لا يمكن تبرير هذا التمييز بانه رد فعل لانتشار الكراهية ضد المسلمين في العالم الغربي فالاسلام ارحب من الوقوع من منزلق رد الفعل ومسيحيو مصر اقرب الي مسلميها من مسلمي اندونيسيا، ومسلمي مصر اقرب الي مسيحييها من مسيحيي الولاياتالمتحدة فنحن جميعا مصريون في وطن واحد تناولت في مقال سابق موضوع الخلط بين الدوائر وعلي وجه الخصوص الخلط بين ما هو حزبي وما هو قومي.. الخلط بين الحزب الحاكم والدولة وكان ذلك بمناسبة ما أقره الحزب الوطني من ضم عدد كبير رؤساء تحرير الصحف القومية وكبار الصحفيين، الي تشكيل اماناته المركزية النوعية. اليوم سوف اتناول صورة اخري من صور الخلط وهي الخلط بين العمل النقابي والعمل السياسي. كنت شاهد عيان علي احداث نقابة الصحفيين ومؤتمر مصريون ضد التمييز الديني في 12/4/2008 فقد لبيت دعوة ادارة المؤتمر وذهبت الي النقابة في حدود الساعة الواحدة بعد الظهر، وعلي الفور لاحظت تجمهر علي سلم النقابة- وبالسؤال قيل لي ان مجموعة من الصحفيين اغلقت ابواب النقابة من الداخل وترفض فتحها امام المؤتمر- وان رئيس المؤتمر قد اتصل بالسيد النقيب وقد حضر بالفعل وانه تمكن من الدخول بعد معاناة شديدة وصلت الي حد التشابك بالايدي مع المعترضين.. وبعد فترة مباحثات بين النقيب والمعترضين.. خرج علينا السيد النقيب يعلن اعتذاره عن استقبال المؤتمر! بدعوة مسئولة ووطنية من حزب التجمع لاستقبال المؤتمر انتقل اعضاءه الي مقر الحزب.. وشرع المؤتمر في مباشرة اعماله.. وفاجأ الاستاذ مكرم محمد احمد الجميع بالحضور وأعلن اعتذاره واوضح أنه بعد ان تمكن من دخول النقابة وجد 7 افراد من اعضاء النقابة اكرر سبعة اعضاء من ضمنهم احد اعضاء مجلس النقابة والبعض منهم بملابس النوم "بجامات" يعترضون علي استقبال النقابة للمؤتمر لعدة اسباب منها انه سوف يتناول الاسلام بالنقد والي مشاركة اقباط المهجر والي وجود مجموعة من البهائيين في المؤتمر، واوضح السيد النقيب انه حاول ان يشرح لهم ان النقابة هي المكان المناسب لمناقشة الامور الخلافية وانه المكان المناسب للتعبير الحر لكل ألوان الطيف الثقافي في المجتمع وانها هي المكان المناسب لادارة الحوار بغرض الوصول الي الوفاق الوطني. واشار السيد النقيب الي انه رفض استخدام القوة مع هؤلاء الاعضاء واستدعاء الشرطة لفض هذا الموقف- خوفا عليهم وعلي النقابة، واوضح ان هذا الموقف الذي بدر من بعض اعضائه لا يمثل موقف النقابة وانه سوف يدعو الي مجلس نقابة للتدارس واتخاذ الموقف والقرار المناسب.. ثم غادر سيادته الجلسة لشعوره بالتعب والارهاق. ان ما حدث في نقابة الصحفيين مثال صارخ علي الخلط بين العمل النقابي والسياسي.. فالعمل النقابي عمل مهني له آلياته وخطابه.. وهو يختلف بالضرورة عن العمل السياسي الذي له آليات اخري وخطاب اخر.. لا يصح علي الاطلاق ان تكون للنقابة أية نقابة صبغة سياسية.. لكن واقع الحال للاسف الشديد يؤكد عكس ذلك فنقابة المحامين مثلا يتنازعها الناصريون والاخوان المسلمين ونقابة الصحفيين يتنازعها خليط مكون من الاحزب الحاكم والمعتدلين من جانب والجانب الآخر الاخوان المسلمين، ونقابة الاطباء والمهندسين كذلك ولكن الامانة تجب علينا ان نؤكد علي ان هذا الخلط ما هو الا نتيجة لغياب قنوات التعبير السياسي.. فعلي الرغم من وجود 24 حزبا سياسيا الا انه لا توجد لدينا قوي سياسية حقيقية تستوعب الطاقة السياسية لدي الافراد لذلك تلجأ الاخيرة الي اطر وقنوات ودوائر اخري للتعبير والعمل السياسي اما ان لاصحاب القرارفي مصر ان يصححوا هذا الوضع؟ ان هذا الخلط يضر بكل الدوائر وهو خطر شديد علي مصر كلها. ان ما حدث في نقابة الصحفيين يفرز عدة اسئلة: 1- هل مجلس النقابة يمثل اغلبية اعضائها؟ 2- هل رئيس مجلس النقابة يمثل اغلبية اعضاء المجلس؟ 3- هل يصح ان يلغي "6 اعضاء" عقد ابرمته النقابة مع طرف اخر؟ 4- هل تحولت النقابة الي نقابة للمسلمين فقط؟ وللون معين منهم؟ 5- هل تعلم قيادة جماعة الاخوان المسلمين ان مثل هذه المواقف تضعف من موقفهم وتشكك في نواياهم؟ 6- اما ان للجماعة ان تفصل بين ما هو نقابي.. مجتمعي وما هي سياسي؟ 7- اما ان للجماعة ان تعي ان للخلط بين الديني والسياسي يضر بالاثنين معا؟ 8- اما ان للجماعة ان تفصل بين ما هو دعوي وما هو سياسي؟ 9- هل ما حدث في نقابة الصحفيين يعد شكلا من اشكال التمييز؟ 10- هل يقبل المصري المسلم ان يتميز عن كل المصريين بسبب صيغته الدينية؟ 11- هل يقبل عضو جماعة الاخوان المسلمين ان يتميز عن كل المصريين والمسلمين منهم بسبب عضويته للجماعة؟ "لقد وصل التمييز الديني والفرز الطائفي واشاعة مناخ هيستيري معبأ بالكراهية ضد غير المسلمين في مصر الي درجة لا تطاق، ولا يمكن ان تخطئها عين، ولا ينكرها الا مكابر او مغرض، وبات يمثل تهديدا خطيرا لامن مصر القومي وقدرتها علي مواجهة التحديات المحيطة بها وفي الآونة الاخيرة اتخذ هذا التمييز مظهرا عنيفا بالاعتداء علي المسيحيين وممتلكاتهم ومكمن الخطر ان هذه الاحداث لم ترتكبها جماعات ارهابية او جماعات متطرفة منظمة انما وقعت من مواطنين عاديين وقعوا تحت تأثير شحن منتظم ومتوال دفعهم الي الاعتراض علي حرية الاخرين في العبادة واداء شعائرهم الدينية. ولا يمكن تبرير هذا التمييز بانه رد فعل لانتشار الكراهية ضد المسلمين في العالم الغربي فالاسلام ارحب من الوقوع من منزلق رد الفعل ومسيحيو مصر اقرب الي مسلميها من مسلمي اندونيسيا، ومسلمي مصر اقرب الي مسيحييها من مسيحيي الولاياتالمتحدة فنحن جميعا مصريون في وطن واحد. لقد جئنا اليوم مسلمين وغير مسلمين، كمصريين متضافرين متحدين في مواجهة التمييز الديني بكل اشكاله الناعمة والعنيقة، ولن نكل او نمل حتي نستأصل هذا المرض الخبيث من جسد الامة، جئنا كمسلمين لنعلن علي الملأ اننا لن نقبل بعد الآن ان يتم هذا التمييز وهذا الظلم باسم الاسلام، وجئنا كغير مسلمين- وفي القلب منا الاقباط- لنعلن علي الملأ اننا لن نقبل ان نظلم بعد الآن واننا سنقاوم هذا التمييز وهذا الظلم ولن نرضي باقل من المساواة الكاملة في الوطن "جزء من كلمة د. محمد منير مجاهد رئيس المؤتمر".