ربما لا توجد فئة في مصر اكثر اجراما من فئة البدو والاعراب الذين يسكنون الصحراء المترامية الاطراف ولا تخلو محافظة في مصر من ظهير صحراوي تسكنه مجموعات من البدو في مجتمعات مهمشة تحولت مع الوقت الي صداع في رأس الحكومة خاصة الاجهزة الامنية التي تعتبر هؤلاء البدو مجموعات من الخارجين علي القانون ومطاريد في الجبال يشكلون تهديدا للامن الداخلي بما يرتكبونه من جرائم سواء تهريب المخدرات او الاتجار في السلاح او فرض السيطرة والاتاوات والاستيلاء علي املاك الدولة كما يشكلون ايضا تهديدا للامن القومي الخارجي بعدما فتح بعضهم احضانه لاستقطاب الارهاب الاسود خاصة في اعقاب تفجيرات سيناء فضلا عما يرتكبونه من جرائم تهريب وهجرة غير شرعية لاسرائيل. وفي تلك السطور نفتح ملف جرائم البدو والاعراب في مصر لتسليط الضوء علي من يسكنون علي الاطراف ويمثلون وجعا في قلب البلد. بالطبع ليس كل بدوي او اعرابي مجرم وانما مجتمعات البدو شأنها شأن باقي المجتمعات فيها الصالح والطالح الا ان الغلبة دون انكار للفاسدين والخارجين علي القانون لمن يشكلون تهديدا للامن الداخلي. وهناك قبائل عربية ذات اصول وجذور ضاربة في اعماق مصر والوطن العربي ومعظمها يرجع نسبة لآل بيت النبي عليه الصلاة والسلام ونحن نؤكد اننا لا نعني هؤلاء وانما نعني من سولت له نفسه ارتكاب تلك الجرائم بحثا عن ثراء من مصدر غير شرعي. مؤخرا انتشرت وبشكل كبير جرائم البدو بالشكل الذي جعل منها ظاهرة امنية نحتاج للمزيد من البحث والدراسة كان اخرها حادث مقتل اللواء ابراهيم عبد المعبود مدير مباحث السويس علي يد اعرابي اشتهر عنه الاتجار في المخدرات والسلاح علي نطاق واسع وكان سهلا عليه ارتكاب جريمته بدماء باردة ثم الهرب للاختفاء بين احضان الجبال التي اعتاد السكن فيها والتي كانت بمثابة حصن حصين استعصي علي اجهزة الامن افتحامه لالقاء القبض عليه. وفي محافظات الشرقية واكتوبر وعدد كبير من المدن الجديدة قدم عدد من الشباب المنتفعين بمشروع ابني بيتك عدة بلاغات للاجهزة الامنية ضد مجموعات من البدو قاموا بسرقة مواد البناء والمعدات المستخدمة في بناء المشروع لاعتراضهم علي المشروع والذين ادعوا ان المشروع يقام علي اراضيهم وطالبوا بإتاوات شهرية من الشباب والمقاولين ليكفوا اذاهم عنهم ولما رفض الشباب تلك البلطجة وفرض السيطرة بقوة السلاح كان جزاؤهم السرقة ونهب مواد البناء والمعدات وحتي اخشاب المقاولين! ولعل من اشعل ازمة دير ابو فانا في المنيا هم الاعراب سكان تلك المنطقة فالازمة لا تحمل بعدا طائفيا بقدر ما تحمل خلافا علي مساحة من الارض اختلف راعي الدير وهؤلاء البدو علي ملكيتها فلم يكن غريبا ان يستخدم البدو اسلحتهم الآلية في الدفاع عن حيازتهم للارض في مواجهة الطرف الثاني. والامر نفسه تكرر في محافظة الشرقية عندما ارادت مجموعة من البدو تأديب نائب جهاز مدينة العاشر من رمضان وعقابه علي دفاعه عن املاك الدولة وازالة التعديات عليها فما كان منهم الا ان نصبوا كمينا وأمطروا سيارته بوابل من رصاص اسلحتهم الآلية فأردوه قتيلا واصابوا سائقه بينما فروا هاربين وما زالوا.. وغيرها من الجرائم التي كانت حديث وسائل الاعلام في الفترة الماضية اما بالنسبة لجرائم تهريب المخدرات والاتجار فيها فهناك سجل حافل بالسوابق في كل مديرية امن علي مستوي الجمهورية خاصة في المحافظات الحدودية شرقا وغربا وجنوبا فمن يزرع المخدرات في اودية وسفوح الجبال في سيناء هم البدو ومن يحصدها ويعيد انتاجها وتهريبها لباقي المحافظات هم البدو وعلي الحدود الغربية هناك مجموعات من البدو تخصصت في تهريب المخدرات خاصة الحشيش عبر الحدود الليبية فضلا عن عمليات التهريب الاخري وابسطها تهريب السلع سريعة التداول كالسجائر والملابس وايضا السيارات وفي الجنوب يهدأ البدو قليلا الا ان هدوءهم لا يعني اعفاءهم عن الاتجار في المخدرات ولا يعفيهم من جرائم الاتجار في السلاح وتهريبه علي خط الحدود السودانية وبمحاذاة ساحل البحر الاحمر. اما علي صعيد المواجهات الامنية مع البدو فحدث ولا حرج ربما كان اكثرها شراسة هي المواجهات الاخيرة التي شهدتها جبال سيناء بحثا عن فلول الارهابيين الهاربين عقب تورطهم في تفجيرات سيناء الاخيرة والتي شهدت استشهاد عدد من ضباط وافراد الشرطة خلال تلك المواجهات.. فضلا عن المواجهات التي تمت مؤخرا بين قوات امن الجيزة يدعمها عناصر من ادارة مكافحة المخدرات ضد جماعات من البدو سيطروا علي طريق مصر الفيوم الصحراوي استغلوا تلك البقعة الصحراوية لجعلها وكرا للاتجار في المخدرات خاصة الهيروين وغيرها من المواجهات التي كانت نتيجتها حاسمة لصالح اجهزة الامن. وبالنظر لحياة البدو كما يقول الدكتور صلاح منسي استاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق فانهم يعيشون في قبائل يسكنون قري صغيرة علي اطراف الظهير الصحراوي للمحافظات او في المناطق الجبلية ويعتبرون ممن يطلق عليهم المهمشين نظرا لعدم رغبتهم في الاندماج في المجتمع ولانصراف اجهزة الحكم عن دمجهم في المجتمع وهو ما يحدد طبيعة العلاقة بين الطرفين فالبدو يطلقون لفظ الحاكم علي كل ما هو حكومي بدءا من عسكري الشرطة وحتي رئيس الجمهورية مرورا بموظفي الحكم المحلي ومن في حكمهم والعلاقة مع الحاكم عادة لا تكون علاقة ثقة واطمئنان فالتاريخ وما حمله من حوادث كفيل بترسيم حدود تلك العلاقة التي كانت دائما ما تأخذ شكل مطاردات سواء من قبل اجهزة الامن او من خلال الحكومات المتعاقبة لتوسيع حدود المحافظات والامتداد العمراني الذي اخذ من اراضيهم التي ورثوها علي المشاع عبر التاريخ بحكم انهم سكانها. ويضيف د. منسي ان تلك الشواهد كانت مقدمة لاحتراف عدد كبير من البدو للجريمة نظرا لانهم ليسوا من فئة تجتهد في العمل ولا ينجحون في الاختلاط مع من دونهم فكانت الجريمة هي الاسهل بالنسبة لهم والاكثر تحقيقا للثروة ساعدهم علي ذلك علمهم بدروب الصحراء والتضاريس الجبلية الوعرة واحترافهم لاستخدام السلاح وغيرها من الاسباب التي نضيف لها استغلال البعض لعدد منهم في الاستيلاء علي املاك الدولة كما حدث علي الطريق الصحراوي وطريق مصر الاسماعيلية وغيره. ويختتم ان شئنا أم أبينا فان هؤلاء البدو مصريون يحملون الجنسية المصرية وعلي الحكومة رعايتهم وتقديم ما يجعلهم اكثر انتماء لهذا الوطن وخوفا عليه من اي تهديد وذلك من خلال تمليكهم الاراضي التي يقيمون عليها وعمل مشروعات صغيرة لربطهم بالارض وتوفير دخل ثابت لهم فضلا عن تقديم كل سبل الرعاية الصحية والاجتماعية لدمجهم في المجتمع. وعن النظرة الامنية لجماعات البدو يقول اللواء سيد داود مساعد وزير الداخلية السابق انه لا يجب النظر لكل بدوي علي انه مجرم ولكن للاسف الشديد وجود بعض العناصر من الخارجين علي القانون بينهم هو ما اساء لهم ووصمهم تلك الوصمة التي تشكل صداعا في رأس الاجهزة الامنية في كل مديرية نظرا لوجود ظهير صحراوي لكل محافظات مصر فضلا عن الصحراء المترامية والمناطق الجبلية التي لا تقل خطورتها في الصعيد عن سيناء فجميعهم في السوء سواء الا ان هناك استراتيجية امنية تحكم التعامل مع هؤلاء العناصر من بين اهداف تلك الاستراتيجية عدم السماح لهؤلاء الخارجين بتشكيل مجموعات اجرامية في أي مكان وعدم السماح لهم بممارسة انشطتهم الاجرامية بأي حال من الاحوال وهو ما يجعلنا لم نعد نسمع عن المطاريد في الصعيد مثلا وعن بدو سيناء ما كنا نسمعه في الماضي فضلا عن وجود تحرك امني يهدف لامتصاص طاقات تلك العناصر وتوفير اعمال لهم تتناسب مع طبيعتهم مثل اعمال الحراسة مثلا للمشروعات التي تهتم وتعمل في تجمعاتهم مثل حراسة شركات البترول العاملة في الصحراء الغربية وحراسة محطات الكهرباء وغيرها من المشروعات التي توفر لهم عائدا ماديا وتجعلهم دائما نصب اعين اجهزة الامن لاحكام السيطرة عليهم ومد جسور من العلاقة بينهم وبين اجهزة الحكومة لدعم انتمائهم الوطني علاوة علي مطاردة كل الخارجين علي القانون واخضاعهم لاحكام قانون العقوبات طبقا للجريمة التي يرتكبونها. ويضيف انه لم يعد من المسموح به ان يكون هناك اي شخص فوق القانون ويجب اخضاعه مهما كانت التكلفة وبالتالي فهناك حملات مستمرة لاجهزة الامن علي المناطق المعروف عنها تواجد عناصر اجرامية بها او تمارس نشاطا مخالفا للقانون مثل حملات مكافحة الزراعات المخدرة في سيناء وحملات ضبط فلول الهاربين في الجبال والمناطق الوعرة وتلك الحملات تحدث صدي هائلا وتؤدي نتائج علي اكمل وجه ذلك لان لدينا من العناصر المؤهلة والمدربة ما يجعلها تؤدي واجباتها الامنية المكلفة بها علي اكمل وجه ممكن. ويؤكد جلال عامر الخبير الحقوقي ان مجتمعات البدو تأتي علي رأس التجمعات المهمشة في مصر شأنهم شأن الغجر في اوروبا واسيا وطبيعة هؤلاء الميل لاستخدام العنف والتربح من الجريمة والاحتيال الا ان الامر في مصر يبدو مختلفا وأسهل في العلاج طالما ارادت الحكومة ذلك والحل بسيط يكمن في توطين هؤلاء البدو ودعم انتمائهم للوطن خاصة في سيناء التي يشكل البدو فيها 90% من سكانها وبالتالي فهم حراس بوابة مصر الشرقية ضد العدو الصهيوني المتربص بالحدود وهم خط الدفاع الاول الذي يجب دعمه ولكن للاسف فخطة تعمير سيناء وتنمية اهلها ما زالت حبرا علي الورق ولم تتحدث عن نفسها الا في تصريحات المسئولين فترة اكتوبر والانفعال بأعياد سيناء في ابريل دون ذلك تتحول الي نسي منسي. ويضيف انه اذا اعتبرناهم مجرمين فلا يجب ان نتركهم يتمادون في اجرامهم دون ان نعاقبهم علي ما يرتكبونه من جرائم وتقويم سلوكياتهم والتحضر والتمدن الحادث حاليا يجب الاستفادة منه في كل ما قيل من اجل الاستفادة بمقومات تلك المجتمعات وخصائصهم السكانية لخدمة الوطن.