷ أعتقد أن شعري ينبثق من جانب الغنائية، أي من شعر ينبع من عاطفة ما، وهذه كلمة لا تزعجني البتة، إذ أعتقد فعلا أن الشعر ينبع من إحساس ما، إنه جواب على عاطفة ما، من دون أن يعني ذلك، الذهاب إلى غنائية مفرطة، بل هي غنائية معقلنة، كما يقال اليوم. هي كتابة مرتبطة بالتجربة والعالم، ولكن ليس بشكل تجريدي...
ما الذي تقصدينه بالقول بتجربة مرتبطة بالعالم»؟
- بالنسبة إلي، الشعر فقط هو الجواب على كل ما يمكن أن أشعر به من أحاسيس، من معرفة بالعالم، وهو أيضا جواب أو صدى لما أتعلمه وأراه وأسمعه. إنه بالضرورة علاقة ما بيني وبين العالم. هذه هي العلاقة ببساطة.
تقولين إنك لا تذهبين إلى غنائية مفرطة، هل تقصدين بأنك تقطعين مع نوع من الغنائية وجدناها في الشعر الفرنسي؟
- أجل أعتقد أنني أكسر مع غنائية ما، إذ على الأقل أجد أن لغتي لا تزال «مقلوبة» قليلا، كما أنني في ما يتعلق بالصورة، فأنا أتجنب جميع الصور الغنائية، كما أنني لا أفكر العاطفة على اعتبار أنها شيء يأتي من الذات وتطفح عنها. بالنسبة إليّ إنها تشكل جوابا بسيطا عن العالم. ليست نوعا من «العواطفية» كما أن موضوعاتي التي أكتبها، غير مرتبطة البتّة بهذه العواطفية.
من هم الشعراء، في ما عدا الشعراء الصينيين بطبيعة الحال، الذين أثروا بك في بداية رحلتك مع الكتابة؟
- إذا أردت العودة إلى الشعراء الفرنسيين نجد في البداية أبولينير، الذي حرضني شعره كثيرا. هناك أيضا جاك ريدا الذي اعتبره شاعر الحركة الذي كان يتنقل على دراجته النارية (الصغيرة) بين مختلف الضواحي الباريسية. هناك أيضا بليز ساندرارس كما بيير ريفردي الذي أحب فيه هذا الجانب الرصين كما هذه البساطة في اللغة والصور. أعتقد أنهم الشعراء الذين أثروا بي أكثر من غيرهم. هناك شعراء غير فرنسيين، ينبغي الاعتراف أنهم لعبوا دورا: إميلي ديكنسون، مارينا تسفيتاييفا. أعتقد أنني بحاجة إلى أن أجد خطا من الشعر النسائي لأنتمي إليه، لذلك لو عدت إلى العصر الوسيط لقلت إن هناك أيضا لويز لابيه، أما في العصر الحديث فأعترف أنني أصبت بخيبة أمل من الشاعرات.
في ما لو عدنا إلى الأسماء التي ذكرتها الآن، لوجدنا أنك تبحثين عن «خارج ما»؟
- أجل
أريد أن أقول إنك بحاجة دائما إلى ثقافات أخرى، إلى حضارات أخرى، وكأنك تبحثين فيها عن أجوبة مختلفة؟
- أعتقد لأنني ولدت في مدينة «نوفير» ونوفير مدينة مرعبة.
أنت الآن في لبنان، من أجل ربيع الشعراء، حيث أقمت عدة قراءات، كيف تكونت هذه الرحلة؟
- إنه دانيال ريو (أستاذ الأدب في جامعة رين الثانية ونائب رئيس بيت الشعر في مدينة رين الفرنسية) الذي دعانا. سبق لي أن اشتركت في مهرجان «ديكلامون» الذي يقام في مدينة رين، من هنا رغب ريو في استعادة هذه التجربة هنا في لبنان، مع الجامعة اللبنانية، من خلال دعوته أيضا شعراء لا ينتمون فقط إلى «البرفورمونس»، بل أيضا «شعراء الصوت» العاري، إذ جاز القول، وأعتقد أنه من الجيد أن يكون هناك هذا التناوب. إذ أن التيارين مفترقان في فرنسا وما من أحد يجمع بينهما. من هنا حين عرض علي ذلك، وافقت بسرعة وبخاصة أنني لا أعرف الشرق الأوسط بتاتا.
هي تجربتك الأولى إذاً في هذه المنطقة، ما هو انطباعك الأول عنها؟
- غالبا ما أقارن البلدان الجديدة التي أزورها مع البلدان التي سبق إلي أن زرتها. لا أعرف، ربما هي الصين، لكن من دون الحشود الصينية (تضحك)، وربما هي مارسيليا، أي هذا الجانب المتوسطي، إذ أعتقد أن المدينتين متشابهتان كثيرا من هنا أظن أن ثمة قرابة بين البلدان المتوسطية، ربما هي قرابة عائلية أو ثقافية وهذا ما يدهشني.
بعيدا عن هذه التجربة مع المدينة، هل أوحى لك هذا المكان شيئا على الصعيد الشعري مثلا؟
- في هذه الفترة أكتب كثيرا عن رحلاتي وعن البلدان التي أزورها. لكن حين أكون على سفر لا أكتب شيئا عن البلد الذي أنا فيه، ما من كلمة واحدة، بل على العكس، أترك نفسي تتخضب بكل ما يأتيني، إذ أثق بالذاكرة وما ستحتفظ به، وهذا هو الأهم بنظري. في أي حال، بالنسبة إليّ، هي رحلتي الأولى إلى هنا، وأظن أن أي بلد هو غير موجود إلا إذا عدنا إليه، إذ لا تكفي رحلة واحدة فقط.
لأطرح السؤال بشكل آخر، لقد قرأت مع شعراء لبنانيين، كيف كان صدى ذلك عند؟
- لقد تأثرت وانفعلت مع قصائد محمد علي شمس الدين، وبخاصة أن الترجمة الفرنسية أوصلت النص، لقد أعجبتني مثلا هذه الجملة التي استعادها دوما في نهاية كل مقطع من إحدى قصائده. أضف إلى أن قراءته لقصائده بالعربية – وعلى الرغم من أنني كنت أتمنى أن أفهم النص – إلا أنه من حيث الإيقاع ومن حيث تحريك يديه جعلني أعجب فعلا بهذه القراءة.
هل سيدفعك هذا الأمر مثلا إلى زيادة تعمقك ومعرفتك بالشعر العربي؟ أظن أنه قبل مجيئك إلى هنا لم تكوني على اطلاع على الشعر اللبناني؟
- إلى حد ما، إذ قبل مجيئي إلى هنا حاولت البحث عن أكبر عدد من الكتب الشعرية المترجمة إلى الفرنسية، على الرغم من أنه ليس من السهل إيجاد ذلك بسهولة في فرنسا. وجدت عددا من الشعراء والكتاب الكلاسيكيين.. أعتقد فعلا أنني سأحاول أن استمر في معرفة هذا الشعر.
ما الذي شدك إلى هذا الشعر كي تعتبري أنك ستكملين البحث لاحقا؟
لا أعرف كيف أحدد ذلك بالضبط، وجدته شعرا قريبا مني على الرغم من أنني كنت أعتقد أنه شعر يأتي من مكان بعيد. كنت أظن أنه بلد مجهول، كما أنني لا أعرف ثقافته. في أيّ حال، فقط مجرد الاستماع إلى الشعراء اللبنانيين جعلني أشعر بأنه شعر قريب وهذا ما دفعني إلى القول لِمَ كان يجب عليّ أن أذهب إلى الشرق الأقصى من دون أن أمرّ في الشرق الأوسط الذي يبدو لي في النهاية أقرب إلى ما أحسّ به
عن السفير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.