أسعار الخضار والفاكهة اليوم الثلاثاء 2-12-2025 بمنافذ المجمعات الاستهلاكية    الخطيب: نستهدف الوصول إلى حجم تجارة بين مجموعة D-8 إلى 500 مليار دولار في 2030    الهيئة العربية للتصنيع وشركة داسو الفرنسية تبحثان التعاون في مجال الصناعات الدفاعية    أبو الغيط: الذكاء الاصطناعى يغير مستقبل المنطقة.. ولن نقبل بدور هامشى    فلسطين: سلطات الاحتلال نحتجز جثامين 761 شهيدا    الجيش السودانى: أحبطنا هجوما جديدا للدعم السريع على مدينة بابنوسة    رئيس الوزراء الباكستاني يهنئ الإمارات بمناسبة يومها الوطني    تريزيجيه قبل مواجهة الكويت: كأس العرب فرصة لإظهار قوة منتخب مصر    تاريخ مواجهات مصر والكويت في كأس العرب قبل مباراة اليوم    ضبط مالك محل يبيع أجهزة فك شفرات القنوات الفضائية فى السلام    من محو الأمية إلى الدكتوراه.. قصة تطوير إنسانى داخل أسوار مراكز الإصلاح    انخفاض فى درجات الحرارة بكفر الشيخ.. وتوقعات بهطول أمطار .. مباشر    حسن بخيت يكتب عن: ما أحوجنا إلى التربية الأخلاقية    بعد واقعة التعدي.. مدرسة الإسكندرية للغات تعلن خطة شاملة لتعزيز الأمان داخل المنشأة    موعد مباراة مصر ونيجيريا المقبلة استعدادًا للكان    مواعيد مباريات الثلاثاء 2 ديسمبر - مصر تواجه الكويت.. وبرشلونة ضد أتلتيكو مدريد    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام فولهام.. موقف مرموش    وزير الخارجية يؤكد على ضرورة تكاتف أبناء الوطن لدعم الاقتصاد الوطني    محافظ أسيوط يعلن الجاهزية الكاملة لانطلاق انتخابات النواب بالدائرة الثالثة    هيئة الاستثمار تشارك في العرض النهائي لبرنامج Elevate Lab لدعم الشركات الناشئة    ضبط 14 متهمًا لاستغلال الأطفال في التسول بالإكراه    ضربات أمنية لضبط مرتكبي جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    الفيشاوي وجميلة عوض يعودان للرومانسية في فيلمهما الجديد «حين يكتب الحب»    المملكة المتحدة توفر مأوى ل 12 ألف مدني في غزة عبر خيام إنسانية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    وزير الصحة يتابع مع محافظ البحيرة إنجاز المشروعات الصحية ويبحث التوسع في الخدمات    وزير الزراعة ومحافظ الوادي الجديد يبحثان تعزيز الاستثمار في مجال الإنتاج الحيواني    راقصا أمام أنصاره.. مادورو يمد غصن زيتون لواشنطن    قوات الاحتلال تتوغل فى ريف القنيطرة بسوريا وتفجر سرية عسكرية مهجورة    وزارة التضامن تقر قيد 4 جمعيات في محافظتي أسوان والقاهرة    «وزير الري»: الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    بسبب الشبورة المائية وأعمال الصيانة، ارتفاع تأخيرات القطارات على خط بورسعيد    كيف تناولت الصحف الكويتية مواجهة مصر في كأس العرب؟    قمة نارية مرتقبة.. بث مباشر مباراة السعودية وعُمان اليوم في كأس العرب 2025    صحتك في خطوتك| فوائد المشي لإنقاص الوزن    أمينة عرفى ومحمد زكريا يضمنان الصدارة المصرية لتصنيف ناشئى الاسكواش    كأس العرب 2025.. مصر تصطدم بالكويت في أولى مباريات المجموعة الثالثة    بدء تصويت الجالية المصرية في الأردن لليوم الثاني بالمرحلة الأولى    "إعلام القاهرة" تناقش الجوانب القانونية لريادة الأعمال في القطاع الإعلامي    محافظ البحر الأحمر ووزيرا الثقافة والعمل يفتتحون قصر ثقافة الغردقة وتشغيله للسائحين لأول مرة    طقس اليوم: معتدل نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 23    البديل الألماني يطرد عضوا من كتلة محلية بعد إلقائه خطابا بأسلوب يشبه أسلوب هتلر    الحكم بحبس المخرج الإيراني جعفر بناهي لمدة عام    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أصل الحكاية | «تابوت عاشيت» تحفة جنائزية من الدولة الوسطى تكشف ملامح الفن الملكي المبكر    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    استقالة وزير الدفاع النيجيري بعد تصاعد عمليات الخطف الجماعي    أصل الحكاية | أوزير وعقيدة التجدد.. رمز الخصوبة في الفن الجنائزي المصري    لغز مقتل قاضي الرمل: هل انتحر حقاً المستشار سمير بدر أم أُسدل الستار على ضغوط خفية؟    كيف تكشف المحتوى الصحي المضلل علي منصات السوشيال ميديا؟    بالأدلة العلمية.. الزجاجات البلاستيك لا تسبب السرطان والصحة تؤكد سلامة المياه المعبأة    تقرير الطب الشرعي يفجر مفاجآت: تورط 7 متهمين في تحرش بأطفال مدرسة سيدز    استشهاد فرد شرطة ومصرع 4 عناصر جنائية في مداهمة بؤر لتجارة المخدرات بالجيزة وقنا    أول ظهور لأرملة الراحل إسماعيل الليثى بعد تحطم سيارتها على تليفزيون اليوم السابع    أقوى 5 أعشاب طبيعية لرفع المناعة عند الأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آدم فتحي شاعر يتلمّس النور في دروب العتمة
نشر في نقطة ضوء يوم 04 - 11 - 2015

تتوزّع حياة التونسي آدم فتحي المولود عام 1957 بين الشعر والأغنية والصحافة والترجمة. وفي كلّ مجال من هذه المجالات يسعى دائما وأبدا إلى أن يأتي بالأفضل، طامحا إلى أن يرتقي بنفسه إلى مستوى يجنبه التحنيط، والسكون والجمود وكلّ ما يمكن أن يطفئ فيه جمرة الإبداع. وأظنّ أن آدم فتحي صبر طويلا لكي يطلع على القراء بكتاب يجمع فيه أفضل ما كتبه من أشعار تعكس تجربته، ومفهومه للشعر وللوجود. كما تعكس البعض من ملامح سيرته الذاتية.
في هذا الكتاب الصادر عن “منشورات الجمل” بعنوان “نافخ الزجاج الأعمى: أيامه وأعماله” ينتصر لقصيدة النثر مظهرا تميّزا واضحا في كتابتها ليكون في الصفّ الأول من الذين يمارسون هذا اللون من الفن في تونس، وفي بلدان المغرب العربي. ومنذ البداية ندرك أن آدم فتحي يرمز ب”الأعمى” للشاعر في بلد عربي هو تونس. بلد يحتقر فيه الشاعر ويهان وينبذ من قبل مجتمع يعتقد أنه -أي الشاعر- لا يرى الواقع، ولا يدرك حقائقه، ولا نواميسه مفضلا أن يعيش محلقا في عالم الأحلام والأوهام فلا يستفيق من ذلك أبدا.
يتعامل المجتمع مع الشاعر وكأنه “أعمى” يتلمس طريقه في العتمة. في حين أن آدم فتحي يعتبر أنه بإمكان الشاعر رغم اتهامه بالعمى أن يرى الضوء في العتمة، وأن يبصر الأشياء في تجلياتها المختلفة والمتعددة، وأن ينفذ إلى أسرار الوجود، وأن يكتب القصيدة التي تضيء له الطريق الشائك المحفوف بالمخاطر، يقول فتحي “انفخْ روحك في قصبتك/ افرح بأنك الأعمى/ افرح بأنك تضع يدك على كتف الأشياء، دائما من الجهة الخطأ/ ليس مهمّا أنك لا ثمن الرغيف المرّ تعرف، لا ثمن اللدغة، لا ثمن النجمة تخور في سمائهم/ المهم أن تعرف أنك مهما رخُصت عليهم، فلا تقدّر بثمن”.
ويزيدنا آدم فتحي اقتناعا بأن الشاعر لا يغفل أبدا عن التقاط ما يحدث حوله، ويكتب قائلا “أسهر في عينيّ أهمس/ أحرس جرحي/ أحرسني من أن أنام عمّا يحدث خارج عينيّ”.
وها أن الشاعر الأعمى يرى “القطط تتوحّد مع المتوحدين” و”الأزقّة تتململ بهدوء في العتمة، مثل مخطوط يتملّص من يد قرصان”. ولا يفوت الشاعر الأعمى أن يدرك ما بالجسد الهشّ “لديك في جسدك ما به ترقص في فراديس بحجم اليد مع شعراء ضالين، يكتفون من السعادة بنصف رأس مصلي وجرعة من أحمر ماغون” (ماغون هو نبيذ تونسي).
وقد يكون الشاعر الأعمى “فارس نفزاوة” (منطقة صحراوية في أقصى الجنوب) الذي فقد والده وهو في العاشرة من عمره، ومعه فقد طفولته ليدفنها إلى جانب قبره. وفي سنّ الخامسة عشرة، فقد والدته.
ومنذ ذلك الحين أخذ يضرب في الأرض مجتازا الفيافي، وعابرا مدنا وقرى منسية في العراء بحثا عمّا يمكن أن يساعده على فكّ ألغاز الوجود. ولم ينتبه إلى نفسه إلاّ عندما تجاوز الستين. عندئذ تساءل “أين نسي نفسه”. ثم لم يلبث أن “عاوده المشي باتجاه الآخرين، حرّا كما سيظل: بيد يقي أطفال الرمال، بالأخرى يعلمهم أن يحولوا الرمل إلى زجاج”.
براءة الطفولة
يعود الشاعر الأعمى إلى براءة الطفولة الأولى بحثا عن “الزمن المفقود” ليصف لنا لحظات بعيدة من حياته قبل أن ينطق بالكلمات التي ستصبح لعبته المفضلة في ما بعد، يقول آدم فتحي:”طفل مقمّط في براءتي/ أتلصّص من سرير الجدة/ أخي يندلق في الطست قطرة قطرة من بئر أمي/ خلفها الشدّادة/ بخور يعجّج فوق/ الشمعة تحت/ الموسى والخيط الأحمر، مسمار لعين الحسود، قرن الفلفل الشائح، القابلة تبصق الكمّون على وجه أخي، كي يُكتب له الحسْنُ”. وتلوح فيروز للشاعر الأعمى شجرة فائقة الفتنة. ودائما هي “أجمل من البارحة”، وروحها أيضا “أكثر شهوة، وحول شفتيها تجاعيد أقل”.
أما وجهها ف”يفوح بشجن مبهج، ومن نهديها يتصاعد عطر شفّاف”. وعن صوت فيروز يكتب الشاعر الأعمى “في صوتها تقول.
في صوت فيروز شجرة أوراقها قصائد حبّ/ انظرْ شجرة وارفة الظلال، على الرغم من أن في كلّ ورقة شمسا تسطع”.
ولا ينسى الشاعر الأعمى أن يشير من حين إلى آخر إلى مغنين آخرين أعجب بهم، وبأغانيهم استعان لطرد الضجر، وتخفيف وطأة الوحدة في مراحل مختلفة من حياته مثل صليحة والشيخ إمام وغيرهما. كما لا ينسى أن يمجد فنانين من أمثال الراحل نجيب بالخوجة الذي يرسم دائما مدينة تونس صامتة، ولكأنها مدينة خلت من سكانها.
وفي قصائد أخرى، يتحدث الشاعر الأعمى عن مآس عربية تكاد تكون بلا بداية ولا نهاية، وعن جراح فلسطين وآلامها، وفي تونس، وفي ساراييفو، وفي أماكن أخرى من العالم. وهو يحزن عندما يرى “الوردة تذبح أمام عينيه، وطفلا ملقى على صدر الطريق، فلا يعرف أحد من منهما يقبّل الآخر، الطفل أم الطريق”.
وفي النهاية يمكن القول إن كتاب “نافخ الزجاج الأعمى” هو في الحقيقة تأبين للشاعر نفسه وهو لا يزال على قيد الحياة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.