الرئيس الأمريكي بوش في فلسطين في ثاني زيارة تاريخية له، وهي الأولي له كرئيس...! فما الذي يحمله معه اذن الرئيس الامريكي لفلسطين وشعبها وقضيتها ومستقبلها...؟! سؤال يجول بقوة هائلة في نفوس الفلسطينيين والعرب..! فهل سيعلن يا تري الرئيس الامريكي موقفا تاريخيا لصالح التسوية وإقامة الدولة الفلسطينية خلال عام 2008 كما تضخ وسائل الاعلام المختلفة...؟! أم سيجدد وعده لشارون الذي يكرس حقائق الأمر الواقع الاستيطاني التهويدي التي تنسف عمليا بمنتهي القسوة مقومات الاستقلال الفلسطيني...؟! وحسب المعطيات فهذا سيكون اللقاء الرابع بين أولمرت وبوش، فقد التقيا في 19 يونيو /2007، في واشنطن، كما اجتمعا قبل ذلك مرتين في مايو ونوفمبر من العام 2006، وكان قد خصص الاجتماع الأول للدفع بخطة "التجميع/ الانطواء" في الضفة الغربية، أما الاجتماع الثاني فقد كان بعد العدوان علي لبنان، وناقش تغيير جدول الأعمال الإقليمي ومواجهة إيران، كما ناقش الاثنان احتمالات إحداث تقدم إقليمي علي أساس مبادرة السلام العربية، والاتصالات مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وفحص إمكانية تجديد المفاوضات مع سورية. أما في اللقاء الاخير الذي جمع بوش واولمرت في يونيو الماضي فهيمنت أجندة عمل إسرائيلية خالصة علي أجواء الاجتماع، وقد ركز اولمرت علي أولويات طلب تبني واشنطن لها، حكومة وكونجرس، وقد حصل مبدئياً علي تفهم من البيت الأبيض تجاهها، وهذه الأولويات ترتكز علي محورين: الأول سياسي لإعادة تشكيل فحوي القضية الفلسطينية وعملية التسوية لكي تصبح "قضية بقاء "إسرائيل"وليس موضوع الاحتلال أو معاناة الفلسطينيين أو حقوق الإنسان أو المستوطنات في إعادة لصياغة القضية، والثاني، كنتيجة للحرب علي لبنان، فإنه ينبغي التركيز من الآن وصاعداً علي تقديم المساعدة ل_إسرائيل_ الحليفة باعتبار أنها تشكل مع الولاياتالمتحدة توجهاً واحداً، وبالتالي فالتركيز في السياسة الخارجية الأمريكية تشريعياً وتنفيذياً ينبغي أن يكون علي التعاطي مع الملفات في المنطقة حسب الأولويات، والترتيب التالي: إيران ثم سوريا ثم لبنان ثم العراق ثم الفلسطينيين، وأن يتم شحذ قوي العالم للتعاطي مع هذه الملفات وفق هذا المنظور بما في ذلك تدويل الموقف من إيران. أما ونحن اليوم أمام اللقاء الرابع بينهما فانه يغدو من الجدير التذكير بالأجندة المشتركة بينهما وبالمطالب الاسرائيلية المتجددة من الإدارة الأمريكية. فحسب المصادر الاعلامية الاسرائيلية عكفوا في "اسرائيل" علي صياغة برنامج عمل وانشاء أسس سياسة تتمتع بها اسرائيل، وفي نقاش تم في مكتب اولمرت تمهيدا للزيارة أُكدت المصادر السعي للتوصل الي تصريح رئاسي من قبل بوش في شأن "مصالح اسرائيل الحيوية"، تعترف بها الولاياتالمتحدة قبيل التفاوض في التسوية الدائمة مع الفلسطينيين/ معاريف _ 03-01-2008_. وتتحدث الوثيقة الإسرائيلية في جملة ما يتحدث فيه، عن "مصالح مثل كون الدولة الفلسطينية المستقبلية منزوعة السلاح الثقيل كله"، و"الحفاظ علي حرية عمل إسرائيل الأمنية في أثناء التفاوض"، و"المجال الجوي الاسرائيلي وما أشبه"، وتسعي _إسرائيل_ أيضا للحصول علي ضمانات من الولاياتالمتحدة خلال زيارة بوش "تضمن لها سيطرة أمنية في الضفة في أي اتفاق مع الفلسطينيين"، وقد أعد أولمرت بالتنسيق مع وزير الحرب باراك ووزيرة الخارجية ليفني، "سلة مطالب تفضي بمجموعها إلي تأبيد الاحتلال، وبقاء أي كيان فلسطيني في قبضة الاحتلال أرضاً وأجواء مستباحة ومعابر تحت السيطرة الإسرائيلية". الرئيس الأمريكي لا يمكنه "أن يمارس أي ضغوط حقيقية وفعلية لإطلاق التسوية"، كما أعلن أولمرت قبل أيام من الزيارة مضيفا" أنه وبوش متطابقان، وأن الرئيس الأمريكي لا يمكن أن يفرض شيئا ترفضه إسرائيل"، وهذا يعتبر بمثابة حكم اسرائيلي مسبق علي نتيجة اللقاءات وما هو منتظر من الرئيس الأمريكي...! استحضر أولمرت وعد وتعهدات بوش لشارون في عهده في تصريح قال فيه_إن الضمانات التي قدمها بوش في رسالة العام 2004 حول ضرورة الاعتراف ب "الواقع الديموغرافي_ في الضفة الغربية، تسمح لإسرائيل بمواصلة البناء في الكتل الاستيطانية القائمة _من دون إقامة مستوطنات جديدة ". ولذلك نقول في خاتمة قراءة آفاق زيارة بوش لفلسطين واحتمالات التسوية والدولة، إن الحقيقة الكبيرة المستخلصة والأهم هنا في مواجهة ما يجري من بناء حقائق الأمر الواقع علي الأرض أن "الوحدة الوطنية الفلسطينية_ و"القيادة الجماعية من أقصي الإسلام مرورا بفتح الوسط وصولا إلي أقصي اليسار_ هي المخرج من هذا المأزق الفلسطيني المتفاقم وهي البديل الذي يوصل الي شط الأمان الفلسطيني، والممر الإجباري أمام الفلسطينيين لتمكينهم من تصليب مواقفهم ومواجهة خرائط الطرق الإسرائيلية المتجددة الهادفة إلي شطب القضية الفلسطينية شطبا كاملا وشاملا وبالبصمة الامريكية...؟!