أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: الحكومة هدفها خفض الدين العام والخارجى    خبراء: أزمة الديون باتت تهديدًا مباشرًا للتنمية العالمية    استطلاع: انخفاض نسبة تأييد ترامب إلى 39% بسبب أدائه الاقتصادى    عمر كمال وأحمد بيكام يشاركان أحمد عبد القادر حفل زفافه بالدقهلية.. صور    مصدر مقرب من أحمد حمدى يكشف كواليس أزمته مع أحمد عبد الرؤوف    أبرز نجوم منتخب زيمبابوي قبل مواجهة مصر في أمم إفريقيا بالمغرب    ملخص مباراة كارديف ضد تشيلسي بكأس الرابطة: ثلاثية البلوز    أخبار مصر اليوم: غدا، انطلاق تصويت المصريين بالداخل في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب ب55 دائرة.. خطة سداد مستحقات الشركات الأجنبية في البترول.. وهذه درجات الحرارة غدا    هيئة الدواء: نظام التتبع الدوائي يوفر رؤية شاملة ويمنع النواقص    تليفزيون اليوم السابع يستعرض قائمة الأفلام العربية المرشحة لجوائز الأوسكار ال 98    ضياء رشوان: ترامب غاضب من نتنياهو ويصفه ب المنبوذ    نائب وزير الصحة: الولادة القيصرية غير المبررة خطر على الأم والطفل    الجودو يتصدر الترتيب العام بدورة الألعاب الأفريقية للشباب برصيد 14 ميدالية    22 قائدا للمنتخبات يدعمون محمد صلاح فى ذا بيست    قطار ينهي حياة طفلة أثناء عبورها السكة الحديد في قرية بالبدرشين    خبير تشريعات يكشف الهدف من زيادة حد إعفاء السكن من الضريبة العقارية    تأخيرات مؤقتة على خط القاهرة الإسكندرية بسبب حادث قطار طوخ    صحيفة «لوموند» تكشف أساليب إسرائيل لفرض «عهد إرهاب غير مسبوق» في الضفة الغربية    أحمد مراد: لم نتعدَّ الشخصية الحقيقية لأم كلثوم.. والست عمل درامي لا تسجيلي    وزير الأوقاف يشهد الجلسة الختامية لمؤتمر الإفتاء الدولي: تأكيد على الاجتهاد الرشيد ومواكبة التحديات المعاصرة    بتمثل وهى مريضة.. تحكيم كاستنج يشيد ب روان بعد مشهد على المسرح (فيديو)    سوريا تعلن مقتل قيادي واعتقال 8 بعملية ضد داعش    «البكالوريا الفنية».. شهادة جديدة لطلاب التعليم الفني بدءًا من العام المقبل    تفاصيل خاصة بأسعار الفائدة وشهادات الادخار فى مصر    انعقاد اللجنة الدائمة لمتابعة العلاقات المصرية – الإفريقية    شيخ الأزهر يستقبل مدير كلية الدفاع الوطني ويتفقان على تعزيز التعاون المشترك    «القومي للمرأة» يشارك في احتفالية اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة    رضا هيكل يفسخ عقده مع نادي حتا الإماراتي.. والزمالك يرغب في ضمه    لا إغلاق لأى مصنع.. خطة للتقنين ودعم العمالة وإبقاء تبعية هيئة القطن ل «الاستثمار»    إقبال في اليوم الثاني من إعادة انتخابات مجلس النواب 2025 بالأردن    رئيس هيئة المحطات النووية يشارك في فعاليات المنتدى العربي السابع    الجيش الألماني ينهي مهمة نظام باتريوت لحماية المجال الجوي للناتو في بولندا    نظر قضية المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات بينهما يناير المقبل    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    غزة تشهد جحيما إنسانيا.. الهيئة الدولية لدعم فلسطين تحذر من نقص المساعدات وعرقلة إدخال الكرفانات    السكرتير العام لبني سويف يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    الكشف على 1208 مواطنين ضمن القافلة الطبية بقرية أبو جازية بالإسماعيلية    التأمين الصحى الشامل.. خطوات الاشتراك ومزايا الرعاية الطبية المتكاملة للأسرة    حلمي عبد الباقي يرد على توجيه اتهامات له في التحقيق: غير صحيح    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    إغلاق ملف فيتوريا رسميًا.. تسوية نهائية بين المدرب واتحاد الكرة في «CAS»    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل جواهرجى البحيرة إلى يوم 12 يناير    اعتدى على أطفال وصورهم.. تجديد حبس مدرب أكاديمية الكرة بالمنصورة    البورصة تخسر 22 مليار جنيه بختام تعاملات منتصف الأسبوع    «المصدر» تنشر لائحة النظام الأساسي للنقابة العامة للعاملين بالتعليم والبحث العلمى    * رئيس هيئة الاستثمار يثمن دور "نَوَاه العلمية" في تعزيز الابتكار والمعرفة ويؤكد دعم الهيئة المستمر للقطاع العلمي    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    أيمن أبو عمر: بروتوكول الإفتاء والقومى للطفولة يهدف لتعزيز حماية الأطفال    جولة مفاجئة لمدير "تعليم الجيزة" في مدارس العمرانية    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    برشلونة يواجه غوادالاخارا الليلة.. بث مباشر لموقعة كأس إسبانيا 2025/2026    مصر ترحب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارين يؤكدان الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تحجم الكاتبات العربيات عن تبادل الرسائل مع الأدباء؟
نشر في نقطة ضوء يوم 17 - 07 - 2021

"الرسائل بين الأدباء العرب في العصر الحديث" (دار زينب – تونس) كتاب يتناول من خلاله الباحث شفيع بالزين، بالتحليل والدراسة الرسائل المتبادلة بين الأدباء العرب في العصر الحديث، مستدركاً على الدراسات التي عدت هذه الرسائل امتداداً للرسائل القديمة، تستعيد أغراضها وأساليبها، وتسترجع أشكالها وطرائق القول فيها. ويبرز، بطريقة متأنية، خصائص الرسالة الحديثة التي تفترق عن الرسالة التقليدية لغة وبنية وأساليب كتابة.
هذه الدراسة الرصينة اختارت أن تقرأ الرسائل قراءة جديدة، مستأنسة بالجهود الغربية في مجال القراءة التداولية، مع الاستفادة من الدراسات الإنشائية كلما كان الأمر ضرورياً ومفيداً. وهذان المنهجان مختلفان في الأصل، وربما متناقضان، فإذا كانت القراءة التداولية تربط الخطاب الترسلي بظروف التلفظ ومقاصد التخاطب، فإن الدراسات الإنشائية تحرر الخطاب من ظروف إنشائه. لهذا تعهد الكاتب، منذ المقدمة أن يطوع المناهج الغربية للنصوص العربية حتى يتمكن من الإفادة منها من دون أن يدخل الضَّيم على النص العربي.
يذكر الكاتب، منذ المقدمة، بأن الترسل جنس أدبي قديم، ازدهر بخاصة في القرنين الرابع والخامس للهجرة، وحسبنا أن نتصفح رسائل ابن حزم والخوارزمي وأبي إسحاق الصابي والصاحب بن عباد، حتى نتبين ما أولاه القدامى من عناية فائقة بهذا الفن، الذي بلغ مستوى من النضج الفني والتطور التخاطبي جعل هذا الجنس من الكتابة ينافس الأجناس الأدبية التقليدية مثل الشعر والمقامة. غير أن حركة المراسلات تراجعت بعد القرن الخامس ولم تعد إلى سالف ازدهارها إلا في العصر الحديث، حين أدت التحولات العميقة التي شهدها المجتمع العربي، منذ بداية القرن العشرين، إلى ظهور عوامل أسهمت في ازدهار حركة المراسلات منها هجرة الأدباء وتطور وسائل الاتصال مثل البريد.
نوعان من المراسلة
ومنذ البدء اتجهت حركة التراسل اتجاهين اثنين:
– اتجاه عربي تراثي اتخذ من الرسائل الإخوانية القديمة أنموذجاً يقتدي به ومن بين كتاب هذا الاتجاه: أنستاس الكرملي، وإبراهيم اليازجي، وقسطاكي الحمصي.
– اتجاه مجدد حديث اتخذ من المراسلات بين الأدباء الغربيين مثالاً يستأنس به. ومن كتابه الكبار جبران خليل جبران، ومي زيادة، وأبو القاسم الشابي، ومحمد الحليوي.
أما المدونة التي اعتمدها الكاتب فغزيرة ومتنوعة، إذ تتكون من عشر مجموعات رسائلية هي: الرسائل المتبادلة بين الشيخ إبراهيم اليازجي وقسطاكي الحمصي، ورسائل الشابي، و"زهرة العمر" لتوفيق الحكيم، ورسائل مي زيادة إلى جبران خليل جبران في "الشعلة الزرقاء"، والرسائل بين المعداوي وفدوى طوقان، ورسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان، و"أوراق الورد" لمصطفى صادق الرافعي، و"أديب" لطه حسين، والرسائل بين محمود درويش وسميح القاسم.
وفي صفحات من النقد الرفيع يتناول الكاتب بالنظر خصائص الترسل في الأدب العربي الحديث، فيتأمل أول ما يتأمل، أثر التباعد المكاني والتفاوت الزماني في كتابة الرسالة الحديثة. فهذا الفن يعرف منذ القدم بأنه "كلام يراسل به من بعُد أو غاب"، وهذا يعني أن التراسل يستمد مقوماته ومبررات إنتاجه من التباعد بين الطرفين المتخاطبين، أي من وجود مسافة مكانية وتفاوت زمني مباعدين بينهما. ولا تظهر آثار هذا التباعد في الرسائل الحقيقية فحسب، بل تظهر أيضاً في الرسائل المتخيلة مثل "أوراق الورد" وهي مجموعة من الرسائل كتبها الرافعي إلى صديق بعيد تخيَّله. فعمد الكاتب إلى اختلاق مقام التباعد و"تبعيد" المخاطب أو المرسل إليه، حتى يكون بالإمكان التخاطب ترسلاً. ويشير الباحث إلى أن الأعمال النقدية العربية لم تعرج على مقام التباعد إلا في القليل النادر، لكنها في كل الأحوال لم تبرز دوره في الرسائل وآثاره في التخاطب. وهذا ما أوضحه الباحث من خلال عدد من الرسائل أبرز فيها أثر هذا المقام، مقام التباعد، في بنية الرسالة وأسلوبها وطرائق تصريف القول فيها.
شرط الحوار
ومن خصائص الترسل "الحوارية". فجل الأدباء تعاملوا مع الرسائل المتبادلة على أنها ضرب من الحوار المنعقد بين المرسل والمرسل إليه. فكل مراسلة ليست في الواقع سوى نصف مراسلة، لأنها لا تكتمل إلا بجواب المرسل إليه، "ويجعلها بالتالي قائمة على جدل الاكتمال والنقص"، فهي مكتملة لأنها تعرض نفسها على القارئ في هيئة نص مكتمل، وناقصة لأنها من دون جواب المرسل إليه تفقد معناها. ومن خلال عدد كبير من الأمثلة أوضح الكاتب أثر السمة الحوارية في بنية الرسالة ولغتها وأسلوب كتابتها. ومن أخص خصائص الرسالة عنصر الذاتية، وقد تبسط الكاتب في الحديث عنها بوصفها مقوماً من مقومات فن الترسل. وهذه السمة لا تتنافى مع الحوارية، لأن الذاتية لا تعني انغلاق المتكلم على نفسه، بل إن التخاطب الثنائي في الرسائل شرط من شروط تحقق الذاتية التي تبنى من خلال المقابلة والمواجهة مع المخاطب.
إن كل رسالة تحيل على متكلم خاص وترسم ملامحه الذاتية والتاريخية، وفي العصر الحديث اكتسبت الذاتية أهمية خاصة من تزايد الاهتمام بكل ما هو ذاتي وفردي. وقد أشار محمد شاهين إلى هذا المعنى وهو يتحدث عن جبرا إبراهيم جبرا، حين قال إن الأديب أو الفنان حين يكتب رسالة خاصة فإنه يكون مستعداً لإماطة اللثام عن ذات شخصه، وبهذا يكشف لنا عن الذات الشخصية التي كانت تلبس قناعاً وهي تبدع رواية أو قصيدة.هذا الضرب من الكتابة التي تميط اللثام عن وجه الكاتب الحقيقي سماها محمد بنيس بالكتابة العارية، ووسم بها الرسائل المتبادلة بين محمود درويش وسميح القاسم.
صورة المرأة
وقد ألمَّ الكاتب، في هذا السياق، بصورة المرأة في الرسائل، وأشار، على وجه الخصوص، إلى ندرة رسائلها المنشورة. فإذا استثنينا رسائل مي زيادة، وهي كما يقول الباحث استثنائية ضمن مدونة الرسائل الحديثة، لا نجد للمرأة صوتاً في الرسائل إلا مرسلاً إليها، أو صدى ترجعه رسائل الرجل المرسل، أو نداء يطالب بالإفراج عن صوتها المحبوس في رسائل ضائعة أو مصادرة، كما هو الشأن بالنسبة إلى النداء الذي وجهته غادة سمان في مقدمة رسائل غسان. إن مدونة الرسائل تؤكد أن حضور المرأة فيها كان محدوداً جداً سواء أكانت مرسِلة أو مرسلاً إليها، ويضاف إلى هذا غياب الدراسات التي تنعطف على هذه الرسائل بالتحليل والتأويل.
وفي الختام يلتفت الكاتب إلى الخصائص الأدبية التي تتميز بها الرسالة، فيستعرض، في هذا السياق، مواقف النقاد الغربيين من أدبية الرسالة، وهي المواقف التي تراوحت بين الإنكار والإقرار والتوفيق. ولعل أكثر المواقف رفضاً لوظيفة الرسالة الفنية موقف الناقد الفرنسي لانسون، الذي ذهب إلى أن مراسلات الكتاب لا ترقى إلى مستوى الآثار الأدبية. فلا الرسالة، في نظره، عمل فني يهدف إلى إحداث أثر جمالي، ولا الشكل الترسلي جنس أدبي. أما النقاد العرب فقد اتفقوا على أن مراسلات الكتاب تنطوي على حد أدنى من المقومات الأدبية تميزها عن المراسلات العادية وتبرر اعتبارها جنساً أدبياً. أما الجوانب التي غلب اهتمامهم بها، فهي الجوانب الأسلوبية والبلاغية، وربما جنحوا إلى استخدام المناهج الحديثة مثل المنهج الإنشائي لاستقرائها، واستجلاء غوامضها.
يتأمل الكاتب الرسالة من زوايا كثيرة، مفككاً عناصرها، متأنياً عند الإطارين المكاني والزماني ودور المتكلم والمخاطب فيها، ليصل بعد هذا إلى مقاصدها الأدبية، مبرزاً على وجه الخصوص دوران الكثير من الرسائل على النقد الأدبي، كما هو الشأن بالنسبة إلى الرسائل المتبادلة بين الشابي وصديقه محمد الحليوي، والرسائل التي ضمها كتاب "زهرة العمر" لتوفيق الحكيم.
إن هذه الدراسة التي استأنست بالمنهج التداولي تمثل قراءة جديدة للرسائل المتبادلة بين الأدباء، قراءة حاولت أن تلم بكل خصائص الرسالة الإنشائية والأسلوبية والثقافية، مسلطة الضوء على الكثير من العناصر التي أهملها النقد التقليدي في الرسالة فلم يولها العناية التي تستحق.. هكذا تمكنت هذه الدراسة من إبراز الرسالة الأدبية في ضوء جديد، الأمر الذي جعلها تكتسب، بفضل هذه الدراسة، معاني ودلالات جديدة.
محمد الغزي: اندبندنت عربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.