استضاف المجلس الأعلي للثقافة احتفالية الدار المصرية اللبنانية باليوبيل الفضي لتأسيسها، وكان للتربية نصيب في هذه الاحتفالية حيث أقيمت ندوة عن دور التعليم في التحول الديمقراطي يوم الأربعاء 21/1/2010، التي جمعت نخبة من أساتذة التربية علي رأسهم شيخ التربويين د. حامد عمار وكان من المقرر أن يرأس الندوة د. شبل بدران، لكن حضور د.علي الدين هلال دعا د. شبل للتنازل بتواضع شديد عن رئاسة الجلسة ل د. علي الدين هلال، ولقد ابدي د. علي حرصه علي حضور الندوة علي الرغم من عدم إدراج اسمه. نظرا لأهمية التعليم بالنسبة للديمقراطية وأهمية الديمقراطية للتعليم، وأشار د. حامد عمار في كلمته أن مشكلة التعليم في مصر تكمن في النظر إلي الجزيئات (الكثافة -الدروس الخصوصية-..) دون النظر إلي المنظومة التعليمية ككل، ويشير د. حامد إلي أن الديمقراطية يجب أن تمر بمراحل تطور طبيعية، بحيث تكون لها أركان أساسية في المجتمع - والحقيقة أن هذه الندوة كانت تتميز برونق خاص ليس فقط بسب تجاور عميد معهد الدراسات وعميد تربية الإسكندرية وتميزهما الفكري وحضور شيخنا الحاضر الذهن دائماً والذي يجعلك تخجل عندما تري حضوره ومتابعته لكل ما يجري علي الساحة التعليمية وقدرته علي الربط الجيد والتحليل العميق والإضافة الجديدة في كل مرة تستمع إليه. بل إن الحق يقال إن حضور د.علي الدين هلال كان له اثر بالغ الأهمية، فلقد كان الرجل صريحا إلي أقصي درجة، ومؤيدا لكل ما يعاني منه التعليم من مشكلات، بل انه كان صريحا إلي ابعد درجة عندما أشار إلي دور الدولة في صناعة التطرف الديني منذ فترة السبعينيات بل وذكر بعض الأسماء التي شاركت بشكل كبير وانه احد من شاهد تشكيل هذه الجماعات في بداية السبعينيات، وان ما نعاني منه من ردة في بعض المجالات يرجع أساسا إلي خضوع الكثيرين للحال العامة للخطاب الديني السائد، مما قد يؤدي إلي مقاومة مجتمعية لكثير من المشروعات والأفكار التي قد تكون في صالح المجتمع، ودفعا للديمقراطية، وصدق علي كل ما يقال من نقد تجاه الحكومة ولم يحاول الدفاع حتي عن لجنة سياسات الحزب الوطني (الذي هو احد أعضائها) فعندما سأله احد الحضور وهو د.محمد الطيب (أستاذ التربية وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني أيضا!!)عن دور التربويين في لجنة السياسات فأجابه مبتسما انه لا يعرف!!! وقبل أن اظهر دهشتي أضاف د. شبل بدران انه ممن شاركوا في مؤتمر تطوير الثانوية العامة ولقد صدرت التوصيات مخالفة لكل ما أوصي به التربويون وأنه علي الرغم من كونه مستشارا في وزارة التربية والتعليم لم يعلم حتي الآن ما هو النظام الذي سوف يتم تطبيقه ومع من يتم المناقشة فرد د. الطيب ليس معنا أيضًا(عضو لجنة السياسات!). فإذا كنتم لا تعلمون والتربويون لا يعلمون من يعلم إذا، فتعجبت إذا كان هؤلاء لا يعلمون فمن يعلم، فوجدتني أنظر حولي متساءلة في سذاجة (هو مين بيعمل إيه). - ومن الملاحظ في هذه الندوة و علي الساحة التربوية بصفة عامة أننا نعيد نفس المعارك التربوية، فبعد مرور أكثر من 50 عاما علي اعتبار المجانية اكبر مكسب جماهيري (1951م)، عاد النقاش مرة أخري حول إلغاء المجانية وعدنا نخوض نفس المعارك التي خاضها التربويون سابقا، وبنفس الهجوم وبنفس الدفاع، كما أننا بعد مرور 65 عاما علي كتاب مستقبل التعليم في مصر ل طه حسين والذي كان يحذر من خطورة التعليم الأجنبي، عدنا نتحدث عن التعليم الأجنبي وخطورته علي وحدة المجتمع وثقافته. ولا اعرف إلي متي سوف نعيد أنفسنا، علي ما يبدو أن حركة التطور في مصر هي حركة دائرية دائما نعود من حيث بدأنا، وهذا لا ينطبق علي التربية فقط بل علي كل نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية (ولا ننسي أن هناك ما يدعو إلي فرض النقاب وعودة المرأة إلي المنزل)، فهل حكم علينا أن نكون مثل سيسفوس (سيزيف) الذي حكم عليه أن يحمل الحجر إلي أعلي الجبل، وفي كل مرة كان سيسفوس بعد أن يبذل مجهودا مضنيا ويصل بالحجر قريبا من قمة الجبل، ينزلق الحجر من حيث أتي، وكان عليه أن يعيد الكرة كل يوم دون جدوي.