في عام 1826 أمر محمد علي باشا بإنشاء قصر الحرم، بالطرف الشمالي الغربي بالقلعة داخل القسم العسكري بقلعة صلاح الدين الأيوبي، وكان هذا القصر مقراً خاصاً لمحمد علي باشا وأسرته، وظل تحت سيّطرة وتصرّف محمد علي إلى أن جاء الاحتلال البريطاني على مصر عام 1882، حينها تحوّل القصر إلى ثكنة عسكرية تابعة للحاكم العسكري للجيش البريطاني، وبعد ذلك تمّ استخدامه كمستشفى تابع لقوات الاحتلال. وفي عام 1946 وأثناء حكم الملك فاروق الأول استردت الحكومة المصرية القصر، وسلّمته إلى لجنة حفظ الآثار بعدما رفعت عليه العلم المصري، إلى أن تولت أمره بعد ذلك وزارة الحربية وأعدّته ليكون متحفاً حربياً يضمّ كل ما يتعلّق بالجيش المصري، ويُعدّ هذا القصر بديلاً للمتحف الحربي الذي أُنشئ بقصر الدوبارة عام 1937، بعد أن تمّ افتتاحه بالقلعة في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1949. وتبلغ مساحة قصر الحرم الإجمالية 25 ألف متر مربع، ويتكوّن من ثلاثة أجنحة رئيسية، وهي الجناح الشرقي والجناح الأوسط والجناح الغربي، يوجد بين هذه الأجنحة مجموعة من الأفنية الأمامية والخلفية والجانبية، بالإضافة إلى أن الجناح الشرقي بمفرده ينقسم إلى قسمين رئيسيين، يضمّ القسم الأول مباني الحراسة الخاصة بتأمين القصر، إلى جانب المدخل الرئيسي للقصر وسراي الإقامة التي توجد في الجزء الخلفي لهذا الجناح. ويحتوي قصر الحرم على عدد كبير من القاعات التي تروي التاريخ العسكري المشرّف للجيش المصري على مرّ العصور، بداية من العصر الفرعوني حتى العصر الحديث، وأولها قاعة المجد التي تضمّ ما يحكي الأحداث التاريخية التي مرّت على مصر قديماً وحديثاً، وعلى رأسها حرب 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973، كما يوجد بالقاعة جناح مخصّص للأزياء العسكرية، يشمل مراحل التطوّر التاريخي للأزياء العسكرية الخاصة بالجيش المصري، سواء في العصر الفرعوني والإسلامي أو عصر محمد علي باشا والعصر الحديث، فضلاً عن جناح يشتمل على ملابس الوحدات العسكرية المختلفة وملابس كبار قادة الجيش المصري، ويضمّ جميع الأعلام التي كان يستخدمها الجيش المصري باختلاف الأزمنة حتى الأعلام التي يستخدمها الآن في جميع وحداته، بالإضافة إلى كل الرتب والنياشين والأوسمة التي استخدمها الجيش قديماً وحديثاً. ويوجد بالقصر أيضاً قاعة المدفعية، والتي توضح التطوّر التاريخي لسلاح المدفعية منذ نشأته، وحتى عصر محمد علي باشا والعصر الحديث، ويُعرض بها نماذج من المدافع الضخمة التي كان يستخدمها الجيش في حروبه ضد الغزاة، بالإضافة إلى بعض نماذج من بقايا المدافع التي استخدمت في الحرب ضد إسرائيل، وهناك قاعة ثالثة تُسمّى مجلس العدل أو القاعة الصيفية، وتحتوي على نموذج مجسّم لمحمد علي باشا أثناء ولايته لحكم مصر، فضلاً عن بعض النماذج لعدد من أسرته. أما القاعة الرابعة فهي مخصّصة للأسلحة، وتعرض التطوّر التاريخي للأسلحة التي استخدمها الجيش المصري على مرّ العصور من خلال عرض بعض النماذج لهذه الأسلحة، فضلاً عن عرض آخر لبعض الأسلحة التي كانت تُستخدم لتأمين القلعة قديماً، والتي كانت تُسمّى أسلحة الحصار. كما يوجد بقاعة الأسلحة عدد من الأجنحة مثل الجناح الفرعوني، والذي يعرض بعض المعارك والأحداث الهامة التي مرّت على مصر في عهدي تحتمس الثالث ورمسيس الثاني، بطريقة الديوراما المصحوبة بالتسجيلات الصوتية باللغة العربية والإنجليزية، أما الجناح الإسلامي فيحتوي على أهم المعارك التاريخية والحربية، وعرض كامل لمعركة المنصورة التي حدثت في نهاية العصر الأيوبي، أيضاً معركة عين جالوت التي حدثت في العصر المملوكي، بالإضافة إلى عرض لنماذج الحصون التي كان يستخدمها الجيش المصري دفاعاً عن الدولة. وتُسمّى القاعة الخامسة بقصر الحرم الذي تحوّل إلى متحف حربي، وهناك قاعة "القرن التاسع عشر والعشرين"، وهي قاعة رئيسية تضمّ مجموعة قاعات فرعية، منها قاعة الحملة الفرنسية على مصر، والتي تتضمّن جميع الأحداث التي مرّت بهذه الحملة ومعاركها والنتائج التي انتهت إليها، تضمّ هذه القاعة عدداً من صالات العرض، منها صالة لعرض بداية عصر محمد علي باشا والنقلة السياسية التي مرّت بها مصر، مصحوبة بعرض مجسّد لحكام أسرة محمد علي باشا وتاريخهم السياسي وتأثيرهم على مصر، وصالة ثانية تحتوي على صور لأهم وأكبر الحصون الموجودة بمصر، بالإضافة إلى سواحل مصر المختلفة، أما الصالة الكبيرة وهي الصالة الرئيسية، فهي تحتوي على لوحات وتماثيل لجميع وزراء الدفاع الذين كانوا في عهد محمد علي باشا. ويقول د. محمد عاصم، خبير الآثار: إن قاعة معركة نزيب تشتمل على عرض لمعركة نزيب التي وقعت بين القائد إبراهيم باشا بن محمد علي باشا والقوات التركية بقيادة حافظ بك، والانتصار الباهر الذي حقّقه الجيش المصري في هذه المعركة، بالإضافة إلى قاعة الخديوي سعيد والخديوي إسماعيل، والتي تحتوي على نماذج لأبرز المعارك التي تمت في عهدهما ونتائجها التي وصلا إليها. ويشير إلى وجود قاعة خاصة تحكي عن تاريخ حفر قناة السويس، والوقت الذي استغرقه حفر القناة وطريقة الاحتفال بافتتاحها، أما قاعة العرابية وهي القاعة التاسعة، فهي تروي أحداث الثورة العرابية التي قام بها أحمد عرابي باشا، مزوّدة بصور لأعضاء الثورة وصور لأحمد عرابي أثناء عرض مطالب الجيش والشعب على الخديوي توفيق أمام قصر عابدين. بينما يوضح د. أشرف النمر، خبير الآثار، أن قصر الحرم يضمّ عدداً آخر من القاعات، منها قاعة الخديوي عباس حلمي الثاني، والتي تضمّ أهم الأحداث التي كانت في عهده وأبرز المعارك التي قادها الجيش وانتصر فيها، ويوجد بهذه القاعة صالة مخصّصة لعرض ضرب الإنجليز لمدينة الإسكندرية ومراحل الاحتلال البريطاني على مصر، وقاعة أخرى تضمّ مقتنيات الملك فؤاد والملك فاروق الأول، كما أن هناك قاعة مسماة بعام 1952، وهذه القاعة تجسّد أحداث حرب 1948 والنتائج التي وصلت إليها مصر. وتابع: كما توجد قاعة حرب عام 1967 التي هُزم فيها الجيش المصري، وتحكي القاعة عن حرب الاستنزاف، وأهم المعارك التي حدثت خلالها، مثل تدمير حاملة الأسلحة الإسرائيلية إيلات ومعركة رأس العش.