تباينت أسباب الأزمة الحالية داخل حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، التي تعيش في ذكري انطلاقتها ال46 ما يوصف بأحد أسوأ خلافاتها الداخلية، بين قطبين بارزين فيها، الأول قائدها العام ورئيس السلطة محمود عباس (أبو مازن) والثاني النائب والمسئول البارز فيها محمد دحلان. وبينما تهدد الأزمة بمزيد من الانقسامات الداخلية في الحركة، تقول فتح إن ظهور خلافاتها يعني أنها تتعامل بشفافية وديمقراطية. وفي مقابل ذلك يري محللون وباحثون أن فتح هي التنظيم الفلسطيني الوحيد الذي تظهر خلافاته علانية، مشيرين إلي أن الخلافات مرشحة لمزيد من التفاقم في ظل الخلاف الذي أبرزته الأيام الماضية بين عباس ودحلان. وفي هذا السياق، يرجع المحلل السياسي فتحي صباح السبب الرئيسي للخلاف إلي عدم وجود وحدة فكرية بالحركة التي تضم مشارب فكرية وسياسية مختلفة، مشيراً إلي أن الخلافات برزت حين عارض بعض قادة فتح التاريخيين اتفاق أوسلو. ورأي صباح أن أخطر ما في هذه الخلافات هو المصالح التي تبرز في بعض الأحيان، مبيناً أنه في فترة الخلافات الفكرية كان يمكنهم التعايش والاتفاق علي الحد الأدني. وذكر أن فتح "الحركة الوحيدة التي تظهر خلافاتها علنا وفي وسائل الإعلام رغم أن بقية الفصائل الفلسطينية تتكتم علي خلافاتها وتحلها بشكل سري"، مرجعاً ذلك "للديمقراطية التي تشجع عناصر فتح علي جعل الخلاف علنيا ويناقش عبر وسائل الإعلام أو أنه يعكس حالة من الفوضي داخل الحركة وعدم مراعاة مصالح الحركة وسمعتها". وأضاف صباح أن قضية الخلاف الحالية بين عباس ودحلان ظلت تسريبات صحفية إلي حين صدور بيان اللجنة المركزية للحركة الذي أكد لأول مرة ما كانت تتحدث عنه التسريبات والأخبار. من جانبه، ذهب المحلل السياسي إبراهيم المدهون إلي أن صراع القوي داخل فتح قديم، "إلا أن الأزمة والجمود في عملية السلام وانعدام الخيارات أمام السلطة أجج الخلافات وأوجد قلقا في رئاسة السلطة نتج عنه توتر اتجاه تحركات محمد دحلان". وأضاف "مشكلة دحلان من وجهة نظر الرئيس عباس أنه لا يقتنع ولا يكتفي بوجوده في صفوف قيادة فتح ولجنتها المركزية، بل يتطلع ويطمح دائما للتفرد بهذه السلطة ويعمل علي امتلاك أدواتها من خلال احتكار المال والإعلام والقوة المسلحة". ويعتقد المدهون أن الخلافات بفتح أكبر من أن تحتوي أو تغطي، فهناك صراع حقيقي للتفرد بالسلطة والحصول علي مكتسبات علي حساب الآخرين من قبل بعض الأطراف في حركة فتح، متوقعاً أن تشهد المرحلة المقبلة مزيدا من الخلاف العلني بين أطراف فتح. في المقابل قال عضو الكتلة البرلمانية لفتح وأحد أبرز قادتها بغزة فيصل أبو شهلا إن حركته حركة شعبية تنتهج الأسلوب الديمقراطي الشفاف، معتبراً أن ظهور الخلافات في فتح نوع من الشفافية وأن حركته ليس لديها ما تخفيه في الكواليس. وأضاف "نختلف علي الهم الوطني وليس علي المصالح الشخصية، وخلافاتنا دائما في الاجتهادات لكن داخل الإطار"، مشيراً إلي أن حركته لا تمارس "التقية كبعض الفصائل في خلافاتها الداخلية". وأشار أبو شهلا إلي أن النظام الداخلي يحكم العلاقات داخل أطر الحركة، وهناك محكمة حركية لأي خلافات ولها قوة استقلالها، مستبعداً ان يؤثر الخلاف علي حركته ويضعفها بل توقع أن يقويها "لأنها متماسكة علي النهج والفكرة".