السؤال هنا هل نحن نتكلم لغة واحدة وهل مكتب التنسيق غاية في حد ذاته أم هو وسيلة وهل بعد إفراغه من محتواه ومضمونه سوف نتمسك به؟ بعد تطبيق التنسيق الالكتروني في الجامعات المصرية يأتي في الطريق اقتراح بتطبيق امتحانات للقبول بالجامعات الكترونيا أيضا وذلك في اطار الاقتراحات التي يشهدها مؤتمر تطوير التعليم الثانوي الذي سينعقد الأسبوع القادم (المحور الثالث وسياسات القبول بالجامعات). وفي ذلك الحديث عن وجود اختبارات للقبول يأتي في نفس الوقت التأكيد والتمسك علي ان مكتب التنسيق باق!! ويصبح السؤال هنا هل نحن نتكلم لغة واحدة وهل مكتب التنسيق غاية في حد ذاته أم هو وسيلة وهل بعد إفراغه من محتواه ومضمونه سوف نتمسك به؟، ولماذا يطرح المؤتمر فكرة واحدة فقط وهي امتحانات للقبول بالجامعات كسبيل وحيد كما يري المسئولون لتطوير التعليم الجامعي وهل التمسك بهذه الفكرة وعدم البحث عن بدائل أكثر كفاءة وليس عدلاً يناسب واقعنا أم أننا سنقفز بذلك في مغامرة غير محسوبة النتائج بتمسكنا بهذا الاقتراح الوحيد وما أثر ذلك علي خطط التنمية البشرية لمصر. في البداية لابد وان نعرف ان مكتب التنسيق عمره يزيد علي خمسين عاما فقط وجاءت الحاجة إليه في أواخر الخمسينيات من العقد الماضي بعد أن ارتفع الطلب علي التعليم الجامعي حيث لم يكن هناك إلا ثلاث جامعات هي القاهرة عين شمس الإسكندرية ومع ارتفاع الاعداد سنوياً وصل عدد المتقدمين الآن إلي أكثر من 350 ألف طالب سنوياً يقبلون في 17 جامعة حكومية ولكن بتحليل هذا الرقم سنجد ان عدد المقبولين منهم كطلاب نظاميين لايزيد عن 59% من هذا العدد والباقي إما بنظام الانتساب الموجه (بمصروفات) أو في المعاهد الخاصة وحتي هذا الرقم المتواضع 59% من الناجحين في الثانوية فإن الاغلبية طبقاً لارقام وزارة التعليم العالي يتم قبولها بكليات التجارة حيث بلغ عدد المقيدين بها 4.454 ألف طالب بنسبة 30% من إجمالي عدد الطلاب خلال عام (2005 2006) أما بقية التخصصات النظرية فتحتل جميعاً نسبة كبيرة من المقبولين تقترب من أكثر 35% ويصبح نصيب الكليات العملية مثل قطاع الطب والهندسة 28% من أعداد الطلاب 5.7% منهم في التعليم الطبي ونسبة 6.20% من الطلاب في كليات الهندسة باجمالي اكثر من 93% من الطلاب ولا يتبقي لنا غير نسبة 6% فقط تلتحق بتخصصات العلوم والتكنولوجيا وهي نسبة ضئيلة للغاية لا تتجاوز اعدادها سنوياً 18 ألف طالب وطالبة وبالتالي علينا ان نلتمس العذر سنوياً للشكاوي من كليات العلوم والزراعة وعدم وجود طلاب للالتحاق بها خاصة في أقسام مثل الرياضيات التي أصبحت كليات العلوم تبحث عن طلاب للالتحاق بها و(من المعروف علمياً) ان دراسة العلوم والرياضيات هي الأساس للتقدم العلمي والتكنولوجي والحضاري في العالم ناهيك عن ان نسبة طلبة القسم العلمي في الثانوية وصلت إلي 30% فقط من اجمالي الطلاب ومقابل 70% لطلاب الادبي الذين يقبلون بالكليات النظرية، اذن الخلل واضح وان الأزمة كما يتضح من الارقام هي في السياسات التعليمية التي أدت إلي هذه الفجوة والتي أدت إلي ان ينادي البعض بالغاء مكتب التنسيق علي اساس ان هناك تكدسًا في الكليات النظرية!! العدالة وامتحانات القبول وبالتالي يكون طرح فكرة عقد امتحانات للقبول بالجامعات والمقترح لها تخصيص نسبة 40% لهذا الامتحان فكرة المقصود بها الفرز والاختيار وتقليل عدد الملتحقين بالجامعات المحدود أصلا لان الارقام توضح ان نسبة طلاب التعليم العالي إلي السكان وصلت إلي 7.2% فقط بينما وصلت النسبة إلي 28%، بالنسبة للشريحة العمرية 18 22 عاماً وهي أقل النسب عالمياً حتي بالنسبة للدول العربية المحيطة بنا ولن نقول إسرائيل التي تجاوزت النسبة بها 55% طبقاً للاحصائيات ويصبح السؤال من الذي سيعقد الامتحان وهل سيكون تحريرياً أم شفوياً مركزياً أم بكل جامعة لان فتح الباب أمام الاختبارات الشفوية أو حتي مثل الاقتراحات التي نادت بها بعض الآراء في جلسات الاستماع ان يكون كشف هيئة، سيكون مخاطرة أكبر علي مستقبل هذا البلد لان القبول سيتم وفق الواسطة والمحسوبية بل احياناً طبقاً للنوع والغني والفقر والديانة وهذه هي آخطر النقاط التي يجب ان ننتبه إليها للحفاظ علي مستقبل مصر والوحدة الوطنية. وإذا كان الجميع يشكو من وجود امتحانين للشهادة الثانوية الآن ويطالبون بامتحان واحد فقط، أليس التفكير في عقد امتحان للقبول بالجامعات نكون أيضا قد عدنا لنفس الشكوي من كثرة الامتحانات التي ترهق الأسرة المصرية. وما هو مصير التعليم المفتوح الذي يسمح بقبول طلاب الثانوية العامة والدبلومات الفنية بالجامعات بعد مرور خمس سنوات علي الشهادة أي مثل ما ننادي بتطبيقه الآن هل درسنا هذه التجربة جيداً وهل ستحدث بعد تطبيق الاقتراحات الحالية مع العلم ان التعليم المفتوح هو البيضة الذهب لتمويل العجز في موازنات الجامعات حيث ان مصروفاته بالآلاف سنوياً لكل طالب. لماذا لم نفكر في تطبيق نظام المواد المؤهلة التخصصية كشرط ترجيحي عند القبول بالجامعات وان يعقد الامتحان ضمن امتحانات الثانوية العامة وإذا كانت الشكاوي من مستوي الطلاب عند التحاقهم بالجامعات فليضع الامتحانات أو مواصفاتها اساتذة الجامعة وبذلك نبقي علي قيمة العدالة والمساواة المتحققة في الامتحانات العامة ومكتب التنسيق. تبقي نقطة أخيرة وهي ان مكتب التنسيق هو أداة فقط مثل السيارة أو ا لطائرة وليس هو السبب في أزمة التعليم الثانوي والجامعي لدينا وإنما الأزمة هي في الاماكن المحدودة بالجامعات والتعليم العالي والتي أدت إلي كل هذه المشاكل التي نعيشها لأن هناكا دولاً في العالم تطبيق مكتب التنسيق مثل انجلترااليابان وغيرهما وليس لديهم أزمة بينما امتحانات القبول التي يطبقها النظام الأمريكي الابتدائي وغيرهم تناسب واقع هذه البلاد وليس لديهم أزمة في عدد الطلاب أو الجامعات والتي وصلت في الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي أكثر من 3500 مؤسسة.. فهل نتمني لتأتي في المناقشات حول هذه الاقتراحات حتي نصل إلي أفضل صياغة لتطوير تعليمنا بدلا من التسرع لاقرارها في مؤتمر والسلام.