"من يريد تصفية حسابات معي فليقبض عليّ أنا" ..لماذا تعتقل "مليشيا السيسى "شقيق مذيعة في قناة تابعة للمخابرات !؟    إيلون ماسك يشبه الاتحاد الأوروبي بألمانيا النازية    ترامب ينتقد تباطؤ زيلينسكي في التعامل مع خطة السلام    ميلوني تؤكد لزيلينسكي استمرار الدعم قبيل محادثات لندن    ترامب: أشعر بخيبة أمل لأن زيلينسكى لم يطلع بعد على خطة السلام    إيديكس 2025.. فلسفة الردع وبناء القوة المصرية الشاملة    حبس عاطل لقيامه بسرقة وحدة تكييف خارجية لأحد الأشخاص بالبساتين    شئون البيئة: مصر ستترأس اتفاقية برشلونة للبيئة البحرية خلال العامين القادمين    لميس الحديدي: قصة اللاعب يوسف لا يجب أن تنتهي بعقاب الصغار فقط.. هناك مسئولية إدارية كبرى    شئون البيئة: سوف نقدم دعمًا ماديًا لمصانع التبريد والتكييف في مصر خلال السنوات القادمة    "قطرة ندى" للشاعر محمد زناتي يفوز بجائزة أفضل عرض في مهرجان مصر الدولي لمسرح العرائس    بعد رحيله، من هو الفنان سعيد مختار؟    وزير الإسكان يعلن موعد انتهاء أزمة أرض الزمالك.. وحقيقة عروض المستثمرين    ترتيب الدوري الإسباني.. برشلونة يتفوق على ريال مدريد ب4 نقاط    خطط لا تموت.. لماذا عادت الملعونة لعادتها القديمة؟    أمريكا: اتفاق «قريب جدًا» لإنهاء حرب أوكرانيا |روسيا والصين تجريان مناورات «مضادة للصواريخ»    بدون محصل.. 9 طرق لسداد فاتورة كهرباء شهر ديسمبر 2025    كأس العرب - بن رمضان: لعبنا المباراة كأنها نهائي.. ونعتذر للشعب التونسي    أوندا ثيرو: ميليتاو قد يغيب 3 أشهر بعد الإصابة ضد سيلتا فيجو    إبراهيم حسن: محمد صلاح سيعود أقوى وسيصنع التاريخ بحصد كأس أمم إفريقيا    أشرف صبحي: قرارات الوزارة النهائية بشأن حالة اللاعب يوسف ستكون مرتبطة بتحقيقات النيابة    لاعب الزمالك السابق: خوان بيزيرا «بتاع لقطة»    هل تقدم أحد المستثمرين بطلب لشراء أرض الزمالك بأكتوبر؟ وزير الإسكان يجيب    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    استكمال محاكمة سارة خليفة في قضية المخدرات الكبرى.. اليوم    وزير الزراعة: القطاع الخاص يتولى تشغيل حديقة الحيوان.. وافتتاحها للجمهور قبل نهاية العام    مدير أمن الإسكندرية يقود حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين بميدان الساعة وفيكتوريا    ياهو اليابانية.. والحكومة المصرية    مجموعة التنمية الصناعية IDG تطلق مجمع صناعي جديد e2 New October بمدينة أكتوبر الجديدة    غرفة عقل العويط    «القومية للتوزيع» الشاحن الحصري لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2026    رئيس "قصور الثقافة": السوشيال ميديا قلّلت الإقبال.. وأطلقنا 4 منصات وتطبيقًا لاكتشاف المواهب    كم عدد المصابين بالإنفلونزا الموسمية؟ مستشار الرئيس يجيب (فيديو)    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    كيف يؤثر النوم المتقطع على صحتك يوميًا؟    تجديد حبس شاب لاتهامه بمعاشرة نجلة زوجته بحلوان    وائل القبانى ينتقد تصريحات أيمن الرمادى بشأن فيريرا    ارتفاع ضحايا مليشيا الدعم السريع على كلوقي إلى 114 سودانى    وزير الأوقاف يحيل مجموعة من المخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة ومضاعفة الحوكمة    أحمد موسى يكشف أزمة 350 أستاذا جامعيا لم يتسلموا وحداتهم السكنية منذ 2018    اليوم.. المصريون بالخارج يصوتون فى ال 30 دائرة المُلغاة    حاتم صلاح ل صاحبة السعادة: شهر العسل كان أداء عمرة.. وشفنا قرود حرامية فى بالى    الموسيقار حسن شرارة: ثروت عكاشة ووالدي وراء تكويني الموسيقي    أحمد موسى: "مينفعش واحد بتلاتة صاغ يبوظ اقتصاد مصر"    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    أمن مطروح يفك لغز العثور على سيارة متفحمة بمنطقة الأندلسية    تعرف على شروط إعادة تدوير واستخدام العبوات الفارغة وفقاً للقانون    عاشر جثتها.. حبس عاطل أنهى حياة فتاة دافعت عن شرفها بحدائق القبة    حياة كريمة.. قافلة طبية مجانية لخدمة أهالى قرية السيد خليل بكفر الشيخ    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    كشف ملابسات فيديو عن إجبار سائقين على المشاركة في حملة أمنية بكفر الدوار    إضافة 4 أسرة عناية مركزة بمستشفى الصدر بإمبابة    الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    الطفولة المفقودة والنضج الزائف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاختراق الصهيوني للآثار.. كتاب يرصد مؤامرات خارجية علي تراث مصر
نشر في نهضة مصر يوم 13 - 07 - 2010

صدر حديثا كتاب للصحفي علي القماش يتناول فيه دور الصهيونية في العبث بالآثار المصرية، ويشير الكاتب في مقدمته إلي أنه " تحت ستار العلم" جندت إسرائيل بعض المصريين لإثبات وجود آثار يهودية في كل مناطق أطماعها من النيل للفرات وخاصة بمصر، وكان هؤلاء المجندين يعلمون أحيانا الهدف من كشوفاتهم وأحيانا أخري يجهلون أن ذلك يصب لصالح إسرائيل!
يشير الباحث بكتابه لما أسماه ب"التبجح" الصهيوني في استخدام آثار مصر ومزاراتها السياحية كعلامات تجارية للسلع الصهيونية ومنها الأهرامات شعار لقناة فضائية إسرائيلية، وسفاجا تتصدر الدعاية الإسرائيلية في مكاتب الأطباء في أوروبا كمركز لعلاج الأمراض الروماتيزمية وتضعها ضمن برامج رحلات إسرائيل السياحية وكأنها داخل إسرائيل في ظل الجهل بجغرافية مصر، أما البرتقال الإسرائيلي المصدر لأوروبا علامته التجارية الملكة نفرتيتي، وصمم خبراء يهود مدينة لاس فيجاس بأميركا أشبه بمدينة الأقصر مطالبين باتخاذ جميع التدابير القانونية حرصاً علي الملكية الفكرية !
يتضمن الكتاب حصرا لكل الأماكن التي يدعي اليهود أنهم أقاموا بها ولهم آثار فيها ، ثم يكذب المؤلف كل الادعاءات بالوثائق والصور والمستندات كما يقدم قائمة شرف بالمناضلين الذين تصدوا لتهويد الآثار العربية، كاتب السطور من بينها ، ويحوي خمسة فصول يتضمن الأول "حقائق التاريخ والادعاءات الصهيونية"، والثاني "وسائل الاختراق الصهيوني للآثار المصرية"، والثالث يتحدث عن رموز الآثار والحضارة المصرية والادعاءات الإسرائيلية، أما الرابع فحول المناطق والمواقع الأثرية في مصر التي يزعم اليهود بتعلقها بتاريخهم وأخيرا يتناول الفصل الخامس مخاطر صهيونية تستوجب التحرك العاجل .
أكاذيب .. ووثائق
يتناول المؤلف الرموز المصرية الخالصة والادعاءات الصهيونية حولها ومنها لوحة "مرنبتاح" بالمتحف المصري المعروفة باسم لوحة النصر ويطلق عليها البعض خطأ لوحة إسرائيل وهي الوثيقة المصرية الوحيدة التي جاء فيها ذكر بني إسرائيل، ويشير النص إلي أنهم قبائل بدو رحل وقد هلك أفرادها القليلون، كما يشير د. رمضان عبده في كتابه "تاريخ مصر القديم" إلي أن هذه اللوحة لا علاقة لها بأحداث الخروج نهائياً وأن ترجمة الاسم بإسرائيل خطأ تاريخي والأصح تسميتها بلوحة انتصارات مرنبتاح التي يشار فيها لحملته علي الحدود الغربية وجنوب فلسطين.
أما الادعاء بأنهم بناة الأهرامات فقد أشار مؤلف الكتاب إلي حقائق التاريخ التي تؤكد أن العبرانيين دخلوا مصر كخدام وعبيد وبعد 700 عام من بناء الأهرامات، وأن الأهرامات كانت مشروعاً قومياً شارك فيه كل شعب مصر ومقابر عمال بناة الأهرام دليل قاطع علي ذلك، كما ادعوا أن هرم أوناس الواقع جنوب الهرم المدرج بسقارة كشفت داخله نصوص سامية وهذا ما ذكره الخبير الأمريكي راؤبين شتاينر المتخصص باللغات السامية، وأثبتت الاكتشافات الأثرية أن هرم أوناس يرجع إلي عام 2400قبل الميلاد أي قبل وجود العبرانيين في مصر مع نبي الله يعقوب عليه السلام.
من بين الإدعاءات الأخري استغلال اسم مقبرة عبريا بسقارة علي أنها تخص اليهود استناداً إلي اسم عبريا وهذا ما أشاعه في المحافل الدولية الأثري زيفي رئيس البعثة الفرنسية بسقارة والتي تعمل بمقبرة عبريا رغم أن نقوش المقبرة بالهيروغليفية وكذلك التوابيت لا تتضمن اسم عبرائيل، كما أن ربط زيفي اسم عبريا بالإله إيل غير علمي لأن إيل إله سامي كنعاني أي فلسطيني قبل وجود اليهود بنحو ألف عام.
ولقد روج الكاتب الصهيوني فلايكوفسكي أفكاراً تشير إلي أن تصميم معبد حتشبسوت بالدير البحري بالأقصر منقول عن تصميم معبد سليمان (لا يوجد أي دليل تاريخي أو أثري لهذا الهيكل المزعوم ) رغم أن حتشبسوت سبقت تاريخياً نبي الله سليمان عليه السلام بنحو 600عام كما أن الكاتب الصهيوني خلط بين بلقيس ملكة سبأ وبين حتشبسوت وادعي أن حتشبسوت هي التي ذهبت لزيارة نبي الله سليمان ليبرر تزويره للتاريخ !
حرب تزييف التاريخ
يشير المؤلف بكتابه إلي نماذج من تزييف التاريخ بواسطة الصهيونية في مناطق مصر المختلفة ؛ ففي سيناء ادعوا أن قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا هي ميناء عصيون جابر المذكور في التوراة (لم يثبت وجود ميناء هناك بهذا الاسم) في عهد نبي الله سليمان ، وقد أكدت حفائر منطقة جنوب سيناء كذب هذه الادعاءات وجاء تأكيد بناء القلعة في عهد صلاح الدين من خلال لوحات تأسيسية تشير لإنشاء أسوار وفرن لتصنيع الأسلحة داخل القلعة ودور القلعة العظيم في صد غارات الصليبيين والتمهيد لانتصار صلاح الدين في حطين واسترداد القدس .
كما جرت محاولات لتزوير طريق الحج المسيحي بسيناء فادعوا أنه طريق حج لليهود وأثبتت أعمال المسح والدراسات الأثرية لهذا الطريق كذب الادعاءات من خلال النقوش الصخرية المسيحية الموجودة علي طول هذا الطريق ، أما في مدن القناة فقد ادعي اسرائيليون أن تل دفنة بالقنطرة شرق "أثر يهودي" رغم كشف حفائر بعثة آثار منطقة الاسماعيلية عن بقايا مدينة عسكرية بتل دفنة من عصر أسرة 26 والتي تقع علي طريق حورس الشهير وهي محطة استراتيجية هامة استغلها ملوك العصر المتأخر للدفاع عن البلاد وحماية الحدود الشرقية لمصر ، كما تم الكشف عن معبد كبير بتل دفنة وكلها آثار مصرية خالصة .
وعن محافظة الشرقية يشير مؤلف الكتاب إلي أنها محط لأطماع اليهود بالزعم بوجود قصر لنبي الله موسي عليه السلام بها ، وهناك محاولات يهودية لربط تاريخ اليهود بتاريخ الهكسوس بالإدعاء بوجود آثار يهودية بقرية قنتير بالشرقية، وردا علي ذلك يؤكد د. عبد الحليم نور الدين أمين عام المجلس الأعلي للآثار الأسبق وأستاذ المصريات أن قرية قنتير تقوم علي أطلال مدينة أنشأها رمسيس الأول مع بداية أسرة 18 وكان القصد من إنشائها أن تكون مقراً للملك الحاكم في الدلتا ومعسكراً للجيش المصري لينطلق منها إلي حدود مصر الشرقية عبر سيناء، أما تل بسطة بالشرقية فبها قلعة تخص الهكسوس ولا يوجد علاقة بين الهكسوس واليهود .
يشير المؤلف كذلك إلي أنه في محافظة القليوبية يوجد تل يطلق عليه "تل اليهودية" يقع جنوب شرق مدينة شبين القناطر يحظي باهتمام الصهيونية لمجرد أن اسمه تل اليهودية وهذا التل كان معسكراً للهكسوس وجبانة للبطالمة ولا يوجد أي دليل أثري بأنه كان مركزاً لليهود كما يدعون، ويشير د. عبد الحليم نور الدين إلي أنه تل كان يضم معسكراً للهكسوس ومعبد لرمسيس الثاني وآخر لرمسيس الثالث علاوة علي مقابر صخرية من عصر الهكسوس وعصر البطالمة ، ويؤكد محمد شعراوي - مفتش آثار بالقليوبية - أن السبب في إطلاق هذا الاسم علي التل يمكن استنباطه من مأثورات شعبية عن وجود كنز مدفون في باطن التل خاص باليهود لأنهم يتميزون بالبخل واكتناز الأموال وكانت السيدات اليهوديات في مصر في القرنين التاسع عشر والعشرين يأتين للتبرك بهذا المكان وراجت أفعالهن بين عامة السيدات البسطاء فأطلق عليه هذا الاسم .
لصوص الحضارة
يشير الصحفي علي القماش بكتابه إلي أنه رغم وفود اليهود للإسكندرية بعد فتح الإسكندر لفلسطين ومصر 331-330 قبل الميلاد إلا أن التنقيب الأثري لم يكشف لهم أي آثار بها ورغم ذلك تقوم جمعية النبي دانيال برعاية الآثار اليهودية (إن كانت هناك آثاراً حقيقية) في أنحاء العالم وهي جمعية يهودية تتخذ من باريس مقراً لها ومن أعضائها 34 مصريا، ويؤكد د. عبد المنعم عبد الحليم أستاذ التاريخ بآداب الإسكندرية إلي أن إضفاء اسم النبي دانيال هو خداع ؛ فالنبي دانيال ليس له دخل باليهود وقد أشار الكتاب القدماء مثل "السربون" الذي زار مصر في القرن الأول قبل الميلاد والأول بعد الميلاد إلي أن مقبرة الإسكندر بين شارع كانوب (أبو قير حالياً) وشارع ثوما وكلمة الثوما تعني جثمان الإسكندر (وهو شارع النبي دانيال حالياً) وهو وصف يعني عدم علاقة اليهود بأي شئ، ويضيف د. عبد الحليم أن اليهود لا يوجد لهم بالإسكندرية غير معابد حديثة وليس لها قيمة أثرية وأربعة بيوت مؤجرة، مؤكدا أن إدعائهم امتلاك فندق سيسل أو أراضي بمنطقة سموحة مجرد ابتزاز..وفي الفيوم ادعي اليهود أن قارون هو أمنمحات الثالث وبالتالي تنسب بحيرة قارون وآثار أمنمحات الثالث بالفيوم لليهود ولكن يشير العلماء أن اسم بحيرة قارون يرجع لشكل نهاية البحيرة التي تشبه القرون فأطلقوا عليها هذا الاسم وأن القصر الذي يطلق عليه قصر قارون علي أطراف البحيرة من بناء أمنمحات الثالث بهدف عبادة "الإله سوبك التمساح" في اعتقاد المصريين القدماء، وأن الامبراطور الروماني بطليموس استخدمه لنفس العبادة وقد عثر علي خزينة سرية بأرضية القصر وبداخلها أوراق بردي تشير إلي تاريخ القصر ، ومن هنا فإن ارتباط اليهود بالفيوم قائم علي الدعاية الصهيونية ونسب ما صنعه ملوك مصر العظام لأنفسهم لأنهم شعب بلا حضارة .
شاعر من طراز فريد نشأ في جو مليء بالإبداع الثقافي والسياسي.. تأثر بالعديد من الشعراء الكبار أحب الشعر وعشق السياسة.. كسب قلوب الناس وعقولهم من خلال أعماله الإبداعية ومقالاته السياسية.. رحال حيث سافر وطاف العديد من البلدان لكنه في النهاية يعود إلي وطنه.
حقاً أنه مبدع بمعني الكلمة فهو من المحظوظين الذي اعطاهم الله مواهب كثيرة.. فهو شاعر وفنان تشكيلي ورسام وكاتب سينمائي وسيناريست وكاتب صحفي انه الشاعر المبدع محمد بغدادي.
بغدادي لماذا تفتقدك الساحة الأدبية بقوة في الفترة الأخيرة.
ما الذي تعاني منه القصيدة وما السبب الحقيقي وراء ابتعاد كثير من المثقفين الشعراء عبر الساحة الشعرية؟
حقيقة الأمر أن القصيدة العربية والشاعر العربي والشعر العامي يعيش في أزمة حقيقية وهذه الأزمة تتمثل في التطوير والتحديث الذي شهدته القصيدة منذ أواخر الأربعينيات علي أيد كوكبة من الشعراء الكبار فعندما قدموا القصيدة كان لابد أن يوازيها تحديث القصيدة العامية وقاد هذا التحديث الشاعر فؤاد حداد وصلاح جاهين والأبنودي وفؤاد قاعود وأحمد فؤاد نجم، كل هؤلاء الشعراء قدموا الجديد ثم جاء محمد سيف وزين العابدين وآخرون بعد ذلك، لكن عندما أنكسر الحلم عام 1967 وضاع المشروع القومي كانت القصيدة تبحث عن وظيفة لها في هذه الفترة فكانت القصائد مواكبة للتغيرات الاجتماعية وحدثت أزمة في الشعر وتوقف الشعراء الكبار وانقطعت الصلة بينهم وبين الشعراء الجدد.
وأخذوا يبحثون عن شكل جديد في القصيدة والقصيدة الدائرة والأشكال الأخري التي حاولوا أن يجددوا من خلالها الشعر في أزمة حقيقية الآن لأنه لم يستطع أن يطور القديم أو يواصل حركة الرواد الذين قادوا حركة التحديث.
إذاً.. أين شعراء العامية بعد غياب كوكبة الشعراء الكبار؟
هؤلاء الشعراء موجودون لكن المناخ اختلف وهذا يرجع للكوكبة الأولي التي خرجت ضمن مشروع قومي تبنته الدولة وهذا المشرو ع كانت له روافد ثقافية واقتصا دية واجتماعية وسياسية، كل هذه الروافد كانت تصب في الإبداع، ولكن عندما انقسم حلم الشعراء ومشاريعهم كان لابد من حدوث حالة من الارتباك التي تعيشها أجيال متعددة، وهناك شعراء لم تتح لهم الفرص التي اتيحت للهواة ولذلك كانت هناك أبواب ثابتة لتبني الأجيال الجديدة وقد لا يعلم أبناء هذا الجيل أن الشاعر الكبير صلاح جاهين قدم بابا ثابتا في مجلة صباح الخير بعنوان شاعر جديد ومن هذا الباب تم تقديم سيد حجاب وقاعود والأبنودي والكثير من الشعراء الرواد وقدم فؤاد حداد برنامج قال "الشاعر" وقاعود قدم باب "الفرازة" لكن كل هذه الأشياء تقلصت ولم تصبح هناك منافذ واسمحوا لي أن أذكر تجربتي، في التسعينيات قررت اصدار مجلة لشعر ابن عروس لشعر العامية وهذه التجربة كانت في منتصف التسعينيات وقد حصلت علي ترخيص لهذه المجلة من وزارة الثقافة وكنت أصدرها علي نفقتي الخاصة وكان تكاليف اصدار العدد أكثر من 15 ألف جنيه وبالفعل أصدرت ثلاثة أعداد فقط وعجزت عن التواصل في اصدار الباقي لانها تحتاج إلي دعم وتمويل وأذكر في هذه الفترة كان يأتي لبريد القراء أكثر من 20 قصيدة اسبوعيا معظمها صالحة للنشر، وكل من كان ينشر له قصيدة كان يتقاضي عليها مكافأة مالية وكان لابد من تعزيز هذا المشروع وضخ الأموال فيه لكن وزارة الثقافة تقاعست ولي أن أذكر أيضا أن مؤتمر الأدباء منذ سنوات أصدر العديد من التوصيات لتدعيم هذه المجلة من وزارة الثقافة وتمويلها لكن كل هذه الاجهزة تقاعست وحارب الكل المجلة التي كانت باسم "كهانوت". منع عنها الهواء والماء والغذاء وبالتالي دمرت أن ذاك ثم اغلقت هذه المجلة المتخصصة في شعر العامية لأن لم يدعمها أي من الشعراء الرواد ولا المؤسسات الرسمية بالذات من وزير الثقافة في هذا الوقت أثناء غلق هذه المجلة أصدر أحد القرارات بتمويل هذه المجلة من خلال صندوق التنمية الثقافية لكن الصندوق في هذا الوقت رفض التمويل الذي أصدر وزير الثقافة قرارا به.
من اللافت للنظر في الأونة الأخيرة ظاهرة استقطاب السلطة لبعض المثقفين ليصبحوا في معيتها ويكونوا لسان حالها. واستبعاد من لا يخضع لها من المشاركة في القرار السياسي.. ما تعليقك علي هذا؟
بكل تأكيد السلطة تتجاهل بعض المثقفين وتستبعدهم عن القرار السياسي. لان المثقفين ينقسمون لثلاثة أنواع.
النوع الأول وهو الذي ذكرته في سؤالك وهو المثقف الذي تنجح السلطة في استقطابه ليصبح في معيتها معبرا عنها ويكون لسان حالها ومبررا لكل تصرفاتها وبهذا نكون فقدنا الأمل في عودته إلي قيادة الجماهير.
والنوع الثاني من المثقفين هو الذي فشل في أن يضع نفسه داخل أحضان السلطة ورفض هذه العروض التي تستأنس المثقف وتجعله جزءا من تركيبة السلطة وهذا يعد انحيازا بالعمل الاجتماعي العام من خلال الجمعيات الأهلية التي تدافع عن حقوق الإنسان.
وهذه الجمعيات تدخل المثقفين لصالح المشروع العالمي وليس الداخلي والمشروع العالمي يكون أحيانا من جهات التنوير ومن هنا تصبح عليها الكثير من علامات الاستفهام إذا لم يكن هناك شبهة تمويل للجمعية.
أما النوع الثالث: من المثفقين فهو الذي يحاول من خارج هذا الإطار بجهود فردية يحاول أن يغير من الواقع بجهود خاصة من خلال عمل سياسي وابداعي وفني لكنه للأسف دائما يكون محاصرا.
ولنا أن نقول إن هناك جزءا كبيرا من هذه المجموعات قد يبتعد عن الساحة تماما ويصبح غير قادر علي تقديم أي شيء سوي انها تبتعد عن الساحة معلنة سخطها علي كل ما هو قائم.
من وجهة نظرك ما سبب هذا الانقسام واستبعاد النخب الحقيقية المبدعة القادرة علي الانجاز والعطاء؟
في المقام الأول عدم وجود نظام سياسي متكامل وحقيقة الأمر أن النظام السياسي استبعد كل النخب الحقيقية الحالية وهذا الاستبعاد لا يقتصر علي استبعاد المثقفين فقط، لكن استبعاد كل من هم قادرون علي العطاء بشكل عملي لدفع وتبني المشاريع. ولنا أن نتذكر هنا "أسطبل عنتر"، وغيره، ذلك يحدث نتيجة لاستبعاد العقول المستنيرة، وعلماء تخطيط المدن يستبعدون تماما ويتم استدعاء المعارف والأصدقاء والقريب من السلطة ومن ترضي عنه فليس من قبيل الصدفة علي سبيل المثال في الأعوام الماضية أن الجامعة المصرية تتقهقر ولم تكن ضمن ال500 جامعة الأولي في العالم ويصبح التعليم الأساسي بهذا التردي الآن، كل هذا لأن كل النخب الحقيقية والعلماء الحقيقيين الذين يستطيعون أن يخططوا لهذا البلد مستبعدون واسمحوا لي أن أقول إن السلطة هنا تستبعد كل النخب وبالتالي يكون انصاف المثقفين يخططون لحساب أنفسهم ومن هنا يتسرب بين هذه المنظومات الفساد الذي يسيطر علي مناحي الحياة.
كيف تري المنظومة الديمقراطية.. وما تحليلك للوضع الراهن في مصر الآن؟
قال وهو في قمة الهدوء والموضوعية: هناك ارتباك سياسي وديمقراطية منقوصة، لدينا حرية في الكتابة في الصحف لا توجد في أي دولة عربية، لكن نحن نكتب ما نريد والحكومة تفعل ما تريد وهذا موجود في المجالس النيابية مثل: مجلس الشعب، المجلس التشريعي، الذي يمثل الشعب ومصالحة.
فقد نري نائبا يقدم ملفا كاملا عن فساد ويحاول أن يضع هذا الفساد تحت قبة البرلمان ليتم فيه التحقيق وتقصي الحقائق، لكن الأغلبية التي تمثل الحزب الحاكم تقول نقفل باب المناقشة، وهذا لا يسمي بالديمقراطية، وبوجود قانون الطوارئ أيضا أصبحت الديمقراطية منقوصة.
هل تختلف دراما القصيدة عن الدراما المسرحية؟
بالتأكيد هناك اختلاف لأن دراما القصيدة حالة من حالات تكثيف الرؤية لدي المبدع في حالة من حالات الانحياز الشديد متخطيا حالة من حالات المنالوج صوت الشاعر فهو صوت داخلي يمكن يستدعي أصواتا أخري لكنها تكون علي درجة كبيرة من التكثيف والتداخل حيث يصبح للقصيدة بناء فني كامل ومحكم بينما الدراما المسرحية قائمة علي تعدد الشخصيات الدرامي في القصيدة هو ملمح خاص بمشاعر لحظة الابداع داخل الكاتب مؤلف القصية ويتناهي دوره مع الأدوار المتداخلة الأخري داخل القصيدة لتصبح صوتا واحدا متماوجا بين الصعود والهبوط في محاولة لتقديم رؤية متكاملة في لحظة شعرية وجيزة وقصيرة ومتدفقة.
بماذا تفسر احجام الجمهور عن الحضور بمسارح الدولة لم تعتقد أن هذا يرجع إلي أزمة نصوص أم إنتاج أم ماذا من وجهة نظرك؟
المشكلة تكمن في اصرارنا لتقديم المسرح بنفس رؤي الستينيات فالمسرح اليوم اختلف فلابد أن يكون قادرا علي اجبار المشاهد الذي لديه تليفزيون به أكثر من 200 قناة علي الحضور والحصول علي راحة نفسية في جلسة مريحة في المسرح، كل هذه المسارح التي توجد من الدول المتقدمة لديهم وسائل ترفيهية متعددة لكن الاختلاف أن جمهور المسرح يجد الكافتيريا والاستراحات أفضل من المسرح ونحن لا نقدر علي أن يكون المسرح منظومة ثقافية متكاملة لأن النصوص التي يتم اختيارها وتقديمها ليست بضرورة النصوص التي يتم تقديمها في المجتمع لأنهم يختارون نصوص علي هواهم وفقا لسياسة مؤسسة ثقافية تنتمي إلي نظام حاكم.
حوار فاطمة الزهراء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.