ترجح صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية أن يواجه السودان مشاكل متعددة إذا ما اختار أهالي الجنوب فصله عن شماله، وتشير إلي أن الجنوب سيأخذ معه 80% من الثروة النفطية، وهذا ما لا يمكن أن تسمح به الحكومة السودانية في الخرطوم. وتضيف لوس أنجلوس تايمز أن أهالي الجنوب السوداني يعيشون في مناطق مختلفة ما بين الصحاري والأدغال، وقد فعل بهم الجوع والإهمال والحرمان والحرب الأهلية الأفاعيل، فعاشوا في معاناة مستمرة منذ عقود، حيث تتناثر في أراضيهم المقابر الجماعية هنا وهناك. ويعيش جيل من الأيتام الذين فقدوا آباءهم في الحرب التي أكلت الأخضر واليابس في البلاد غير المستقرة التي ينتظر أهلها المجهول، حيث ينتظر أن تنقسم أمة أفريقية كبيرة إلي قسمين، قسم بغالبية مسلمة في شمال السودان، وآخر بغالبية مسيحية في جنوب السودان. وبينما يتوقع أن يدلي قرابة 3.2 مليون شخص من أهالي جنوب السودان بأصواتهم في الاستفتاء في التاسع من الشهر الجاري بشأن انفصاله من عدمه، أشارت لوس أنجلوس تايمز إلي أن الحرب الأهلية الأخيرة في السودان أسفرت عن مقتل أكثر من مليوني شخص ما بين عامي 1983 و2005. وأما مشاعر الحقد الدفينة بين أهالي شمال السودان وجنوبه فقد زادت من عوامل الفرقة بين الطرفين المتنازعين، وقللت من فرص التعايش المشترك، في ظل مخاوف من أن يستغل المتطرفون الفوضي التي قد تتبع الانفصال، ما من شأنه أن يدفع إلي اندلاع صراع جديد في المنطقة. وسبق أن واجه حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان اتهامات بمحاولة تأخير موعد الاستفتاء الحالي وبتسليح ميلشيات موالية للخرطوم، كما فعل في إقليم دارفور، واتهامات أخري بالإغارة الجوية علي مناطق حدودية تسيطر عليها قوات تابعة للحركة الشعبية لتحرير السودان. وتقوم واشنطن والعواصم الغربية الأخري بالتلويح بتهديدات ضد الرئيس السوداني عمر البشير في نفس اللحظة التي توفر له حوافز اقتصادية، في سبيل تجنيب السودان مواجهة أي حروب محتملة وتجنيب البلاد أي كوارث إنسانية جديدة. ويقول بيتر بشير باندي من أهالي جنوب السودان إن الانفصال سيحدث لا محالة، وإن الشماليين يتخذون أهالي الجنوب رهائن حتي يتحقق للخرطوم ما تريد. وأما الصحيفة فتشير إلي أن الثروة النفطية المتركزة في الجنوب تبقي بحاجة إلي أنابيب النفط في الشمال كي توصلها إلي حيث التصدير إلي العالم الخارجي، وأن أهالي السودان شماليهم وجنوبيهم مثلهم مثل عائلة تتخاصم بشأن بئر من الماء لا انفكاك لأي منهم عن الآخر. وأما المحلل السياسي في جامعة أفريقيا الدولية في الخرطوم مهدي ذهب فيقول إن أبيي علي فوهة بركان، مضيفا أنه إذا ما اندلعت حرب أهلية إثر انفصال جنوب السودان، فإن الطلقة الأولي ستكون من أبيي. ويضيف ذهب أن البشير سيواجه ضغوطات أكثر من الداخل والخارج علي حد سواء، ولعل أبرزها التغيرات في أنماط الحكم والعيش التي قد تحدث في شمال البلاد بعد انفصال الجنوب بمسيحييه، بحيث يصبح الإسلام في شمال السودان هو دين الدولة والعربية هي لغتها الرسمية. وبينما أشار الكاتب جوزيف أبيوك من أهالي جنوب السودان إلي ما وصفها بظواهر الفساد المستشري في الجنوب بشكل كبير، أضاف أن الجنوبيين يعيشون علي أحلام قائدهم الراحل جون قرنق الذي قضي بحادث تحطم مروحيته عام 2005 قبل عدة شهور من توقيع اتفاقية السلام بين الجانبين. وأما المواطن الجنوبي أغوك دينغ فينتظر الانفصال بفارغ الصبر، حيث يربت علي الأرض ويقول إن كل ما يريده هو تلك الأرض وإنها أرض "السود" وإنه لن يسمح للشماليين بأخذها مرة أخري.