سعدت كثيراً بترشيح مصر لوزير ثقافتها فاروق حسني لمنصب الأمين العام لمنظمة اليونسكو.. هذا المنصب الرفيع الذي سيخلو عام 2009 والذي يبدأ الترشيح له من الآن.. إن ترشيح فاروق حسني مسئولية قومية وعربية كبري تقع ليس علي الوزير وحده ولكن علي شخصيات مصرية وعربية عديدة، ويحتاج لجهد مكثف من الآن لتحقيق الفوز بهذا المنصب الهام.. ولعل من الأفكار الجديرة بالاهتمام في هذا الصدد هو تشكيل لجنة مصرية وعربية من الشخصيات ذات الثقل الدولي والتأثير الواسع في المجالات الثقافية والعلمية، إضافة لتحرك مكثف وواع من الشخصيات المصرية التي تشغل مواقع دولية في إطار حملة واسعة لتحقيق هذا الهدف، ليصبح مرشح مصر هو أول عربي يتولي رئاسة اليونسكو، وأحسب أن للوزير فاروق حسني علاقات دولية ذات ثقل وصداقات في العديد من الدول الأجنبية.. ومما يؤكد أحقية وزير الثقافة المصري وهو في نفس الوقت عميد الوزراء المصريين أن "فريدريكو مايور" الرئيس السابق لليونسكو كان قد طالب بترشيح فاروق حسني لشغل هذا المنصب الدولي الهام خلفاً له، وكذلك مبادرة عدد من الدول الأوربية بموافقاتها لهذا الترشيح. ويأتي ترشيح مصر للوزير فاروق حسني تأكيداً علي تقدير القيادة السياسية لجهوده طوال سنوات توليه المسئولية.. والمتابع لمسيرة الرجل يجد أنه بعد أن تكاملت قدراته الفنية وازداد تدفقها سافر إلي باريس حيث عمل ملحقاً ثقافياً لمدة تسع سنوات، ثم انتقل إلي روما ليشغل موقع مدير الأكاديمية المصرية للفنون لمدة تسع سنوات أخري.. وفي هذه المرحلة قدم حسني الكثير من الإنجازات من خلال جهوده في التعريف بالثقافة المصرية للإيطاليين خاصة بعد تعرفه علي شخصيات إيطالية مرموقة في مختلف المجالات الفنية والسياسية والسينمائية والموسيقية والأدبية وغيرها، وبالإضافة إلي الإنجازات التي حققها في موقعه الرسمي، فقد استطاع أن يقيم العديد من المعارض الفنية لأعماله في روما وغيرها من المدن الإيطالية مما دعا الكثير من النقاد الإيطاليين إلي تقديم أعماله والإشادة بها. وعندما عاد فاروق حسني إلي مصر عام 1987 ليتقلد منصب وزير الثقافة كانت رؤيته تتلخص في صياغة مشروع السياسة الثقافية في مصر والتي تعتمد علي التركيز علي إبداع الشباب وديمقراطية الثقافة وتعميق الانفتاح الثقافي بين مصر والعالم إضافة إلي استكمال البنية الأساسية للثقافة وإنشاء الصروح الثقافية الكبري.. ولا يستطيع أي منصف أن ينكر أن السنوات التي تولي فاروق حسني مسئولية الثقافة في مصر قد شهدت أكبر حركة ترميم للآثار المصرية طوال تاريخها سواء الفرعونية أو الإسلامية أو القبطية مع اهتمام خاص بتطوير البنية التحتية وتأسيس معاقل ودور ثقافية ومكتبات بشكل غير مسبوق. ولا يمكن أن يسقط من ذاكرة أي مراقب النشاطات الدولية في مختلف الفنون .. تلك النشاطات التي وضعت مصر في قلب الحركة الثقافية الدولية وأقامت جسوراً قوية بين مصر ودول البحر المتوسط وغيرها من دول العالم. لم يكن هذا هو كل ما قدمه مرشح مصر والعرب لليونسكو الوزير فاروق حسني فقد عمل الرجل بإخلاص علي تشجيع حرية التعبير ودافع عنها بمنتهي القناعة والصمود في مواجهته قوي الظلام والتيارات الرجعية، فقد احتلت نشاطاته المتحفية موقعاً متقدماً في إنجازاته عندما أنشأ المتاحف الإقليمية والأثرية والفنية والتاريخية، ثم جاءت فكرته التي طرحها وعمل بإخلاص علي تنفيذها "المتحف المصري الكبير" وإنشاء متحف للحضارات المصرية بالفسطاط. كثيرة هي إنجازات فاروق حسني طوال السنوات التي شغل فيها موقعه منذ عام 1987 وحتي اليوم متمسكاً برؤاه الثقافية، مثبتاً استحقاقه بتولي هذا المنصب كل هذه السنوات.. منذ أيام التقيت الوزير فاروق حسني وسألته مباشرة: كيف تنظر إلي موافقة الرئيس حسني مبارك علي ترشيحك أميناً عاماً لمنظمة اليونسكو؟ قال بثقة: صدقني أنا أشعر أن هذا الترشيح تكليف ومسئولية قومية وعربية.. إن تشريف الرئيس لي بهذا الاختيار يلقي علي مسئوليات كبيرة. قلت: وكيف يمكن تحويل هذا الترشيح إلي نتائج تحقق الهدف؟ قال فاروق حسني الأمر ليس سهلاً فهناك جهد كبير ينتظر الجميع، فهذه المنظمة العالمية مسئولة عن الثقافة والعلوم والتربية وتعمل علي حماية التراث العالمي.. وأضاف إن السفارات المصرية في الخارج سوف تبدأ تحركاً كبيراً ومكثفاً للدعاية والترويج والاتصال بالعناصر المؤثرة في هذه الانتخابات التي سيصبح للنجاح فيها وقعاً خاصاً علي النفوس لأنها ستكون المرة الأولي التي يتولي فيها عربي هذا الموقع الهام. يبقي أن أقول إنه شرف كبير لكل مصري وعربي أن تفوز بالمنصب شخصية بوزن فاروق حسني، من هنا أنادي أشقاءنا العرب أن يبادروا بالمساندة، وأن نتعلم دروس الماضي عندما كنا نفقد مواقع ومناصب دولية هامة لا لشيء إلا بالمزاحمة الساذجة وبالابتعاد عن التنسيق فيما بيننا والله من وراء القصد.