عكس المشهد التعليمي بعد مرور اسبوعين من بدء الدراسة اننا منشغلون فقط بالبحث عن الشكل بدون المضمون وبالتصريحات الوردية وكله تمام مع ان نفس الصورة لنفس الاحداث تقول العكس تماما. فالوسط التعليمي كله انشغل بقضيتين لا ثالث لهما وهما: انفلونزا الخنازير والنقاب واما كيف تسير العملية التعليمية ومضمونها وهل تسلم الطلاب كتبهم المدرسية وماذا عن المناهج الجديدة واعداد المدرسين لها وهل تعاني المدارس من نقص في المدرسين والادوات والانشطة المدرسية، فكل هذا الحديث اختفي تماما من الساحة لتحتل معه قضيتا الانفلونزا والنقاب كادر الصورة والمشهد التعليمي بأكمله. ورغم ذلك وعلي اهمية القضيتين اللتين لا ننكر اهمية مواجهة خطرهما فان نفس الصورة ونفس المشهد الذي كان يراه المسئولون ويتحدثون عنه بمقولة كله تمام، فان نفس الصورة والمشهد كانت تقول العكس تماما!! فلنأخذ مثلا صور ومناقشات د. يسري الجمل وزير التربية والتعليم اثناء زيارته ومتابعته للمدارس فنجد تلاميذ هذه المدارس في الصورة يرتدون الكمامات ويجلس كل تلميذ بمفرده علي طاولة الدراسة وسأل الوزير عن توفير الكمامات ووصول العدد الكافي منها الي المدارس، مع ان نفس الصورة والمشهد اكدت ان الوزير ومرافقيه لم يكن احد منهم يرتدي الكمامة، فهل مرض انفلونزا الخنازير خطر فقط علي تلاميذ وطلاب مصر وليس خطرا علي المسئولين وكيف سيصدق الطلاب ومدرسوهم ايضا جميع الاجراءات التي تتحدث عن الوقاية من انتشار المرض وضرورة ارتداء الكمامات في التجمعات البشرية ووزير التربية والتعليم نفسه والمحافظون والمديريون وكل المدرسين في المدارس باستثناء المدارس التي زارها الوزير لا يرتدون الكمامة، كان الاولي والافضل بدلا من ان نعطي التعليمات ونعاقب المقصرين، ان نظهر جميعا بمشهد الكمامة او الا نطالب التلاميذ بها. في نفس المشهد التعليمي كانت زيارات السادة المسئولين وعلي رأسها زيارات وزير التربية والتعليم معروفة ومعلنة للجميع فلماذا نصفها بالزيارة المفاجئة اذن، وهو ما جعل كل المدارس التي سيزورها الوزير علي اهبة الاستعداد والنظافة وغيرها وفي المرة الوحيدة التي قرر د. يسري الجمل مشكورا ان يخرج عن البرنامج المعد مسبقا ويزور مدرسة ليست في البرنامج المعد اكتشف بنفسه وكما صورت عدسات الاعلاميين والصحفيين سوء حالة المدارس ولاسيما دورات المياه وحالة القذارة الشديدة التي يعاني منها عدد من المدارس بل واكتشف الوزير بنفسه ان المياه منقطعة عن المدارس وان هذا يمثل حالة دائمة وليست طارئة، والغريب ان هذه الزيارة كانت لاحدي المدارس بالقاهرة وتحديدا في منطقة زينهم، فكيف سيكون الحال في مدارس القري والنجوع وما اكثرها. اعلم انه ليس من مهمة الوزير ان يراقب دورات المياه والنظافة ولكن اعتقد انها كانت زيارة مفيدة لسيادته ليعرف الواقع الحقيقي للمدارس التي من المفترض ان تجري بها بعد ذلك العملية التعليمية ويري بنفسه المشهد حتي لا يتهم الصحافة والاعلام "كالعادة" بتصعيد الاخطاء، وليته ينقل الصورة ايضا في اجتماع مجلس الوزراء والمحافظين القادم ويكرر زيارته المفاجئة "خارج البرنامج". لم تكن الصورة مفاجئة فقط لوزير التربية والتعليم بل كانت مفاجئة ايضا للدكتور عزت عبدالله محافظ بني سويف وهو الذي عبر بنفسه عما رآه من سلبيات كثيرة في العملية التعليمية والنظافة واستعدادات المدارس اثناء جولاته المفاجئة وعليه ان يعترف بصراحة استاذ الجامعة انه رأي سلبيات كثيرة لم يكن يتوقع ان يجدها او ان العملية التعليمية هكذا تسير في المدارس حتي انه قال انه يجب ان "نشكر انفلونزا الخنازير" لانها كشفت الواقع والمشاكل والسلبيات. واذا انتقلنا الي القضية المحورية الثانية في المشهد التعليمي وهي قضية النقاب سنجد انه في الوقت الذي صرح فيه ايضا د. يسري الجمل وزير التربية والتعليم في زيارته للفيوم بان النقاب ممنوع في المدارس منذ عام 1995 كانت نفس الصورة خلفه داخل الفصول التي زارها بها عدد كبير من طالبات المدرسة يرتدين النقاب بل ان مديرة احدي المدارس وعددا من المدرسات في المدارس التي زارها الوزير كن يرتدين النقاب ايضا، نعم اختفت المديرة والمدرسات من المشهد الذي حضره الوزير لكن الطالبات كن موجودات وتحدث معهن، فأين اذن هذا القرار الوزاري الذي نعلم جميعا انه موجود بل قامت بسببه القيامة ومازالت واستدعت الذهاب للاعتراض عليه ورفعه الي المحكمة الدستورية العليا التي ايدت قرار وزير التعليم في ذلك الوقت د. حسين كامل بهاء الدين ومنعت ارتداء النقاب بالمدارس. ولكن يبدو ان الوزير "تعلم" من درس واقعة شيخ الأزهر في حواره مع الطالبة آلاء بالمعهد الازهري بالقاهرة فلم تثر المشكلة في الزيارة ولم يتحدث عنها احد اللهم من شاهدوا النقاب في المدارس وهنا يظهر علي السطح امر بالغ الاهمية هل نحن ننفذ القرارات وحتي الاحكام القضائية ولاسيما حكم المحكمة الدستورية العليا بمنع النقاب بجميع المدارس الحكومية والخاصة والازهرية.. ام اننا فقط نعلم بها ونتحدث عنها في المشهد التعليمي بينما الصورة تقول العكس تماما.. سواء في مواجهة الانفلونزا او النقاب.