جامعة قناة السويس تطلق الصالون الثقافي "رحلة العائلة المقدسة.. كنزا تاريخيا واقتصاديا وسياحيا"    ارتفاعات في أسعار الخضروات بأسواق المنيا اليوم الثلاثاء 7اكتوبر 2025 وسط ضغط على بعض الأصناف    أسعار الحديد في المنيا اليوم الثلاثاء7 اكتوبر 2025    مدبولي: تراجع التضخم نتيجة التنسيق بين الحكومة والبنك المركزي    وزير الاستثمار يبحث مع جهاز مستقبل مصر التعاون بمجالات دعم سلاسل الإمداد    إعلام سوري: توقف الاشتباكات بشكل كامل بين الجيش وقسد في حلب    وزير الأوقاف ينعى العلامة الجليل أحمد عمر هاشم    دراسة: واشنطن قدمت أكثر من 21 مليار دولار مساعدات عسكرية لإسرائيل منذ بداية حرب غزة    تامر الحبال: الشراكة المصرية السعودية ركيزة توازن واستقرار في الشرق الأوسط    وزير الخارجية يبحث سبل تعزيز التعاون مع سلوفينيا بالمجالات الاقتصادية والتنموية    فنزويلا تعلن إحباط هجوم على السفارة الأمريكية في كاراكاس    وزارة الدفاع الروسية: تدمير 184 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    عاجل- جوتيريش يدعو لوقف الهجمات الإسرائيلية في غزة واغتنام خطة ترامب لإنهاء الصراع    أبوريدة يصل المغرب لمساندة منتخب مصر أمام جيبوتي    8 مواجهات قوية في الجولة السادسة من دوري الكرة النسائية اليوم    أيمن الرمادي يدعم الزمالك في بيان مؤثر    الداخلية: ضبط قائد سيارة صدم معلمة وفرّ هاربا بالقاهرة    اليوم.. نظر محاكمة شقيقين متهمين بقتل سائق توك توك فى إمبابة    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. «الأرصاد» تحذر من طقس الساعات المقبلة    مصرع شخص وإصابة أخر في حادث على الطريق الدائري بقليوب    وزارة الثقافة تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر بمشاركة نجوم الغناء العربي في دار الأوبرا    وزارة الثقافة: فوز "العناني" بمنصب مدير عام اليونسكو له الكثير من الدلالات    جائزة خاصة لفيلم الوصية في مهرجان الإسكندرية السينمائي    ماجد الكدواني: رفضت الهجرة لأمريكا في شبابي ولم أندم.. وعندي عقدة إخراج أول مرة    زاهي حواس عن اختفاء اللوحة الأثرية: كل واقعة تُثار لفترة قصيرة ثم تُنسى دون حلول حقيقية    وزير الصحة يتفقد مركز مجدي يعقوب للقلب ويؤكد دعم الدولة للتعاون البحثي والعلاجي    وزير الصحة يوافق على شغل أعضاء هيئة التمريض العالي المؤهلين تخصصيا لوظائف إشرافية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 7 اكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في محافظة الشرقية    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في محافظة قنا    حالة الطقس ودرجات الحرارة اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في محافظة قنا    مصدر من ريال مدريد يحسم الجدل: لهذا السبب رفض النادي فكرة ضم رودري    أسعار اللحوم اليوم بمحلات الجزارة والأسواق في أسوان اليوم الثلاثاء 7-10-2025    غادة عادل عن عملية التجميل: قلت للدكتور مش عايزة أبان أحلى من الطبيعي    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن وكرتونة البيض في أسواق وبورصة الشرقية الثلاثاء 7-10-2025    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 7-10-2025 بعد آخر ارتفاع.. حديد عز بكام؟    عاجل.. وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم| وهذا موعد ومكان صلاة الجنازة    رسائل تهنئة 6 أكتوبر 2025 مكتوبة للاحتفال بعيد القوات المسلحة    موعد بداية امتحانات نصف العام الدراسي الجديد 2025- 2026    «وهم».. عرض جديد يضيء خشبة المعهد العالي للفنون المسرحية ضمن مهرجان نقابة المهن التمثيلية    أبو ريدة يصل المغرب ويستقبل بعثة منتخب مصر استعدادًا لمواجهة جيبوتي    «بعد 3 ماتشات في الدوري».. إبراهيم سعيد: الغرور أصاب الزمالك واحتفلوا بالدوري مبكرا    منسيات 6 أكتوبر .. الاحتفاء بالفريق "الشاذلي" يُنسب إلى "مرسي" و"المزرعة الصينية" تفتقد القائد "عبد رب النبي حافظ"    محافظ الفيوم يشهد احتفالية الذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر المجيدة    «عيدك في الجنة يا نور عيني».. الناجية من«جريمة نبروه» تحيي ذكرى ميلاد ابنة زوجها برسالة مؤثرة    بعض الأخبار سيئة.. حظ برج الدلو اليوم 7 أكتوبر    حزب "المصريين": كلمة السيسي في ذكرى نصر أكتوبر اتسمت بقوة التأثير وعمق الرسالة    تعرف على موعد بدء تدريبات المعلمين الجدد ضمن مسابقة 30 الف معلم بقنا    اشتغالة تطوير الإعلام!    «أكتوبر صوت النصر».. الجيزة تحتفل بذكرى الانتصار ال52 بروح وطنية في مراكز الشباب    الأهلي يكافئ الشحات بعقده الجديد    نائب وزير الصحة يحيل الطاقم الإداري بمستشفى كفر الشيخ للتحقيق    «هيفضل طازة ومش هيسود طول السنة».. أفضل طريقة لتخزين الرمان    ميثاق حقوق طفل السكر.. وعن سلامة صحة الأطفال    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"المسافة صفر".. بين السرد المتأنِّي والغموض المُربك
نشر في نقطة ضوء يوم 02 - 11 - 2020

يسعى السرد الروائي السينمائي دائماً إلى أسر انتباه المشاهد منذ اللحظات الأولى لعرض الفِلْم، فيبذل المخرجون قصارى جهودهم ليضمنوا ذلك. وهذا ما سعى إليه المخرج السعودي الشاب عبدالعزيز الشلاحي في تحقيق فلمه الطويل الأول “المسافة صفر"، ونجح بالفعل في جعل فلمه هذا جذَّاباً وشيِّقاً وغامضاً في الوقت نفسه.
عادة، يتوقَّف عنصر الجذب في اللحظات الأولى من أي فِلْم، ومن ثم طوال مدة عرضه، على توفُّر عدد من العناصر الأساسية التي غالباً ما تختلف بين فِلْم وآخر، ولكنها تبلغ أهميتها القصوى في أفلام التشويق والغموض.
ومن أهم هذه العناصر الممكِّنة من الاستحواذ على انتباه المشاهد الإيقاع السردي المتسارع، والحدث المفاجئ، والمونتاج الذي يكفل تداخل اللقطات بمددها الزمنية التي يُستحسن أن تكون قصيرة، فتؤدي بالمشاهد إلى الترقُّب وتشدُّ حواسه وعقله، وغير ذلك.. ولكن الشلاحي لم يتبع كل ذلك في فلمه "المسافة صفر" الذي جاء بهذا العنوان للإشارة إلى أن لا مسافة على الإطلاق بين البطل والفاعل المؤثر في مجرى الأحداث.
تبلغ مدة عرض هذا الفلم 73 دقيقة، كتبه للشاشة مفرج المجفل، وأنتجته جمانة زاهد بدعم من مركز إثراء، وقام ببطولته كلٌ من خالد الصقر، ويعقوب الفرحان، وأسامة صالح، وعبدالله الزيد، وإبراهيم الحساوي، وإلهام علي.
ولو تأملنا التقنية التي اتبعها المخرج عبد العزيز الشلاحي، سنجد أنه اعتمد على إيقاع بطيء، سواء في حركة الكاميرا أو طول اللقطات، وحتى في حركة الممثلين وحواراتهم، وكذلك في المؤثرات البصرية والصوتية والضوئية. وبالتالي، تخلَّى عن الإيقاع المحموم والحوارات المتوترة والأداء المشحون بالحركة السريعة والانفعالات العاطفية الحادة. فهل هذه ميزة الفلم أم نقيصته؟
الجريمة والغموض في الحبكة
تدور أحداث فِلْم "المسافة صفر" في عام 2004م، حول "ماجد" (خالد الصقر) المصوِّر الفوتوغرافي وصاحب استوديو تصوير في وسط العاصمة الرياض، ورفيقه "لامي" (يعقوب الفرحان) الذي أُودع السجن بتهمة الضلوع في الإرهاب.
وبعد أن هرب ماجد من ماضيه المضطرب، يجد نفسه وسط واقع غريب، عندما يعثر فجأة على علبة دواء لعلاج اضطرابات الذاكرة تحمل اسمه. كما يجد صورة لجثة على أرض شقته، ومسدساً ذا رصاصة ناقصة في سيارته، وغير ذلك من مفارقات وأمور غير متوقعة تؤكِّد إصابته بالألزهايمر والنسيان المتكرر، فيحاول جاهداً بمعاونة خطيبته "أبرار" (إلهام علي) إبعاد شبح المرض، ومن ثم الشبهة الجنائية التي حاصرته بها القرائن والأدلة من كل جانب.
منذ اللحظات الأولى، يبدأ الفلم ببث التشويق والأجواء الغامضة ليجعلهما يسيطران على المشاهد، ويزدادان مع مرور الأحداث، حيث تتولد الأسئلة: هل ماجد فاقد للذاكرة فعلاً؟ أم أن أحداً يريد أن يوهمه بذلك، ويُعد له العدة ويخطط بمكر ودهاء بمعاونة عدة أشخاص لتوريطه في جريمة قتل لم يقترفها؟ ثم ما الدافع للقتل؟
استرجاع متداخل
لا جدال في أن أفلام الجريمة تكون دائماً مغلَّفة بالغموض، ولها توليفة خاصة تعتمد على الحبكة المترابطة والمنسابة بإيحاء مكثَّف، لتوليد الأسئلة الحائرة لدى المشاهد، بهدف إثارة حب الاستطلاع والتنبؤ بما سيجري من أحداث لتبديد الغموض. وبالطبع، فإن ذلك يأتي وفق منطق القصة التي يكتنفها الغموض، ولا يكتمل حلّ خيوطها سوى في المشهد الأخير.
ولتحقيق التشويق، اتبع المخرج في سرده لأحداث الفلم على البدء من النهاية؛ أي إنه يطالعنا في المشهد الأول بمنظر جثة على الأرض غارقة في دمائها، فيما يقف ماجد مذهولاً من المنظر الذي أمامه. ثم يبدأ الفلم بالاسترجاع المتسلسل للأحداث؛ ليضع المشاهد في بؤرة الصراع الذي يفسِّر معنى وجود هذه الجثة. بما يؤكد بالقطع أن الميت تعرَّض للقتل، ولم يمت لسب آخر كالانتحار أو السقوط من مكان عالٍ. ولكن منظر الجثة يفاجئ صاحب المنزل ماجد الذي يبدأ بالتقصي عبر "الفلاش باك".
غير أن استرجاع الأحداث لا يسير في وتيرة منتظمة؛ إذ يتنقَّل بين مشاهد عديدة متداخلة؛ فتظهر شخصيات جديدة في كل مرَّة، وفي ذلك ما قد يكون مربكاً للمشاهد، غير أن المخرج صاغها بمنطق يقبله العقل، وهذا ما أضفى على الفلم طابع الجذب الذي أشرنا إليه في البداية.
وحرص صانع الفلم على تجويد محاكاة الفترة الزمنية التي تدور فيها الأحداث، عام 2004م، فتذهب الكاميرا إلى الأماكن الحقيقية التي برزت في تلك الفترة، وتصوِّر الأحداث ضمن البيوت، والشوارع، والسيارات، ومدرسة البنات، وقسم الشرطة وغيرها، كما كان كل شيء في تلك السنة. وهي سنة ليس بعيدة كثيراً عنا الآن، لكن استرجاع التفاصيل الخاصة بها والمحافظة عليها تتطلب تركيزاً مكثفاً حتى لا يظهر ما يخل بزمن الرواية.
تميَّزت تلك الفترة الزمنية بتأثيرات التطرف الديني الذي أحدث تغييراً كبيراً في مفهوم الصحوة الدينية. وبسببه اختلت المفاهيم لدى الشباب المنحازين والمنضمين للتيارات الدينية المتطرفة. ولكن الفلم لم يكن واضحاً في طرحه، وبدا الأمر وكأنه إقحام غير متجانس مع قصة الفلم. فالحوار الذي يجري في المسجد يبدو حواراً منفصلاً لا يمت لقصة الفلم بصلة، رغم أنه مهم، إذ نخرج منه بفهم لمدى تأثُّر الشباب بشيوخهم، (وفاة الشيخ راجح). ورغم ما في المشهد من إجادة في الحوار والملابس والمكياج الذي بدا طبيعياً، نبقى نتساءل: من هما هذان الشخصان؟ الفلم لا يقدِّم تمهيداً منطقياً للتعريف بالشخصيتين.
تأصيل الواقعية
تشدِّد التفاصيل البصرية في هذا الفلم على جعله يبدو حقيقياً بلغة فنية تلامس الواقع. فبداية من عنصر التمثيل الطبيعي الذي أتقنه الممثلون جميعاً، فبدوا في حالة تقمص كاملة، إلى الاهتمام بدقائق الخصائص الاجتماعية التي تميِّز أهل منطقة الرياض، مثل العلاقات بين أصحاب المحال التجارية، والعلاقة بين شاب وفتاة تربطهما علاقة حُب ووعد بالزواج ضمن العادات والموروث الاجتماعي، وصولاً إلى الأماكن الحقيقية والاستعاضة عن مواقع التصوير المصنوعة، كل ذلك يعزِّز الشعور بالمصداقية الفنية والصناعة السينمائية المجوّدة.
كما أن فهم "أبرار" لحالة خطيبها "ماجد"، وتفسيراتها لما يحدث له بحس أنثوي يرجح أن ماجد بصحة جيدة، هو أيضاً من النقاط التي تقرِّب من الواقعية، إنه إحساسها الصادق، والتفسير الواعي بالمنطق العقلاني الأنثوي... (النسيان رجل والذاكرة امرأة) هكذا قالت أبرار لماجد.
وفي مشهد مهم، نرى شخصاً يدعى مروان، خارجاً من السجن، يقابل ماجداً ويقول له إنه مدين له بنصف ما يملك، وإن لديه يومين لتسديد ما عليه. ولا يكون هناك مبرر واضح لذلك التهديد.
في كل تلك الأحداث يحاول المتفرج إيجاد إجابة عن أسئلة من نوع: ما هو مبرِّر جريمة القتل التي حدثت؟ ومن هو القاتل؟ ولماذا يريد القاتل توريط ماجد والزج به في السجن؟
في المشهد الأخير من الفلم يكشف صديق ماجد، لامي، عن دافعه لقتل مروان، وتوريط ماجد في ذلك، فيقول: "أحياناً تحس بأن شيئاً خانقك، تحس أنك لا تستطيع أن تكمل حياتك إلا إذا قتلته. تقتله ليس حتى تفوز، حتى تتعادل؛ فقط تتعادل".
ينتهي الفلم ولا تزال الأسئلة حائرة..
المُخرج والفِلْم
• حصل المخرج عبد العزيز الشلاحي على جائزة أفضل مخرج في مهرجان الأفلام السعودية عام 2016م.
• من أبرز أفلامه «عطوى» 2015م، و«كمان» 2016م، و«المغادرون» 2017م.
• بلغت تكلفة إنتاج فلم "المسافة صفر" نحو 350 ألف دولار.
• حاز جائزة أفضل سيناريو في مسابقة أيام الفلم في عام 2017م. وجائزة أفضل فِلْم روائي طويل في مهرجان أفلام السعودية 2019م. وجائزة أفضل إنجاز سينمائي في مهرجان الإسكندرية السينمائي 2019م.
• وشارك في المسابقة الرسمية في الدورة الثانية من مهرجان الدار البيضاء للفلم العربي الذي حاز فيه الممثل خالد الصقر شهادة.
• وشارك في الدورة السابعة من مهرجان الشارقة السينمائي الدولي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.