القوات المصرية المتواجدة في سيناء عليها مواجهة عشرات التحديات بإمكانيات محدودة، فعليها تأمين الحدود المصرية مع إسرائيل ومع قطاع غزة المضطرب بشدة. فهناك مئات الأنفاق التي يتم حفرها لتهريب كل شيء، أسلحة وبشر وبضائع من كل صنف ولون بداية بالأدوية وصولاً إلي السجائر والمعسل، والأسلحة والمتفجرات من بقايا الحروب المصرية الإسرائيلية. ولكن المهمة الأخري الأصعب هي مراقبة حوالي 200 كيلومتر من الحدود مع إسرائيل، وهي مناطق صحراوية قاحلة، وتتعود القبائل البدوية علي التنقل بسهولة، خاصة انها منتشرة سواء في النقب المصرية أو الإسرائيلية. وهذه الحدود هدف عصابات تهريب البشر، وخاصة من الأفارقة خاصة "أثيوبيين، وأريتريين وسودانيين من دارفور" علاوة علي الروسيات الباحثات عن فرص عمل في إسرائيل، في مجال الدعارة التي تنظمها عصابات المافيا. وتمكنت القوات المصرية من القبض علي 17 أريترياً أثناء محاولتهم التسلل إلي الأراضي المصرية تمهيداً للتسلل النهائي إلي إسرائيل، وانضم هؤلاء الي مئات اخرين من مواطنيهم يعتقد أنهم محتجزون في أرجاء البلاد. وتسامحت مصر لسنوات مع عشرات الالاف من المهاجرين الافارقة الذين سعوا للعمل أو اللجوء. لكن الاعتقالات ومن ثم الترحيلات المفاجئة هذا الشهر قد تشكل تحولا عن سياسة الباب المفتوح أمام اللاجئين التي تتبعها القاهرة منذ فترة طويلة. وقال جو ستورك من منظمة مراقبة حقوق الانسان (هيومان رايتس ووتش) معلقا علي الترحيلات الاخيرة وهي أكبر ترحيلات للاجئين محتملين من مصر منذ عقود " هذا نمط يثير القلق." وتوتر موقف مصر من المهاجرين في الاشهر الاخيرة بعد أن تعرضت لضغوط كي تضع حدا لتدفق متزايد من الافارقة علي حدودها الحساسة في سيناء مع اسرائيل. وقتلت الشرطة بالرصاص 14 مهاجرا أفريقيا عند الحدود هذا العام. وتقول منظمة العفو الدولية انه لا يزال مئات اخرون من الاريتريين المحتجزين في مصر يواجهون احتمال ترحيلهم وقد يتعرضون للتعذيب في بلدهم. ووصفت المنظمة اعادة اللاجئين بأنه "رحلات الي الموت". ويقول نشطاء ان مصر تتصدي علي ما يبدو لنمط جديد من الهجرة يأتي خلاله المهاجرون الافارقة الي مصر عن طريق البحر الاحمر أو برا عبر السودان كمعبر يتسللون من خلاله الي اسرائيل عبر الحدود الصحراوية. والذين يقول نشطاؤهم إنهم ربما يقصدون اسرائيل لاعتبارات دينية بينما يسعي اخرون للفرار من الخدمة العسكرية. ويقول نشطاء حقوقيون ان الكثيرين لا يحرصون علي البقاء في مصر حيث يعانون من العنصرية والتهميش الاقتصادي. وتقول الاممالمتحدة ان الاريتريين الذين يتم ترحيلهم مهددون بالتعرض للتعذيب في أسمرة وطالبت السلطات المصرية بتقديم معلومات عن مكان ومصير 1400 اريتري محتجزين في مصر لكن جماعات حقوق الانسان تقول انهم رحلوا بالفعل علي الارجح. وفي الاسبوع الماضي وافقت مصر التي تتعرض لضغوط دولية بسبب الترحيل علي السماح للوكالة المعنية بشؤون اللاجئين في الاممالمتحدة بزيارة المحتجزين الاريتريين لاول مرة منذ فبراير عندما منعت الاتصال بهم. وشاهد فريق الاممالمتحدة 140 اريتريا لكن رفض طلبهم الاتصال بمئات اخرين. وانتقدت وزارة الخارجية المصرية ما اسمته "العويل الغربي" علي اللاجئين وتقول ان القاهرة ببساطة تحاول أن توازن بين متطلباتها الامنية واحترام التزاماتها الدولية. لكن كانت هناك تلميحات منذ فترة طويلة بأن ترحيب مصر بالمهاجرين الافارقة عفا عليه الزمن. وقتلت الشرطة ما يزيد علي 20 سودانيا عام 2005 عندما فضت اعتصاما نظمه طالبو اللجوء بالقرب من مكاتب الاممالمتحدة في القاهرة للمطالبة باعادة توطينهم في دول غربية. لكن النشطاء يقولون انه من غير المحتمل أن تشهد مصر رغم حملتها الامنية تراجعا كبيرا في أعداد المهاجرين الافارقة الذين يحاولون المرور عبرها كما يشيرون الي رد فعل عالمي ضعيف للترحيلات التي تمت في الاونة الاخيرة. ويقول نشطاء ان الاريتريين واجهوا بالفعل مخاطر كبيرة ليغادروا بلادهم ولا يرون أي دولة قريبة كالسودان أو ليبيا كبديل امن أو جذاب. وقال بيل فان ازفلد وهو باحث في منظمة مراقبة حقوق الانسان "انهم يخاطرون بالفعل بالتعرض لاطلاق النار علي الحدود للتسلل للسودان ... لا اعتقد أن هذا سيمنعهم عن القدوم... ليس أمامهم مكان اخر يذهبون اليه".