يبدو أن الإخفاق الذي طارد ما يطلق عليه "مسلسلات السيرة الذاتية"، وهو ما حدث بالفعل لمسلسل "أنا قلبي دليلي"، الذي استلهم سيرة القيثارة ليلي مراد، وكذلك "أدهم الشرقاوي" وأخيرًا "نازلي" و"كليوباترا" لم يفلح في اثناء المنتجين عن مواصلة النهج نفسه؛ حيث أعلن مؤخرًا عن إنتاج مسلسل عن الفنانة السورية "بديعة مصابني" تجسد شخصيتها فيه السورية سلاف فواخرجي ويخرجه زوجها وائل رمضان الذي أخرج لها "كليوباترا"! الكشف عن المشروع كان بمثابة الصدمة للكثيرين من المتابعين لما يجري في الوسط الفني والإعلامي، فالثنائي: سلاف رمضان فشلا فشلاً ذريعًا في استلهام سيرة الملكة "كليوباترا"، وأجمع المراقبون في الأقطار العربية، وعلي رأسها سوريا مسقط رأس الثنائي، أن العمل أثار السخرية بأكثر مما نجح في لفت الأنظار أو استدعاء الإعجاب، ولم يتوقف الهجوم علي المسلسل عند حد الملابس المثيرة، وغير الواقعية تاريخيا، التي ارتدتها سلاف فواخرجي، ولا الصورة العبثية التي قدمها وائل رمضان علي الشاشة، والذي قيل إنه فُرض علي المسلسل بواسطة زوجته "سلاف"، التي استعانت بابنها "حمزة" أيضًا فيما بعد (!) وإنما تجاوزت الانتقادات مثل هذه النقاط لتشكك في مصداقية التوجه التاريخي للمسلسل نفسه، كما فعل د. زاهي حواس في مقاله الشهير بمجلة "المصور"، والذي اختار له عنوانًا موحيا "كليوباترا ليست زوبة الكلوباتية" (!) من هنا كانت الصدمة فور الإعلان عن اتجاه "سلاف" وزوجها لتقديم مسلسل عن "بديعة مصابني" (1892 1974)، فالبعض يري أن حياة "بديعة" لا تستحق عملاً دراميا في ثلاثين حلقة أو حتي 15 حلقة، علي غرار ما تفعل ليلي علوي، والبعض الآخر يري أن الحديث عن بديعة مصابني في جزء من حلقات "الضاحك الباكي" المزمع إنتاجها عن نجيب الريحاني بوصفها لعبت دورًا في حياته.. يكفي (!) وهو النهج نفسه من التفكير الذي دفع البعض للقول إن بديعة مصابني لا تستحق أكثر من الظهور كشخصية عابرة في حلقات السيرة الذاتية، التي تتحدث عن الشخصيات المؤثرة، كما حدث في حلقات "أبو ضحكة جنان"، التي روت سيرة حياة إسماعيل ياسين! الدهشة التي ارتسمت علي الوجوه حيال إصرار بعض المنتجين وعدد من الشركات الإنتاجية علي مواصلة تقديم هذه النوعية من المسلسلات، التي يؤكد الكثيرون أنها "استنفدت أغراضها"، ولم تعد تمثل عنصر جذب للجمهور، تواصلت مع الإعلان عن إنتاج مسلسل عن "رشدي أباظة" يقوم ببطولته باسم ياخور وآخر عن "شادية"، التي قيل إن دنيا عبدالعزيز ستجسد شبابها وأمها دلال عبدالعزيز، التي ستجسد الشخصية في عمرها المتقدم، وهناك مشروع مسلسل "محمد علي"، الذي يقوم ببطولته يحيي الفخراني من تأليف زوجته د. لميس جابر ومسلسل "الشيماء" أخت الرسول "صلي الله عليه وسلم" في الرضاعة، الذي سبق أن قدمته السينما المصرية من قبل بطولة سميرة أحمد، واختار المخرج عصام شعبان الفنانة صابرين لتجسد شخصيتها علي الشاشة الصغيرة. الحديث عن مشاريع جديدة يدعي أصحابها استلهام السيرة الذاتية لم ينقطع، وفشل عدد من المشروعات الفنية في الاستحواذ علي إعجاب المشاهدين، وانتزاع تعاطفهم، يبدو أنه لا يمثل اعتبارًا لدي أصحاب المشاريع الجديدة، بعدما أصابتهم هذه النوعية ب "حمي" لا شفاء منها، وبدلاً من أن يتجه بعضهم إلي تحليل وتقييم المشروعات التي أخفقت، والتعرف علي الأسباب التي أدت إلي هذا الإخفاق اندفع بعضهم إلي إنتاج هذه النوعية المطلوبة في حدود، بعدما تحولت إلي "موضة" كظاهرة أعمال "الست كوم"، التي انحسرت مؤخرًا بدرجة كبيرة. فما الذي ينتظره أصحاب هذه الشركات لتدارك الأخطاء وتقييم ما فات من تجارب؟ وهل المكسب الذي يحققه إنتاج هذه النوعية مضمونًا بحيث يرفض غالبيتهم النظر إلي جدوي التجربة والمكاسب المعنوية التي تعود علي الجمهور من ورائها؟ لا ينبغي أن يفهم أحد أننا ضد إنتاج هذه النوعية من الأعمال الدرامية، لكن الأمر المؤكد أن إنتاج مسلسل عن "العالم" الشهير د. مصطفي مشرفة يختلف كثيرًا في توجهاته ورسائله والأهداف التي يسعي لترسيخها لدي الجمهور مقارنة بمسلسل عن "العالمة" بديعة مصابني؟ تقرير: حمدية عبدالغني