"فاروق شوشة" حزين علي هجر المصريين للاذاعة.. والجري وراء الخلاعة، اشارة إلي القنوات الفضائية، وهو الشاعر الكبير، وأحد رواد التأصيل للثقافة الاذاعية علي مدي نصف قرن، وعندما يعلن "عميد اللغة" عن حزنه فليس هذا من فراغ، وقال "شوشة" في الاحتفال الذي اقامته محافظة الفيوم بمناسبة العيد الماسي للاذاعة المصرية بحضور الدكتور جلال مصطفي محافظ الفيوم والإعلامي الكبيرة "فهمي عمر" و"سهير الباشا" رئيسة إذاعة الشباب والرياضة: ان الجمهور المصري هجر الاذاعة التي شكلت وجدان الوطن وذهب إلي الصورة المبهورة والمضامين الخليعة في اشارة لقنوات فضائية لا تخاطب العقل! ومن جانبه انتقد الإعلامي فهمي عمر تجاهل الدولة الاحتفال بمرور 75 عاماً علي إنشاء الاذاعة المصرية، مؤكدا ان الإذاعة تستحق أكثر من ذلك، وقد تم خلال الحفل تكريم الرواد الاذاعيين "فاروق شوشة" و"فهمي عمر" و"إسماعيل الششتاوي" و"سهير الباشا" و"محمد شرف" و"حسن البنا" و"صالح جمعة" و"طارق أبو السعود" وكلهم أصحاب بصمات في تطوير الاذاعة التي رسخت لمبدأ المواطنة منذ إنشائها! المبادرة التي قام بها الدكتور جلال مصطفي تستحق ان نرفع لها القبعة احتراما وتقديرا، فالرجل يعرف معني الاذاعة المصرية التي أوجدت أجيالا ارتبطت بالارض المصرية واحترمت تراب هذا الوطن، فقامت محافظة الفيوم برد الاعتبار للرواد الاذاعيين علي أرضها طالما تجاهلت الدولة الاحتفال بالعيد الماسي للاذاعة، وبالتالي سقط من ذات الدولة اسماء الرواد الاذاعيين، وهذه في حد ذاتها كارثة اعلامية طالما لم يتم الاحتفاء بالرواد وتعريف الأجيال بهم وهم الذين افنوا أعمارهم وراء الميكروفون لتوصيل الرسالة، وعند هذا الحد فقد تفتحت جروح وذكريات ذات شجون عن هذا الصرح الأصيل أحد جوانب شخصية مصر الثقافية! ظل فاروق شوشة علي مدي نصف قرن يقول في الحادية عشرة إلا خمس دقائق كل ليلة من ليالي الزمن الجميل: "أنا البحر في أحشائه الدر كامن.. فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي"، وبعد تجاهل الدولة للاذاعة في عيدها الماسي فدعوني أقول: أنا البحر في أحشائه الدر كامن.. فهل ساءلوا الغواص عن احزاني، فوالله إنني علي الاذاعة لمحزون. بداية نقول: أيها التطوير كم من الجرائم ترتكب باسمك، ومن ثم فإذا كان كل من يهمه أمر الاذاعة يعلم ان أسراباً غريبة الفكر قد هبطت في الاذاعة، لأن بعض القادمين من كواكب أخري يدعون انهم مسنودون، ومجرد ذكر كلمة "مسنود" يشيع الارهاب بين الأسرة المترابطة في الاذاعة، وهناك أزمة الغاء برنامج "البيت بيتك"، وهو البرنامج الذي لا يحتاج لشرح ولا ندري هل إلغاء برنامج "البيت بيتك" إن عاجلا أو آجلا هل لصالح قناة الجزيرة الحوارية، وهي الجزيرة المنعزلة عن طموحات المنطقة في مواجهة إسرائيل، وهي القناة الناطقة بالعربية والتي تتعمد نشر الاكاذيب المصورة عن مصر في كل المناسبات وآخرها قافلة "شريان الحياة" بزعامة "جالاوي" الذي وجهت له الخارجية المصرية خطابا رسميا يفيد بانه شخصية غير مرغوب فيها، وبجرة قلم أسود تم شطب برنامج "وسكن الليل" درة برامج الاذاعة علي الاطلاق بفضل مقدمته "مني توني" التي نجحت بفضل التفاف الجماهير حولها علي مختلف الاعمار والثقافات، من عشاق البرنامج الموسيقي. ووصل الأمر إلي تصفية حسابات شخصية مع البعض خاصة بعض المذيعات الناجحات من رفيقات مشوار "مني توني" وطالما وصل الأمر إلي تصفية حسابات شخصية علي حساب المصالح العامة فقل علي البرنامج الموسيقي السلام، بعد اللحن الجنائزي في برنامج من المفترض ان ينقل الناس من همومهم اليومية إلي عالم مختلف. قلنا ان خطابنا هذا موجه لكل من يهمه الأمر في الاذاعة والتليفزيون علي حد سواء، وبالتالي فمازال نجم السيد صفوت الشريف لامعاً في الأفق وهو الوزير الذي نقل الاعلام المصري في عهده نقلة حضارية غير مسبوقة، ومازال السيد "كمال الشاذلي" البرلماني المخضرم ورئيس المجالس القومية المتخصصة عطاءاته زاخرة لاتنحسر، وبصفة رسمية اخاطب "أنس الفقي" وزير الإعلام بصفته الدستورية والقانونية، وبعده مباشرة مهندس "أسامة الشيخ" رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون، قد يتساءل البعض كل هؤلاء النخبة من أجل الاذاعة، وأنا أقول نعم فمعظم النار من مستصغر الشرر، فاذا لم نتداركها ضاعت الاذاعة، وغابت أحد معالم الثقافة في مصر، والثقافة هي عنوان الشعوب فهل ليس لنا عنوان؟! يقول أحد الفلاسفة: أسمعوني موسيقي أي شعب علي الأرض أحدد لكم موقعه علي خريطة الحضارات، فياتري اصبحنا علي أي موقع حضاري علي الخريطة بعد أن وصلت نماذج بشرية تنتزع جذور المواطنة في الاذاعة لتفريغها من مضامينها، علي حد تعبير الشاعر العظيم والرائد الكبير "فاروق شوشة"؟! اللهم إني بلغت.. أللهم فاشهد من بستان سكن الليل ما أجمل ان يكون في سمائنا قمر وما أجمل أن يحتضن النجوم.. لو سكن الليل عيون السهر وما أجمل أن يسكن في سمائنا قمر يرطب الأثير ويغري السحاب.. بسقوط المطر فهل سألنا نحن البشر كما سألت النجوم عن القمر لو غاب مرة عن سمائنا أو اعتذر بعد أن سالت دموع السحاب.. وأرسلت المطر يسأل كوكب الخطايا أين راح القمر؟ هل نحن حقا أحباء القمر؟ ألم يستحق القمر أن يولد.. في سماء لا نهائية الحلم والمطر ومازلنا نحن البشر علي ظهر كوكب خطاياه لا تغتفر