في أعقاب إعلان شبكة "فوكس" الدولية التابعة لمؤسسة "نيوز كوربوريشن"،التي يملكها روبرت موردوخ،عن تعاونها مع "روتانا للخدمات الإعلانية" لإطلاق مجموعة من قنوات فوكس العالمية عبر مجموعة "روتانا"،بات من الطبيعي والمنطقي أن تصبح "روتانا"مسئولة ضمنياً عن محتوي الأفلام التي تبثها لجمهور قيل إن حجمه يقدر في منطقة الشرق الأوسط وحدها بنحو 250 مليون مشاهد؛فالأفلام التي تحط من شأن العرب بحاجة إلي مراجعة،وكذلك تلك التي تثير الفتن،وتتعمد الايقاع بين الدول العربية. ومن غير المعقول أن تبث "فوكس روتانا" فيلم "أكاذيب حقيقية"(1994) بطولة آرنولد شوارزنيجر وجيمي لي كيرتس،وهو الذي لاقي انتقادات عنيفة،في أعقاب عرضه العالمي الأول،من قبل حكومات عربية ومنظمات حقوقية عربية أمريكية وصفت الفيلم بأنه يمثل اساءة للعرب،ويناهض الإسلام،كما يكرس لدي الغرب صورة العرب الأشرار الذين يفسدون العالم،وهو ما دفع الناقد العربي الأصل جاك شاهين إلي وصفه بأنه :"أبشع صورة للعرب في عيون الأمريكيين"؛فأحداث الفيلم "الأكذوبة"،الذي أخرجه جيمس كاميرون،قبل أن يستعيد وعيه الضائع،ويدرك حجم ما اقترفته السياسة الأمريكية من جرائم في حق العرب وتزييف لوعي الشعب الأمريكي وشعوب العالم،يرصد جماعة مقاومة عربية،يتهمها بالحمق والغباء،ومن ثم أصبح من الخطورة بمكان أن تقع قنبلة نووية في أيدي أفرادها،ولهذا يلجأ الفيلم إلي تخويف العالم من خطورتهم بالقول إنهم هددوا بتفجير مدينة فلوريدا الأمريكية،وإعلان الجهاد ضد المدنيين الأمريكان، وهو ما فعله بالضبط مالك أرت الممثل البريطاني الجنسية صاحب الجذور الهندية في أحد مشاهد الفيلم،وهو يجسد شخصية العربي سالم أبو عزيز،عندما خاطب العالم بأن أحداً ،حتي الأطفال والنساء لن يفلت من القتل علي أيدي جماعته "الجهادية" (!) قبل أن ينجح السوبر الأمريكي"أرنولد"،ومعه ابنته وزوجته،في تخليص العالم من هؤلاء الإرهابيين،وعلي رأسهم زعيمهم "الغبي"،الذي لم يكتف صناع الفيلم باطلاق "رصاصة الرحمة" عليه،وانما اغتالوه بصاروخ في مشهد ليس له مثيل في السينما العالمية، منذ فجر التاريخ ! هذا هو مضمون الفيلم الذي احتفت به "فوكس" برعاية "روتانا"،والذي أجمع كل من شاهده وقت عرضه علي أنه قدم العرب في صورة مخزية،كما اتخذت عدة دول عربية،من بينها مصر، قراراً بحظر عرضه،وكتب النقاد الأمريكان وقتها أن "أرنولد شوارزينجر لم يترك فرصة لوجهة نظر محايدة؛فقد وضع سكينه علي رقبة المواطن الأمريكي،وادعي أنه يخيره بين حبه للعرب وكرهه لهم" ! في المقابل،وفي خطوة صادمة وفاضحة،عرضت قناة "روتانا سينما" علي جمهورها،الذي يقدر ب 250 مليون مشاهد،حسب ادعاءاتها،فيلم "عندليب الدقي"،بعدما تعمدت حذف المشهد الذي يقوم فيه بطل الفيلم محمد هنيدي الذي يجسد دور رجل الأعمال الخليجي الرافض للتطبيع،والفاضح للمؤامرة الصهيونية علي المنطقة العربية،بقذف العلم الاسرائيلي بمطفأة السجائر،وعلي النهج نفسه قامت "روتانا" بتخفيف المشهد الذي يصور مشاهد الانتفاضة الفلسطينية علي شاشة التليفزيون،وهو المشهد الذي أثار حمية البطل،وأجج ثورته ضد الذين أرادوا حبك المخطط ضده،لكنها الحمية التي لم تجد لنفسها مكاناً لدي القناة،التي شاركت ،وياللعجب،في انتاجه مقابل حصولها علي حقوق التوزيع الخارجي،وامتلاك أصول الفيلم نفسه بعد انتهاء حقوق التوزيع الداخلي التي لا تزيد عن خمس سنوات،وكأنها أنتجت الفيلم ليصبح لها مطلق الحرية في التنكيل به،وتمزيق أوصاله !الربط بين الواقعتين يكشف الكثير من الخبايا والأسرار،كما يؤكد عمق "التعاون الاستراتيجي" بين شبكة "فوكس" وشركة "روتانا" للخدمات الإعلانية،والتقاء الرؤي،والتفاهم المشترك،بين الجانبين حيال بعض القضايا السياسية،خصوصاً ما يتعلق بالصراع العربي الاسرائيلي (!) ولعلها النقطة التي تفسر لنا ما كان يعنيه "وارد بلات" رئيس شبكة "فوكس" الدولية في آسيا والشرق الأوسط ،عقب إعلان توقيع الشراكة،بقوله :"الشراكة ما بيننا وبين "روتانا" ستعود بالكثيرمن الفوائد علي الطرفين" !