امضيت أوقاتا ممتعة مساء الاثنين الماضي داخل ستوديو 64 بماسبيرو حيث اقيم احتفال كبير بمناسبة مرور 67 عاما علي بدء ارسال الاذاعة المصرية في يوم 13 مايو عام 4391 وهي المناسبة التي كنا نحتفل بها سنويا تحت اسم عيد الاعلاميين ثم اسدل الستار عليها دون ابداء الاسباب مثلما حدث من قبل مع عيد الفن الذي كان يقام سنويا في يوم 8 أكتوبر قبل ان يختفي ايضا من حياتنا ونفتقد لتقليد رائع كان يحمل العديد من المعاني والقيم النبيلة بين كل المبدعين علي ارضنا الطيبة. ولحسن الحظ ظلت الاذاعة حريصة علي الاحتفال بعيدها كل عام فهي بيت العائلة الكبير الذي تخرج فيه اساتذة كبار ارسوا قواعد واصول مدرسة الاعلام المصري التي امتد اثارها لاشقائنا العرب حيث راحوا يبنون محطاتهم الاذاعية علي ايدي اصحاب القامات العالية من الاعلاميين المصريين الرواد في شتي المجالات الفنية والهندسية والبرامجية. وخلال الحفل الذي اقامته الاعلامية الكبيرة انتصار شلبي رئيس الاذاعة احتفالا بجيل الرواد وتكريما لاصحاب العطاء المتميز من الجيل الجديد تساقطت دموع الرائد الاذاعي القدير فهمي عمر رئيس الاذاعة الاسبق وهو يتحدث عن تجربته الثرية مع الميكروفون وكيف اسهم مع غيره من الاساتذة الكبار في بناء محطة اذاعية قوية تحمل اسم مصر وتصبح مصدر اشعاع حضاري وثقافي في المنطقة حيث كان الارسال يغطي كل ربوع مصر بل ويصل بقوة ووضوح للعالم كله. وكم كان رائعا المهندس اسامة الشيخ رئيس مجلس امناء اتحاد الاذاعة والتليفزيون وهو يعلن انه اصدر تعليماته لقطاع الهندسة الاذاعية بضرورة تقوية الارسال الاذاعي لجميع محطات الراديو بالموجات القصيرة والمتوسطة وال »اف ام« خلال هذا العام لتصبح كما كانت من قبل قوية ومسموعة داخل وخارج مصر وفقا للمنظومة الاعلامية الحديثة التي يقودها بكل ثقة واقتدار انس الفقي وزير الاعلام. وقد اسعدني في حفل الاذاعة بعيدها 67 حرص الاعلامية القديرة انتصار شلبي رئيس الاذاعة علي ان تكون هذه المناسبة عيدا للحب والوفاء بين الاذاعيين وفرصة ايضا لاعادة ترسيخ قيم وتقاليد عريقة كانت قد تلاشت من قبل فدعت كبار اساتذتها من رؤساء الاذاعة مثل فاروق شوشة وحمدي الكنيسي مع العملاقة آمال فهمي أم الاذاعيين وصاحبة انجح وأشهر البرامج التي تميزت بها الاذاعة عبر تاريخها الطويل مع الاعلاميات القديرات نجوي ابوالنجا ابنة صوت العرب ورئيس شبكة الشباب والرياضة ورئيس قطاع القنوات المتخصصة الاسبق ليكونوا الي جوارها وهي تقوم بتوزيع جوائز مسابقة »الاذاعيون يبدعون« التي اعادت بها روح التنافس والابتكار بين الجيل الجديد من المذيعين والمذيعات الشباب. وازدان الحفل ايضا بوجود اسماء اخري لامعة في مجال الراديو اذكر من بينهم اصحاب الاداء الرفيع امام الميكروفون محمد مرعي وامينة صبري واسامة سيد وهالة حشيش التي تتولي الان رئاسة قطاع القنوات المتخصصة والتي لم تنس فضل الاذاعة عليها فهي التي اسهمت في نجوميتها ونجاحها قبل ان تتجه للتليفزيون. وقد توقفت طويلا خلال الحفل وانا استمع الي شهادة الاعلامي الكبير حمدي الكنيسي رئيس الاذاعة الاسبق وهو يشيد بما فعلته انتصار شلبي رئيس الاذاعة الحالي حيث قدمت في الحفل اولي ثمار جهودها في البحث والتنقيب عن الاصوات الجديدة من قراء القرآن الكريم والموهوبين من المنشدين والمبتهلين فقدمت من اذاعة القناة القاريء الشيخ محمد محروس والطفل المبتهل عمر فرحان. والاذاعة تكون بهذه الاكتشافات الجديدة قد عادت لتمارس دورها الريادي مرة اخري في اثراء الميكروفون بالاصوات القوية في مجال التلاوة والانشاد الديني وهو الشيء الذي اكد عليه الشيخ ابوالعينين شعيشع رئيس لجان اختبارات القراء بالاذاعة، ووصفه بأنه عودة للعصر الذهبي للراديو تحت قيادة انتصار شلبي. واذا كان لكل حفل من مفاجآت سارة فقد كانت المفاجأة السارة التي خطفت بها انتصار شلبي عيون وقلوب كل الحضور هو قرارها بتكريم الاطقم الادارية والموظفين البسطاء في الخدمات المعاونة ليصبح عيد الاذاعة عيدا لكل افراد العائلة من اصحاب الابداع في شتي مجالات الفنون الاذاعية مرورا بالفنيين والاداريين وغيرهم من العاملين خلف الكواليس. تلك كانت سطورا سريعة عن انطباعاتي عما شاهدته في يوم الحب والتقاليد العريقة التي ارستها انتصار شلبي هذا العام وهي تحتفل بعيد ميلاد الاذاعة 67 واثبتت من خلاله ان النجاح لا يتحقق من فراغ فلابد ان يدعمه عطاء مستمر من الود والمحبة والعدل والمساواة والاخاء ولم الشمل وفوق هذا وذاك الشفافية في اعلاء قيم الخير والجمال والحقوق والواجبات بين كل افراد البيت الواحد ولعل كل هذه الاشياء هي الاسباب الحقيقية وراء حالة التوهج واللمعان الذي اصبحت عليه الاذاعة الان وهي تقف صامدة امام عصر الاقمار الصناعية المبهر وبرامج القنوات الفضائية والارضية التي تتسابق عليها شاشات التليفزيون وتغازل بها ملايين المشاهدين علي مختلف مستوياتهم الفكرية والاجتماعية ولكنها ابدا لن تجعلنا نستغني عن سحر الراديو.