انعقدت القمة العربية في العاصمة السورية دمشق وانفضت وكأنها لم تنعقد، مثلها مثل كثير من القمم التي انقسم العرب حولها وانعقدت وانفضت دون أن ينبني عليها عمل، قال وزير الخارجية السوري المعلم إن انعقاد القمة في حد ذاته نجاح رغم كل المعوقات التي أراد أعداء الأمة وضعها حتي لا تنعقد في سوريا.. لكنها انعقدت. انعقدت أو لم تنعقد، يمكن أن تنعقد أو يستحيل انعقادها جدل طويل سبق انعقادها، وتنقل عمرو موسي أمينها العام بين العواصم ذات النفوذ، صادفته ملفات مركبة، علي سوريا تحقيق انتخاب رئيس لبنان قبل القمة وإلا، وسوريا تطالب باستحقاقات لبنانية أولا، القرار السوري في لبنان له جذور تاريخية لا يعترض عليها أكثر أعداء سوريا حاليا ورغم هذا يطالبونها بعدم التدخل في الشأن اللبناني!! من فرط سذاجتي كدت ألا أفهم ما يحدث حول انعقاد القمة في دمشق من عدمها!! ما الذي يمكن أن يتحقق من انعقاد القمة العربية؟ نسأل السؤال بطريقة أخري ما الذي يمكن ألا يتحقق جراء عدم انعقاد القمة؟ كلها أسئلة مشروعة تكشف عن اهتزاز شعبي في جدوي القمم العربية، بل واهتزاز رسمي كشفت عنه عبارات الأخ العقيد قائد الثورة الليبية من تباغض القادة لبعضهم البعض، وانتهازية البعض، وتورط البعض في علاقات حميمية مع الكيان الصهيوني!! أمجاد يا عرب أمجاد هتاف مضحك نتذكر من خلاله كل إخفاقاتنا العربية الرسمية والشعبية، كل انتكاساتنا الثورية في 56 و67 وهلم جرا، كل بياناتنا العنترية عن النصر والتقدم بينما فلذات أكبادنا ينحرون في رمال سيناء كالخراف بلا ثمن، عن الصمود والتصدي وزعيمها ينحر في عيد الأضحي صداقا لبوش وقواته الغازية، وقواتنا العربية تسحق الفلسطينيين في تل الزعتر وبيروت العربية!! أمجاد يا عرب أمجاد.. هتافات الحناجر لزعماء الحناجر المهزومون دائما، المتاجرون أبدا دون أن يقدموا للعروبة شيئا. في قمة بيروت الشهيرة عام 2000 قدم الزعماء العرب لإسرائيل علي طبق من ذهب مبادرة الاستسلام حتي دون أن يفقهوا فن المناورة، تالله ما أذكي السادات وأفقهه حتي مع اختلافنا معه استراتيجيا لكنه كان يعرف كيف يناور وكيف يكسب بما يعرض، يكسب أرضا وشعبا ومالا، لكنهم هكذا قدموا مبادرة عربية بالاستسلام لكل ما يحلم به الكيان الصهيوني وإدارة العم سام الراعية، المهم انعقدت قمة بيروت عام 2000 وتمخض عنها لجنة آلية لملف السلام التي لم تعقد اجتماعا واحدا من ساعتها حتي الآن!! بل إن لجنة القدس برعاية ملك المغرب أمير المؤمنين لم تنعقد ولا يعرف لها شاط ولا فعالية غير هتاف أمجاد يا عرب أمجاد!! لم شغلنا كثيرا بانعقاد القمة من عدمه أو حضور الرئيس المصري والعاهل السعودي من عدم، فقد عقدت من قبل عشرات القمم ولم يحدث شئ يذكر في حل قضايانا أو ردع أعدائنا. فلم ترق القمم العربية في الغالب الأعم لمستوي تطلعات الشعوب وأمالها، يمكن أن يختلف مستوي الأداء الرسمي والدبلوماسي للحكومات والدول عن مستوي الخطاب الشعبي الذي لا يرتبط بأي التزامات دولية رسمية، لكن لا ينبغي أن يكون البون شاسعا بين الخطابين علي نحو يقطع الأحلام والآمال، كنا نود أن تتبني القمة العربية خطابا رسميا يمثل إعادة اعتبار للإسلام في بلاده وترسيخ مبدأ احترام الإسلام وإعادة الاعتبار لدوره في الحياة العامة وشرائعه ومنظومته القيمية في "الداخل" كرد عملي علي الخطاب الغربي المسئ للإسلام ورسوله. إن الحالة الراهنة وما سبقها قد أكدّت للمواطن العربي خطورة المراهنة علي الدعم الأجنبي فلقد علمتنا الولاياتالمتحدة أنها تتخلي عن حلفائها مقابل مصالحها، كما علمتنا الحالة الراهنة أن الخيارات بيد الأمة يجب أن تكون متنوعة ولعلّ شعار "السلام خيار استراتيجي" كان يمثل مرحلة كان يمكن قبولها للدلالة علي حسن النوايا. لبنان بلد هام، خاصة لدي الدول الكبري وإسرائيل وهذا حوّل الموقف في لبنان إلي منازلة بالوكالة، وهذا لا يعني أن النزاع في لبنان هو نزاع لحساب الخارج. إنه نزاع لبناني/ لبناني تقف علي جانبيه قوي اجتماعية لبنانية حقيقية. الحل هو توافقي لبناني، هو ممكن إذا استطاع الدور العربي أن يحمي القرار اللبناني من التدخل الإقليمي والدولي. كنا نود للقمة العربية أن تحاول النظر في الملف الصومالي الذي انتهكته الحرب الأهلية والتدخلات الأجنبية، لا سبيل لوضع حد لمأساة الصومال إلا عن طريق وقف شامل لإطلاق النار تراقبه جهة محايدة ويتزامن مع جلاء كافة القوات المسلحة الأجنبية المشاركة في القتال وعقد ملتقي صومالي جامع للاتفاق علي حكم البلاد بالديمقراطية والتوازن. أين السودان من أجندة القمة العربية الأخيرة أو التي سبقتها أو التي تليها؟ أُبرمت ثلاث اتفاقيات سلام في السودان لإنهاء الاقتتال الأهلي فيه. كان الدور الأجنبي في الاتفاقيات الثلاث كبيرا وكان الدور العربي فيها هامشيا. الناطق الاعلامي للمنتدي العالمي الوسطية