بدأت الدعوة علي شبكة الإنترنت من أصحاب المدونات ثم تناقلتها كثير من المواقع الالكترونية مثلما يحدث لدعوات أخري عديدة. لكن الجديد مع هذه الدعوة انها انتشرت انتشار النار في الهشيم، وانتقلت من شبكة الإنترنت إلي المجالس الخاصة حيث أصبحت حديث الناس ثم كان من الطبيعي أن تنتقل إلي المحافل العامة بل وأن تحاول بعض الجهات ركوب الموجة. إنها الدعوة إلي اضراب 6 ابريل التي أطلقها نشطاء من غير المحترفين للعمل السياسي. والسؤال هو سبب هذا الانتشار الاستثنائي لتلك الدعوة علي عكس دعوات أخري من جهات لها باع أطول في العمل السياسي. يبدو أن هناك أكثر من سبب.. أولها المطالب "البسيطة" التي رفعها هؤلاء الشبان: "عايزين مرتبات تعيشنا" "عايزين نشتغل" "عايزين تعليم لأولادنا" "عايزين نصرف ضرايبنا علي العلماء" "عايزين أحمد زويل وفاروق الباز" "عايزين مواصلات آدمية" "عايزين مستشفيات تعالجنا" "عايزين دواء لأطفالنا" "عايزين نصرف فلوسنا علي الأبحاث" "عايزين قضاء منصف" "عايزين أمن وأمان" "عايزين حرية وكرامة" "عايزين شقق للعرسان" "عايزين حد يسمعنا" هذا ما يريدونه.. فما الذي لا يريدونه؟! "مش عايزين رفع أسعار" "مش عايزين محسوبية" "مش عايزين ضباط بلطجية" "مش عايزين تعذيب في الأقسام" "مش عايزين إتاوات" "مش عايزين فساد" "مش عايزين رشاوي" وإذا نظرنا إلي القائمتين قائمة "عايزين"، وقائمة "مش عايزين" سنكتشف أن الغالبية العظمي من المصريين توافق عليهما، وهذا هو السبب الأول لانتشار دعوة 6 ابريل. السبب الثاني أن هذا التحرك جاء خارج الأطر التقليدية التي مل الناس منها وأحسوا بعقمهاوعدم فاعليتها. والسبب الثالث والأهم هو توقيت هذه المبادرة التي جاءت في وقت وصلت فيه كل الأمور إلي درجة الغليان وبخاصة الأسعار التي يحرق لهيبها الغالبية الساحقة المسحوقة من المصريين. والأخطر أن مردود فعل الحكومة علي شكوي الناس وصرخات ألمهم جاءت بالغة البلادة والغطرسة واللامبالاة الأمر الذي زاد حنق المواطنين الذين شعروا بالاهانة أكثر من أي وقت مضي. هذه الأمور مجتمعة مسئولة عن انتشار دعوة الاضراب العام المزمع في 6 ابريل كانتشار النار في الهشيم. وبالطبع فإنه لن يكون أول أو اخر اضراب وليس شرطًا أن يكون ناجحًا بنسبة مائة في المائة أو حتي خمسين في المائة. المهم انه رسالة واضحة للحكومة التي تصنع أذنا من طين وأخري من عجين إزاء كل شكاوي الناس. وتخطئ الحكومة خطأ جسيمًا إذا تصورت انها تستطيع أن تستمر في تجاهلها لسخط غالبية المصريين أو تستطيع أن تستغني عن حل مشاكلهم الاجتماعية بالتشدق بانجازاتها الاقتصادية التي تتحدث بها تقارير وشهادات جهات أجنبية. ان يوم 6 ابريل ليس نهاية المطاف ويمكن أن يكون يوما عاديا جدًا مثله مثل باقي الأيام لكن الدعوة الكامنة خلفه ستظل جمرة مشتعلة لانها ليست من اختلاق أحد وإنما هي مجرد انعكاس لحالة موضوعية وبالتالي فإن هذه الدعوة لن تتبدد وتختفي إلا إذا ما تم حل هذه المشاكل المتراكمة التي ليست من صنع خيال أحد في المعارضة المشروعة أو المحظورة.