قبل عقد من الزمان كانت الأخبار تصل إلي عتبات بيوت الأمريكيين كل صباح وتعرضها شاشات التليفزيون كل مساء. وكانت الأخبار في معظمها تُطبع أو تُبث بعد ساعات من وقوعها, وكانت مصادر الأخبار محدودة نسبيا. أما الآن فقد غيرت شبكة الإنترنت إلي حد كبير الطريقة التي يطلع بها الأمريكيون علي الأخبار _ فقد وفرت لهم نسخا الكترونية من الصحف المحلية والقومية وبثا الكترونيا للأخبار عبر العديد من البرامج الإخبارية التليفزيونية. وقد أسهمت مصادر الأخبار الجديدة تلك في تحقيق تغيير جذري في طريقة مشاهدة الأمريكيين وفي طريقة عمل مصادر الأخبار التقليدية. ما الاشكال الجديدة للصحافة؟ تجيء اشكال الصحف الرئيسية الجديدة في ثلاثة تصنيفات رئيسية وهي: نسخ من الصحيفة علي شبكة الانترنت مواقع إخبارية علي الشبكة لبث الأخبار مواقع اخبارية الكترونية تسمح لزوارها بالتعليق علي محتواها وتُعرف باسم Blogs. والصحف المنشورة علي شبكة الانترنت عبارة عن نسخة مصغرة من مثيلاتها الورقية تظهر فيها عناوين الأخبار اليومية الرئيسية وتشتمل علي كافة الموضوعات الواردة في النسخة المطبوعة. وعلاوة علي ذلك تضيف مواقع الصحف القومية علي الانترنت موضوعات خاصة بها لا تنشرها نسخها المطبوعة ومنها علي سبيل المثال الموضوعات الآنية التي ترد من وكالتي رويتر واسوشيتدبرس للأنباء ومن نطاق واسع من مواقع Blogs التي تسمح للقراء بنشر تعليقاتهم. وهناك عشرون موقعا من نوع Blogs تابعا لصحيفة نيويورك تايمز علي الانترنت عن السياسة والترفيه والسيارات والكثير غيرها. كما توفر شبكة تليفزيون CNN والشبكات الإخبارية الأخري مواقع علي الانترنت حيث تنشر برامجها الإخبارية المدعمة بلقطات فيديو من نشراتها الإخبارية السابقة. وغالبا ما تجمع الشبكات الإخبارية عبر مواقعها علي الانترنت بين الفيديو والمواد المطبوعة المنقولة عن وكالتي رويتر واسوشيتدبرس أو من صحف ومواقع الكترونية أخري. كما تنشر تلك المواقع قائمة بالموضوعات والمقالات الرئيسية المدعمة بلقطات الفيديو عن احداث اليوم. وهناك اعداد تتزايد باضطراد من المواقع الفرعية المخصصة لتغطية السياسات والاخبار وهي مواقع مصممة علي غرار الصحيفة وعلي نحو يمكن القراء من نشر تعليقاتهم علي الموضوعات التي يقرأونها. وفيما لم تكن مواقع Blogs اكثر من مجرد اسلوب يتواصل من خلاله المرء مع اصدقاءه فيما يتعلق بالشئون الحياتية _ فان مثيلاتها التي تتناول قضايا سياسية تطورت خلال الاعوام القليلة الماضية لتصبح اكثر انتشارا واصبحت تلك المواقع تتناول الحملات الانتخابية سواء علي نحو رسمي او غير رسمي. وفي الحملات الانتخابية الماضية وظف المرشحون الديمقراطيون والجمهوريون القائمين علي نشر تلك المواقع لنشر اخبار حملاتهم الانتخابية والترويج لهم ولنشر الأراء الشخصية لأعداد لا تحصي من زوار تلك المواقع. كيف توفر تلك المواقع اخبارا تختلف عن المصادر التقليدية؟ يتمثل الاختلاف بين المواقع الالكترونية التي تديرها الصحف والشبكات الاخبارية ومصادر الاخبار التقليدية في خاصية الفورية بالنسبة للاخبار المطروحة. فبدلا من انتظار مشاهدة اخبار المساء او الصباح لمعرفة حدث معين _ يمكن للمشاهد ببساطة ان يلجأ الي موقع الانترنت لمتابعة احدث التطورات الاخبارية. كما توفر تلك المواقع ميزة الاطلاع علي تغطيات اخبارية مختلفة عبر موقع واحد. وبعكس نشرة الاخبار المسائية يمكن للمشاهد عبر الانترنت ان يختار المقاطع التي يريد مشاهدتها دون غيرها. وعلاوة علي ذلك فان المواد الاخبارية الاحدث التي تنشرها تلك المواقع ترد من وكالتي رويتر واسوشيتدبرس مما يضفي تنوعا علي مضمونها. وتميز مواقع Blogs الاخبارية والسياسية نفسها عن مصادر الاخبار التقليدية الاخري من خلال نشر وجهات نظرها الشخصية ونشر الاخبار غير المتوفرة لدي المصادر الرئيسية الاخري. وغالبا ما تكون لبعض تلك المواقع فكرة رئيسية ( مثل دعم حزب بعينه او قضايا معينة ) وتطرح تحليلا مستقلا للاحداث. كما تكتسب تلك المواقع ميزة جذابة لا تتوفر لدي مصادر الاخبار التقليدية حينما يضيف زوار تلك المواقع تعليقاتهم وارءهم الشخصية. وهكذا فان تلك المواقع تقدم خدمة اخبارية متميزة تحمل طابعا شخصيا وتنشر وجهات النظر التي تهم القائمين عليها وروادها. وغالبا ما تحاول تلك المواقع تمييز نفسها عن طريق تناول الاحداث التي لا توردها الصحافة المطبوعة. ففي انتخابات عام 2004 علي سبيل المثال تحدث "هوارد دين" الساعي لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي لخوض انتخابات الرئاسة بعصبية بلغت حد الصراخ امام اجتماع حزبي جماهيري في ولاية "ايوا" .. وفي انتخابات عام 2002 كانت المواقع الاخبارية من نوع Blogs وليس وسائل الاعلام التقليدية اول من نشر وعلق علي عبارات اعتُبرت عنصرية تفوه بها السيناتور الجمهوري "ترنت لوت". ومع ذلك فإن الرأي العام الامريكي لم يلحظ تلك الامور علي نحو واسع الا حينما بدأت وسائل الاعلام الرئيسية في تغطيتها. الشئون المالية الخاصة بالصحف وفيما تتباعد الاخبار اكثر فاكثر عن الصحف المطبوعة وتتجه صوب اعلام الانترنت- وجدت الصحف نفسها عاجزة علي نحو متزايد علي المنافسة المالية. وطبقا لما اورده تقرير عن حالة وسائل الاعلام الاخبارية لعام 2004 فان توزيع الصحف علي بيوت الامريكيين تدني بنسبة تقرب من 50% في الفترة ما بين عامي 1995- 2000. كما فقدت طبعة الاحد من تلك الصحف المشتركين منذ عام 1995 علي الرغم من طرحها للمشتركين بنصف الثمن. ولم يقتصر التدني في الاقبال علي قراءة الصحف المطبوعة علي الشباب فقط بل تعداه الي كافة الاعمار في الفترة ما بين عامي 1999- 2003 باستثناء من هم اكبر سنا من الخامسة والستين. ونتيجة للمنافسة الجديدة شرع العديد من الصحف والبرامج الاخبارية علي شبكات التليفزيون وحتي في وجود مواقعها علي شبكة الانترنت في العمل علي خفض التكاليف. وتمثلت اول خطوة في هذا السبيل في تقليص تغطية الاخبار الخارجية. فقد اوردت مقالة نشرتها صحيفة "لوس انجلوس تايمز" ان تغطية الاخبار الخارجية تقلصت بنسب تتراوح بين 70%- 80% في الاعوام الخمسة عشر او العشرين التي سبقت 2001. فقد خفضت الصحف والبرامج الاخبارية اعداد مكاتبها في الخارج واعتمدت بدلا من ذلك علي وكالتي رويتر واسوشيتدبرس للحصول علي الاخبار الدولية وركزت تمويلها علي التقارير الاخبارية المحلية والاقليمية الاقل كلفة. كما بيعت بعض الصحف وسرح البعض الاخر اعدادا ملحوظة من موظفيه نتيجة تدني عائدات توزيعها عن ذي قبل. كما شهدت المواقع علي شبكة الانترنت تغييرات استهدفت جني الربح من الاخبار التي تنشرها _ فالعديد من الصحف المتاحة علي شبكة المعلومات تطلب الآن من زوارها سداد رسوم اشتراك مقابل زيارة مواقعها والتعرف علي المعلنين الذين يدفعون مقابلا ماليا يساعد في تمويل عمليات التشغيل.