تأمل اسرائيل في ازالة احد المخاطر الاستراتيجية الكبري المحدقة بها من خلال نشر نظام دفاعي جديد تم اختباره بنجاح تام وقادر علي اعتراض الصواريخ التي تطلق عليها سواء من قطاع غزة او من لبنان. وتم تطوير نظام "القبة الفولاذ" الذي جرت آخر التجارب عليه الاسبوع الماضي بهدف التصدي لاطلاق الصواريخ وقذائف الهاون من لبنان علي شمال اسرائيل ومن قطاع غزة علي جنوبها. ومن المقرر ان تبدأ الدرع التي يتراوح مداها بين 40 و70 كلم العمل في غضون ستة اشهر علي ان تنشر في المنطقة المحاذية لقطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس ومن حيث اطلقت الاف الصواريخ خلال السنوات العشر الاخيرة. وسيتم نشر بطاريات "القبة الفولاذ" لاحقا علي طول الحدود مع لبنان بمحاذاة الشريط حيث تقول اسرائيل ان حزب الله الشيعي اللبناني ركز ترسانة تضم اربعين الف صاروخ ومن حيث اطلقت صواريخ علي الدولة العبرية منذ بداية الثمانينيات. واطلق حزب الله اكثر من اربعة الاف صاروخ علي شمال اسرائيل خلال حرب لبنان الثانية في 2006 وارغم مليون شخص من سكان هذه المنطقة علي البقاء في الملاجئ او الهرب الي جنوب البلاد. وسيتم دمج الدرع الصاروخية مع النظام الدفاعي الاسرائيلي الذي يضم بطاريات صواريخ "حيتس" (السهم) المضادة للصواريخ، في برنامج طموح متعدد المستويات يمكنه حماية المدن الاسرائيلية من اي صواريخ قريبة المدي او صواريخ بالستية بعيدة المدي قد تطلق من قطاع غزة او لبنان او سوريا او ايران. ومن المقرر بحسب وزارة الدفاع استكمال هذه الدرع بنظام ثالث سيتم تطويره في السنوات المقبلة ويهدف الي اعتراض صواريخ متوسطة المدي. ويعيش في اسرائيل حاليا خمسة ملايين نسمة من بين 7.5 ملايين اسرائيلي، في مرمي الصواريخ والقذائف التي تؤكد اسرائيل انها مخزنة في لبنان وقطاع غزة وقادرة علي ضرب تل ابيب. ويعتبر الخبراء الاسرائيليون ان تطوير نظام "القبة الفولاذ" الفريد من نوعه في العالم يعكس "تقدما استراتيجيا هائلا" حققته الدولة العبرية. وقال المدير العام لوزارة الدفاع بيناس بوكريس "ان تشغيل القبة الفولاذ سيحدث تحولا في وضع اسرائيل الدبلوماسي والامني علي جبهتينا الشمالية والجنوبية". واوضح انه سيؤمن حماية فاعلة للمدن والمنشآت الاستراتيجية والقواعد العسكرية والمرافئ ومحطات الطاقة التي كانت حتي الان هدفا للصواريخ من غزة ولبنان. وقال المتحدث باسم الوزارة شلومو درور لفرانس برس ان "الصواريخ والقذائف شكلت تهديدا استراتيجيا لانها قادت الي تحول كبير في السياسة الاسرائيلية من خلال شن هجمات علي لبنان وغزة". واوضح افرايم انبار مدير مركز بيجن- السادات للدراسات الاستراتيجية ان القضاء علي هذا التهديد سيجنب اسرائيل التعرض مجددا للانتقادات الدولية التي واجهتها عند شنها الهجوم العسكري العام الماضي علي قطاع غزة. وقال "ان النظام يسقط احدي ركائز استراتيجية اعدائنا التي تقول بان الوسيلة الوحيدة لاستهداف اسرائيل في ظل تفوق الجيش الاسرائيلي الكامل، هي بضرب تجمعاتها السكنية". وتؤكد اسرائيل ان هذه الدرع لن توجد تحول استراتيجيا في الحرب فحسب، بل في السلم ايضا. ويبدي العديد من المسئولين الاسرائيلين وفي طليعتهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو منذ سنوات مخاوف من ان يؤدي قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية الي وضع مطار اسرائيل الوحيد ومراكزها الحيوية في مرمي الصواريخ الفلسطينية. وقال شلومو درور انه "مع هذا النظام الجديد، فان اسرائيل تزيل احد المخاطر الكبري المحدقة بمطار بن جوريون في حال التوصل مستقبلا الي اتفاق سلام مع الفلسطينيين". غير ان المسئولين الاسرائيليين لا يعتقدون ان الدرع ستضع حدا بالكامل لعمليات اطلاق الصواريخ الفلسطينية وقال المتحدث "ليس هناك حماية مئة بالمئة. الناشطون سيواصلون اطلاق الصواريخ ومحاولة شن هجمات صغري علي اسرائيل".