كتب : مصطفى ان قضية الوحدة والانفصال الآن تمثل محوراً مهماً هذه الأيام في الساحة السودانية والصعيد الدولي والعالمي بما فيها من ترتيبات ما بعد الاستفتاء والقضايا العالقة والتي تشكل جدلاً واهتمامًا كبيرين بين القوي السياسية في السوان، وخاصة شريكي الحكم حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وايضا تأخذ اهتماما دوليا واقليميًا كبيرا وتعد قضيتي الوحدة والانفصال بالسودان الآن هي الحديث الذي يأخذ اهتمام جميع القوي السياسية داخليا وخارجيا وايضا أجهزة الاعلام المحلية والعالمية. ومن هنا نجد أن شريكي الحكم عليهما دور وعبء كبير من أجل اكمال ما بدأه من مشوار عقب توقيع اتفاقية السلام الشاملة بنيفاشا 2005 والعمل سويًا من أجل الحد من الخلافات بينهما حيث اننا وصلنا إلي اخر محطات بنود الاتفاقية وهي الاستفتاء علي تقرير المصير والمقرر له التاسع من يناير 2011 والذي لم يتبق عليه إلا أقل من ثلاثة أشهر. وبالرغم من ذلك هناك كثير من القضايا والمشكلات التي لم تحل مثل الجنسية والعملة والخدمة العامة والقوات المشتركة والديون والمعاهدات الدولية والأصول والنفط والمياه والتي لابد من حلها حتي لا تؤدي هذه القضايا إلي عودة البلاد إلي مربع الحرب مرة أخري بغض النظر عن نتائج الاستفتاء. وبالرغم من التأكيدات المستمرة من قبل شريكي الحكم باحترامهما لما سيسفر عنه الاستفتاء من نتائج والالتزام بقيامها في موعدها المحدد كما نصت عليه الاتفاقية من أجل الانتقال السلمي بالبلاد من المرحلة الحالية إلي مرحلة ما بعد الاستفتاء وجعل الوحدة جاذبة إلا اننا نجد أصواتاً تعلو من قيادات الحركة والدعاية للانفصال إلي التأكيد علي عملية الانفصال والعمل من أجل بما يخالف ما نصت عليه الاتفاقية الموقعة بين شريكي الحكم وهو العمل من أجل الوحدة الجاذبة. ولذلك نجد الخلافات بين شريكي الحكم ومع قرب موعد الاستفتاء تأخذ حيزا أكبر وبدأت تعلو الأصوات بشكل لافت للنظر حول القضايا التي ذكرتها من قبل عن ترسيم للحدود والديون. مما أدي ذلك إلي اثارة الرأي العام المحلي والاقليمي والعالمي وبرزت لذلك العديد من الاتجاهات والتي تنادي بضرورة حل المشكلات وأخري تنادي بعد حلها والتي ستؤدي إلي مزيد من الاحتقان ولذلك تدخلت العديد من القوي الخارجية من أجل مزيد من التوتر بين شريكي الحكم والتي تعمل من أجل اجندتها الخاصة والتي اصبحت تصدر قرارات تدعم مسألة ضرورة الانفصال. وهنا اؤكد أن حزب المؤتمر الوطني يعمل ويعلن دائمًا عن انه يعمل من أجل الوحدة الجاذبة وقدم العديد من الحواجز والتنازلات والتجاوزات من أجل حل جميع المشكلات من أجل ذلك لكن المتابع للعلاقة بين الشريكين يجد ويلاحظ أن هناك تعنتاً واضحاً من قبل بعض قيادات الحركة الشعبية والمؤيدة للانفصال بصورة واضحة بدون النظر إلي كثير من المتغيرات الداخلية الطبيعية والخارجية ويأتي هذا التعنت من قبل الحركة الشعبية كما يري المراقبون بسبب انها تفتقد للتجربة والرؤية السياسية الواضحة والذي ظهرت بوضوح في خطابها السياسي ايضًا والخطط الاستراتيجية لبناء الدولة الحديثة وكلها عوامل تساهم في إيجاد عدم توازن سياسي وقانوني من أجل حسم الصراع الدائر بين متخذي القرار داخل قيادات الحركة الشعبية ولذلك نجدها تعمل وفقًا لأجندتها الخفية الخاصة بها والتي اخرجتها عن نص اتفاقية السلام الموقعة والتي تؤكد علي أن يعمل شريكا الحكم من أجل الوحدة الجاذبة لذلك نجدها لم تستفد من الفترة الانتقالية السابقة منذ توقيع الاتفاقية في 2005 ولم تعمل مطلقًا من أجل وحدة السودان كما نصت عليها واخذت ترحل مواطني الجنوب وتنادي بالانفصال واصبحت هذه الأصوات تعلو يومًا بعد يوم مما يؤكد انها تريد أن تسعي لتحقيق أهداف خارجية من أجل تحقيق أجندة هذه القوي ولذلك نجدها لا تعمل من أجل مصلحة المواطن الجنوبي وتتمسك بالاستفتاء علي تقرير المصير في موعده لتحقيق هذه الأجندة. ولابد هنا للاشارة إلي انه كما ان هناك مزايا كثيرة للوحدة ايضا هناك سلبيات كثيرة وخطيرة تدعو إليها القيادات الانفصالية بالحركة الشعبية ولذلك بدأت تزداد المخاوف والمخاطر مع اقتراب موعد الاستفتاء المقرر وخاصة انه سيجري تحت رعاية الحركة الشعبية والتي تشير كل الدلائل بأنه لن يكون نزيهًا وحرًا من أجل تحقيق الانفصال والذي سيؤدي إلي عدم استقرار الجنوب والذي من المتوقع أن يشهد صراعًا قبليًا عميقًا والتي بدأت مؤشرات تظهر الآن وخاصة أن كل الدلائل تؤكد انه مع ميلاد الدول الجديدة بالجنوب القائمة علي غير أسس سليمة ستكون ضعيفة مما يؤكد علي قيام صراع بين الدولة الوليدة ودول الجوار مثل أوغندا وكينيا وايضا بينها وبين الشمال وخاصة إذا ما تم الانفصال دون حل القضايا العالقة والتي لم تحل بينها دولة الجنوب الجديدة والشمال وسيمتد تأثير هذا كله علي المنطقة كلها. لكن إذا ما صوت الجنوبيون للوحدة فستكون هناك مساواة بين كل مواطني البلاد بالتساوي ويكون لهم جميع الحقوق والواجبات ولن يكون هناك مواطن درجة أولي وآخر ثانية كما تدعي الحركة الشعبية وتعلن ذلك. ولذلك لابد لشريكي الحكم في الشمال والجنوب ان يتحاورا لحل المشاكل العالقة بينهما بالتفاهم والعمل من أجل الوحدة والاستقرار وأن تشارك كل القوي السياسية بالبلاد للعمل من أجل الوحدة والاستقرار وهذا لن يأتي إلا بالعمل سويا من أجل تدعيم الوحدة خلال الأشهر القليلة القادمة قبل الاستفتاء علي حق تقرير المصير للجنوب وأن تهيأ الأجواء من أجل أن تكون الوحدة جاذبة وأن تترك الحريات كاملة مدعاة الوحدة بالجنوب للتيسير عن رأيهم بقوة وشفافية وحرية وطرح خياراتهم بدون حجر وأن تستثمر الجهود الداخلية وايضا المجتمع الدولي من أجل تكثيف العمل خلال الفترة المتبقية لتنفيذ ما تبقي من بنود الاتفاقية والسلام الشامل. وأن يعمل شريك الحكم بشكل جيد ووضع مصلحة السودان العليا فوق كل شئ وأن يتم الاستفتاء في جوهر وشفاف حتي يدلي المواطن الجنوبي بحرية ويتم الاعتراف بنتائج الاستفتاء مهما كانت من قبل الشريكين والمجتمع الدولي حتي لا تعود البلاد إلي مربع الحرب مرة أخري ويعم السلام والتنمية بالسودان.