في نبأ عاجل، أعلنت إذاعة لندن وصوت أمريكا وفاة اللغة العربية في جمهورية مصر العربية والعالم العربي،بناء علي إعلان من اليونسكو. وفي ساعة متأخرة، أصدرت وزارة التربية والتعليم بيانا نعت فيه إلي الأمة العربية والإسلامية موت اللغة العربية في مستشفي المعلمين بالقاهرة، بعد صراع مع المرض استمر لمدة 57 سنة. وجاء بالبيان أنها أصيبت بهبوط حاد في الدورة الدموية، ولم تجر لها الإسعافات الضرورية لعدم وجود مسئولين بغرفة العناية المركزة لانشغال الجميع بمباراة مصر والجزائر في السودان. علي الفور تناقلت الخبر وكالات الأنباء وكان له ردود أفعال واسعة في كافة أنحاء العالم.أصيبت الدول العربية والاسلامية بالصدمةوالحزن الشديد لوفاة لغة القرآن. أما الدول المعادية للإسلام والمسلمين - وعملاؤها في بلاد المسلمين - فقد شعروا بفرحة عارمة، فهاهو الهدف الذي سعت إليه قد تحقق أخيرا بعدحرب طويلة، فاختفاء اللغة العربية يقود إلي اختفاء القرآن، وبذلك فقد حان الوقت لتوجيه الضربة القاضية للإسلام.ولكن تلك الدول أخفت مشاعرها وأصدرت بيانات رسمية لمشاطرة المسلمين الأحزان، بل وأعلنت أنها سترسل وفودا رفيعة المستوي للمشاركة في تشييع جنازة اللغة العربية إلي مثواها الأخير. وأعلن بعض قادة الدول الكبري أنهم سيرأسون وفود بلادهم طبقا لنظريتهم الخالدة وهي "قتل القتيل والمشي في جنازته "ولايخفي أنهم يشاركون في تشييع الجنازة للتشفي والشماتة، ومنهم الرئيس الهندي "نهرو"، والرئيس اليوغسلافي "تيتو"، اللذان كانا يقاتلان المسلمين في الهند وكشمير والبوسنة والهرسك أثناء صداقتهما مع الرئيس عبدالناصر وتوليهما زعامة مايسمي بدول عدم الانحياز. توالت ردود الأفعال الداخلية والخارجية.. وشاعت أقاويل بأن اللغة لم تمت موتا طبيعيا وإنما جاء موتها نتيجة إهمال جسيم يرقي إلي مرتبة القتل العمد. أعلنت الوزارة عن تشكيل لجنة من خبراء الطب الشرعي لفصح جثمان اللغة وتحديد الأسباب العضوية للوفاة، وأُعلنت حالة الطوارئ في أجهزة الدولة لمواجهة الموقف وتنظيم الجنازة وتأمين المشيعين الأجانب، وحفظ الأمن العام. صدرت تو جيهات السيد وزير الإعلام لاتحاد الإذاعة والتليفزيون بالارتفاع لمستوي الحدث في المواد المذاعة والتركيز علي تلك التي تتضمن الإشادة بالعربية . علي الفور قام التليفزيون بتغيير برامجه وراح يذيع بمعدل 15 مرة في الساعة أغنية عن العربية تقول : "الجوز الخيل.. والعربية.. سوق ياسطي لحد الصبحية.. علي راسي ياهانم وعنية" و"يلاحظ التحرش المتبادل بين الزبونة والعربجي"، كما راح يذيع المشكلة اللغوية التي تعرض لها اسماعيل يس في مستشفي المجانين مع الخواجة بيجو الذي ذهب لزيارة أخيه وتوقف به الحمار في الطريق وأراد أن يكتب لأخيه خطاب اعتذار. أما الإذاعة فقد سارت علي هذا النهج في مواكبة الحدث فراحت تكرر إذاعة أغنية: "وديني بسرعة يا عربية.. وديني بسرعة وطيري بيه.. ما تأخرينيش ما تعّطلينيش..أحسن بعدين يغمي عليه" وأغنية "كان فعل ماضي ماتسيبه ف حاله..والماضي إحنا مالنا وماله" وأغنية "سين سؤال: هل تعرفي كان وأخواتها؟ جيم جواب: أعرف عماتها آه وخالاتها!!" قدمت لجنة خبراء الطب الشرعي تقريرا جاء به أنه قد وُجد بدم اللغة آثار لسموم بطيئة المفعول خارجية وداخلية، وأرجعت فيه الوفاة إلي ثلاثة أسباب رئيسية هي: الإرتفاع في ضغط الدم، وانفقاع في المرارة، والغم واحتراق في الدم. وأوصت اللجنة بالإحالة لخبراء الطب النفسي لتحديد أسباب تلك الأعراض. علي الفورأعلنت وزارة الثقافة عن تشكيل لجنة من خبراء الطب النفسي لتحديد الأسباب النفسية لتلك الأعراض. قدمت اللجنة تقريرا أرجعت فيه تلك الأعراض إلي مايلي: أولا: بالنسبة لأسباب ارتفاع ضغط اللغة: 1- رأت أبناءها انصرفوا عنها واتجهوا إلي مايسمي بمدارس اللغات وتعني أساسا بالانجليزية والفرنسية، وهي امتداد لظاهرة المدارس التبشيرية مثل مدرسة "أم الإلهّ!!" المعروفة "بالميردي دييه" ومدرسة "الآباء اليسوعيين"، المعروفة بالجيزويت، ومثلها من المدارس التي يقبل عليها المصريون بغبطة وسرور. 2- لاحظت التزايد المستمر في فتح الجامعات الأجنبية في مصر للتعليم بلغات أجنبية، مثل الجامعات الأمريكية والفرنسية والبريطانية والألمانية ..وهكذا وأصبح المصريون يفتخرون بإلحاق أولادهم بها، وإذا أراد مصري إنشاء جامعة خاصة فمن الوجاهة أن يختار لها إسما أجنبيا وياحبذا لو يكتب بالحروف اللاتينية. 3- أصبح التعليم بالمدارس الحكومية مقصورا علي أولاد الفقراء، ولكن مدارس الحكومة شعرت بالغيرة، فانشأت مايسمي بالمدارس التجريبية ليكون التعليم فيها بالإنجلش...، وحدث ولاحرج عن ضعف مناهج اللغة العربية وتعقيدها وانخفاض مستوي معلم العربية. 4-أصبح مدرس اللغة العربية مادة للسخرية والتندر والتفكه في السينما والمسرح والتليفزيون، وهو اتجاه ظهر في أوائل القرن العشرين مع بداية السينما، مثال ذلك فيلم "غزل البنات" بطولة ليلي مراد ونجيب الريحاني، الذي قام بدور مدرس العربي "المسخة" ولابأس من التهكم علي اللغة ذاتها، والقارئ يعرف ذلك ولكنه يضحك بملء الفم دون اعتراض. ومن وسائل السخرية أيضا من اللغة تلك المشاهد التمثيلية التي يقوم فيها الممثلون بأدوار المأذون أومشايخ الأزهر.. مع التقعّر في الحديث واستخدام ألفاظ غير مألوفة قد تكون غير موجودة أصلا في اللغة العربية وانما هي من اختراع المؤلف.ونحن نتحدي أيا منهم أن يرينا شجاعته ورجولته ويمثل دور "القسيس" في شكل فكاهي كما يفعل مع رجال الأزهر، ولكن لغاية هنا لا توجد عندهم رجولة والجبن "عندهم" سيد الأخلاق..ولو فعل أحدهم لقامت علي أم رأسه ورأس أمه قيامة الوحدة الوطنية. 5- شيوع ظاهرة تسمية الأماكن والمحلات التجارية بأسماء أجنبية، فالبقال أصبح سوبر ماركت،والمقهي أصبح كافيه شوب، ومحلات بيع الاسماك اصبحت فيش ماركت وفيش هاوس، والسوق التجاري أصبح المول..وهكذا... 6- شيوع استخدام كلمات أجنبية علي ألسنة المسئولين كدليل علي التحضر والرقي، سواء في أجهزة الإعلام أو في اجتماعات رسمية، وربما دارت المناقشات بالإنجليزية، وكل ذلك بلا ضرورة وبدون مناسبة. 7- عدم اهتمام المسئولين بمشكلة اللغة العربية ومواجة أسبابها والعمل علي حلها، وانصب اهتمامهم باللغات الأجنبية وخاصة الإنجليزية "بلكنة أمريكية" بوصفها لغة "العولمة"، حتي يأتي يوم يصبح فيه تعليم اللغة العربية بالإنجليزية. 8 _ شيوع استخدام اللغة العامية في الأغاني وبرامج الإذاعة والتليفزيون و"الفيديو كليب" علي حساب اللغة العربية، حتي أن قناة النيل للرياضة في التليفزيون المصري "العربي" قد تغير اسمها إلي الإسم الأمريكي "نايل سبورت" دون خشية أو حياء. 9- عدم تفعيل المادة الثانية من الدستور المصري لعام 1971 التي تقضي بأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، وعدم وجود حماية تشريعية لها. ثانيا: أسباب انفقاع مرارة اللغة: لاحظت اللغة العربية أن الذين يتشدقون بالكلمات الأجنبية ليسوا أصلا أولاد لوردات، أو تلقوا تعليمهم في الخارج، وإنما هم من طبقة العوام التي تقلد أسيادها الذين باعوا قضية الوطن وهويته وهانت عليهم لغتهم وتشبهوا بالغرب، فتقول الأم لابنها: "إشرب ياحبيبي الميلك" "واعمل الهوم وورك" و"خد شاور قبل ما تنام".. وتراهم - مثلا - يحيون بعضهم بكلمة "باي" ولتفادي الحسد يقولون "تاتش وود" و"إمسك الخشب" ولو عرفوا معني هذه الكلمات عند أهلها ماقالوها، وهكذ.. تقليد أعمي بجهل فاضح.. إنه فقدان للذات.. إنهزام عقلي ونفسي.. ضياع الهوية.. إنهاعقدة الخواجة..!! بصراحة: حاجة فعلا تفقع المرارة؟....... باي!!