علي مدار سنوات عمره التي تقترب من الأربع والعشرين عاما تعرض مجلس الشوري لانتقادات عنيفة وهجمات حادة من جانب الكثيرين الذين طالبوا بإلغائه أكثر من مرة مؤكدين أنه ليس مجلسا تشريعيا ولا يفرق دوره كثيرا عن الدور الذي تقوم به المجالس القومية المتخصصة، وأنه مجلس للصفوة العلمية التي تكتب تقاريرها من المكاتب المكيفة وليس من الواقع الأليم الذي يعيشه الناس، بالإضافة إلي أن اراءه وتقاريره ليس لها فائدة، ولم يكن لها دور ملموس علي مسيرة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في مصر. لذلك كان لابد أن نطرح هذه القضية للمناقشة من خلال معرفة الدور الحقيقي لمجلس الشوري، وفقا لما حدده الدستور من مهام واختصاصات، وكذلك رد المسئول الأول عن هذا المجلس علي ما أثير ضده من انتقادات حادة وحملات شرسة. د. مصطفي كمال حلمي رئيس مجلس الشوري يرد علي كل الانتقادات التي وجهت للمجلس قائلا: عندما بدأنا العمل في المجلس عام 1980 كنا نركز علي إعداد التقارير المتخصصة، حيث كان الجانب التشريعي ضعيفا، رغم أن المجلس يضم 40 من صفوة رجال القانون إلي جانب وجود تمثيل للمرأة والصحافة، لكننا واجهنا انتقادات عنيفة وتساءل الكثيرون: هل يقتصر دوركم علي إعداد التقارير فقط، وإذا كان ذلك فما الفارق بينكم وبين المجالس القومية المتخصصة؟!.. ولو تمعنا في الدستور والقانون لوجدنا أن به نصا يشير إلي: "وأي قوانين أخري يحيلها رئيس الجمهورية إلي مجلس الشوري إلي جانب الموازنة". وتساءلنا: ما القوانين المكملة للدستور ولما لم نجد إجابة أرسلنا إلي المحكمة الدستورية العليا، لكن لم يأتنا رد محدد ولم نفهم شيئا منه.. وفي ذلك الوقت لم تكن الموازنة العامة للدولة تعرض علي مجلس الشوري، رغم مطالبات الكثير من النواب بذلك وكان في مقدمتهم المرحوم مصطفي كامل مراد رئيس حزب الأحرار، وكان ممثل الحكومة يقول لنا: لكم إبداء الرأي في خطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، إلا أنني قمت برفع الأمر للرئيس حسني مبارك وعندما رأي أداء المجلس المتميز حسم الأمر، وأصدر قرارا بأن تحال جميع مشروعات القوانين لمجلس الشوري، وهذه نقطة تحول جذرية في تاريخ المجلس، ونتيجة لذلك بدأنا نمارس دورنا التشريعي. ولذلك أقول وبكل الثقة أنه لا صحة علي الإطلاق أن هناك قوانين يتم إقرارها في "غمضة عين"، بل تتم دراستها في اللجنة التشريعية وبقية اللجان المتخصصة ثم يطبع التقرير ليعرض في الجلسة العامة ويناقشه كل النواب من المستقلين والمعارضة والأغلبية، ثم تقوم الحكومة بالرد علي ما يثار تحت القبة، بعدها أقوم برفع الأمر للرئيس مبارك ليس بالموافقة كما يتخيل البعض، وإنما نؤكد لسيادته أنه "بالإحاطة إلي مشروع القانون الوارد إلينا وافق المجلس عليه بعد دراسته، وهذا رأي المجلس والتعديلات التي أدخلها حتي علي الديباجة". وبعد ذلك أقوم بإرساله إلي د. فتحي سرور رئيس مجلس الشعب، ود. عاطف عبيد رئيس الوزراء، والحق يقال إن مجلس الشعب يتعامل مع تقاريرنا حول القوانين بمنتهي التقدير والاحترام، وللعلم فقد ناقشنا خلال الست سنوات الماضية 116 مشروع قانون، وهذا يعد كما قلت تحول جذري للمجلس ودوره في التشريع، والفضل في ذلك للرئيس مبارك صدقا وأمانة. أضاف د. مصطفي كمال حلمي قائلا: كما أصبح من حق مجلس الشوري الحق في مناقشة الاتفاقيات الدولية، وأصبحنا نواجه نقدا حتي في داخل اللجنة العامة للمجلس نفسه، بسبب نقص التقارير التي يصدرها المجلس، والتي كان للمجلس فيها دور مميز وفعال جدا في تحقيق العديد من الإنجازات، ويكفي أن نشير إلي أن تقرير تبسيط وتيسير إجراءات التقاضي، والذي أعدته اللجنة الدستورية والتشريعية، وقت أن كان رئيسها المستشار عبدالرحمن فرج محسن وكيل المجلس حاليا كان التقرير الأول الذي أشار إلي محكمة الأسرة، وهو ما تم إقراره مؤخرا، ثم المجلس القومي للمرأة، وأشار أيضا إلي قضية أبناء المصريات المتزوجات من أجانب، وهو ما تمت الموافقة عليه مؤخرا وحصل هؤلاء علي حقوقهم كاملة، وهذا يدل علي أن كل هذه حقائق تشير إلي البعد الاجتماعي العميق، الذي تتميز به تقارير مجلس الشوري بما يؤكد أنه مجلس يناسب له دور تشريعي فعال. أوضح د. حلمي أن المجلس يرحب بالنقد البناء الذي يعالج السلبيات حتي تصبح الأمور أكثر فعالية، لأننا نمثل الشعب بكل همومه وقضاياه، حيث إن المجلس يضم 64 عضوا حاصلون علي الدكتوراه في: القانون والاقتصاد والطب والهندسة والعلوم، ورغم ذلك فإنني لست من المؤيدين لما يردده البعض أننا مجلس للصفوة، لكنه مجلس وطني سياسي لا نكتب تقارير من فوق المكاتب المكيفة، لكن يشارك فيها ممثلو 6 أحزاب و15 سيدة و15 نائبا مستقلا، وهؤلاء يحركون المجلس كله لأنهم قمم يمثلون الأساتذة والسياسيين والمنظمات العمالية، ومن هنا يأتي دورنا كجزء من شعب عظيم في الديمقراطية، ولهذا أقول أيضا: إنني أعترض بشدة علي من يدعون أن رأي مجلس الشوري ليس له "لازمة"، ولعل أبرز الأدلة علي كذب هذه الادعاءات أن المحكمة الدستورية العليا حكمت بعدم دستورية قانون الجمعيات الأهلية، رغم إقراره في مجلس الشعب، بسبب عدم عرضه علي مجلس الشوري، كما كانت لنا وقفة شجاعة في مناقشة قانون المشروعات الصغيرة، وعندما اعترضنا علي بعض المواد حضر إلينا 15 وزيرا وعلي رأسهم رئيس الوزراء واستجابت الحكومة للتعديلات التي اقترحناها، وسوف نحاول خلال الفترة المقبلة أن نرسي للمجلس اختصاصات تشريعية ورقابية لتفعيل دوره علي الساحتين السياسية والتشريعية. مجلس الشوري الأمانة العامة مؤشرات وبيانات إحصائيات عن أنشطة المجلس خلال دور الانعقاد العادي الرابع والعشرين في الفترة من 12/11/2003 إلي 6/4/2004 عقد المجلس خلال الفترة من 12/11/2003 إلي 6/4/2004 59 جلسة، وبلغ عدد كلمات السادة الأعضاء فيها 1636، بالإضافة إلي الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب والشوري بمناسبة بدء دور الانعقاد للاستماع لبيان السيد رئيس الجمهورية الذي ألقاه سيادته في 19/11/2003، وعقدت لجان المجلس 306 اجتماعات بخلاف اجتماعات اللجان الفرعية ومجموعات العمل. وقد أحيل للمجلس 26 مشروع قانون تمت مناقشتها باللجان المختصة وإعداد التقارير الخاصة بشأنها، وعرضت جميعها علي المجلس، وتم رفع رأي المجلس في شأنها للسيد رئيس الجمهورية وإرساله إلي كل من السيد الأستاذ الدكتور رئيس مجلس الشعب والسيد الأستاذ الدكتور رئيس مجلس الوزراء. كما ناقش المجلس 50 قرارا جمهوريا خاصا باتفاقيات مع دول أو جهات أو منظمات أجنبية. وانتهي من مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بدراسة بيان السيد رئيس الجمهورية. بالإضافة إلي تقريرين من تقارير اللجان النوعية. كما وافق المجلس علي تقريري لجنة الشئون المالية والاقتصادية حول الحساب الختامي للمجلس عن السنة المالية 2002/2003، والحساب الختامي لقطاع الأموال والأملاك عن السنة المالية 2002/2003. وخلال هذا الدور قامت لجان المجلس بعدد 7 زيارات ميدانية لمواقع العمل والإنتاج بالمحافظات المختلفة، واستقبل المجلس 8 وفود برلمانية، كما شارك 14 وفدا من المجلس في مؤتمرات برلمانية بالخارج. وقد حضر جلسات المجلس 31 من السادة الوزراء بلغ عدد مرات حضورهم 273 مرة.