"المعايير الأخلاقية للإعلام العربي" هو العنوان الذي اختارته جمعية خريجي الإعلام برئاسة الدكتورة ماجي الحلواني العميد الأسبق لكلية الإعلام، للمؤتمر الذي أقيم ضمن فعاليات الملتقي الأول للجمعية، وعُقد في جلستين، الأولي حول "أخلاقيات الممارسة الصحفية في مصر"، واستهلته د.ماجي الحلواني رئيس المؤتمر بكلمة افتتاحية أشارت فيها إلي أهداف الجمعية المتمثلة في دعم الروابط الثقافية وتبادل الخبرات مع أجيال خريجي كلية الإعلام، وفتح قنوات اتصال معهم، بالإضافة إلي تعاونها مع هيئات وجمعيات المؤسسات المجتمع المدني الأخري والمؤسسات الحكومية، فضلا عن السعي إلي إيجاد وتوفير فرص عمل مناسبة لأبناء الجمعية من أعضائها، وإتاحة ممارسة أنشطة متخصصة في مقر الجمعية. وفي الجلسة نفسها أشارت د.نجوي كامل وكيل كلية إعلام لشئون البيئة إلي الحاجة للالتزام بمجموعة المعايير الأخلاقية بوصفها جزء بارز ومهم من المسئولية الاجتماعية في إطار المنافسة الشرسة بين الصحف الحكومية والخاصة، وأيضاً بين الصحف بنوعيها والتليفزيون الأرضي والفضائي، وهي المنافسة التي أسفرت عن تأثير سلبي علي الأمن القومي، وتسببت في قلاقل ضد مصلحة البلاد وضح جلياً عند طرح ومعالجة بعض القضايا كما حدث في الفترة الأخيرة. وطالبت بضوابط حقيقية في معالجة قضايا الجريمة في الصحافة المصرية بما لا يؤذي سير العدالة القضائية عن طريق تدخل الرأي العام في توجيه اتهامات أوإصدار أحكام جماهيرية علي المتهمين قبل إدانتهم قضائيا لأن حدوث مثل هذا التعدي يعد خروجا عن ميثاق الشرف الإعلامي كما يؤدي إلي التشكيك في النظام القضائي الموجود في الدولة . أما د.صفوت العالم الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة فأكد أنه علي الرغم من تعدد وتنوع الدراسات التي تناولت قضية أخلاقيات العمل والممارسة الصحفية فلا يزال هناك مجموعة من الإشكاليات المتمثلة في مبالغة بعض المؤسسات الصحفية في أرقام توزيع الصحف الخاصة بها في إطار التنافس والرغبة في كسب ثقة الجمهور، بالإضافة إلي الخلط بين الإعلان والإعلام، ووقوع الإعلام المقروء تحت وطأة سلطة رأس المال وتدخل المصالح السياسية والاقتصادية لرجال الأعمال مما أثر سلباً علي التغطية الإعلامية بعدما أصبحت أكثر انحيازاً لرجال الأعمال، وتعظيما لأدوارهم في جلسات مجلسي الشعب والشوري وإعطاء صورة زائفة عن مستوي أدائهم الفعلي ،وانتقد الانتقائية في اختيار المصادر واستخدام العناوين الصحفية التي لا تدل علي المضامين والطرح غير المتوازن في عرض القضايا، وطالب بأن تأخذ المؤسسات الصحفية علي عاتقها مهمة تنظيم دورات تدريبية لتأهيل الصحفيين العاملين بها، خاصة غير الدارسين لمجال الإعلام، كما أشار إلي أن انخفاض الأجور والرواتب ليس مبررا لأن تبتعد الممارسة الإعلامية عن الموضوعية. ومن ناحيته عقب محمد بسيوني الصحفي والناشط في قضايا حقوق الإنسان انه لا يوجد عمليا معايير أو مقاييس محددة أو مرجعية أساسية يمكن الاستناد إليها في إطار أخلاقيات العمل الصحفي لخلو ميثاق الشرف من مضمون حقيقي يمكن تفعيله علي أرض الواقع، لكنه أكد أن نقابة الصحفيين تقوم بإجراء ضوابط علي مستوي أداء الممارسة الصحفية، واللجوء إلي أسلوب الجزاء والعقاب، كما شدد علي أهمية أن يتخلص الإعلام من السيطرة الاقتصادية وإعطاء الجمهور الحق في الشكوي وتوفر الوسائل الإعلامية التي تحقق في هذه الشكاوي، وتسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم وقضاياهم، ومصالحهم المباشرة بعيداً عن حسابات المصالح الفردية الممولة عن طريق جهات خاصة، ونوه إلي أن فكرة الأخلاقيات المهنية ستجد لها مكاناَ بفضل مجموعة من الموثوق فيهم والمخلصين الحريصين علي تماسك المجتمع والحفاظ علي القيم الاجتماعية لكن شيء من هذا لن يتحقق إلا في حال تفعيل مؤسسات الضبط الاجتماعي، ومؤسسات المجتمع المدني، والجهات التشريعية. أما الجلسة الثانية التي عُقدت ضمن فعاليات المؤتمر نفسه فجاءت تحت عنوان "الفضائيات العربية بين الفوضي والمسئولية"، وفيها ندد الأستاذ الدكتور حسن عماد مكاوي وكيل كلية الإعلام لشئون الإعلام والطلاب بعدم التزام القنوات الفضائية الموضوعية في نقدها، وقيامها بمجاملة الدول والحكومات والشعوب التي تعمل في إطارها بما يؤدي إلي إحداث تضليل وتزييف إعلامي، تحت ستار الحرية، بينما لا يستهدف في الحقيقة غير الإثارة الأمر الذي يؤدي إلي الإضرار بمصالح الدول العربية، والتأثير سلبا علي علاقاتها ومصالحها بالدول الأخري وإثارة القلاقل والفتن التي تصنعها الحروب الإعلامية. وأكد "مكاوي" أن الحرية مطلب أساسي في التناول الإعلامي والممارسة الإعلامية وانه لابد من إتاحة المعلومات داخل وخارج المجتمع في المنطقة العربية والتخلص في نفس الوقت من سيطرة الحكومات، وعزي ظهور بعض الإشكاليات الإعلامية إلي العولمة التي اعتبرها سبباً رئيسياً بعدما أدت إلي إحداث تشابكات وشددت دكتور نائلة عمارة رئيس قسم الإعلام بجامعة حلوان علي أن ما نمر به الآن من فوضي البث الفضائي يشبه حال الإذاعات الأهلية في مصر في عشرينيات القرن الماضي وما كانت تمارسه من أعمال خارجة عن أدبيات العمل الإعلامي وأنشطته ،وطالبت بتحويلها إلي خدمة حقيقية وتحويل المجتمع إلي سلطة رقابية يعمل الفضاء الإعلامي وفقها بالاضافة إلي رؤية مجتمعية اشمل وأعمق للتقريب بين الشعوب العربية.وفي احصائية بالغة الأهمية كشف معتز صلاح الدين المستشار الإعلامي بجامعة الدول العربية أن عدد القنوات الفضائية العربية ارتفع ليصل الي620 قناة فضائية،وأن 80%منها قنوات خاصة، بينما 70%من المواطنين العرب يملكون أجهزة استقبال منزلية للبث الفضائي ، ويبلغ إجمالي الإنفاق السنوي للفضائيات العربية 7 مليارات دولار سنويا بينما يقدر عدد المشاهدين العرب لهذه القنوات ب 200 مليون مشاهد من إجمالي 320 مليون مواطن عربي .أما علي صعيد الإعلام المقروء فأكد أن عدد الصحف العربية وصل إلي 5016 صحفية منها 267 صحيفة تصدر يومياً، بينما يبلغ عدد مواقع الانترنت الإعلامية العربية 2100 موقع منها 1560 موقعا باللغة العربية و438 بالإنجليزية و102 موقعا بلغات أخري. وشدد علي أن وثيقة البث الفضائي استرشادية وغير ملزمه للدول العربية إلا إذا صدقت عليها برلمانات هذه الدول العربية المشاركة في الوثيقة، ونوه إلي أن مشروع مفوضية الإعلام العربي الذي أعده عمرو موسي الأمين العام للجامعة، ويتضمن إنشاء مرصد إعلامي عربي يضم خبراء إعلاميين وقانونيين وناشطين من مؤسسات المجتمع المدني بالإضافة إلي إنشاء مكتب معلومات، ومركز إعلامي عربي، ووحدة بحوث للجمهور، وإدارة للإعلام الإلكتروني، وردت عليه ملاحظات من عدة دول، وستخضع للدراسة في اجتماع وزراء الإعلام العرب الذي سيعقد في يونيو القادم ،وهو الاجتماع الذي ينتظر أن يليه اجتماع آخر في أكتوير يشهد موافقة وزراء الإعلام علي مشروع المفوضية لكن دخولها حيز النفاذ يتطلب موافقة مجلس الجامعة علي مستوي وزراء الخارجية ثم توقيع ومصادقة سبع دول عربية علي الأقل . وفي نهاية الجلسة قال عبد العظيم صدقي نائب أمين الجمعية أن حالة الانفلات الإعلامي الحادثة تحتاج الآن إلي درجة كبيرة من الانضباط الذاتي والالتزام الأدبي من قبل الممارسين والأكاديميين علي حد سواء والحاجة إلي حل تكاملي يضم أطراف المجتمع بفئاته ومؤسساته.