تحوي مدينة دمشق عددا كبيرا من المقاهي العريقة التي يعود تاريخ إنشاء معظمها إلى القرن التاسع عشر، ويطل أغلبها على الشوارع الرئيسية والأسواق الشعبية القديمة. ويؤكد نعمان قساطلي في كتابه "الروضة الغناء في دمشق الفيحاء" أن عدد المقاهي الدمشقية بلغ 110 مقهى في القرن التاسع عشر، مشيرا إلى أن تلك المقاهي شكلت متنفسا هاما لجميع فئات الشعب السوري. وشهدت معظم هذه المقاهي أحداثا هامة، حيث تشكل فيها العديد من الأحزاب والمنتديات الفكرية كمقهى الرشيد الصيفي الذي عقد فيه المؤتمر التأسيسي الأول لحزب البعث عام 1947م. غير أن أغلب هذه المقاهي اختفت بسب التوسع العمراني الكبير لمدينة دمشق، مما اضطر عددا كبيرا من الأدباء والمثقفين ورجال السياسة إلى البحث عن متنفس آخر. ويعد مقهى الروضة من بين المقاهي القليلة الباقية في دمشق والتي تجمع سمات المقهى القديم والحديث في آن، فطاولاته الرخامية وكراسي الخيزران حولها تجمع عددا كبيرا من الفنانين والمثقفين إضافة إلى كبار السن والمتقاعدين. ويقول أحمد أوزوروش "صاحب المقهى" أن مقهى الروضة كان في البداية سينما للهواء الطلق، لكنه تحول في خمسينيات القرن الماضي إلى مقهى. ويشير أوزوروش إلى أن المقهى شهد أحداثا كثيرة بحكم قربه من البرلمان السوري، حيث كان أعضاء البرلمان يأتون إليه بعد كل جلسة ليتحدثوا بالأحوال العامة لسوريا في تلك الفترة. ويؤكد عبد الكريم العفنان"صحفي" أن مقهى الروضة يشكل "منتدى ثقافي وسياسي واجتماعي" لعدد كبير من الأدباء والمثقفين العرب، حيث يستطيع هؤلاء التعبير عن رأيهم صراحة. ويضيف "لا يستطيع أحد أن ينكر الهامش الثقافي والفكري الذي يوفره مقهى الروضة، وإن كان هناك عدد كبير من المخبرين الذين يستغلون هذه الظروف. غير أن هناك بعض الأشخاص يأتون للمقهى بهدف التسلية وتمضية الوقت من خلال لعب النرد أو تدخين النرجيلة التي يوفرها المقهى لزبائنه بأسعار مقبولة كما يؤكد ماهر عثمان. ويضيف "آتي إلى هنا بشكل يومي وألتقي عددا من الأصدقاء حيث نقوم بلعب النرد وتدخين النرجيلة، كما أن منظر الناس والحركة يجعلك تشعر بالسعادة". من جانبه يعتبر منصور الديب "ناقد سينمائي" المقهى عبارة عن برلمان ثاني لتبادل الأفكار، مشيرا إلى أن ثمة نقاشات حادة تحدث أحيانا بين بعض المثقفين وهذا يضفي طابعا ليبراليا على المقهى. ويعتقد الديب أن دخول العنصر النسائي للمقهى أضفى عليه نكهة خاصة ونوعا من الحداثة التي نفتقدها في أغلب المقاهي الدمشقية.