رقمنة بيانات مرشحي النواب عبر موقع الهيئة الوطنية للانتخابات    رئيس جامعة السويس: إدراج الجامعات المصرية في تصنيف التايمز العالمي يعكس تطور التعليم    عدد خاص من «البوابة».. أنا النيلُ مقبرةٌ للغزاة.. الأمن المائي المصري خط أحمر    ارتفاع جديد في أسعار الذهب اليوم السبت| الجنيه الذهب يقفز 400 جنيه    «المشاط» تبحث مع المفوضية الأوروبية جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون CBAM    قريبًا.. مصر تستقبل التوقيت الشتوي لعام 2025 هل مستعد لتغيير الساعة؟    شروط إلزامية لبدء تنفيذ عملية تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل (تفاصيل)    عاجل- السيسي يدعو لنشر قوات دولية في غزة.. واتفاق على إعادة الإعمار والتعافي المبكر    منظمة العمل العربية تطالب سلطات الاحتلال بتعويض عمال وشعب فلسطين عن الأضرار التي سببتها اعتداءاتها الوحشية    عاصفة بريسيلا تهدد أمريكا.. 6 ولايات تواجه خطر الفيضانات والأريزونا الأكثر تضررًا    رسميًا.. عماد النحاس مديرًا فنيًا لنادي الزوراء العراقي    القنوات الناقلة لمباراة الإمارات وعُمان مباشر اليوم في ملحق آسيا لتصفيات كأس العالم    5 منتخبات لم تُحسم بطاقاتها.. أفريقيا تترقب الجولة الحاسمة من تصفيات كأس العالم 2026    سكالوني يكشف سبب غياب ميسي عن ودية فنزويلا وموقفه من المباراة المقبلة    قائمة الخطيب تواصل جولاتها في فروع النادي استعدادا لانتخابات الاهلي    الجو هيقلب.. بيان عاجل من الأرصاد الجوية يحذر من طقس الأيام المقبلة    وفاة سائق وإصابة مديرة المتابعة بالإسماعيلية إثر انقلاب سيارة حكومية بطريق المنايف    الداخلية تكشف تفاصيل ضبط سائق يسير عكس الاتجاه بالتجمع الخامس ويعرض حياة المواطنين للخطر    قيمتها 127 مليون جنيه.. ضبط عناصر تشكيل عصابي بحوزتهم مواد مخدرة    هدايا على السناكس.. ضبط 6 آلاف كيس عصير منتهي الصلاحية في حملة بالغربية    تفاصيل لقاء السيسي بالمدير العام لليونسكو (صور)    إلهام شاهين تهنئ إيناس الدغيدي بعقد قرانها: "ربنا يبعد عنك عيون الحاسدين"    فتح باب المشاركة في الدورة السابعة لملتقى أفلام المحاولة بقصر السينما    ياسمين عبدالعزيز تكشف عن مسلسل «وننسى اللي كان».. في دراما رمضان 2026    في 3 أيام.. إيرادات فيلم هيبتا 2 تقترب من 11 مليون جنيه    المدير التنفيذي للهلال الأحمر ل«الشروق»: خطة إنذار مبكر ورفع جاهزية الفروع استعدادا لفصل الشتاء    الأشموني يتابع أعمال مبادرة رعاية بلا حدود لتقديم الخدمات الطبية لكبار السن    ويتكوف وقائد القوات الأمريكية يزوران جنود الاحتلال فى غزة.. صور    عاجل- الدفاع المدني في غزة: 9500 مواطن ما زالوا في عداد المفقودين    معهد فلسطين: اتفاق شرم الشيخ يعكس انتصار الدبلوماسية العربية ومرحلة جديدة من الواقعية الدولية    إصابة فى الفخذ تجبر كوناتي على مغادرة معسكر فرنسا    زراعة المنوفية: ضبط 20 طن أسمدة داخل مخزنين بدون ترخيص فى تلا    إحالة أوراق المتهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة إلى مفتي الجمهورية    في اليوم العالمي للفتاة.. التعليم العالي: نحو 2 مليون طالبة في الجامعات والمعاهد العليا    بالأرقام.. نتيجة انتخابات نقابة أطباء أسوان    رئيس الوزراء يتفقد مصنع "تي آند سي" للملابس الجاهزة بالقليوبية.. ويوجه بدعم التوسع في الإنتاج والتصدير    «المشاط» تبحث مع المفوض الأوروبى للبيئة جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون    الرباعة سارة سمير بعد التتويج بثلاث فضيات ببطولة العالم: دايمًا فخورة إني بمثل مصر    العرفاوي: لا ندافع فقط في غزل المحلة.. ونلعب كل مباراة من أجل الفوز    إيهاب فهمي: تشرفت بأن تحمل الدورة الثالثة لمهرجان الطفل العربي اسمي| فيديو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    قائمة الخطيب تواصل جولاتها الانتخابية في الأهلي    منها وجبات اقتصادية.. 7 أطعمة تدعم الذاكرة وصحة المخ    حان وقت تغيير ساعتك.. كيف تواجه تحديات التوقيت الشتوي؟    ما إنفلونزا المعدة؟.. الأعراض وطرق الوقاية من العدوى الفيروسية الأكثر شيوعًا    ضبط تشكيل عصابي يتزعمه زوجين بتهمة سرقة المنازل غير المأهولة بالعاشر من رمضان    «التضامن» تبحث مع مدير مشروع تكافؤ الفرص «EOSD» بالوكالة الألمانية دعم مشروعات الحماية الاجتماعية    «التعليم»: حظر استخدام المدارس في الدعاية الانتخابية | مستند    إحالة أوراق عامل ونجله لمفتي الجمهورية لقتلهما شابا في قنا    اكتشاف قلعة عسكرية جديدة من عصر الدولة الحديثة على طريق حورس الحربي بسيناء    انتخابات النواب: رقمنة كاملة لبيانات المرشحين وبث مباشر لمتابعة تلقى الأوراق    الأزهر للفتوى: حرق قش الأرز حرام لما فيه من إفساد في الأرض وإضرار بالنفس والبيئة    عاجل- رئيس الوزراء يتفقد عددًا من المشروعات التنموية بمحافظة القليوبية    الرعاية الصحية: تعزيز منظومة الأمان الدوائي ركيزة أساسية للارتقاء بالجودة    أسعار الدولار اليوم السبت 11 أكتوبر 2025.. وصل لكام؟    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"تاريخ القراءة" .. قصة عشق بين الإنسان والكتاب
نشر في نقطة ضوء يوم 02 - 10 - 2015

"وأخيراً وصلتنا الحكاية: حكاية الحب العظيم بين الإنسان والكتب»، هكذا علقت جريدة «لاريبوبليكا» الإيطالية، على كتاب «تاريخ القراءة» لألبرتو مانغويل، هذا العمل الذي يغوص فيه مانغويل في تفاصيل عملية القراءة وكل ما يتعلق بها أو يدور في فلكها، ومانغويل لا يقدم في كتابه هذا تقنيات القراءة أو كيف نقرأ أو ماذا نقرأ، وإنما يطوف عبر الزمن من خلال سرد جميل وسلس، ليحكي قصة القارئ منذ ظهور أول نص مكتوب، وتفاعل الإنسان مع عملية القراءة كفعل إبداعي صرف. هو إذن يقدم القارئ كعنصر أساسي في تحليل وتفكيك النص وإعادة بنائه من جديد، هذا ما تؤكده مقدمة الكتاب بقول مانغويل: «إن التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة».
تجارب الطفولة
يبدأ مانغويل بتاريخه هو مع القراءة وكيف تكوّن حبه الجم للقراءة، حيث يروي تجاربه الأولى، فيقول: «في الطفولة كان مكان القراءة المفضل لدي هو أرضية غرفتي الصغيرة، حيث كنت أستلقي على بطني وقد ركزت قدمي الصغيرتين في أحد الكراسي، ثم سرعان ما أصبح السرير أأمن الأماكن لمغامراتي الليلية خلال الفترة الضبابية التي كنت أتأرجح خلالها بين اليقظة والخضوع لسلطان النوم، لا أستطيع أن أتذكر أبدا أنني كنت وحيداً في لحظة من اللحظات، على العكس تماما، فإن ألعاب وأحاديث الأطفال الذين ما كنت ألقاهم إلا نادرا، وجدتها أقل إثارة من المغامرات والأحاديث التي كنت أعيشها في كتبي".
يرى عالم النفس جيمس هيلمان «أن الأطفال الذين يقرأون في سن مبكرة من العمر أو الذين يقرأ عليهم في هذه المرحلة العمرية يكونون في وضع نفسي أفضل ويستطيعون أن يطوروا مقدرات على التصور أفضل من أولئك الأطفال الذين تروى عليهم الأقاصيص والحكايات في وقت متأخر، وعندما يتعرض الأطفال إلى هذه القصص في سن مبكرة تؤدي هذه القصص مفعولها في صياغة حياة الأطفال وتطورهم» هكذا تصبح خبرات القراءة المبكرة من الأمور التي يعيش فيها الطفل ويحياها طريقاً تجد النفس ذاتها عبره، وتوسع أفق الخيال والاستعداد للابتكار ومحاكمة الأشياء بطرق مختلفة.
مع بورخيس
كان الكاتب الأرجنتيني الكبير خورخي بورخيس ضريرا، وقد رافقه طوال حياته من يقرأ عليه الكتب، وكان ألبرتو مانغويل أحد المحظوظين الذين رافقو بورخيس، كانا يجلسان في أوقات مختلفة ليقرأ ما يختاره بورخيس من كتب، يقول مانغويل: «قبل أن ألتقي بورخيس، كنت أقرأ بصمت، ولذا فإن القراءة على الرجل المكفوف المسن كانت تجربة غريبة بالنسبة إلي لأنه كان كمستمع، هو سيد النص وإن كان يخيل إلي بأنني كنت أتحكم بسرعة القراءة وإيقاعها. كنت بمثابة قائد سيارة، أما المكان الذي كان يمتد أمامنا فكان ملك يديه كما يفعل راكب السيارة العادي، الذي ماكان عليه إلا استلهام الطبيعة التي كان يشاهدها. بورخيس كان يختار الكتاب، وكان يمنحني الدعم اللازم، أو كان يطلب الاسترسال في القراءة، وبورخيس كان يقاطعني للإدلاء بتعليق، وبورخيس يترك الكلمات تتوجه صوبه، أما أنا فكنت غير منظور".
إن لمثل هذه التجارب القرائية، أثر كبير في التفاعل بين الطرفين المستمع والقارئ، فمن خلال ردود أفعال الطرفين حول ما يدور من أحداث تتحرض الذاكرة حول نصوص سابقة، كما يأخذ تفسير المقروء أبعادا إضافية حسب كل طرف وفهمه للمقروء بطريقته، هذا أحد أبعاد القراءة التي حاول مانغويل عبر الكتاب وضعها كوثيقة في حياة أي قارئ.
فعل القراءة
وهنا تبرز مسؤولية القارئ عبر الزمن، ففي حين نجد أنفسنا كقراء اليوم غير مسؤولين بشكل مباشر عما نقرأه من نصوص ولايترتب عليه أي تبعات، فإن الحال كان مختلفا في البداية حين لم تكن القراءة متاحة للجميع، واقتصرت على قلة من الناس، الأمر الذي جعلها حملا ثقيلاً، فالقارئ لم يكن يقرأ لمتعة شخصية فحسب، وإنما كان أمامه التزام تجاه إبداع المعارف وتطويرها، فكان هو مصدر الحكمة ومخزنها، وهذا عبء تخلص منه القارئ نسبياً عبر مراحل لاحقة.
كما يتحدث مانغويل عن تلاميذ أرسطو ومن بعدهم علماء عصور النهضة والتلاميذ في الجامعات الأندلسية والعربية، الذين كانوا يحفظون النصوص في أدمغتهم ويستدعون منها بفضل تمارين تقوية الذاكرة التي كانوا يتدربون عليها في مطالع أعمارهم ويعودون إليها وقت الحاجة أسرع مما يتمكن مانغويل اليوم من القيام به في مكتبته على جهاز الحاسوب.
لقد كان العالمُ في هذه الحقب التاريخية، يجول في رحاب صروح الذاكرة للتوصل إلى نص أو اسم، بينما ندخل نحن كالمكفوفين في المتاهات الإلكترونية الموجودة داخل الحاسوب. وبمعونة هذه الأجهزة نستطيع التذكر بصورة أدق وأشمل مما كان يستطيعه أسلافنا العظماء، إلا أننا نخشى باستمرار فقدان ذاكرة مخزونة - هذا الخوف الذي كان يبدأ عند أسلافنا فقط عند تقدمهم في السن- نخشى باستمرار انقطاع التيار الكهربائي أو خطأ في إعطاء الأوامر أو حدوث خلل في النظام أو دخول فيروس إلى الحاسوب أو تعطل أحد الأقراص الإلكترونية، أمور قد تمحو كل ما خزناه في الحاسوب أوفي الذاكرة الخارجية.
القراءة الممنوعة
خلال مئات السنين كان العبيد الأرقاء في أمريكا والمستعمرات البريطانية يعرضون حياتهم للخطر، إذا تعلموا القراءة، ويروى أنه عندما كان يمسك بالعبد للمرة الأولى متلبسا بفعل القراءة والكتابة، كان يجلد بسوط مصنوع من جلد البقر، وفي المرة الثانية بسوط مجدول من تسعة أشرطة، وفي المرة الثالثة كان يقطع المفصل الأول من سبابته، وفي الولايات الجنوبية فإن شنق أي عبد يعلم عبداً آخر القراءة والكتابة كان أمراً شائعاً.
هكذا كانت معظم الأنظمة عبر التاريخ، وعلى مر العصور والأزمان، حيث حرم الحكام الطغاة فعل القراءة، لأنهم يعرفون أن الجماهير الأمية سهلة الانقياد، إنهم يخافون الكتب أكثر من أي اختراع بشري آخر على الإطلاق، ولايسمحون إلا بنوع واحد وهو «القراءة الرسمية» المملوءة بالتفاهات والانقياد الأعمى، هي عين الرقيب ساهرة في ساحات المدارس وفي خزائن الملابس، وفي كل الأماكن تراقب جمهرة القراء بعين الارتياب، نظراً لخوف الرقيب من سلطان المعرفة والقراءة وقوتها الكامنة.
لقد تصدى مانغويل في هذا الكتاب الذي استغرقه سبع سنوات في البحث والاسترشاد، لأحد أكثر القضايا صعوبة في التتبع والاستقراء، وهو بهذا الجهد والعمل الفذ بلور مرجعاً ومعيناً لكل قارئ من خلال فصول الكتاب تروي من عادات القراءة ومنافذها، فتحدث عن وحدانية القراءة والكاتب كقارئ والمترجم كقارئ والقارئ الرمزي والولع بالكتب وسرقة الكتب، فصول تؤكد دور القارئ عبر التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.