عدم بناء الملعب الجديد في "ستانلي بارك" لنادي ليفربول أضر بالسكان في منطقة أنفيلد، فضلاً عن إلحاق أضرار في النادي وصعوبة بقائه في المراكز الأربعة الأعلي. كما أن وصول أندية كبيرة للقاء ليفربول،و منذ فشل مالكي النادي توم هيكس وجورج جيليت من جمع الأموال للمشروع المقترح لإنشاء الملعب الجديد، كأن توقيته جاء كالمطرقة علي رؤوس مشجعي النادي لخيبة أملهم من الثنائي الأمريكي. وكان مانشستر يونايتد الذي يهيمن علي الكرة الانكليزية منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي أدي إلي كسوف ليفربول بعد توسيع "أولد ترافيلد" وعصر كل "مليم" منه، ودفع هذا ليفربول إلي التحرك في البحث عن ملعب جديد وكبير. والسبب الوحيد لطرح ليفربول للبيع كان لايجاد مستثمرين من شأنهم أن يقوموا بإنشاء الملعب الجديد في "ستانلي بارك"، ما سيدفع ليفربول إلي الوصول إلي مستوي يمكنه من منافسة مانشستر يونايتد. ديفيد مورس، رئيس النادي ويملك أعلي نسبة من الأسهم فيه، كان يفضل شراء الأمريكيين للنادي بدلاً من المنافسين مثل ملايين الجنيهات من شركة رأسمال دبي الدولية القابضة، ويرجع ذلك جزئياً إلي أن هيكس وجيليت كانا أكثر ايجابية إزاء قدرتهما علي بناء الملعب الجديد. وفي عرضهما الرسمي للاستيلاء علي النادي، كتب هيكس وجيليت إلي جميع حملة الأسهم بأنهما "عازمان علي انشاء الملعب في ستانلي بارك وجعله واحداً من أكبر الملاعب في أوروبا وبأسرع وقت ممكن القيام به عملياً". وأوضحت الوثائق المرفقة بالعرض بأنهما اقترضا 185 مليون جنيه استرليني اللازمة لشراء النادي ومبلغ آخر بقيمة 113 مليون استرليني لتسديد ديون النادي ودعمه بشراء لاعبين موهوبين جدد. وبدلاً من أن يتحركا بسرعة لجمع الأموال لبناء النادي، قام هيكس وجيليت بإعادة تمويل القرض بمبلغ 350 مليون استرليني كتسهيلات ائتمانية من المصرف الملكي الاسكتلندي وهو الذي أصبح يملك الآن الرهن العقاري للنادي ومركز التدريب في بلوود ومنشآت أخري والأسهم التي يملكها النادي. وستنتهي مدة هذا القرض في كانون الثاني المقبل مع خيار تمديده. ويقول المتشككون إن هيكس وجيليت جلبا إلي "أنفيلد" الكثير من الديون بدلاً من الاستثمار، وسيكافحان من أجل الحصول علي قرض آخر بمبلغ 400 مليون استريني لتمويل انشاء الملعب. ولكن هيكس نفي أن مديونية النادي كانت سبباً في عدم القيام بانشاء الملعب الجديد العام الجاري. وقال: "سيتأخر انشاء الملعب نظراً إلي ظروف السوق العالمية". ولم يدل هيكس بالمزيد من التوضيح. غير أن كل المشاريع الكبري تضررت من تردد البنوك في اعطاء قروض. والتعديل من ذلك سيهدف إلي أن ليفربول سيبدأ مبارياته في الملعب الجديد متأخراً لمدة سنة مما كان مخططاً له، أي في الموسم 2012-2013. حتي لو حدث أن بدأ ليفربول مبارياته في الملعب الجديد في ذلك الموسم، فإنه سيكون مديوناً بمبلغ 750 مليون استرليني. وبحلول ذلك الوقت سيكون مانشستر يونايتد يلعب أربعة مواسم أكثر في "أولد ترافيلد" الذي يتسع ل76 ألف شخص، وسيكون لارسنال الفترة ذاتها في "ملعب الإمارات" الجديد والمربح، وسيتمتع تشلسي بأربعة مواسم أكثر ب"ثمار" رومان ابرافوميتش، بالإضافة إلي ذلك، بات الشيخ منصور من أبوظبي يهدد بجعل مانشستر سيتي أثري المنافسين علي المراكز الأربعة الأولي في الدوري الممتاز. وإذا خرج ليفربول من تأهيلات دوري الأبطال للأندية الأوروبية هذا الموسم، والذي حصل بسببه علي 21.6 مليون استرليني الموسم الماضي، فإنه سيفقد مركزه الريادي في الكرة الانكليزية. ومع ذلك، هناك أكثر من فشل هيكس وجيليت لتحويل الملعب الجديد إلي تحدي ليفربول علي المراكز الكروية الكبري. الملعب الجديد في "ستانلي بارك" وخطط لتطوير الموقع الحالي في "أنفيلد" إلي "خلية نحل" من المطاعم والمتاجر والمكاتب الرامية إلي انعاش المنطقة الواقعة حول الملعب القديم، التي، علي مر السنين، انخفض مستوي المعيشة فيها ووصل إلي حد الدمار تقريباً. من الممكن الادعاء أن منطقة "أنفيلد" هي من أكثر المناطق غير المتكافئة اقتصادياً في المملكة المتحدة. وهناك صفوف من المنازل المهدمة في شوارع المدينة ومهجورة لسنوات عدة حول ملاعب الكرة لبعض الأندية الكبيرة في الدوري الممتاز، علي غرار العديد من المناطق الصناعية السابقة في البلدات والمدن، ولا سيما في شمال غرب بريطانيا. الوظائف القديمة اختفت منذ ثمانينات القرن الماضي. أما المنازل إذا كان يسكنها أحد، فإنها تؤجر لمدد قصيرة لأشخاص لا مصلحة لهم في المنطقة. صفوف المنازل في شوارع "أنفيلد" والشوارع المجاورة لها كثرت فيها الجرائم وأحرقت كثير من المنازل قبل سدادها بصفائح معدنية مألوفة، حتي أن السكان المحليين أطلقوا عليها تسمية "معلبات". وتتحمل السلطات المحلية المسؤولية عن المنطقة المحيطة بشارع فينمور المقابل للملعب. ووفقاً ل"دليل الحرمان المضاعف" فإن هذه المنطقة هي من أكثر المناطق حرماناً في بريطانيا. حشود من المشجعين تقطع شوارع هذه المنطقة في أيام إقامة المباريات، ومن الصعوبة التصور بأن مهاجم ليفربول الاسباني فرناندو توريس، المعروف بالفتي الذهبي الأوروبي، يستعرض مهاراته العالية خلف جدار الملعب. ودور نادي كرة القدم وخططه لإنعاش المنطقة المنحدرة وجوارها قد طال أمدها. وكثير من الساكنين فيها عبروا قبل عقد من الزمن بالمرارة عن استيائهم لشراء النادي المجاور ل"أنفيلد" وتركها من دون سكن لمدة طويلة بغية هدمها وتوسيع نطاق الملعب. وفي عام 2000 كانت هناك ضجة كبيرة أخري بسبب تسريب خبر عن خطة عمل مشتركة بين ليفربول ومجلس بلدية المدينة من دون التشاور مع أهالي المنطقة، لأجل بناء ملعب جديد الذي بموجب الخطة سيتم هدم 1800 منزل. وتسريب الخطة جعل النادي يقوم باجراء تغييرات من أجل إقامة علاقات أوثق مع المجتمع. ووضعت الخطة الحالية ل"ستنالي بارك" بعد مشاورات واسعة ومكثفة مع مجموعات من المقيمين الذين يحتفظون بفخر التحدي في المنطقة. وما زالت هذه المجموعات تعارض انشاء الملعب في المنطقة، ولكن حصلت موافقة مجلس بلدية المدينة لبدء الانشاء بسبب أن المشروع الضخم هو تجديد لحيوية المنطقة. وتصميم الملعب الجديد ليس فقط بوصفه معلماً لانتقال النادي المشهور عالمياً إليه، بل علي المستقبل الايجابي للمدينة. وسيجلب تطوير الملعب القديم الذي يسمي ب"أنفيلد بلازا" حوالي ألف وظيفة جديدة. وأوضح المدير التنفيذي للتجديد في مجلس بلدية مدينة ليفربول جون كيلي بأن "أنفيلد بلازا" سيكون مركزاً أساسياً لانتعاش اقتصاد المنطقة. وعبر عن خيبة أمله لأن المشروع تأخر، إذ إن السكان المحليين، في واحدة من أكثر المناطق حرماناً في بريطانيا، ينتظرون تنفيذ هذا المشروع بفارغ الصبر منذ وقت طويل. فبينما النادي راكد، إلا أن مجلس البلدية والمنظمات المحلية يتقدمون في تطوير المشروع، فإدخال تحسينات في "ستانلي بارك" ماضية قدماً، وساعد الحصول علي منحة بمبلغ 16 مليون استرليني في بناء مساكن جديدة أو ترميمها، بالإضافة إلي الشارع المجاور ل"أنفيلد" الذي حصلت شركة للتنمية علي عقد تطويره والذي أصبح يظهر الآن بشكل أنيق. وكان ليفربول قد خسر في الحصول علي منحة بمبلغ 5 بلايين استرليني من الاتحاد الأوروبي اللازمة لبناء مركز محلي للمجتمع في الملعب الجديد، لأن مدته نفدت، وقد خصص هذا المبلغ بدلاً من ذلك لتحسين أربعة مرافق محلية، ولكن هناك بعض الناس ما زالوا يعيشون وسط فقر وهناك مئات من المنازل في انتظار الهدم. وعبرت ماري روني، الناشطة القديمة رئيسة مجلس جمعية أنفيلد وبريكسايد المحلية، عن رأيها بغضب بقولها: "إن هناك الكثير من العمل قد انجز، وكان المفروض أن يكون الملعب حافزاً لتوفير فرص العمل، وهو ما لم يحدث. لقد فقدت الثقة وكذلك الكثير من الناس، لأننا ننتظر منذ مدة طويلة. إنه شيء مربك الآن حقاً. يبدو أن الأمريكيين يريدان أن يفعلا كل شيء ولكن من دون انفاق الأموال الخاصة بهما، ولكنني فقدت الثقة في ما إذا كانت لديهما القدرة علي تحقيق ذلك". يقول هيكس وجيليت إنهما ما زالت لديهما القدرة علي تحقيق انشاء الملعب الجديد، مع الأموال المقترضة، ولكن بدءاً من العام المقبل.