في العدد الأسبوعي لجريدة نهضة مصر الصادر في 18 يناير الماضي وفي حوار مع الدكتور محمد حبيب النائب الاول للمرشد العام للإخوان المسلمين. قال بالحرف الواحد وآمل ألا ينكره بعد ذلك كعادته رداً علي سؤال لماذا لم تفكروا أي طائفة الإخوان جدياً في إقامة حزب للإخوان؟ فأجاب.. "عندما تدخل الحكومة في خصومة مع المجتمع بجميع شرائحه بدءاً من الطلبة واساتذة الجامعات والمحامين والصحفيين والمجتمع المدني والقضاة، لايكون العيب في الاخوان، ولايمكن وصم الاخوان بالخلل، بل إن الحزب الوطني هو الذي جعل هناك نوعاً من الانسداد في الحياة السياسية أدي إلي حالة من التخلف العلمي والتقني والحضاري التي تعاني منها مصر.. الخ. وسأكتفي بهذا المغالطات.. وأعود لاحقاً لبعض حديثه الذي اقل مايقال عنه انه محاولة "لأخونة" المجتمع وتكفيره واحتكار الوطنية.. بعدما احتقروا العمل السياسي المدني.. والذي يهمني في هذا المقال أن السيد "حبيب الإخوان" فاته او تناسي او لم يتعلم أن الديمقراطية ليست فقط إتاحة أوسع الفرص للمشاركة في صناعة القرارات الوطنية وفسح المجال لتداول السلطة من خلال صناديق الاقتراع، وإنما هي أيضا أنجح السبل لتحقيق اكبر قدر من التجانس والاندماج في المجتمع الوطني.. ونذكره بأنه في مقدمة اهتمامات دعاة الديمقراطية الحقيقيين والنشطاء سياسياً واجتماعياً لتأصيلها هو التأكيد علي مساواة المواطنين امام القانون وإلغاء كل التمايزات فيما بينهم باعتبارهم شركاء مسيرة وتطور.. وليس كما تقول "طائفة الإخوان" من خلال تصريحات قادتها عن اهل الذمة واستبعاد المرأة وعدم القناعة بالاحزاب السياسية وعدم الاعتراف بلجنة شئون الاحزاب وغير ذلك من المؤسسات التي تقوي بالدولة وتقويها اضافة الي المغالطات الكثيرة "في الفقرة سابقة الذكر" فكيف يجرؤ "حبيب الاخوان" علي الادعاء بأن الدولة في خصومة مع المجتمع كله، هل الدولة في خصومة مع مؤسسة القضاء ام مع من يحاولون من طائفته الانقضاض علي هذه المؤسسة المدنية العريقة المستقلة بطبيعتها وهل الدولة في خصومة مع المجتمع المدني ام مع من ينقضونه باسم الدين علي المؤسسات ويبعدونها عن دورها الحقيقي في الارتقاء بالمهنة وكفاءتها.. أليست هذه الطائفة هي التي انقضت علي العديد من النقابات والنوادي وفرضوا اجندتهم وأيديولوجيتهم الماضوية.. وهل الحزب الوطني وأنا لست عضواً فيه ولم تكن لي اية علاقة بأي سؤال ينتمي اليه ولكن اقول من منطلق دفاعاتي عن مدنية مصر وحداثتها، هل الحزب الوطني هو الذي سد الحياة السياسية وادي الي التخلف العلمي والتقني والحضاري ام ممارسات هذه الطائفة منذ نشأتها لضرب هيبة الدولة والانقضاض علي انجازات الدولة المدنية ومحاولة "اخونة" المجتمع وارهابه.. أليس شباب ميليشياتهم الذين اقتحموا جامعة الازهر رافعين شعارهم يبثون حالات الرعب في نفوس الطلاب وهم زملاؤهم في المدرجات والشوارع والبيوت.. هل هؤلاء الارهابيون هم الذين يقصد بهم "حبيب الاخوان" ان الدولة في عداء وخصومة معهم.. اي طلبة "ياحبيب الاخوان".. ان دعاة الديمقراطية الحقيقيون هم من يؤمنون بتوافر الشرط الاساسي لتحقيق الديمقراطية بجانب شرطي المشاركة السياسية وتداول السلطة، ويتمثل هذا الشرط في حماية النسيج الاجتماعي الوطني الذي لابد من تأمينه اولاً كي يتوافر المناخ السياسي الاجتماعي لقيام حياة ديمقراطية سليمة، لان هذه الحماية هي التي توصد الباب امام الاختراقات والمداخلات الاجنبية اضافة إلي خلق متاريس منيعة لعدم فرض اية ايديولوجية فاشية تقضي علي الانجازات المدنية للمجتمع، وبالتالي فهي توفر ضمانات السيادة واستقلال الارادة في صناعة القرارات وليست تابعة لاجندة ايديولوجية خارجية.. ويكفي "ان حبيب الاخوان" قد صرح بان النموذج الايراني هو مبتغي هذه الطائفة، وبالتالي يكون مرشدهم هو مرشد الثورة الاخوانية القادمة.. أفليس في هذا هدم لمنجزات المدنية بكاملها.. وجر مصر المدنية الي عصور الظلام.. فاذا كانت "طائفة الاخوان وحبيبها" يريدون الديمقراطية الايجابية وتفعيل قيم المشاركة السياسية وان يكونوا ضمن هذا النسيج الفاعل، فعليهم اولا ان يعوا دروس الديمقراطية في اروقة القانون وفضاءات الدستور وليس عبر حلقات الذكر، وان يميزوا بين الصيغ التعددية السياسية بمعني فسح المجال لمشاركة مختلف ألوان الطيف السياسي والفكري من خلال المؤسسات الحزبية التي تمثلها وتنطق بلسانها وهي التعددية التي لاتتعارض باي حال من الاحوال مع وحدة النسيج الوطني الاجتماعي والتي تعززها وتدفع باتجاه تعميق التجانس والاندماج ومن خلال احزاب شرعية تستمد شرعيتها من الدستور والقانون العام الذي يحكم البلاد، اما التعددية علي اساس فسح المجال لممثلي الجماعات العرقية او الدينية فهي تؤصل للتجزئة وتناحر المجتمع وافساده عبر شعارات فضفاضة غير محددة تساعد علي الانفصالات اكثر من الاندماجات.. وتخلق وعياً بالتمايزات علي اسس دينية او عرقية، وهو ما نكتشفه من خلال شعار "الاسلام هو الحل" الذي قال عنه قيادي آخر بالطائفة من انه شعار عبقري: إن الاسلام دين الدولة الرسمي، والمجتمع المصري بطبيعته يميل الي التدين سواء كان إسلامياً ام مسيحياً، وأنه ينتمي الي التجمعات المتدينة بطبيعتها وتنطلق جميع اشكال وعيه من منطلق اخلاقيات هذه الديانات السماوي وخلاصة: فنحن نقول "لحبيب الاخوان" ومرشده ولجميع "حبايب الاخوان" سواء من بعض قوي المعارضة التي تدعي من خلال اقامة جبهة من هذه الطائفة تحت دعوي انهم يشكلون جبهة ضد الحكومة او من احبابهم غير المنضمين لهذه الجبهة إنه إذا كانت هناك تحفظات علي النظام السياسي وهذا ايجابي وفعال وشرعي في ظل التفاعل السياسي الراهن واذا كانت هناك طموحات لمجتمع اكثر تطوراً وانتاجاً وايجابية فهذا لن يتم بالتحالف مع هذه الطائفة الفاشية التي لم تعتذر حتي الآن عن جميع سياساتها الارهابية وتقدم عقداً جديداً للاندماج مع المجتمع المدني السياسي وان تاريخهم حتي هذه اللحظة يؤكد ان نواياهم ليست الا في الانقضاض علي السلطة وفرض تصورهم هم عن "الاسلام هو الحل" فالمجتمع المصري بمسلميه ومسيحييه وجميع طبقاته ووعيه ومؤسساته يدركون معني هذا الحل.. واذا كان "حبيب واحباؤه" يريدون التقدم والحل لهذه الأمة فعلاً، فعليهم ان يحلوا عنا بأفكارهم الهدامة.