قالت جدتي.. يجب ان تلزم الحكومة.. كل وزير لدي قدومه ان يقدم كشف الانجازات كل ثلاثة شهور بكل سرور فهو ان لم يفعل ذلك سيصاب بالفتور! وعلي الحكومة المراجعة لما قدمه الوزير من كشف حساب وتقدير دون مجاملة أولا سامح الله تزوير. زرت جدتي حكيمة لأقبل أياديها الطاهرة فهي أم وجدة لاجيال باهرة منها الطبيب والكاتب والمهندس والمحاسب استقبلتني جدتي في حفاوة وحب وقدمت لها هديتي وتحيتي من القلب جلسنا معها في سمر يؤنسنا ضوء القمر فمالازالت تحترم الرومانسية وتحفظ الابيات الشعرية ودار الحديث مع جدتي حكيمة. عن الأسعار التي أصبحت من نار قالت جدتي قرأت يا بني ان الرئيس مبارك، الذي بفكره يشارك قد انذر الوزراء وكلفهم ببذل اقصي الجهود والصدق في الوعود. سألت جدتي. لكني من الواضح والمخيف ان رد فعلهم بعضه ضعيف.. فما العمل؟ وهل هناك أمل؟! قالت جدتي الأمل موجود لو صدق الوزير في العهود فيبدو ان بعضهم ممن حلف اليمين هدأ حماسه وراح يستكين والبعض اعتقد أنه امتلك كرسي الوزارة لكن فشل في حساب المكسب والخسارة. أضافت جدتي تقول يا بني شعبنا بطبيعته طيب القلب يدرك التسامح ويعرف الحب إلا أنه في نفس الوقت واع وصبور. ومازال محتملا بالرغم من الدائرة التي تدور وخذ مثلا لما شغلوه بكأس الأمم الافريقية بتلك اللعبة الذكية إلا أنا لم تشبع البطون. ولعلها هدأت من الجنون قاطعت جدتي معتذرا أي جنون يا جدتي؟ قالت.. عفوا يا بني اقصد جنون البطون الجائعة وليست المستديرة البارعة.. ثم استطردت جدتي تقول.. هل يجدي يا بني ان نشغل الناس بحكاية لها نهاية كمن يلعب "الاستغماية" فلابد ان يتحرك كل وزير باداء مدروس وقدير.. مر صمت قليل وسألتني جدتي.. ماذا ستفعل لو كنت وزيرا؟ توقفت قليلا عن الكلام وقلت لجدتي.. أنا لا امتلك حكمتك فانت لك في الفكر قدرتك فاسمحي لي يا جدتي ان اودع حيرتي وأحيل نفس السؤال اليك. نظرت جدتي إلي بابتسامة اشرقت منها علامة.. وبعد ان مالت قليلا علي مقعدها الوثير.. لتواصل سلامة التفكير، قالت يا بني لو أنا وزيرة ساطرد من قلبي كل الأماني الصغيرة وابحث عن الأحلام الكبيرة وأعمل علي تحقيقها بسرعة والغي سياسة الجرعة تلو الجرعة وسوف لا اجامل أي قريب أوغريب. وسأكون الصدق دون الكذب.. وابتعد عن كل شبهة وحيلة وانفذ المباديء الجليلة، واحارب اختلاس الأراضي وبيعها للناس فهي تجارة ضد الضمير والاحساس واحقق المكاسب الأمينة، واتجنب الخسارة اللعينة. واحرص علي تنفيذ كل الوعود. واحارب الكاذب اللدود. استطردت جدتي تقول.. هذا يا بني بعض ما يجب ان يكون من وزير يتحلي به كل من يحظي بمنصب الوزير. قلت لجدتي كل ما ذكرتيه هو تعبير منك عن حبك للوطن الذي في القلوب قد سكن وايضا رمز للانتماء الذي في قلبك اضاء ولكن ما العمل يا جدتي فقد تملكتني حيرتي.. فما رأيك في بعض الوزراء الذين قصروا في سلامة الأداء.؟ قالت جدتي.. يجب ان تلزم الحكومة.. كل وزير لدي قدومه ان يقدم كشف الانجازات كل ثلاثة شهور بكل سرور فهو ان لم يفعل ذلك سيصاب بالفتور! وعلي الحكومة المراجعة لما قدمه الوزير من كشف حساب وتقدير دون مجاملة أولا سامح الله تزوير. ففي حالة نجاحه واثبات فلاحه لا بأس ان يستمر في وزراته بعد ان اثبت جدراته. أما إذا انشغل أي وزير بأمور لا تهم الجماهير. فعليه فورا حمل حقيبته طالما تغيرت طبيعته. قلت لجدتي حكيمة انها انها بحق فكرة جديرة بالدراسة وتحتاج من العقول الرعاية والحراسة. فلماذا يبقي الوزير في وزارته دون اثبات لنجاح إدارته؟ ثم أضافت جدتي هل يرضيك يا بني ما حدث لنا في شأن الرغيف حقا ان الأمر سخيف فالقضية تحتاج إلي كل قلب شريف في سلوكه عفيف حتي لا يباع الدقيق في السوق السوداء التي يديرها بعض الأدعياء الذين يتاجرون بقوت البسطاء. لماذا لا يكونون شرفاء. لكن الله سيجازيهم علي ما صنعته ايديهم. ثم استطردت جدتي تقول ان بعض الناس في معاملاتهم فقدوا صدقهم وحسن صفاتهم لذا علي كل وزير ان يخاف الله في المقام الأول وعن إيمانه لا يتحول. ويصدق مع نفسه والآخرين طول حياته إلي يوم الدين. ساعتها نحيا في رخاء بلا سوق عاصفة أو سوداء بسواعد وقلوب تصنع الصفاء ويختفي النقد والهجاء ونقدم الشكر والثناء لكل من كان صادقا وضاء. سألت جدتي عن كلمة نافعة في نهاية اللقاء قالت: من لم يجد في نفسه طاقات الاخلاص والعمل فليترك مكانه لمن يستحقه - بذلك فقط نصنع النجاح!؟