الوزير: زيارة الرئيس لجيبوتي خلال 2025 شكلت محطة فارقة في العلاقات الثنائية    استقرار سعر اليورو فى ختام تعاملات اليوم أمام الجنيه بالبنوك    تعرف على مواعيد إقامة معارض مبادرة مشروعك بمراكز ومدن محافظة كفر الشيخ    أوروبا تحت الهجوم السيبرانى.. كيف تحول الفضاء الرقمى لساحة صراع عالمى؟    تأجيل محاكمة 24 متهما في قضية الهيكل الإداري بالتجمع    بسبب زيادة الأجرة.. الداخلية تكشف تفاصيل تعدي سائق على شخص بالقليوبية    زيادات جديدة في أسعار تذاكر دخول المتحف المصري بالتحرير    "حماس": ندعو "ترامب" إلى مواصلة الضغط على الاحتلال لإلزامه بتنفيذ الاتفاق    ريال مدريد يرد على طلب نابولي بشأن ماستانتونو    البورصة المصرية تربح 6.4 مليار جنيه بختام تعاملات الاثنين 29 ديسمبر 2025    الرئيس اللبناني يستقبل المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية والوفد المرافق    محافظ الشرقية يُشيد بمجهودات الوحدة العامة لحماية الطفل    الاتحاد الدولي للسكري يعترف رسميًا بالنوع الخامس من مرض السكري    الصين تعلن معارضتها بشدة لاعتراف إسرائيل بإقليم أرض الصومال    كل ما يجب أن تعرفه عن فيلم العملاق قبل عرضه بدور العرض    مراد مكرم يطرح أغنية جديدة في 2026: التمثيل عشقي الأول والأخير    الأزهر ينتقد استضافة المنجمين والعرافين في الإعلام: مجرد سماعهم مع عدم تصديقهم إثم ومعصية لله    حصاد 2025 في قطاع التعليم بأسيوط.. مدارس جديدة وتطوير شامل للبنية التحتية وتوسعات لاستيعاب الزيادة الطلابية    وزير الصحة يستقبل نظيره التركي بمطار القاهرة الدولي    وزارة السياحة الفلبينية: المنتدى المقبل للآسيان فرصة لمناقشة استدامة السياحة وتحقيق التعاون الإقليمي    وزير الخارجية: لا بد من وقف أي تصعيد ميداني بشرق الكونغو واستعادة الاستقرار    موقف أحمد سليمان من أزمة محمود بنتايج والزمالك    طاهر أبوزيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    وزير الخارجية يهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة العام الميلادي الجديد    رئيس جامعة المنوفية يتفقد امتحانات كلية الحاسبات والمعلومات    إصابة 8 أشخاص في تصادم سيارتين بالقناطر الخيرية    غدا.. إجراء امتحان عملي في البرمجة والذكاء الاصطناعي لطلاب أولى ثانوي    الأخير حاول إنقاذ الضحايا.. مصرع 3 أشخاص في حادث سقوط ميكروباص بترعة المريوطية    "الوزير" يلتقي وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والمياه والصيد البحري والتربية الحيوانية والتجارة والسياحة في جيبوتي    تصفية ودمج.. رئيس الوزراء يُتابع إجراءات رفع كفاءة أداء الهيئات الاقتصادية    تايلاند وكمبوديا تتفقان على ترسيخ وقف إطلاق النار وإعادة بناء الثقة السياسية المتبادلة    أحمد عدوية.. أيقونة الأغنية الشعبية في ذكرى رحيله الأولى    "دورة محمد جبريل".. الثقافة تكشف تفاصيل مؤتمر أدباء مصر في العريش    ماذا بعد انضمام أوكرانيا لتدريبات الدفاع الجماعي في الناتو؟    أحمد سليمان يرد على عبد الرؤوف: لماذا لم تتحدث عن الجفالي ومعالي مثل بنتايك    ذا بيست - دبي تستضيف حفل جوائز الأفضل في 2026    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في أفريقيا (صور)    التحقيقات تكشف مفاجآت في واقعة الهروب الجماعي من مصحة الجيزة    محافظ الإسكندرية يوجه برفع درجة الاستعدادات للتعامل مع موجة الطقس غير المستقر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    وزارة التضامن الاجتماعى تقر تعديل قيد جمعيتين في محافظتي القليوبية وكفر الشيخ    وزير العمل يفتتح المقر الجديد للنقابة العامة للعاملين بالنقل البري    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    "شباب البحيرة" تنظم برنامجا تدريبيا لتعليم أعمال الخياطة والتريكو    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    مناورات صينية واسعة تطوّق تايوان    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    رنا سماحة تأسر قلوب الجمهور في مسرحية «العيال فهمت»... تفاعل جماهيري غير مسبوق    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    لا رب لهذه الأسرة    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"نوال السعداوي".. و"اليونسكو"!
نشر في نهضة مصر يوم 07 - 10 - 2009

"راحت السكرة.. وجاءت الفكرة"، فلو كتبنا هذا المقال قبل إسدال الستار علي سيناريو "اليونسكو"، ربما ظن البعض أن صاحب المقال متآمر علي "فاروق حسني" وزير الثقافة، وهو الرجل الذي يمكن تعريفه بأنه واجهة حضارية لمصر والعرب بل إفريقيا كلها، وكنت أحد المتضامنين معه قلبا وقالبا في "موقعة الحجاب الكبري" والحرب الضروس والشرسة التي شنها ضده الإسلاميون علي مختلف توجهاتهم السياسية والاجتماعية.
يشغلني دائما عنصر التوقيت قبل الإمساك بالقلم، فرب فاصل زمني ولو قصير، يحول القلم من ناقد شريف، إلي خائن أو عميل أو مأجور، وكله حسب الأوصاف التي سادت مؤخرا بعد الانفتاح الديمقراطي علي المناخ المصري برغم الآثار السلبية لهذا الانفتاح وكأن الديمقراطية والحريات في بعض جوانبها سم قاتل.
دعونا من الآثار الجانبية لتعاطي الدواء الديمقراطي، ودعونا نقول: أنا علي المستوي الشخصي لا أرتاح بل ولا أقتنع من داخلي بالحالة النفسية التي تضعنا علي طول الخط، تحت نظرية المؤامرة، وليدة ظروف استعمارية من الآخر واكتملت في ظل ديكتاتوريات سحقت اعتبارات طوائف الشعب المحكوم بالحديد والنار، حتي أصبحت نظرية المؤامرة في ثقافتا تمثل الشماعة العمومية لتعليق كل الأخطاء التاريخية عليها، ومن ثم دعونا نتحاور ونتشاور حول سيناريو اليونسكو بهدوء وواقعية، فليس كل ما يتمناه المرء يدركه لأن لو قدر ل "فاروق حسني" الوزير الفنان أن يكون علي رأس منظمة اليونسكو لتحررت من عقدة التفرقة بين ثقافة الشمال وثقافة الجنوب.
استعجل البعض الدخول في حلبة السباق الإعلامي بمفهوم "نظرية المؤامرة" من الآخر علي مصر التي رشحت وزيرها لرئاسة المنظمة والجدير بها بكل المقاييس، وكان من المفترض أثناء المنافسة أن يدعم الإعلام المصري بكل أدواته الإعلامية "فاروق حسني"، ولكنه جاء مخيبا للآمال وارتدي درع البطولة لإظهار وكشف نظرية المؤامرة التي يمارسها الآخر ضدنا، وكل علي قدر سعته في البطولات الإعلامية، وخدعنا أنفسنا بأنفسنا وما أكثر هذا النوع من "الخداع الذاتي" علي مر تاريخنا.
ظن البعض أن شرح أبعاد نظرية المؤامرة الكونية ضد فاروق حسني القادمة من الولايات المتحدة حتي بوركينا فاسو هو فصيلة إعلامية لصالح الرجل، ولم يعلم هذا البعض أنه متآمر بحسن نية علي وزيره المرشح لمنظمة عالمية، تماما كما دخلنا بإرادتنا الوطنية الحرة المنافسة علي استضافة مونديال 2010 بإدارة إعلامية منتقدة للخبرة والاحتراف وبحسن نية أكثر من المطلوب فحصدنا أشهر "صفر" في التاريخ.
لن أدخل في مقارنات بين الصدمات القومية، ولكن فقط أقول ولو كره البعض، إن ذنب "فاروق حسني" في رقبة الإعلام المصري لكل طوائفه، الرسمي، المعارض، المستقل علي السواء، فالرجل توقع أداء إعلاميا متميزا في مرحلة مهمة في تاريخ مصر، التي رشحته للمنصب، فاكتشف حتي لو لم يعلن عن ذلك، أن ظهره مكشوف إعلاميا أمام حائط اليونسكو، المرارة التي حصدها فاروق حسني ليست شخصية بل مرارة قومية بكل المقاييس.
قد يتساءل البعض ويقول: ما دليلك علي اتهام الإعلام المصري بالتراجع المقصود أو غير المقصود في مساندة فاروق حسني في المنافسة علي رئاسة اليونسكو، والإجابة ببساطة تبدأ بمانشيت لجريدة قومية نسبته لمصادر مطلعة علي حد تعبيرها وقالت: إن تحركات المندوب الأمريكي تتناقض نصا وروحا مع تعهدات سابقة من الإدارة الأمريكية للحكومة المصرية.
ثم تطوع كاتب ليبرالي كبير لشرح أبعاد هذه التحركات قائلا: وقد كان موقف مندوب الولايات المتحدة في اليونسكو هو الأغرب والأكثر إثارة لعلامات الاستفهام حتي الآن، فالرجل اسمه "كيليون" وقد أرسلته الإدارة الأمريكية مندوبا لها في اليونسكو قبل رمضان بأسبوع وكان ولايزال يشن حملة ضد فاروق حسني ويدعو مندوبي الدول هناك إلي عدم اختياره، وكان "كيليون" ولايزال يشن حملته دون سبب مفهوم، ودون مبرر، ودون أن يكون متسقا بأي درجة مع مواقف بلاده التي تدعو دوما إلي إرساء قيم الليبرالية بين الدول.
يبدو أن شبح "بوش الثاني" مازال يسكن ديارنا، وهي نفس التصريحات التي كنا نطلقها في عهده تحت وطأة فوبيا نظرية المؤامرة التي لازمتنا علي مدي ثماني سنوات، فإذا كنا لم نتغير أو بمعني أصح ليست عندنا الرغبة في التغيير في خطابنا الإعلامي فنحن نقول لهؤلاء: متي نفهم أن المنافسة علي أي شيء في داخلها قدر مستباح من الأسلحة التنافسية فما هي أسلحتكم، هل هي شماعة نظرية المؤامرة التي علقنا عليها أخطاءنا التاريخية منذ 1967 مرورا بأشهر "صفر" في التاريخ الرياضي وأخيرا اليونسكو التي ذهبت مع الريح؟!
التليفزيون المصري الذي شغل نفسه وشغل الناس في رمضان بموائد الرحمن وفتاوي الدعاة الجدد، وحوارات مع كل من هب ودب من الممثلين الجدد، وزيرو تسعمية، والمسابقات، والكمين، راح في غيبوبة التسالي الرمضانية من المدفع حتي الفجر، ونسي الكمين الذي يواجه الوزير المصري هناك ليس بالمؤامرة ولكن بالإعلام الجيد والنافذ وصاحب الرسالة في ظل السماوات المفتوحة، ثم نقول راح الأمريكان يتآمرون علي فاروق حسني، والاتحاد الأوروبي يتأمر، وشعبان عبدالرحيم يتآمر، لأنه لم يغن لوزير الثقافة "بحب فاروق حسني.. واكره إسرائيل"، أو كما غني لوزير المالية، في حملته الانتخابية، في شبرا مصر والشرابية!
ثم تعالوا بنا إلي منطقة أكثر خطورة من مجرد إعلام بات محتاجا إلي إعادة نظر في أدائه التقليدي الغربي لم يتخل عنه علي مدي نصف قرن من الزمان، ألم يعلم وزيرنا الفنان أن المناخ الثقافي المصري مراقب من المنظمات العالمية وعلي رأسها اليونسكو ومنظمات حقوق الإنسان ولجان "نوبل"، ومن ثم فعندما منحت وزارة الثقافة جوائز الإبداع لكل من الشاعر "حلمي سالم" والدكتور "سيد القمني" هل نسي الوزير المدني أن المناخ الديني أفسد طعم الجوائز بعد المطالبة بردها إلي خزينة الدولة بأحكام واجبة النفاذ من القضاء المصري علي خلفية القضايا التي رفعها بارونات "الحسبة" ضد المبدعين بحجة الإساءة إلي الذات الإلهية والإساءة للسيرة النبوية والأسرة الهاشمية، حدث هذا في توقيت ليس في مصلحة فاروق حسني لأن ذلك ألقي بظلال الشك حول افتقاد وزير الثقافة المصري في حماية حرية التغيير وحماية الإبداع بشكل عام.
ولما كان إعلامنا علي مدي نصف قرن يحتفي ويهلل لمصادرة الإبداع فقد شارك في الخصم من رصيد فاروق حسني حتي لو بحسن نية علي طريقة "اللي ما يشتري يتفرج علي دولة الإبداع والجوائز التي ترد إلي خزينة الدولة"!
طرحت إحدي جرائد المعارضة الكبري في مصر استفتاء حول منح الدكتور "سيد القمني" جائزة الإبداع وعلي المشارك في الاستفتاء أن يختار حسب رؤيته إحدي احتمالات ثلاثة تنحصر في السؤال التالي: هل منح "سيد القمني" الجائزة احتراما لحرية الرأي أم مساندة وزير الثقافة في حملته للفوز برئاسة اليونسكو أم مغازلة للفكر الغربي من منطلق إطلاق الفكر بلا حدود؟
من هذا المنطلق فالاستفتاء له وجاهته، فلو افترضنا أن وزير الثقافة فاروق حسني قام بتقديم القرابين للفوز برئاسة اليونسكو لأسبقية منح الجوائز لكل من الشاعر "حلمي سالم" و"سيد القمني" قبل انتخابات اليونسكو بوقت قصير فقد نسي أو تناسي بالمقابل النصف الفارغ من الكوب وهو الأجدر بتكريم الرموز التاريخية للإبداع علي مدي خمسين عاما، وهذا ليس انتقاصا من قدر "حلمي سالم" والدكتور "سيد القمني" ولكن عنصر التوقيت فقط هو الفيصل، والحق أحق أن يتبع لإعطاء كل ذي حق حقه أمام المجتمع الدولي ومنظماته الثقافية وعلي رأسها اليونسكو، فعلي سبيل المثال وليس الحصر هل تجاهل اسم الدكتورة "نوال السعداوي" ورفع اسمها من قوائم التكريم والتجاهل الرسمي لها من الدولة كان سببا جوهريا في الإطاحة بكرسي اليونسكو في الفضاء، وهي إحدي الرموز المصرية والعالمية التي لم تكرم في وطنها وكرمها الآخر وإن اختلفنا معها؟!
ربما يكون ذنب هذه السيدة العظيمة أنها لم تنافق، ولم تهادن، ولم تقدم تنازلات للإرهاب الفكري، ولم تساوم، لأنها ببساطة شديدة إنسانة تحترم عقلها، وتسعي لتحرير العقل العربي والمصري من الأغلال والموروثات والدجل والشعوذة الدينية، وتقدس حرية الاختيار، قد نختلف معها كثيرا ولكن نجد أنفسنا نحترمها أكثر، فهي صاحبة أكبر "كاريزما عقلية" في القرن الحادي والعشرين!
لو كان الزمان.. غير الزمان
لو كان المكان.. غير المكان
أو حتي تلاشت الأزمنة
أو اختفت كل الأمكنة
فربما التقينا قبل الزمان
ربما افترشنا اللامكان
أو سافرت أرواحنا
علي أجنحة السفر إلي المحال
ربما.. ولكني مسافر في عينيك
وأبدا.. لم أفقد هويتي
في الترحال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.