عقب عرض فيلم "احكي ياشهر زاد" للمخرج يسري نصر الله توقف الجميع، جمهور ونقاد، عند الوجه الجديد التي جسدت دوراً لافتاً في الفيلم الجميل، وبالسؤال عنها عرفنا أنها ممثلة مغربية الجنسية، ومع عرض فيلم "بالألوان الطبيعية" لفتت شابة صاحبة موهبة واعدة الأنظار عندما جسدت ببراعة فائقة دور "المعيدة" التي توظف انتهازيتها، وقبل هذا جمالها الأنثوي الطاغي، لتحقيق مآربها وأطماعها، ومرة أخري أصبح السؤال: "من هي، وأين كانت، ومن أين جاءت، "، وكانت الإجابة المفاجأة: إنها التونسية فريال يوسف! حدثينا عن نفسك؟ - ممثلة تونسية، عشقت التمثيل منذ صغري، وبدأت أمارسه في سن الثانية عشرة، وكانت البداية من خلال الأعمال التليفزيونية والسينمائية ثم توقفت لعدم وجود الجديد والجيد الذي أقدمه، ورفضي التواجد من خلال أعمال ضعيفة المستوي، بعد النجاح الذي حققته الأعمال السابقة التي شاركت فيها، فكان قراري بالابتعاد عن الساحة الفنية في تونس، والتفرغ لدراستي الجامعية حتي حصلت علي شهادة الماجستير، والتخصص في مجال إدارة الأعمال والمشاريع، وحالياً أعد نفسي لنيل درجة الدكتوارة في الاقتصاد، وقد تطلب ذلك مني جهداً كبيراً نفسياً وعصبياً، حيث كان علي أن اختار بين الدراسة والفن، وصعب علي أن أهمل الدراسة، بعد كل ماحققته فيها فقررت التضحية بالفن مؤقتاً. أمر نادر أن نلتقي عاشقاً للتمثيل يقرر بسهولة التضحية بالفن؟ - كانت لدي أسبابي التي أتصور أنها منطقية وواقعية وعملية، لذا عملت في مجال تخصصي من خلال شركة عالمية كبيرة كمدير للتسويق في مجال السيارات، وكنت دائماً ما أزور مصر في إطار عملي. وما الذي دفعك إلي التراجع عن قرار التضحية بالفن؟ - في إحدي زيارات العمل التي قمت بها إلي مصر انتابني شعور بالحنين للتمثيل، وكان علي أن اتخذ القرار الأصعب بين أن استمر في عملي بالشركة العالمية، أو أعود للتمثيل، وفي هذه المرة وجدتني أقرر الاستقالة من منصبي، والعودة إلي التمثيل في مصر، وليس في تونس، وكانت التجربة الأولي، بعد العودة، من خلال مسلسل "كلام نسوان" ثم كانت النقلة الفنية المهمة في حياتي مع تجربة فيلم "بالألوان الطبيعية" مع أسامة فوزي، ووقعت أول عقد في مصر مع شركة "الباتروس" المنتجة للفيلم. لكن كيف حدث التعارف بينك وبين المخرج أسامة فوزي؟ - خلال المرحلة التي كنت أمثل فيها في تونس كانت تأتيني دعوات من المهرجانات المختلفة، خارج تونس، وكنت ألبيها، ووجدتها فرصة للتعارف مع المبدعين العرب، واتسعت رقعة علاقاتي من عام 1999 إلي عام 2001، حيث كنت وقتها علي القمة بالنسبة لممثلات تونس، وكنت اتلقي عروضاً كثيرة من المنتجين والمخرجين في مصر وسوريا للعمل في البلدين، لكنني تشبثت بدراستي، وبأهلي، فقد كنت صغيرة، وخفت من الغربة، حتي تلقيت اتصالاً هاتفياً من المنتج كامل أبو علي، وكنت قد التقيته من قبل في أحد المهرجانات، وقال لي إنه في المغرب ورشحني لدور في فيلم جديد نتيجة، وكنت بالمصادفة في مصر، وأشار علي بالذهاب إلي لقاء المخرج أسامة فوزي، ومن دون تردد أو حتي اختبار وافق علي أن يمنحني الدور، وكنت قد عرضت عليه C.D يتضمن بعض أعمالي السابقة، وما إن رآها حتي هتف بفرح : "هي دي "ليلي"، ووقعت العقد مع المنتج كامل أبو علي. ألم تخشي أن أول لقاء بينك وبين الجمهور المصري يراك في شخصية انتهازية متسلقة؟ - لقد قدمت دوراً إنسانياً لفتاة دفعتها الظروف لأن تكون انتهازية ووصولية لاكنني أصرخ بأعلي صوتي: "ياناس أنا مش "ليلي" خالص"، فأنا رومانسية جداً، واختلف كثيراً عن تلك الفتاة الأنانية، وفي كل الأحوال أدرك يقيناً أن الجمهور لديه من الوعي مايجعله يفرق بين الممثلة والشخصية الدرامية التي تجسدها علي الشاشة، وأريده أن يلتمس لي العذر لأنني قدمت شخصية "ليلي"، فقد كرهت أدوار الفتاة الرومانسية، ومللتها، وتمنيت أن أخرج من عباءتها، ولما جاءتني الفرصة لم أفوتها، وحققت حلمي، خصوصاً أن الشخصية تحمل قدراً من الجرأة والتحرر اللذين أضفياً علي الشخصية ثراءً وتنوعاً في الأداء، فأصبحت موزعة بين القهر والظلم وأيضاً الرغبة في الثأر واسترداد حقها من خلال استغلال الآخرين من حولها، وحتي لو كان هذا بالانتهازية علي حساب المبادئ والاخلاق.. و "بصراحة أبقي غلطانة لوضيعت علي نفسي دور زي ده". ناقش الفيلم قضايا كثيرة علي رأسها التطرف، هل لديك قناعة بأن السينما قادرة علي أن تغيرالمجتمع؟ - مهمة الفن في الرسالة التي يتبناها، ويقدم من خلالها رؤيته تجاه قضايا بعينها، لكنه ليس مطالباً، ولا يفترض منه أن يقدم حلولاً يغير بها المجتمع، لأنه عاجز عن السيطرة علي المجتمع وأفراده بالشكل الذي يمكنه من إحداث هذا التغيير، بعكس مثلاً الدين والسياسة اللذان لا يمكن لأحد أن ينكر قبضتهما القوية، وسيطرتها علي المجمتع بأسره، والدليل علي هذا أن الفن لايستطيع أن يشرع قوانين أو يضع دستوراً، بينما الدين والسياسة قادران علي هذا بسهولة، ولوحدث العكس فالأمر المؤكد أن هذا يُحدث خللاً في المجتع، بالتالي فأنا منع الرأي الذي ينادي بضرورة "فصل الدين عن السياسة" وأضيف لهما.. "وعن الفن" أيضاً، لكنني لا أحب الخوض في السياسة ولافي الدين، ولا أري أنها مهمتي كممثلة. لكن الفيلم كان يخوض في السياسة والدين؟ - فيلم "بالألوان الطبيعية" ناقش التطرف بكل أشكال وألوانه التي نواجهها في مناحي الحياة، وليس الدين فقط، فالدين بداخل قلوبنا وفي ضمائرنا، وهو الذي يشكل نمط حياتنا، والدنيا بلادين غابة، والفيلم أكد علي مقولة أنه "كلما زاد الشيء عن حده انقلب إلي ضده "لأمر الذي يؤدي إلي نتائج سلبية خطيرة، وخلل في النفس والفكر مما يخلق حالة من التشتت اللانهائي التي تفرض علينا نوعاً من الحيرة بين الحلال والحرام. لكن الجمهور لم يقتنع بمبررات "ليلي" وظل علي موقفه الرافض لانتهازيتها ووصوليتها؟ - لأن أحداً لا يستطيع أن يغفر لها بالفعل كل مافعلته في حياتها من زواج وطلاق وقصص حب مجهضة وفاشلة، وأيضاً سلوكياتها الخاطئة والناضجة، فهي علي الرغم من محاولتها التحكم في زمام الأمور لتتخطي المرحلة السيئة والصعبة في حياتها لم تستطع أن تتخلص من انتهازيتها، واستغلالها للآخرين في سبيل مصلحتها، وكانت النتيجة أن خسرت كل شيء في النهاية. لا أخفي عليك أن صورتك في الطبيعة مختلفة تماماً عن تلك التي ظهرت بها علي الشاشة؟ - بالفعل، فقد بذلت مجهوداً كبيراً مع "الماكيير" و "الاستايلست"، بعدما طلب مني المخرج أسامة فوزي أن أظهر بشكل يختلف عن طبيعتي الأصلية، وأن اقترب من شخصية "ليلي" سواء من خلال ملامحي ولون بشرتي الذي مال أكثر إلي الاسمرار، فكنت أضع ماكياجاً ثقيلاً وكثيفاً لأصل إلي ما أراد، وأيضاً علي مستوي الملابس التي أرادها المخرج أن تكون مستفزة. علمت أن لك تجربة سينمائية في فيلم "الراجل الغامض بسلامة" حديثنا عنها؟ - شاركت هاني رمزي، بعد أن بدأنا بالفعل تصوير فيلم "بالألوان الطبيعية"، الذي صورنا أول مشاهده منذ عام ونصف العام، وأجسد في فيلم هاني رمزي شخصية "سميرة" الإنسانة المستغلة للغاية والعملية لأقصي درجة بما يجعلها تلغي مشاعرها أحياناً ولاتهتم بأي شيء أو أحد في سبيل مصالحها. دور مطابق لدورك في "بالألوان الطبيعية" فهل ستسجنين نفسك في هذه الأدوار؟ - التطابق في الشكل العام فقط، لكن هناك خطوطاً مختلفة بين الدورين. كيف ترسمين خطوات مستقبلك؟ - أتمني أولاً أن يحقق فيلم "بالألوان الطبيعية" النجاح الجماهيري والنقدي الذي يُرضيني، وحتي الآن لم أحدد، بعد، خطواتي أو خطتي المستقبلية، فقد جئت إلي مصر وأنا نجمة في تونس، وكنت أكثر من حصلن علي بطولة مطلقة بين النجمات التونسيات، ولم اتخذ قراراً بعد فيما يختص باستقراري في مصر بشكل نهائي أو السفر، خصوصاً أن مسألة التنقل بين بلد عربي وآخر صارت سهلة للغاية، ولم تعد هناك مشقة كما كان الحال في السابق.