رغم العبارات التي تسود الساحة السودانية من وقت لآخر في صورة تصريحات متناغمة بين شريكي الحكم... إلا أنه سرعان ما تخرج تهديدات من هنا ووعيد من هناك .. في اتهامات متبادلة حول استحقاق الاستفتاء حول انفصال الجنوب المقرر عقده في يناير القادم »بحسب اتفاق نيفاشا«.. ويكبر الخلاف ككرة ثلج متدحرجة حتي تتدخل مؤسسة الرئاسة وتعيد الأمور إلي مربع هادئ. الاجتماع الأخير لمؤسسة الرئاسة حول الاستفتاء ومفوضيته أعطي دفعة قوية للمفوضية حيث أعلن عن ترشيح أمينها العام "مثار الخلاف"،..والذي كانت تصر الحركة الشعبية علي أن يكون من عضويتها.. وقد تنازلت مؤخراً عن هذا المطلب شريطة أن يكون نوابه من الجنوب.. واعتبر القرار بمثابة إنجاز مهم حتي تفي المفوضية بالمهام الموكلة إليها والاستفادة من الزمن القصير المتبقي لإتمام كافة الإجراءات الضرورية لإجراء الاستفتاء.. إلا أن كثيرا من المراقبين يشيرون إلي أن الهاجس الأكبر بين شريكي نيفاشا هو ألا يقام الاستفتاء في موعده المحدد، بسبب العقبات الكثيرة التي يري الطرفان أنها ما زالت تعيق التحضيرات للعملية سواء ما يتعلق بمفوضية الاقتراع وتكوينها، أو ما يتعلق بعملية التصويت نفسها، أو بالمسائل الخلافية التي لم تحسم كالبترول والحدود . لكن الغريب في الأمر أنه مع الدعم الكامل الذي أقرته مؤسسة الرئاسة بطرفيها الشمالي والجنوبي، إلا أن تصريحات منفلتة برزت من جانب الحركة الشعبية، توقعت أن يؤدي الاستفتاء إلي انفصال إقليمجنوب السودان وقيام دولة جديدة، واندلعت أزمة جديدة بين الشريكين بسبب تلك التصريحات وتبادل الطرفان اتهامات حول النزاهة والحرية وافتعال العقبات أمام لجنة ترسيم الحدود، وذهبت الحركة إلي الوعيد بخيارات مفتوحة إذا ما استمر شريكها المؤتمر الوطني في هذه الممارسات . وفي هذا الصدد ذهب دينق ألور وزير التعاون الإقليمي في حكومة جنوب السودان في تصريحات له إلي إن »المؤتمر الوطني« ينتهج أساليب تكتيكية لتعطيل العملية المقرر لها في يناير المقبل . وأكد ألور أنه من مصلحة الجميع قيام الاستفتاء في موعده بالتي هي أحسن، وحذر من أنه إذا كانت هناك عقبة سياسية مقصود منها تعطيل الاستفتاء، فإن الحركة ستكون لها خيارات “وخيارات كثيرة جداً” . وقال ياسر عرمان المسئول الكبير في الحركة الشعبية لتحرير السودان “حزب المؤتمر الوطني ليست لديه الإرادة السياسية لاتخاذ قرارات، إنهم يضيعون الوقت، بلجنة بعد لجنة، نهاية اللعبة هي عدم إجراء الاستفتاء في الموعد المحدد” . والشاهد أن هذه التصريحات المتبادلة لا تفضي بالضرورة إلي مواقف متبناة من الطرفين، وربما كانت وفقاً لأحد المراقبين زخماً سياسياً ضرورياً لملف الاستفتاء نفسه، وأشار إلي أن الأمر محسوم بين الطرفين خلافاً لما يتسرب عبر وسائل الإعلام . دور الجامعة العربية هذا الملف والذي له أهمية خاصة لدي جامعة الدول العربية وضعناه أمام السفير صلاح حليمة مبعوث الجامعة الي السودان والذي أكد أن الحديث عن إجراء الاستفتاء علي تقرير مصير جنوب السودان أو تعديله مازال محل نقاش وأن هناك اتفاق سلام يتضمن موعدا محددا لإجراء الاستفتاء في يناير 2011. وقال إن (الحركة الشعبية) متمسكة بهذا الموعد مشيرا الي ان الحكومة السودانية تسعي لإنهاء الإجراءات للاستفتاء والتوصل لحلول للقضايا العالقة بين شريكي السلام قبل موعد الاستفتاء. وأضاف أن الجامعة العربية تأمل أن تصب هذه الجهود ليعقد الاستفتاء في موعده وأن يتم الاستفتاء في جو من الشفافية والنزاهة علي النحو الذي يحقق لأبناء الجنوب ممارسة حقهم علي النحو المنشود. ولكن هناك توقعات بعدم اتمام الاستفتاء في موعده؟ - هناك توافق في الرأي محليا ودوليا أن يتم الاستفتاء في موعده شريطة أن تتم الاجراءات الخاصة بالإعداد والتحضير له من قبل إجرائه وهذا ما تسعي الأطراف المحلية والدولية خاصة شريكي السلام نحو الانتهاء من هذه الإجراءات قبل إجراء الاستفتاء وأيضا التوصل الي حلول للقضايا العالقة بينهما فضلا عن أن هناك محادثات تجري أيضا بين شريكي السلام فيما يتعلق بمرحلة ما بعد الاستفتاء. وما هي الجهود التي تركزون عليها في الوقت الراهن؟ - الجهود الآن تركز علي سرعة إنهاء الإجراءات الخاصة بإجراء الاستفتاء في موعده وتسوية القضايا العالقة وهناك البعض يري أن الوقت المتبقي لا يسمح بإمكانية التوصل لهذه الأهداف لكن الجامعة العربية تركز حاليا علي التوصل لتسوية القضايا العالقة والانتهاء من الإجراءات الخاصة بالاستفتاء بالموعد المحدد. وحول وجود مخاوف من انفصال الجنوب لدي الجامعة العربية قال حليمة إن "خيار الوحدة الجاذب كان محور اتفاق السلام الشامل وهناك جهود مكثفة من جانب حكومة السودان والمجتمع الدولي لتحقيق هذا الخيار". وأضاف "أنه سواء تم الاستفتاء بنتيجة الوحدة أو غير الوحدة فالأمر الذي تركز عليه الجامعة العربية في هذه المرحلة ان تكون العلاقات بين الشمال والجنوب علاقات طبيعية وأن تتواصل العلاقات في كافة المجالات بشكل طبيعي والتركيز علي عملية تطوير وتنمية الجنوب وأن تركز عملية التنمية علي إنشاء بنية تحتية تصل الشمال بالجنوب علي النحو الذي يعزز من العلاقات الطيبة بين الجانبين ويؤسس علي مصالح مشتركة وأمن متبادل".