يبدو ان سياسة باراك اوباما الجديدة نحو ايران قد بدأت تتمخض عن ثمار سياسية جيدة. ليس لواشنطن وانما لطهران. في الاسبوع الماضي مثلا صرحت طهران عن انها تنوي فتح قنصليتين جديدتين في العراق. بذلك يصل عدد القنصليات الايرانية هناك الي اربع، بالاضافة الي السفارة الكبيرة في تلك الدولة. البيان صدر عن وزير الخارجية الايرانية، منوشهر متقي، بعد زيارة طويلة للعراق وقع خلالها علي مذكرة تفاهم اقتصادية مع الحكومة العراقية، يفترض بها ان توصل التبادل التجاري بين الدولتين الي خمسة مليارات دولار سنويا. العراق اصبح الهدف الاول للصادرات الايرانية (من دون النفط)، وكل من يتطلع لفرض عقوبات جديدة علي طهران سيضطر اولا لاقناع العراق بالتوقف عن الشراء منها. في وقت يتزامن مع زيارة متقي وصل علي اكبر ولايتي هو الاخر للعراق، المستشار السياسي للقائد الروحي الايراني علي خامنئي، ومن المتوقع ايضا ان يزور العراق في هذا الاسبوع هاشمي رفسنجاني. عملية التقارب بين ايران والعراق بدأت منذ عدة سنوات. التجارة بين الدولتين قائمة منذ انتهاء حرب الخليج الثانية، واول قنصلية ايرانية فتحت في كردستان منذ صيف 2003. في كل يوم تجتاز عشرات الشاحنات المعابر الحدودية الرسمية بين الدولتين محملة بالخيرات، والرئيس العراقي جلال طالباني يكلف نفسه باستضافة الشخصيات الايرانية التي تزور الدولة بصورة شخصية. في عهد بوش عبرت واشنطن عن امتعاضها من هذه الزيارات، وضغطت علي حكومة العراق لتقليص الاتصالات بل واتهمت ايران بتمويل وتسليح عصابات القتل في العراق. هذا الامر توقف. واشنطن، علي ما يبدو، لم تسلم فقط بالعلاقة القوية القائمة بين العراق وايران، بل انها تشجع هذه العلاقة. 'عندما يتحدث الرئيس باراك اوباما عن حوار مع ايران عندما تخطط واشنطن لتسريع سحب قواتها من العراق، يصبح التنسيق بين العراق وايران حيويا وضروريا للحفاظ علي الهدوء في الدولة بعد الانسحاب الامريكي'، يوضح دبلوماسي امريكي يخدم في تركيا. من يراقب التقارب الايراني - العراقي بغضب هو الدول العربية، التي تري بأم عينيها كيف يبتعد العراق رويدا رويدا عن الدائرة العربية. قبل اسبوعين، في مؤتمر وزراء خارجية الدول العربية في ابو ظبي، اتخذ بعض منهم قرارا يدعو لكبح تدخل القوي الاجنبية في المشاكل العربية، تلك الصيغة التي رمت للتوضيح بانهم لا يطيقون التدخل الايراني في الشئون التي تعتبر عربية، مثل الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني او الازمة في لبنان. سوريا غابت عن ذلك اللقاء بالطبع، الشريكة الاستراتيجية لايران والتي تنافس مصر والسعودية علي التدخل في المجريات السياسية في المنطقة. ايران لم تتأخر في الرد. بعد ايام قلائل من بيان وزراء خارجية العرب صرح علي اكبر ناطق - نوري، رئيس قسم الرقابة في مكتب الزعيم الروحي علي خامنئي بان امارة البحرين هي في الواقع جزء من ايران - المحافظة الرابعة عشرة في الدولة. دول الخليج كلها اصيبت بالصدمة. البحرين التي تخوض صراعا طويلا منذ سنوات ضد الاغلبية الشيعية في الدولة ردت بالتنديد ورفض ذلك التصريح، الا ان واشنطن بالذات لم تقل شيئا. في العاصمة الامريكية يواصلون التفكير بالتوقيت الاكثر ملاءمة لبدء الحوار مع ايران - فورا ام بعد الانتخابات الايرانية في (يونيو) - حيث بدأت الحملة الامريكية في الوقت الحالي لتحسين العلاقات مع سورية. في هذا الاسبوع سيصل الي دمشق جون كيري رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ، ووفود اخري من الكونجرس ستحل ضيفة علي سوريا في الاسابيع القادمة.