رئيس مجلس النواب يهنئ السيسي بالعام الميلادي الجديد    رئيس جامعة المنوفية يتفقد امتحانات كلية الحاسبات والمعلومات    مراسل «إكسترا نيوز»: الشركات القومية أساس نجاح سوق اليوم الواحد وخفض الأسعار    ميناء دمياط: تداول 59 ألف طن بضائع متنوعة    التبادل التجاري بين مصر والسودان يسجل 1.1 مليار دولار خلال 2025    رئيس الوزراء يتابع إجراءات رفع كفاءة أداء الهيئات الاقتصادية    محافظ كفر الشيخ: رفع درجة الاستعداد لمواجهة الأمطار والتغيرات المناخية    المصرية اللبنانية: 500 ألف فرصة عمل جديدة يوفرها ملف ريادة الأعمال    القاهرة الإخبارية: الاحتلال ينفذ عمليات نسف للمباني في شرق خان يونس ورفح جنوب غزة    زيلينسكى: خطة السلام تضع تصورا لضمانات أمنية أمريكية لمدة 15 عاما    الأهلي ينعى صابر عيد لاعب غزل المحلة ومنتخب مصر الأسبق    دبي تستضيف حفل جوائز «الفيفا» للأفضل خلال العام المقبل    سليمان: سأتدخل في أزمة بنتايك إذا طلبت مني إدارة الزمالك    طاهر أبوزيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    السجن 10 أعوام لمتهم بحيازة 20 قطعة حشيش بالإسكندرية    "الثقافة" تُعلن حصاد 2025.. 165 ألف نشاط متنوع وافتتاح 37 موقعًا جديدًا وإصدار أكثر من 800 عنوان جديد وتنظيم أكثر من 60 معرض كتاب محليًا    "دورة محمد جبريل".. الثقافة تكشف تفاصيل مؤتمر أدباء مصر في العريش    15 نصًا في القائمة الطويلة لمسابقة التأليف بمهرجان مسرح الجنوب    الرعاية الصحية: إجراء 4 عمليات قسطرة قلبية متقدمة بتقنية TAVI وفحص 130 حالة خلال 48 ساعة    ضبط 7 رجال و4 سيدات لاستغلالهم 19 طفلا في التسول بالقاهرة    وزارة التضامن الاجتماعى تقر تعديل قيد جمعيتين في محافظتي القليوبية وكفر الشيخ    ميار الببلاوي تعلن نقل نجلها إلى المستشفى بعد تعرضه لأزمة صحيه    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    انتشال جثتين من ضحايا حادث غرق 3 أشخاص بترعة المريوطية فى البدرشين    التحقيقات تكشف مفاجآت في واقعة الهروب الجماعي من مصحة الجيزة    ضبط متهم بالتحرش بالطالبات بعد تداول منشور على مواقع التواصل    عاجل.. إلغاء الامتحانات في أعياد المسيحيين بكافة المديريات التعليمية    عراقيل إسرائيل أمام الانتقال للمرحلة الثانية    زعيم الحوثيين: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال هدف عسكري لقواتنا    موسكو: إحباط هجمات أوكرانية في خاركوف وسومي    وفاة عازف العود هشام عصام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    وزير العمل يفتتح المقر الجديد للنقابة العامة للعاملين بالنقل البري    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    6 خطوات أساسية لتأمين الحسابات وحماية الهواتف الهاكر    مديرية الصحة فى كفر الشيخ تُصدر نشرة توعية بطرق الوقاية من الأنفلونزا    إصابة 7 من الشرطة التركية فى اشتباك مع عناصر من داعش    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    من المسرح القومي.. خالد محروس يعيد حكاية صلاح جاهين للأجيال الجديدة    وزير التموين ومحافظ الجيزة يفتتحان سوق اليوم الواحد فى شارع فيصل.. صور    مناورات صينية واسعة تطوّق تايوان    أشرف صبحي يناقش ربط الاتحادات إلكترونيا وتعزيز الحوكمة الرياضية    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    طبيب روسي يحذر: انخفاض ضغط الدم خطر بعد التعافي من الإنفلونزا    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025 في القاهرة وعدد من المحافظات    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    وائل جسار وهاني شاكر يشعلان أبوظبي بليلة طربية نادرة في يناير    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    متحدث الوزراء: الدولة لن تستبعد أي أسرة من منظومة الدعم بسبب عدد أفرادها    حسم التأهل مبكرًا.. مصر ونيجيريا والجزائر إلى دور ال16 من أمم أفريقيا 2025    لا رب لهذه الأسرة    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دبلوماسية الإغاثة... قوة أمريكا الناعمة
نشر في نهضة مصر يوم 04 - 06 - 2008

بدأت المؤسسة العسكرية الأمريكية تتبنَّي دوراً دولياً جديداً، واسع النطاق، سيجبرها علي التدخل في العديد من الدول. بيد أن هذا التدخل سيكون في صورة دور، ستسعي جميع الدول تقريباً إلي دعمه، كما ينبغي أن يتم تبنيه علي نطاق واسع أيضاً، ألا وهو دور الدولة صاحبة الاستجابة الأولي للكوارث علي المستوي العالمي
بهدوء، وربما من دون إدراك كامل، بدأت المؤسسة العسكرية الأمريكية تتبنَّي دوراً دولياً جديداً، واسع النطاق، سيجبرها علي التدخل في العديد من الدول. بيد أن هذا التدخل سيكون في صورة دور، ستسعي جميع الدول تقريباً إلي دعمه، كما ينبغي أن يتم تبنيه علي نطاق واسع أيضاً، ألا وهو دور الدولة صاحبة الاستجابة الأولي للكوارث علي المستوي العالمي.
ولعل رفض حكومة "ميانمار" العسكرية الصادم، والكارثي في الحقيقة، للمساعدة الدولية في أعقاب الإعصار المدمر الأخير، قد غطي علي تطور إيجابي أوسع نطاقاً، يتمثل في السرعة المدهشة التي تم بها تقديم المساعدات المطلوبة، وخصوصاً من جانب الولايات المتحدة، مقارنة بالمساعدة المترددة في البداية التي قدمتها في كارثة المد البحري "تسونامي" في المحيط الهندي، والتي وصفت في حينها بأنها "شحيحة" من قبل "جان إنجلاند" وكيل الأمين العام للأمم المتحدة. هذه المرة تحدثت سيدة أمريكا الأولي "لورا بوش" بنبرة حاسمة عن المساعدات، عندما قالت إن الولايات المتحدة مستعدة لإرسال المساعدات المطلوبة فوراً. وهذا الاستعداد لا يعكس رغبة خيرة فحسب، وإنما يعكس إدراكاً بأن التعامل مع الكوارث الدولية قد أصبح يمثل أولوية من أولويات الأمن القومي الأمريكي.
وعلي نحو ما، يمثل هذا تطوراً مثيراً للدهشة، لأن الاستجابة للكوارث الطبيعية، لم تكن أبداً من مهام العسكرية الأمريكية. فتلك الكوارث نادراً ما تستدعي اتخاذ قرارات بالشراء، أو تفكيراً استراتيجياً، وغالباً ما تكون الاستجابة لها مؤقتة ومتناسبة مع طبيعة الظروف. وهذا الوضع يتغير الآن. يتبين ذلك من الاستنتاج الذي توصل إليه "مركز التحليل البحري" وهو: "أن التغير المناخي يهدد بإضافة عوامل مناوئة، وضاغطة... ونظراً لأن الكوارث الواسعة النطاق تزداد انتشاراً فإن التدخل الأمريكي في هذا النوع من المهام يجب بالتالي أن يكون أوسع نطاقاً كذلك".
وفي المحصلة كانت استجابة الولايات المتحدة لكارثة "تسونامي" التي وقعت في المحيط الهندي، هي الحاسمة. فبعد انتهاء الإعصار نشرت أمريكا 15 ألف جندي، وقوة مهمة مكونة من ناقلات، بالإضافة إلي قوة حملة بحرية في المنطقة، كما أقامت البحرية الأمريكية "قاعدة بحرية" قبالة سواحل إندونيسيا. وقد أدي وجود هذا الأسطول الصغير من السفن إلي سهولة نقل وتوصيل الإمدادات إلي الساحل، بعد أن تم تقريباً تدمير المرافئ والطرق بسبب مياه المد البحري الكاسح. ويتبين كل ذلك من التعليق الذي جاء علي لسان رئيس هيئة الأركان العامة الأدميرال "مايك مالين" الذي قال في ذلك الوقت: "لقد بنينا فعلياً مدينة في البحر ليس لها غرض سوي خدمة أهداف شعب آخر... وليست هنالك دولة في العالم لديها هذه القدرة سوي الولايات المتحدة".
ولا يزال هناك طريق طويل أمام إندونيسيا قبل أن تتمكن من التعافي بشكل كامل من آثار ذلك الطوفان المدمر، ولكن الأمر الذي لاشك فيه أن تلك الاستجابة الأمريكية قد أحدثت فارقاً مهماً. وهذه المساعدات لم تمضِ دون ملاحظة، حيث بين استطلاع للآراء أجراه "معهد بيو للأبحاث" أن 80 في المئة تقريباً من المواطنين في هذه الدولة، التي توجد بها أكبر أغلبية من السكان المسلمين في العالم، أصبح لديهم رأي أكثر إيجابية تجاه الولايات المتحدة واستجابتها لكارثتهم.
وما نجح في الخارج طُبق أيضاً في الداخل. ففي أعقاب إعصار "كاترينا" عام 2005 أقامت القوات البحرية الأمريكية قاعدة وسط البحر أمكنت منها مساعدة "نيوأورلينز". وفي نفس العام الذي حدث فيه ذلك، وفي أعقاب زلزال مدمر في باكستان، أرسلت واشنطن مساعداتها دون ضجيج، وأظهر التليفزيون الباكستاني طائرات الهليوكوبتر الأمريكية، وهي تنقل المساعدات إلي القري الواقعة في المناطق الجبلية النائية، كما أظهر الأطقم الطبية الأمريكية وهي تساعد الجرحي والمصابين. كما تم أيضاً إرسال قوة حملة بحرية إلي بنجلادش لمساعدتها علي مواجهة الطوفان المدمر الذي تعرضت له.
ولاشك أن البحرية الأمريكية تبدو راضية عن أدائها في تلك المهام، بدليل أنها وزعت نشراتٍ إعلانيةً في مراكز التدريب تبرز دورها في الإنقاذ من الكوارث. وإن كان هذا لا ينفي وجود البعض ممن يرون أن ارتداء عباءة أسرع الدول استجابة للكوارث يصرف النظر عن الهموم الأمنية "الحقيقية". والرد علي هؤلاء هو أن المشاركة في تلك العمليات تؤدي إلي تعزيز المصالح الأمريكية للأسباب التالية: أولاً، لأن تلك المهام تساعد علي إرساء الاستقرار، وخصوصاً أن الكوارث غالباً ما تعقبها حالة من الفوضي والقلاقل التي يمكن أن تنتشر خارج نطاق منطقة الكارثة.
ثانياً، تساعد تلك المهام أيضاً علي تحسين صورة الولايات المتحدة لأنها تظهر حسن نية شعبها، كما يمكنها بالتالي المساهمة في تحسين وضع أمريكا -في نظر الرأي العالم العالمي، كما حدث في إندونيسيا علي سبيل المثال.
ثالثاً، أن هذه المهام تساعد علي إعطاء صورة أكثر إيجابية عن الموقف العسكري الأمريكي العالمي، لأن دول العالم المختلفة ستكون في هذه الحالة أكثر استعداداً للقبول بالوجود العسكري الأمريكي، إذا ما تأكدت أن الغرض من هذا الوجود هو تقديم يد المساعدة في حالة وقوع الكوارث، وهو ما يمكن أن يساعد واشنطن علي تعزيز علاقاتها مع الكثير من دول العالم مثلما حدث مع حكومة بنجلادش عندما أدت الاستعدادات المشتركة بين الدولتين إلي تجنب وقوع كارثة أشد هولاً.
وأخيراً، وليس آخراً، فإن الاستجابة للكوارث الطبيعية هي الثمن الذي يجب علي الولايات المتحدة أن تدفعه باعتبارها أكبر قوة في العالم. فباعتبارها الضامن الأول للأمن العالمي، فإن العالم يتطلع للولايات المتحدة ليس فقط لقدرتها علي ردع التهديدات، وإنما أيضاً لقدرتها علي تقديم المساعدات في حال الكوارث، عندما تشتد الحاجة إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.