يعد كتاب "جمال حمدان وعبقرية المكان"، الذي أعده محمد غنيمة وأيمن منصور من الدراسات الوثائقية من العيار الثقيل؛ حيث إنه خارج من صلب دراسة لم تأل جهدًا في الاستعانة بالمصادر والمراجع الأولية، ولعل الوثائق الشخصية الخاصة بالدكتور جمال حمدان التي أتيحت للمعديْن تجعل من هذا الكتاب سبقا وأول ما نشر عن هذا العلامة والمفكر الجغرافي الدكتور جمال حمدان؛ ذلك العبقري الفذ الذي آمن بأن الجغرافيا هي السبيل الوحيد أمام الإنسان ليعرف وطنه ويرى جماله ويدرك أسراره . يقع الكتاب الصادر حديثًا عن مكتبة الإسكندرية في 154 صفحة مقسمة على خمسة فصول أردفهم المؤلفين بثٌت هائل من المراجع والمصادر الأولية التي تعد في مضمونها ببليوجرافيا متكاملة للدكتور جمال حمدان ومؤلفاته والمؤلفات التي نشرت عنه . استعرض غنيمة ومنصور في الفصل الأول من الكتاب الذي عُنون تحت اسم "محطات على الطريق" حياة الدكتور جمال حمدان الشخصية منذ نشأته الأولى بقرية ناي التابعة لمركز القليوبية ثم انتقاله مع أسرته للقاهرة ودخوله المدرسة التوفيقية التي ظهرت بها نجابته وحبه للعلوم الجغرافيا، كما استعرضا أيضًا لفترة دراسته بجامعه فؤاد الأول "القاهرة حاليا" وكيف أحب الطالب جمال حمدان أستاذه الدكتور محمد عوض محمد حتى أنه دوّن بخط يده كتاب "النيل" له، وفي هذا الفصل نشر غنيمة ومنصور كميةً ضخمة من الصور والشهادات والوثائق والمراسلات لم تنشر من قبل، كما أنه نشر لكراسات الطالب جمال حمدان التي تظهر حبه للخط العربي وتمكنه منه. وفي هذا الفصل أيضًا نجد المعديْن وقد أطلا على فترة عزوف الدكتور جمال عن المشاركة الاجتماعية واختياره للعيش وحيدًا تحت عنوان "ثلاثون عاما من العزلة"، وكيف عاش فقط في حب مصر يبحث ويؤلف ويدرس الشخصية المصرية حتى يصدر كل كتبه التي نشر المعدان أغلفتها ثم تحت عنوان جوائز وتكريم، كما نجد كل الجوائز والتكريميات التي حصل عليها الدكتور جمال حمدان، ونجد في هذا العنوان مراسلات يرفض فيها حمدان جائزة الدولة التقديرية لأنها قدمت له بشكل غير لائق. وفي نهاية الفصل نشر غنيمة ومنصور تحقيقًا بعنوان "علامات استفهام حوله وفاته" أخذت فيه آراء كل من أخيه اللواء عبدالعظيم حمدان، والأديب يوسف القعيد، وبعض ما نشر في الصحف والمجلات عن أحداث اغتياله، وصورا نادرة لشقته بعد حادث الحريق وأردفها المؤلفان بمقالة نادرة للدكتور جمال حمدان تحت عنوان "من اسرائيل فلسطين جوانب استراتيجية في معركة العودة" وهي مقاله لم تنشر من قبل. وجاء الفصل الثاني تحت عنوان "حمدان والجغرافيا" استعرض فيه غنيمة ومنصور رؤية حمدان لعلم الجغرافيا، ورؤيته الاستراتيجية، وتنبؤه بثورات الربيع العربي وثورة الشعب المصري في يناير ويونيو وأيضًا تنبؤه بانهيار الاتحاد السوفيتي، وتراجع الساحل الشمالي للدلتا النيل، وصعود التيار الإسلامي".. أما الفصل الثالث استعرض فيه المعدان آراء حمدان في القضايا المصرية ولعل أبرزها تناول الشخصية المصرية، والسد العالي، والمسلمون والأقباط ووحدة الحضارة والوطن، وبعض الرسائل التي أرسلها لحمدان للحكومة المصرية ولأقباط مصر والعالم الغربي . وفي الفصل الرابع قام غنيمة ومنصور بعمل مقارنه بين النسخ الأولى من كتاب "شخصية مصر" الذي صدر 1967 ثم كتاب "شخصية مصر" الوسيط الذي صدر في السبعينيات من القرن العشرين، ثم ملحمته الخالدة المكونة من أربعة آلاف صفحة، كما تم عرض لمجموعة كبيرة من كتبه علّ أبرزها كتاب "بترول العرب"، "اليهود أنثروبولوجيا"، "استراتيجية الاستعمار والتحرير"، "العالم الإسلامي المعاصر". ويأتي الفصل الخامس والأخير تحت عنوان "من روائع مخطوطات حمدان" الذي التقط فيه غنيمة ومنصور بعض من مسوّداته وأهم أقواله في القضايا المصرية والعربية والعالمية، وهي أقوال لم تنشر من قبل، كما نشر المعدان لأول مرة مجموعة من أعماله الإبداعية في الرسم والخط العربي. ويذكر أن جمال حمدان كان يقوم برسم وتصميم أغلفه كتبه.