متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    «مينفعش نكون بنستورد لحوم ونصدر!».. شعبة القصابين تطالب بوقف التصدير للدول العربية    مفاجأة جديدة في سعر الذهب اليوم الأحد 28 أبريل 2024    30 ألف سيارة خلال عام.. تفاصيل عودة إنتاج «لادا» بالسوق المصرية    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    أول تعليق من شعبة الأسماك بغرفة الصناعات على حملات المقاطعة    حزب الله يعلن استهداف إسرائيل بمسيرات انقضاضية وصواريخ موجهة ردا على قصف منازل مدنية    أهالي الأسرى يُطالبون "نتنياهو" بوقف الحرب على غزة    عاجل.. إسرائيل تشتعل.. غضب شعبي ضد نتنياهو وإطلاق 50 صاروخا من لبنان    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عدة قرى غرب جنين    المجموعة العربية: نعارض اجتياح رفح الفلسطينية ونطالب بوقف فوري لإطلاق النار    مصدر أمني إسرائيلي: تأجيل عملية رفح حال إبرام صفقة تبادل    التتويج يتأجل.. سان جيرمان يسقط في فخ التعادل مع لوهافر بالدوري الفرنسي    حسام غالي: كوبر كان بيقول لنا الأهلي بيكسب بالحكام    تشيلسي يفرض التعادل على أستون فيلا في البريميرليج    ملف يلا كورة.. أزمة صلاح وكلوب.. رسالة محمد عبدالمنعم.. واستبعاد شيكابالا    اجتماع مع تذكرتي والسعة الكاملة.. الأهلي يكشف استعدادات مواجهة الترجي بنهائي أفريقيا    وزير الرياضة يهنئ الخماسي الحديث بالنتائج المتميزة بكأس العالم    المندوه: هذا سبب إصابة شيكابالا.. والكل يشعر بأهمية مباراة دريمز    لا نحتفل إلا بالبطولات.. تعليق حسام غالي على تأهل الأهلي للنهائي الأفريقي    مصرع عروسين والمصور في سقوط "سيارة الزفة" بترعة دندرة بقنا    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    بعد جريمة طفل شبرا، بيان عاجل من الأزهر عن جرائم "الدارك ويب" وكيفية حماية النشء    مصرع وإصابة 12 شخصا في تصادم ميكروباص وملاكي بالدقهلية    مصدر أمني يكشف تفاصيل مداخلة هاتفية لأحد الأشخاص ادعى العثور على آثار بأحد المنازل    ضبط 7 متهمين بالاتجار فى المخدرات    ضبط مهندس لإدارته شبكة لتوزيع الإنترنت    تعرف على قصة المنديل الملفوف المقدس بقبر المسيح    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    تملي معاك.. أفضل أغنية في القرن ال21 بشمال أفريقيا والوطن العربي    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    انخفاض يصل ل 36%.. بشرى سارة بشأن أسعار زيوت الطعام والألبان والسمك| فيديو    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    ضبط وتحرير 10 محاضر تموينية خلال حملات مكبرة بالعريش    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    السفير الروسي بالقاهرة يشيد بمستوى العلاقة بين مصر وروسيا في عهد الرئيس السيسي    «الأزهر للفتاوى الإلكترونية»: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة حرام    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    كيف تختارين النظارات الشمسية هذا الصيف؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    رئيس جامعة أسيوط يشارك اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    شرايين الحياة إلى سيناء    جامعة كفر الشيخ تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروائي الأردنى إلياس فركوح : أحياناً كثيرة الحرية هي المستحيل
نشر في نقطة ضوء يوم 22 - 01 - 2010

فى صحبة المبدعين حزن بصير، يرجم فقر النفوس ويلعن عطب الحياة، وهى معرفة مربكة، فعلى من يرغب فى الاحتراق الإرادى بذلك الوعى المنهك، أن يقرأ لهذا الكاتب فعندما نذكر الروائي الأردنى إلياس فركوح فنحن أمام مبدع استثنائي، فجوهره تجسيد مدهش لمعنى اسمه، وعنده كذلك وقار النبلاء وكبرياء الفلاسفة، ودماثة المتفوقين وبلاغة الحكماء، وعلى قدر ما أنجز من إبداع روائى مميز ، لم يكف عن تواضعه، ومنذ أن بدأ الكتابة، وهو يصعد بانفراد نحو قمته الأدبية النفسية بأعمال خلابة مثل "إحدى وعشرين طلقة" و"أسرار ساعة الرمل" ومجموعة قصص متسلسلة قام بكتابتها .. قابلناه وسألناه فأجاب بما تجيش به نفسه ومخيلته، فإلى التفاصيل :
ما الشيء الذى يستفزك عند البدء فى الكتابة؟
لا شيء يستفزنى إطلاقاً ولكن هناك أمر ما يحدث عندما اندمج فى الكتابة وهو أننى أشعر بحكاك داخلى وخاصة فى صدرى وكأن شيء يقول لى يكفيك هذا ولا أعرف مصدر هذا الحكاك الذى لا أربطه بالطب ولا بالعلاج وإنما باكتفاء الذات بالكتابة، لذلك عندما يأتى لى هذا الحكاك أحاول أن أبتعد عن أقلامى وأوراقى حتى استعيد ذاتى وكأننى أشحن طاقة بالابتعاد حتى أعود بكل أشواقي، وهذا كل ما يستفزني.

- ما القضايا التى تسعى لأن تتبناها فى كتاباتك؟
الإنسان هو شغلى الشاغل بمعنى أنى أهتم خلال الروايات القادمة بالقضايا الإنسانية والروح الإنسانية، وكيف أصبحت هى الان وما يحرضنى على تبنى قضيته هو أن الإنسان ليس له شكل مع معظم النصوص الأدبية، لأن كل نص يتبع الإنسان الخاص به ولا توجد أشكال مسبقة له ولكن من خلالى وخلال منشورى له فى كل نص على نحو مختلف عن النحو الآخر• فهذا الإنسان دائماً أجده حاضر فى النص لذلك يجب على أن أظهره بعد أن أصبح مهمش بشكل كبير.
- كيف ترى واقع الرواية العربية؟
الرواية ديوان العرب ومدونته، بمعنى أن الديوان هو ما تم تدوينه فيما بعد لمجموعة من الألوان الأدبية اعتبرت شكل من أشكال التاريخ، وهذا خلال مرحلة معينة وبالتالى هو تدوين لما قيل شفاهة، بمعنى أوضح أنه يخضع لمنطق الشفاهة والكلام ولا يخضع لآلية الكتابة، لأن الكتابة لها آلية مختلفة أما عن المدونة فهو كل ما قيل وكتب بدون أى تحريف لأنه فى هذا الوقت تعتبر نص مكتوب حرفاً حرفاً ولا نستطيع التحريف فيه وبالتالى أنا مع المقولة الشائعة الرواية هى مدونة العرب الحديثة وليست ديوانه .
- ولكنك ذكرت قبل ذلك أن الرواية هى الديوان ولم تذكر مصطلح مدونة؟
بالفعل أنا صرحت فى الفترة السابقة بأن الرواية هى ديوان العرب، ولكن هذا لأن الأحداث والتطورات لم تكن وصلت إلى هذا الشكل فى وقتنا الحالى وكنت أرى أن الرواية كانت تحتل مكان الصدارة بين الأجناس الأدبية، وكنت أراها دائماً التدوين الحديث للتحولات الجارية فى كافة المجتمعات العربية، وبالتالى هى شكل من أشكال التاريخ لهذه المجتمعات فى العصور السابقة والحديثة، كل هذا الاعتقاد كان بالماضى ولكن الآن لم تعد الرواية تأخذ هذا الشكل لذلك يتوجب علينا أن نقوى هذا البنيان العظيم بأن نحوله من مرحلة الشفاهة إلى الكتابة والتدوين، بمعنى أن نجعلها مدونة وهذا ما يقوم به بعض الكتاب بجعلها تسلك هذا الطريق، ونحن الآن نرى نتائجه المبشرة والذى يجعلنا نؤكد على أن الرواية هى مدونة العرب وستكون فى المستقبل سجل العرب لعصورهم.
- إذن هناك علاقة بين الرواية والتاريخ فهل من الممكن أن توضح لنا هذه العلاقة؟
العلاقة بين التاريخ والرواية قوية جداً ولكى نوضحها علينا شرح مفهوم التاريخ، فعلى الرغم من البساطة الأولى لمدلول مفردة وما تشيعه من نقاط اتفاق ضمنى يحيط بها وبحدودها كبداهة تأتت من كتب المدارس والمعاهد والكليات، إضافة إلى منطوق التعميم السائد أقول أننى أقف حيال التاريخ كمفردة تعرت من بداهة تعريفها الأول فالتاريخ هو حزم متفرقة من الوقائع والشخصيات باتت فى حكم المنجز والمنتهى أما الرواية فهى فعل حفظ للسيرة أو الحكاية وتوثيقها بشكل أدبى فنى بمعنى أننا يمكن أن نحفظ مجموعة من الأحداث السياسية التاريخية فى رواية ولكن بشكل فنى جداً وهذا بإظهار البنيان الأساسى للرواية مع الحفاظ على هذه الأحداث وصرامتها مما سينتج لنا شكل متماسك وقوى مما يجعل وجود علاقة وطيدة بين الرواية والتاريخ.

- ما رأيك فى المقولة الشائعة "الرواية هى مرآة المجتمع"؟
الرواية ليست مرآة المجتمع لأن المرآة تعكس الأشياء كما هى ولا تغير أى شيء فيها والرواية تقوم بعملية تحويل لما يقع فى العالم من الواقع السياسى أو الاجتماعى أو أى شيء آخر ويقوم الروائى هو الآخر بوضع رؤيته الفنية على هذه الأشياء والتى تشبه مزيج من الألوان ثم تخرج بنحو مختلف، وبالتالى هى ليست انعكاس مثل المرآة فضلاً عن أن الكاتب لو صور الأشياء كما هى فلن يصبح سوى شخص يغفل بعض المعلومات دون إعطاءها أى حس فنى ويجعلها تبدو معلومات وبيانات وليس صورة خلقية فنية جميلة تميزها عن غيرها.

- هل تعتقد أن هناك حدود لحرية المبدع؟
لا توجد أى حدود للكتابة لأنها تتحدد برؤية الكاتب فإذا كانت الرؤية محدودة فستكون الكتابة هى الأخرى محدودة وإذا كانت الرؤية منفتحة فستكون الكتابة منفتحة وهذا ما نريده خاصة فى المرحلة القادمة وسط كل التحديات التى نقابلها فضلاً عن أن الكاتب لا يستطيع أن يكتب حرفاً دون حرية كاملة عليه ولا على كتاباته.

- وماذا تعنى لك الحرية؟
أحياناً كثيرة تعنى لى الحرية بالمستحيل وغالباً المستحيل هو الهدف الذى يشغل بال الفنان أو الكاتب الروائي، ونجده يبحث عنه دائماً فى كتاباته عبر الشخصيات التى يقدمها أو حتى الأماكن التى يتعرض لها فى رواياته الخاصة وأن الفنان دائماً يبحث عن الشيء المفتقد مثل الحريةوالاستقلال والهروب كل هذا يعنى لنا المستحيل ولكن فى أوقات أخرى قد تكون نادرة نجد هذه الحرية وفى الوقت الذى تجدنا "الروائيين" مبتعدين عن الكتابة وهذا لكى نعيش هذه الفترة التى قد لا نستطيع أن نعيشها طوال حياتنا لذا فالحرية هى الهدف المفقود الذى نبحث عنه•.
- من وجهة نظرك ما العراقيل التى يمكن أن تواجه المبدع؟
لا أعتقد أن المبدع يمكن أن يجد أى عراقيل فى خلق النص الروائى لأن الروائى الحقيقى لا يعيقه أى شيء أو حدود حتى المحرمات يستطيع أن يتجاوزها برؤيته وقدرته على كتابة نص يصل إلى القارئ الذكى أما عن العوائق التى يمكن أن يقابلها الروائى فهناك عوائق لا يستطيع أن يفعل بها شيء وهى مشكلة مثل التوزيع وهذه المسألة لا تخص الكاتب وإنما دار التوزيع المسئولة عن نشر المؤلفات، وهذا ما يجعلنا نحتاج إلى دار توزيع عربى لأننا نعيش أزمة خانقة تجاه هذه المسألة ونحتاج إلى من يتولى توزيع الكتاب العربى فى الوطن العربى كله وإن أمكن خارجه لأن الناشر لا يستطيع أن يقوم بمفرده بمثل هذه العملية.
- إلى أى مدى استطاعت الثقافة الغربية السيطرة على كتاباتنا العربية؟
الثقافة ليست عملية سيطرة خاصة فى مجال الأدب فنحن نعيش فى قرية مفتوحة الجدران وبالتالى الغرف كلها مفتوحة أبوابها فى عملية تلاقى وتعارف واستزادة للثقافات المختلفة بيننا البعض وطالما أنا أكتب بلغتى العربية التى لها حضارتها وذاكرتها وكذلك مستقبلها، فبالتالى أنا أصيغ نصى بلغتى بما تحمله من خصائص وذاكرة، وبالتالى ليس هناك أى تقليد مما يوضح لنا عدم وجود تأثير من هذه الثقافة فأنا أستطيع أن أفرض نصى الخاص .

- علاقة الأديب بالسياسة الداخلية والخارجية كيف تشاهدونها؟
الكاتب أو الروائى لا يستطيع أن ينفصل عن الأحداث التى تجرى حوله، خاصة أن الشيء الجيد الذى يميز الروائى الكبير هو شغفه بمشاكل وطنه الأكبر وكذلك الأصغر فضلاً عن أنه يجب أن يكون متابع جيد لأى حدث حتى يكون هناك تواصل مستمر بينه وبين المجتمع الذى يمثله فى رواياته غير أنه يستطيع أن يشارك فى إيجاد أو طرح حلول منطقية لمشاكل مجتمعه من خلال كتاباته أما عن العلاقة بين الروائى والسياسة أو حتى المشاكل فهى علاقة تناغم وتقاطع واشتباك وعلاقة تأكيد ونفى بمعنى أنه يمكن أن نجد روائى جيد وفى نفس الوقت متابع لما يحدث حوله وهناك أيضاً كاتب فى نفس المستوى ولا يكون متابع ولكنه جيد فى أسلوبه ومن هنا يتضح أن هذه العلاقة معقدة وليست علاقة ثنائية .

- هل يمكن أن تؤثر المشاكل التى تمر بها المنطقة على فن الرواية؟
أى موضوع تتناوله الرواية من مشاكل أو موضوعات عادية لا مانع منها ولكن هناك شرط أساسى لكى نتجنب تأثر هذا الفن بمثل هذه المشاكل وهو أن تكون الكتابة استوفت شروطها الفنية وأن يكون صاحبها أبدع فى اقتراح أسلوبه وشخصيته المميزة عن غيره، وبالتالى هو الروائى كتب نصاً فنياً جميلاً وراقياً وهذا بصرف النظر عما تضمنه النص من أمور تمت معالجتها فيه ، وأنا أعتقد أنه كلما دخل الروائى فى تفاصيل واقعه العام كلما كان ملبياً لحاجات القارئ حتى إذا كان الإلحاح والهاجس الرئيسى لهذا القارئ هو أمر سياسى فلا بأس أن يعالجه الروائى ولكن برؤية مغايرة عن رؤية الإعلام والصحافة.. لذلك يجب على الكاتب أن يتحلى بوعى كاف وأن يتمكن من أدواته الفنية والأدبية .
- هل يمكن أن تقدم الرواية حلولاً للمشاكل التى تمر بها المنطقة؟
إطلاقاً فالرواية ليست شكل من أشكال الحلول لأنها عبارة عن أسئلة وليست مجموعة أجوبة تساءل واقعها وتحاول طرح وجهة نظر صاحب الرواية وحتى وجهة النظر هذه لا تطرح كحل وإنما كرؤية أدبية فى سياق فنى مطلق .
- كيف ترى المشهد الروائى فى الأردن؟
المشهد طيب ويبشر بالخير خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الأردن بلد حديث فى كل شيء وأستطيع أن أزعم بأن هناك نصوص روائية قوية كتبت فى الأردن توازى وتساوى إن لم تتفوق فى بعض تجلياتها على نصوص أكثر شهرة منها عربية إن كانت فى المشرق أو المغرب، لذلك فأنا أعتقد أن الرواية الأردنية أو حتى العربية أصبحت بحالة جيدة فى كافة اتجاهاتها وخاضعة لعملية التطور والتحول الطبيعى ولا تعيش أى انتكاسة .

- ما مفهومك للنقد الأدبى وإلى أى مدى يمكن أن يؤثر النقد على كتاباتك؟
النقد هو محاولة لرواية ما يستنبطه النص فى أعماق ليست مرئية منذ القراءة الأولى وبالتالى هى قراءة خاصة بصاحبها اجترحها لحظة القراءة وقد تكون خارجة عن نطاق القصرية لدى المؤلف، وبالتالى يتعدد النص بتعدد التأويلات• أما عن تأثير النقد على كتاباتى فأنا لا أنظر إلى ما يكتب عنى من نقد فنى أو أى نقد من نوع آخر وإنما أنا أحاول طوال الوقت أن أصفى ذهنى حتى أستطيع أن أكتب أحلى ما عندي•.

- ما أهمية اللغة من وجهة نظرك فى الكتابة الروائية وإلى أى مدى تعتمد عليها كعنصر من عناصر البنيان الروائي؟
اللغة هى أساس البنيان الروائى هى ليست ناقلة أفكار أو حاملة معابد بل هى جزء من هذا النسيج القوى ويجب أن يهتم الروائى بها جيداً لأنها تعتبر العنصر الرئيسى والمؤثر فى الرواية فاللغة فن تعبيرى خطير جداً له مفعول السحر خاصة وإذا كانت هذه اللغة مغلفة بشيء من اللون الأدبى والفني.

- وكيف توظف اللغة فى أعمالك الروائية؟
أنا لا أوظف اللغة أولاً لأنها كما ذكرت عنصر أساسى وقوى فى النص فلا أستطيع أن استخدمها كوسيلة للوصول إلى شيء آخر وبالتالى هى ليست أداة تعبيرية فقط بقدر ما هى جزء من السياق النصى البحت وهى شكل من أشكال وملامح شخصية الكاتب• ثانياً أننى عندما أريد أن أعبر عن شيء فلا أوظف من أجله شيء آخر مثل اللغة ولكن استخدام رموز أو التأثيرات المكانية أو الزمانية لكى أعبر عما أريده وأنا أؤكد للمرة الثانية اللغة لا توظف ولا تستخدم كزخرف جمالى أو أداة تعبيرية فهى أكثر من ذلك.

- لماذا تعتمد على استخدام الرموز فى رواياتك؟
أنا لن أقول أننى أتبع مدرسة معينة من الأدب أولاً لأننى أخاف أن أقول ذلك ولا أستطيع أن أنقد كل تقاليدها ولكن ما أود أن أقوله هو أننى أحب أن أخذ ما يناسبنى وأشعر أنه مميز مثل الرموز والتصوير والشعور بالمكان وكأننى اقتطف ما أريده من كل مدرسة وإحدى هذه المقتطفات هى الرموز والتى تعتبر أقوى مؤثر وأقوى دليل لكى يوصل ما يريده الكاتب للقارئ دون أن يتعرض للموقف مباشرة لذلك فإنه يعبر عنه برمز يشير إليه مما يعطيه شيء من الفن .
- من يقرأ رواياتك يشعر بأنك دائماً تتجاهل المرأة فما السبب فى ذلك؟
أنا لا أتجاهل المرأة بالمرة حتى أن كتاباتى لا تخلو من وجودها ولكن الفكرة فى مدى أهمية وقيمة المرأة عند الكاتب والتى بالطبع كثيراً ما تختلف من شخص لآخر فالمرأة بالنسبة للكاتب لا تمثل له الضلع الأساسى فى رواياته مثل الأشياء الأخرى التى تحدثنا عنها لذلك ليس للمرأة الدور الكبير الذى تحتله فى أماكن كثيرة وهذا لا يمنع احترامى لها ولدورها فى المجتمع وقيمتها الغالية.

- وما الصورة التى ترى عليها الإنسان حالياً والصورة التى تود أن ترسمها له؟
الإنسان الآن يفتقد تدريجياً لجوهره الإنسانى لماهيته ويتحول إلى ما يشبه الآلة المستهلكة مما يجعله يفقد أدميته بالمرة فضلاً عن أننا فى زمن أصبح فيه الإنسان لا ثمن له بعد أن كان بالماضى لا يقدر بالمال أما عن الصورة التى أحلم أن أرسمها له فهى أن يكون قوياً لديه الإرادة الكاملة فى جميع تصرفاته وكذلك قراراته وأود أن ارسم صورة تشبه جمال عبد الناصر بمعنى أن ارسم شخصية قيادية مثل هذا القائد العربى العظيم.
- هل كانت لحياتك الشخصية بداية من الطفولة تأثير على تركيبتك الروائية؟
لاشك فى أن الماضى الشخصى وخاصة الطفولة والتى تعتبر جزءاً أساسياً من هذا الماضى لها تأثير كبير فى تكوين السمات الخاصة لكل كاتب وفنان، فمن هذا الماضى الموغل بالذاكرة الواعية وغير الواعية تنهض عدة عناصر مبهمة لتفرض حضورها الكيفى على عمل الكاتب، بحيث يتجلى لديه على نحو أو آخر ولا يمكن التنبؤ بها، وتظهر الطفولة أحياناً على شكل استرجاعات يمنح منها الكاتب شخصياته بوعى فنى ليصوغها وفقاً لإدراكاته المستجدة وموظفاً إياها لتخدم نظرته الحالية بما يتلاءم مع النص القصصى ، أما عن الطفولة فهى بالطبع لها أثرها النسبى على تركيبتى الروائية والقصصية من حيث الأجواء والشخصيات والعناصر المبهمة والتى برزت كمجمل فى كثير من قصص وخاصة فى مجموعتى الثالثة "وإحدى وعشرين طلقة".

- هل لك طقوس خاصة تقوم بها أثناء الكتابة؟
غالباً أنا أفضل أن أبدأ بالكتابة فى ساعة الفجر وهذا لشعور بالصفاء والنقاء الروحى فى هذه اللحظة السحرية .. وأيضاً من بعض الطقوس الشخصية هو أننى لا أستطيع أن أكتب وأنا مشغول بقضية محددة أو حتى ولو مرتبط بمشكلة معينة، وأحب النظام جداً فلا أستطيع أن أكتب من قبل أن يكون كل شيء منظم أمامى ولا توجد طقوس أخرى عندى لأننى إنسان بسيط ولا أحب التعقيد.

- ما أهم محطات حياتك التى شاركت فى تركيبتك الروائية؟
هناك بالطبع محطات كثيرة ساعدت على بناء تفكيرى الروائى مثل انتقالى إلى الإسكندرية لكى أكمل دراستى الجامعية بعد أن قامت الحرب الأهلية فى لبنان، مما جعلنى أستقر فى مصر ما لا يزيد عن سنتين وبالطبع هذه الفترة شاركت بشكل جزئى فى هذا البنيان، وأهم محطات حياتى هو انخراطى فى العمل السياسى فى مرحلة مبكرة وخاصة بالعمل النضالى حث كنت أحد أعضاء حزب البعث، وبالتالى كنت عضو فى إحدى الجبهات المسلمة فى الأردن ولبنان، مما أكسبنى تجربة كبيرة واسعة الخبرة فى سن مبكرة بالمقارنة مع جيلي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.