منه لله عجز الموازنة، الذي يطلع علينا سنويا مع مناقشة الخطة والموازنة الجديدة، ليدفع باجراءات وقرارات تزيد من الاسعار لكل السلع والخدمات.. العجز هذا العام يزيد قليلا علي 85 مليار جنيه، يعني نفقاتنا تزيد علي دخلنا ب 85 مليار جنيه، ولازم طبعا نأخذ اجراءات جديدة، غير اللي فاتت وتسببت في ارتفاع اسعار البنزين والسولار والسجائر والتراخيص. الصورة اصبحت اصعب فالتضخم وصل إلي نحو 11% والدين المحلي قفز الي 640 مليارا وعائدات قناة السويس تراجعت بنحو مليار. الحكومة الآن تبحث عن تمويل لهذا العجز الذي اصبح دائما ومتزايدا عاما بعد الآخر، امام الحكومة طرق عديدة بعضها يتعلق بالاخذ من الكبار بفرض ضرائب تصاعدية لاننا في نظام الرأسمالي وسوق مفتوح، لكن الحكومة ترفض هذا الحل، وتقول انها عند كلمتها التي التزمت بها ولن تزيد الضرائب علي 20% ابدا، مهما حدث، وتراها نسبة جاذبة للاستثمارات عند مقارنتها بالدول المجاورة! وامام الحكومة ايضا طرق اخري بضغط الانفاق الحكومي، وترشيد مصروفات الوزارات والهيئات، وركوب سيارات اقل "سي سي"، والغاء المواكب المرافقة والدراجات النارية التي تفتح الطرق، وتجعل المشوار في وسط القاهرة في لمح البصر، لكن الحكومة تفضل ان تكون حكومة فاخرة وفخمة، تركب افضل السيارات وتأكل من احسن المطاعم وتكتب بأقلام باركر وعلي ورق أزوريه، وأظرف بيضاء كبيرة. وتري ان هذا الشعب عظيم وكبير ولابد ان تدير شئونه حكومة ضخمة وعصرية وذكية، فهل من الذكاء الا تبالي الحكومة من تأثير غول التضخم الذي يرفع الاسعار ويزيد من معدلات الفقر، ويجعل الجنيه بخمسين قرشا. وامام الحكومة بدائل اخري في ان تزيد من رسوم اليخوت والطائرات الخاصة وتراخيص السلاح والكافيار والمشروبات الكحولية والسلع الترفيهية والكمالية والاستفزازية، لكن الحكومة تري انها فعلت ذلك اكثر من مرة، وكفاية فرض رسوم في هذا الاتجاه، حتي لا يهرب الناس. اذن ليس امام الحكومة الا ان تمد يدها في جيوب الشعب وترفع اسعار الكهرباء شوية وتزويد المياه، وتحرك مخصصات الدعم، وترفع نسبة التأمين والمعاشات وضرائب الموظفين، وتزود ضريبة المبيعات، وتحرك الجمارك شوية. والأهم من ذلك كله ان تطلق حملة عبر الدعاة في المساجد والكنائس ليبصروا الناس بفضل الابتلاء، والصبر علي المكاره، وتحمل الصعاب والتقشف، لان في ذلك خيرا للحكومة وتأمينا للمستقبل ونهاية للسنين الصعبة والجافة التي وعدونا بان تنتهي من عشرين سنة لكن يظهر اننا لا ندعوا من قلوبنا.