لم يجد محمد يوسف زعيم جماعة طالبان نيجيريا الذي لقي مصرعه بعد ساعات من اعتقاله عقب مواجهات دامية مع الجيش وظيفة مناسبة بعد أن ترك تعليمه في سن مبكرة، وهنا لجأ هذا الشاب (39 عاما) إلي قدر من التعليم الديني غير النظامي. وقد تعرف بشير علي، وهو أستاذ في الدراسات الاسلامية في احدي الجماعات الشمالية بنيجيريا علي محمد يوسف عن قرب منذ عدة سنوات. ويقول بشير علي إن هذا النوع من التعليم منح محمد يوسف قلة علم أدي إلي غلو ديني. هذا الغلو بات واضحا في أفكاره، حيث قرر محمد يوسف تأسيس حركته بوكو حرام التي تعني أن التعليم الغربي حرام بلغة الهوسا. هذه الأمور المحرمة من قبل جماعة يوسف لم تقتصر علي التعليم الغربي، وإنما امتدت ليطالب محمد يوسف بالفصل بين الجنسين بل وقلب نظام الحكم، وهو ما منح حركته اسم "طالبان نيجيريا". غير أنه يعتقد أن يوسف لم يتصل بطالبان أو حليفتها القاعدة بقيادة أسامة بن لادن علي خلاف الإسلاميين في منطقة القرن الأفريقي مثلا حسب خبراء الجماعات الإسلامية. ويتجه الكثير من المحللين إلي الأوضاع الداخلية كعامل رئيسي في ظهور محمد يوسف وشعبيته. فمعظم أتباعه من العاطلين الذين يصل عددهم في نيجيريا إلي 40 مليون شخص. والكثير منهم من المتسربين من التعليم الذين قد يصل عددهم إلي نصف عدد الطلبة في بعض الولايات، ذلك فضلا عن الفساد وفقا لبشير علي مرة أخري. وهذا الفساد الخلقي والاجتماعي ليس السبب الوحيد في شعبية محمد يوسف، وإنما أيضا الكاريزما التي يتمتع بها حسب محمد ثاني عمر من ولاية كاتسينا في شمال نيجيربا والذي قابل محمد يوسف منذ عدة سنوات ويقول "إنه شخص يبدو لأتباعه أنه لا يخاف وخطيب مفوه".. لكن بشير علي يري أن الأفكار مازلت باقية في ظل بقاء الأوضاع الداخلية من فساد وبطالة وسوء خدمات التعليم. وربما يعزز رأي بشير أن الكثيرين من النيجيريين سيتذكرون أن هذا الشاب لم يتم القبض عليه إلا بعد ايام عديدة من الاشتباكات مع القوات الحكومية ومئات القتلي والجرحي وكذلك آلاف المشردين. هذا الأمر ربما سيتذكره أيضا الكثيرون من أتباعه الذين مازالوا طلقاء وسط نفس الظروف التي نشأ فيها محمد يوسف وترعرعت أفكاره. وقد تأسست الجماعة عام 2002 في ولاية بورنو بشمال نيجيريا بزعامة محمد يوسف. لكن الوجود الفعلي للحركة بدأ خلال عام 2004 بعد أن انتقلت إلي ولاية يوبي علي الحدود مع النيجر حيث بدأت عملياتها ضد المؤسسات الأمنية والمدنية النيجيرية. تسعي الحركة التي يطلق عليها أيضا اسم "طالبان نيجيريا" إلي منع التعليم الغربي والثقافة الغربية عموما التي تري أنها "إفساد للمعتقدات الإسلامية", وإلي تطبيق الشريعة الإسلامية بمجمل الأراضي النيجيرية بما فيها ولايات الجنوب ذات الأغلبية المسيحية. وتتكون الحركة أساسا من الطلبة الذين غادروا مقاعد الدراسة بسبب رفضهم المناهج التربوية الغربية إضافة إلي بعض الناشطين من خارج البلاد علي غرار بعض المنتسبين التشاديين. ورغم تقارب النموذج النيجيري مع النموذج الأفغاني لم يعثر علي أي دليل قد يؤكد وجود صلة بين بوكو حرام وحركة طالبان الأفغانية. وتستهدف الحركة في عملياتها خصوصا عناصر الشرطة ومراكز الأمن وكل من يتعاون مع السلطات المحلية. وألقي القبض علي يوسف في عملية مطاردة بعد مواجهات مسلحة اندلعت أواخر يوليو 2009 في شمال نيجيريا بين عناصر الحركة وقوات الأمن وأسفرت حسب تقارير إعلامية عن سقوط مئات القتلي. وقد أعلنت السلطات الأمنية النيجيرية تمكنها من القضاء علي الحركة بشكل كامل.