تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروائي الأردنى إلياس فركوح : أحياناً كثيرة الحرية هي المستحيل
نشر في نقطة ضوء يوم 22 - 01 - 2010

فى صحبة المبدعين حزن بصير، يرجم فقر النفوس ويلعن عطب الحياة، وهى معرفة مربكة، فعلى من يرغب فى الاحتراق الإرادى بذلك الوعى المنهك، أن يقرأ لهذا الكاتب فعندما نذكر الروائي الأردنى إلياس فركوح فنحن أمام مبدع استثنائي، فجوهره تجسيد مدهش لمعنى اسمه، وعنده كذلك وقار النبلاء وكبرياء الفلاسفة، ودماثة المتفوقين وبلاغة الحكماء، وعلى قدر ما أنجز من إبداع روائى مميز ، لم يكف عن تواضعه، ومنذ أن بدأ الكتابة، وهو يصعد بانفراد نحو قمته الأدبية النفسية بأعمال خلابة مثل "إحدى وعشرين طلقة" و"أسرار ساعة الرمل" ومجموعة قصص متسلسلة قام بكتابتها .. قابلناه وسألناه فأجاب بما تجيش به نفسه ومخيلته، فإلى التفاصيل :
ما الشيء الذى يستفزك عند البدء فى الكتابة؟
لا شيء يستفزنى إطلاقاً ولكن هناك أمر ما يحدث عندما اندمج فى الكتابة وهو أننى أشعر بحكاك داخلى وخاصة فى صدرى وكأن شيء يقول لى يكفيك هذا ولا أعرف مصدر هذا الحكاك الذى لا أربطه بالطب ولا بالعلاج وإنما باكتفاء الذات بالكتابة، لذلك عندما يأتى لى هذا الحكاك أحاول أن أبتعد عن أقلامى وأوراقى حتى استعيد ذاتى وكأننى أشحن طاقة بالابتعاد حتى أعود بكل أشواقي، وهذا كل ما يستفزني.

- ما القضايا التى تسعى لأن تتبناها فى كتاباتك؟
الإنسان هو شغلى الشاغل بمعنى أنى أهتم خلال الروايات القادمة بالقضايا الإنسانية والروح الإنسانية، وكيف أصبحت هى الان وما يحرضنى على تبنى قضيته هو أن الإنسان ليس له شكل مع معظم النصوص الأدبية، لأن كل نص يتبع الإنسان الخاص به ولا توجد أشكال مسبقة له ولكن من خلالى وخلال منشورى له فى كل نص على نحو مختلف عن النحو الآخر• فهذا الإنسان دائماً أجده حاضر فى النص لذلك يجب على أن أظهره بعد أن أصبح مهمش بشكل كبير.
- كيف ترى واقع الرواية العربية؟
الرواية ديوان العرب ومدونته، بمعنى أن الديوان هو ما تم تدوينه فيما بعد لمجموعة من الألوان الأدبية اعتبرت شكل من أشكال التاريخ، وهذا خلال مرحلة معينة وبالتالى هو تدوين لما قيل شفاهة، بمعنى أوضح أنه يخضع لمنطق الشفاهة والكلام ولا يخضع لآلية الكتابة، لأن الكتابة لها آلية مختلفة أما عن المدونة فهو كل ما قيل وكتب بدون أى تحريف لأنه فى هذا الوقت تعتبر نص مكتوب حرفاً حرفاً ولا نستطيع التحريف فيه وبالتالى أنا مع المقولة الشائعة الرواية هى مدونة العرب الحديثة وليست ديوانه .
- ولكنك ذكرت قبل ذلك أن الرواية هى الديوان ولم تذكر مصطلح مدونة؟
بالفعل أنا صرحت فى الفترة السابقة بأن الرواية هى ديوان العرب، ولكن هذا لأن الأحداث والتطورات لم تكن وصلت إلى هذا الشكل فى وقتنا الحالى وكنت أرى أن الرواية كانت تحتل مكان الصدارة بين الأجناس الأدبية، وكنت أراها دائماً التدوين الحديث للتحولات الجارية فى كافة المجتمعات العربية، وبالتالى هى شكل من أشكال التاريخ لهذه المجتمعات فى العصور السابقة والحديثة، كل هذا الاعتقاد كان بالماضى ولكن الآن لم تعد الرواية تأخذ هذا الشكل لذلك يتوجب علينا أن نقوى هذا البنيان العظيم بأن نحوله من مرحلة الشفاهة إلى الكتابة والتدوين، بمعنى أن نجعلها مدونة وهذا ما يقوم به بعض الكتاب بجعلها تسلك هذا الطريق، ونحن الآن نرى نتائجه المبشرة والذى يجعلنا نؤكد على أن الرواية هى مدونة العرب وستكون فى المستقبل سجل العرب لعصورهم.
- إذن هناك علاقة بين الرواية والتاريخ فهل من الممكن أن توضح لنا هذه العلاقة؟
العلاقة بين التاريخ والرواية قوية جداً ولكى نوضحها علينا شرح مفهوم التاريخ، فعلى الرغم من البساطة الأولى لمدلول مفردة وما تشيعه من نقاط اتفاق ضمنى يحيط بها وبحدودها كبداهة تأتت من كتب المدارس والمعاهد والكليات، إضافة إلى منطوق التعميم السائد أقول أننى أقف حيال التاريخ كمفردة تعرت من بداهة تعريفها الأول فالتاريخ هو حزم متفرقة من الوقائع والشخصيات باتت فى حكم المنجز والمنتهى أما الرواية فهى فعل حفظ للسيرة أو الحكاية وتوثيقها بشكل أدبى فنى بمعنى أننا يمكن أن نحفظ مجموعة من الأحداث السياسية التاريخية فى رواية ولكن بشكل فنى جداً وهذا بإظهار البنيان الأساسى للرواية مع الحفاظ على هذه الأحداث وصرامتها مما سينتج لنا شكل متماسك وقوى مما يجعل وجود علاقة وطيدة بين الرواية والتاريخ.

- ما رأيك فى المقولة الشائعة "الرواية هى مرآة المجتمع"؟
الرواية ليست مرآة المجتمع لأن المرآة تعكس الأشياء كما هى ولا تغير أى شيء فيها والرواية تقوم بعملية تحويل لما يقع فى العالم من الواقع السياسى أو الاجتماعى أو أى شيء آخر ويقوم الروائى هو الآخر بوضع رؤيته الفنية على هذه الأشياء والتى تشبه مزيج من الألوان ثم تخرج بنحو مختلف، وبالتالى هى ليست انعكاس مثل المرآة فضلاً عن أن الكاتب لو صور الأشياء كما هى فلن يصبح سوى شخص يغفل بعض المعلومات دون إعطاءها أى حس فنى ويجعلها تبدو معلومات وبيانات وليس صورة خلقية فنية جميلة تميزها عن غيرها.

- هل تعتقد أن هناك حدود لحرية المبدع؟
لا توجد أى حدود للكتابة لأنها تتحدد برؤية الكاتب فإذا كانت الرؤية محدودة فستكون الكتابة هى الأخرى محدودة وإذا كانت الرؤية منفتحة فستكون الكتابة منفتحة وهذا ما نريده خاصة فى المرحلة القادمة وسط كل التحديات التى نقابلها فضلاً عن أن الكاتب لا يستطيع أن يكتب حرفاً دون حرية كاملة عليه ولا على كتاباته.

- وماذا تعنى لك الحرية؟
أحياناً كثيرة تعنى لى الحرية بالمستحيل وغالباً المستحيل هو الهدف الذى يشغل بال الفنان أو الكاتب الروائي، ونجده يبحث عنه دائماً فى كتاباته عبر الشخصيات التى يقدمها أو حتى الأماكن التى يتعرض لها فى رواياته الخاصة وأن الفنان دائماً يبحث عن الشيء المفتقد مثل الحريةوالاستقلال والهروب كل هذا يعنى لنا المستحيل ولكن فى أوقات أخرى قد تكون نادرة نجد هذه الحرية وفى الوقت الذى تجدنا "الروائيين" مبتعدين عن الكتابة وهذا لكى نعيش هذه الفترة التى قد لا نستطيع أن نعيشها طوال حياتنا لذا فالحرية هى الهدف المفقود الذى نبحث عنه•.
- من وجهة نظرك ما العراقيل التى يمكن أن تواجه المبدع؟
لا أعتقد أن المبدع يمكن أن يجد أى عراقيل فى خلق النص الروائى لأن الروائى الحقيقى لا يعيقه أى شيء أو حدود حتى المحرمات يستطيع أن يتجاوزها برؤيته وقدرته على كتابة نص يصل إلى القارئ الذكى أما عن العوائق التى يمكن أن يقابلها الروائى فهناك عوائق لا يستطيع أن يفعل بها شيء وهى مشكلة مثل التوزيع وهذه المسألة لا تخص الكاتب وإنما دار التوزيع المسئولة عن نشر المؤلفات، وهذا ما يجعلنا نحتاج إلى دار توزيع عربى لأننا نعيش أزمة خانقة تجاه هذه المسألة ونحتاج إلى من يتولى توزيع الكتاب العربى فى الوطن العربى كله وإن أمكن خارجه لأن الناشر لا يستطيع أن يقوم بمفرده بمثل هذه العملية.
- إلى أى مدى استطاعت الثقافة الغربية السيطرة على كتاباتنا العربية؟
الثقافة ليست عملية سيطرة خاصة فى مجال الأدب فنحن نعيش فى قرية مفتوحة الجدران وبالتالى الغرف كلها مفتوحة أبوابها فى عملية تلاقى وتعارف واستزادة للثقافات المختلفة بيننا البعض وطالما أنا أكتب بلغتى العربية التى لها حضارتها وذاكرتها وكذلك مستقبلها، فبالتالى أنا أصيغ نصى بلغتى بما تحمله من خصائص وذاكرة، وبالتالى ليس هناك أى تقليد مما يوضح لنا عدم وجود تأثير من هذه الثقافة فأنا أستطيع أن أفرض نصى الخاص .

- علاقة الأديب بالسياسة الداخلية والخارجية كيف تشاهدونها؟
الكاتب أو الروائى لا يستطيع أن ينفصل عن الأحداث التى تجرى حوله، خاصة أن الشيء الجيد الذى يميز الروائى الكبير هو شغفه بمشاكل وطنه الأكبر وكذلك الأصغر فضلاً عن أنه يجب أن يكون متابع جيد لأى حدث حتى يكون هناك تواصل مستمر بينه وبين المجتمع الذى يمثله فى رواياته غير أنه يستطيع أن يشارك فى إيجاد أو طرح حلول منطقية لمشاكل مجتمعه من خلال كتاباته أما عن العلاقة بين الروائى والسياسة أو حتى المشاكل فهى علاقة تناغم وتقاطع واشتباك وعلاقة تأكيد ونفى بمعنى أنه يمكن أن نجد روائى جيد وفى نفس الوقت متابع لما يحدث حوله وهناك أيضاً كاتب فى نفس المستوى ولا يكون متابع ولكنه جيد فى أسلوبه ومن هنا يتضح أن هذه العلاقة معقدة وليست علاقة ثنائية .

- هل يمكن أن تؤثر المشاكل التى تمر بها المنطقة على فن الرواية؟
أى موضوع تتناوله الرواية من مشاكل أو موضوعات عادية لا مانع منها ولكن هناك شرط أساسى لكى نتجنب تأثر هذا الفن بمثل هذه المشاكل وهو أن تكون الكتابة استوفت شروطها الفنية وأن يكون صاحبها أبدع فى اقتراح أسلوبه وشخصيته المميزة عن غيره، وبالتالى هو الروائى كتب نصاً فنياً جميلاً وراقياً وهذا بصرف النظر عما تضمنه النص من أمور تمت معالجتها فيه ، وأنا أعتقد أنه كلما دخل الروائى فى تفاصيل واقعه العام كلما كان ملبياً لحاجات القارئ حتى إذا كان الإلحاح والهاجس الرئيسى لهذا القارئ هو أمر سياسى فلا بأس أن يعالجه الروائى ولكن برؤية مغايرة عن رؤية الإعلام والصحافة.. لذلك يجب على الكاتب أن يتحلى بوعى كاف وأن يتمكن من أدواته الفنية والأدبية .
- هل يمكن أن تقدم الرواية حلولاً للمشاكل التى تمر بها المنطقة؟
إطلاقاً فالرواية ليست شكل من أشكال الحلول لأنها عبارة عن أسئلة وليست مجموعة أجوبة تساءل واقعها وتحاول طرح وجهة نظر صاحب الرواية وحتى وجهة النظر هذه لا تطرح كحل وإنما كرؤية أدبية فى سياق فنى مطلق .
- كيف ترى المشهد الروائى فى الأردن؟
المشهد طيب ويبشر بالخير خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الأردن بلد حديث فى كل شيء وأستطيع أن أزعم بأن هناك نصوص روائية قوية كتبت فى الأردن توازى وتساوى إن لم تتفوق فى بعض تجلياتها على نصوص أكثر شهرة منها عربية إن كانت فى المشرق أو المغرب، لذلك فأنا أعتقد أن الرواية الأردنية أو حتى العربية أصبحت بحالة جيدة فى كافة اتجاهاتها وخاضعة لعملية التطور والتحول الطبيعى ولا تعيش أى انتكاسة .

- ما مفهومك للنقد الأدبى وإلى أى مدى يمكن أن يؤثر النقد على كتاباتك؟
النقد هو محاولة لرواية ما يستنبطه النص فى أعماق ليست مرئية منذ القراءة الأولى وبالتالى هى قراءة خاصة بصاحبها اجترحها لحظة القراءة وقد تكون خارجة عن نطاق القصرية لدى المؤلف، وبالتالى يتعدد النص بتعدد التأويلات• أما عن تأثير النقد على كتاباتى فأنا لا أنظر إلى ما يكتب عنى من نقد فنى أو أى نقد من نوع آخر وإنما أنا أحاول طوال الوقت أن أصفى ذهنى حتى أستطيع أن أكتب أحلى ما عندي•.

- ما أهمية اللغة من وجهة نظرك فى الكتابة الروائية وإلى أى مدى تعتمد عليها كعنصر من عناصر البنيان الروائي؟
اللغة هى أساس البنيان الروائى هى ليست ناقلة أفكار أو حاملة معابد بل هى جزء من هذا النسيج القوى ويجب أن يهتم الروائى بها جيداً لأنها تعتبر العنصر الرئيسى والمؤثر فى الرواية فاللغة فن تعبيرى خطير جداً له مفعول السحر خاصة وإذا كانت هذه اللغة مغلفة بشيء من اللون الأدبى والفني.

- وكيف توظف اللغة فى أعمالك الروائية؟
أنا لا أوظف اللغة أولاً لأنها كما ذكرت عنصر أساسى وقوى فى النص فلا أستطيع أن استخدمها كوسيلة للوصول إلى شيء آخر وبالتالى هى ليست أداة تعبيرية فقط بقدر ما هى جزء من السياق النصى البحت وهى شكل من أشكال وملامح شخصية الكاتب• ثانياً أننى عندما أريد أن أعبر عن شيء فلا أوظف من أجله شيء آخر مثل اللغة ولكن استخدام رموز أو التأثيرات المكانية أو الزمانية لكى أعبر عما أريده وأنا أؤكد للمرة الثانية اللغة لا توظف ولا تستخدم كزخرف جمالى أو أداة تعبيرية فهى أكثر من ذلك.

- لماذا تعتمد على استخدام الرموز فى رواياتك؟
أنا لن أقول أننى أتبع مدرسة معينة من الأدب أولاً لأننى أخاف أن أقول ذلك ولا أستطيع أن أنقد كل تقاليدها ولكن ما أود أن أقوله هو أننى أحب أن أخذ ما يناسبنى وأشعر أنه مميز مثل الرموز والتصوير والشعور بالمكان وكأننى اقتطف ما أريده من كل مدرسة وإحدى هذه المقتطفات هى الرموز والتى تعتبر أقوى مؤثر وأقوى دليل لكى يوصل ما يريده الكاتب للقارئ دون أن يتعرض للموقف مباشرة لذلك فإنه يعبر عنه برمز يشير إليه مما يعطيه شيء من الفن .
- من يقرأ رواياتك يشعر بأنك دائماً تتجاهل المرأة فما السبب فى ذلك؟
أنا لا أتجاهل المرأة بالمرة حتى أن كتاباتى لا تخلو من وجودها ولكن الفكرة فى مدى أهمية وقيمة المرأة عند الكاتب والتى بالطبع كثيراً ما تختلف من شخص لآخر فالمرأة بالنسبة للكاتب لا تمثل له الضلع الأساسى فى رواياته مثل الأشياء الأخرى التى تحدثنا عنها لذلك ليس للمرأة الدور الكبير الذى تحتله فى أماكن كثيرة وهذا لا يمنع احترامى لها ولدورها فى المجتمع وقيمتها الغالية.

- وما الصورة التى ترى عليها الإنسان حالياً والصورة التى تود أن ترسمها له؟
الإنسان الآن يفتقد تدريجياً لجوهره الإنسانى لماهيته ويتحول إلى ما يشبه الآلة المستهلكة مما يجعله يفقد أدميته بالمرة فضلاً عن أننا فى زمن أصبح فيه الإنسان لا ثمن له بعد أن كان بالماضى لا يقدر بالمال أما عن الصورة التى أحلم أن أرسمها له فهى أن يكون قوياً لديه الإرادة الكاملة فى جميع تصرفاته وكذلك قراراته وأود أن ارسم صورة تشبه جمال عبد الناصر بمعنى أن ارسم شخصية قيادية مثل هذا القائد العربى العظيم.
- هل كانت لحياتك الشخصية بداية من الطفولة تأثير على تركيبتك الروائية؟
لاشك فى أن الماضى الشخصى وخاصة الطفولة والتى تعتبر جزءاً أساسياً من هذا الماضى لها تأثير كبير فى تكوين السمات الخاصة لكل كاتب وفنان، فمن هذا الماضى الموغل بالذاكرة الواعية وغير الواعية تنهض عدة عناصر مبهمة لتفرض حضورها الكيفى على عمل الكاتب، بحيث يتجلى لديه على نحو أو آخر ولا يمكن التنبؤ بها، وتظهر الطفولة أحياناً على شكل استرجاعات يمنح منها الكاتب شخصياته بوعى فنى ليصوغها وفقاً لإدراكاته المستجدة وموظفاً إياها لتخدم نظرته الحالية بما يتلاءم مع النص القصصى ، أما عن الطفولة فهى بالطبع لها أثرها النسبى على تركيبتى الروائية والقصصية من حيث الأجواء والشخصيات والعناصر المبهمة والتى برزت كمجمل فى كثير من قصص وخاصة فى مجموعتى الثالثة "وإحدى وعشرين طلقة".

- هل لك طقوس خاصة تقوم بها أثناء الكتابة؟
غالباً أنا أفضل أن أبدأ بالكتابة فى ساعة الفجر وهذا لشعور بالصفاء والنقاء الروحى فى هذه اللحظة السحرية .. وأيضاً من بعض الطقوس الشخصية هو أننى لا أستطيع أن أكتب وأنا مشغول بقضية محددة أو حتى ولو مرتبط بمشكلة معينة، وأحب النظام جداً فلا أستطيع أن أكتب من قبل أن يكون كل شيء منظم أمامى ولا توجد طقوس أخرى عندى لأننى إنسان بسيط ولا أحب التعقيد.

- ما أهم محطات حياتك التى شاركت فى تركيبتك الروائية؟
هناك بالطبع محطات كثيرة ساعدت على بناء تفكيرى الروائى مثل انتقالى إلى الإسكندرية لكى أكمل دراستى الجامعية بعد أن قامت الحرب الأهلية فى لبنان، مما جعلنى أستقر فى مصر ما لا يزيد عن سنتين وبالطبع هذه الفترة شاركت بشكل جزئى فى هذا البنيان، وأهم محطات حياتى هو انخراطى فى العمل السياسى فى مرحلة مبكرة وخاصة بالعمل النضالى حث كنت أحد أعضاء حزب البعث، وبالتالى كنت عضو فى إحدى الجبهات المسلمة فى الأردن ولبنان، مما أكسبنى تجربة كبيرة واسعة الخبرة فى سن مبكرة بالمقارنة مع جيلي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.