علي مستوي القوة الثقافية والتعليمية يرصد زكريا تراجعاً في قوة أمريكا التعليمية مستنداً إلي أرقام تشير إلي تخريج الصين 600 ألف مهندس سنوياً، والهند تخرج هي الأخري 350 ألف مهندس، في حين يبلغ عدد المهندسين المتخرجين بالولاياتالمتحدة سنوياً 70 ألفاً رغم الصعود المتزايد للقوي الجديدة تظل الولاياتالمتحدة الفعال رقم واحد في ظل هذا النظام الجديد. وهو محور التقرير التالي الذي يستكمل عرض كتاب زكريا. "أمريكا تمتلك مصادر القوة " وفي الوقت الذي يركز فيه البعض علي القوة الاقتصادية الصينية وتفوقها علي مثيلاتها الأمريكية، يعارض زكريا هذا، عن طريق مقارنة بين معدل وقيمة الناتج الإجمالي الصيني و الأمريكي. فكما جاء في الكتاب يصل إجمالي الناتج القومي الإجمالي الصيني 3 تريليونات دولار في حين يصل نظيره الأمريكي إلي 14 تريليون دولار. وبافتراض أن معدل النمو الصيني سيصل إلي 7% فإن ناتجها الإجمالي سوف يصل خلال عشر سنوات إلي 6 تريليونات دولار، ويتضاعف خلال عام 2028 محققاً 12 تريليون دولار، وباعتبار أن الولاياتالمتحدة تنمو بمعدل "تاريخي" ب 3.5 فإن ناتجها خلال عام 2028 سيصل إلي 28 تريليون دولار. ولكنه يري أنها مقارنة ساذجة ولكنها تقل سذاجة عن رؤية أن الصين ستحلق بالولاياتالمتحدة خلال عام 2020. ويري أن العلاقات في مجال الشئون الخارجية أكثر تعقيداً من مكوناتها المادية، واستمرار احتلال القوة العسكرية مكانتها وأهميتها في تحديد مدي قوة الدولة. وفي الوقت الذي تأتي فيه الصين في المرتبة الثانية من الإنفاق العسكري الأمريكي، تنفق الولاياتالمتحدة أكثر من باقي الدول التي تليها مجتمعة. ولكن البعض يربط بين الإنفاق العسكري والقوة الاقتصادية. وفي الوقت الذي تتراجع فيه القوة الاقتصادية الأمريكية يتوقع العديدون تراجعاً في الإنفاق العسكري الأمريكي، وبالتبعية النيل من مكانة القوة العسكرية والإنفاق العسكري الأمريكي. ولا تقتصر مصادر القوة علي القوة العسكرية، ولكن هناك مصادر أخري والتي تحدث عنها "جوزيف ناي" من قوة ثقافية وتعليمية، سياسة، دبلوماسية، تكنولوجية...وعلي مستوي القوة الثقافية والتعليمية يرصد زكريا تراجعاً في قوة أمريكا التعليمية مستنداً إلي أرقام تشير إلي تخريج الصين 600 ألف مهندس سنوياً، والهند تخرج هي الأخري 350 ألف مهندس، في حين يبلغ عدد المهندسين المتخرجين بالولاياتالمتحدة سنوياً 70 ألفاً ولكن زكريا يشكك في تلك الأرقام لأنها تضم أفرادا يحصلون علي دورات تدريبية لمدة سنتين، وهو ما أكد عليه في مقالته المنشورة في مجلة الشئون الخارجية، مؤكداً ليس علي عدد الخريجين تُحدد قوة الدولة علي المستوي التعليمي، ولكن علي مخرجات العملية التعليمية من مهارات وقدرات علمية إبداعية وابتكاريه، والتي تتفوق فيها واشنطن علي منافسيها. كما تتفوق أمريكا علي باقي الدول في المكانة العلمية، فتحتل الجماعات الأمريكية نسبة كبير من القائمة التي تضم أفضل خمسين جامعة عالمياً والتي تصل إلي 42% أو 68% من تلك القائمة. ويري زكريا أن اختلاف النسبة يرجع إلي من يعد تلك القائمة. ويضيف أيضاً أن الجامعات الهندية تعطي ما بين 35 إلي 50 درجة الدكتوراه في مجال علوم الحواسب الآلية كل عام. ولكن في الولاياتالمتحدة يصل الرقم إلي ألف درجة دكتوراه في العام. ويري أن بكين تفتخر بعدد جامعاتها المتنامي، ولكن الجامعات الأمريكية تظل في المقدمة ووجهة أي راغب في التعليم والدرجة العلمية من كافة أنحاء العالم. ويقول زكريا أنه في عصر الثورة الصناعية كانت قوة الدولة تكمن في المواد الخام، ولكن في عصرنا هذا فإن قوة الدولة تكمن في التكنولوجيا وSoftware، والاختراعات والفرص والمنافسة، والتي تتفوق فيها واشنطن علي مثيلاتها من باقي الدول الأخري. ويضيف أيضاً في مقالته بدورية الشئون الخارجية أن واشنطن مهد الصناعات النانوتكنولجوية (الصناعات التكنولوجية الدقيقة) والبيولوجية، وهي متفوقة علي باقي الدول الأخري، وتُحقق أرباحاً طائلة منها، فقد حققت عائدات من الصناعات التقنية الحيوية أكثر من 50 بليون دولار، وهو خمسة أضعاف ما في أوروبا، وتحقق ما نسبته 76 في المائة من العائدات العالمية من التقنية الحيوية. فضلا ًعن حفاظها علي مكانتها في مجالات العلم والثقافة والمعلومات. ويؤكد أن واشنطن ستظل شباباً لارتفاع نسبة طبقة الشباب فيها _ وهي تلك الطبقة التي يعول عليها في تقدم الدول _ ويقول إن الولاياتالمتحدة سوف تظل تتمتع بتلك الخصيصة؛ نظراً للهجرة المتوافدة عليها من باقي دول العالم، وذلك لأسباب متعددة لا تقل أهمية عن أنها بلد الديمقراطية والحرية، ونجاحها في دمج وصهر المهاجرين في بوتقة الثقافة والتاريخ الأمريكي، وقد ظهرت تجليات ذلك في منافسة أمريكي _ أفريقي علي منصب الرئاسة منافساً لأمريكي أبيض من مواطني الولاياتالمتحدة. دور أمريكي فاعل في النظام الدولي الجديد