منذ عدة أيام تعرض نجلا صديقين لي لحادث سيارة في نفق الأزهر، وتم نقلهما إلي مستشفي خاص بسيارة اسعاف حكومية طلب سائقها خمسة وعشرين جنيها نظير خدمة التوصيل للمستشفي، علي الرغم من ان السيارة عبارة عن صندوق فارغ بلا أي تجهيزات طبية عاجلة ولا حتي ممرض ولانقول طبيباً مزوداً بشاش وقطن وأنبوبة أوكسجين. وفي المستشفي الخاص تم تحصيل 75 جنيها من احد المصابين رغم ان اصابته بسيطة جداً والحمد لله عبارة عن جرح سطحي في جبهة الرأس نتيجة الاصطدام بزجاج السيارة الذي لم ينكسر، وكل ما تم تقديمه كخدمة طبية فحص وميكروكروم وقطعة شاش وتذكرت تصريحات وزير الصحة والمسئولين الكبار في قطاع الصحة حول عدم تحصيل أي رسوم من مصابي الحوادث وتبين لي أن ذلك كله مجرد كلام لايجد طريقه إلي التنفيذ، وإلا كانت سيارة الاسعاف قد جاءت مجهزة وبها طبيب تولي تقديم الاسعافات الاولية في مكان الحادث وبسرعة. وبالطبع لا نعفي مسئولي نفق الازهر من المسئولية نتيجة عدم اغلاق النفق أو اغلاق حارة منه نتيجة وقوع عدة حوادث متتالية، وكان نصيب أبناء أصدقائنا ما حدث الحادثة الأخيرة وهي والحمد لله اقلها من حيث الاضرار البشرية. ولكن ترك نفق الازهر ساحة للسباق دون اي رقابة يستحق ايضا وقفة هامة من محافظ القاهرة ومسئولي النفق والمرور والشرطة التي تأتي دائماً بعد الحادثة واتيح لي ايضا عبر زيارات دائمة لصديقة تعمل مهندسة كبيرة في وزارة الاسكان أجرت عملية جراحية في مستشفي خاص، متابعة الانفاق المالي الرهيب ففي كل لحظة تتحرك الفاتورة ولايملك احد التدخل فالموقف كان حرجا والطبيب المعالج نصح بتدخل سريع، واتخذ صديقي المهندس قراره بالتوجه فورا إلي المستشفي الخاص وعدم انتظار اجراءات التأمين الصحي. وبعد انتهاء الجراحة ومن اجل استكمال العلاج كانت المفاجأة ان مستشفي التأمين الصحي في مدينة نصر قدم خدمة علاجية ممتازة وبالمجان وبدون تحصيل مليم واحد، حتي الاشاعات والفحوص المطلوب اجراؤها تم اصدار خطاب إلي مستشفي خاص لتجري فيه خصما من حساب التأمين. صحيح أن هناك ازدحاماً هائلاً في المستشفي، وعنابر مكتظة بالمرضي والزائرين الذين يحاولون نقل حياتهم اليومية وحلل المحشي والخضار والسمك والسردين إلي الغرف لمشاركة ذويهم هذا الطعام، إلا أن ذلك يستحق الكثير من التوعية بأكثر من اجراءات رجال الامن الصارمة والتي تشهد بعض التجاوز لتحقيق النظام وتأمين الهدوء والنظافة. ولكن في النهاية يحتاج التأمين الصحي إلي مزيد من التطوير وضخ الامكانيات الملائمة، وابعاد نظام الشركات عنه، فهو ونظام التأمينات الاجتماعية والرغيف أبو شلن والمواصلات العامة اخر الحصون التي يحتمي بها الغالبية العظمي والساحقة من ابناء هذا الشعب المكافح. واذا كنت قد اشرت إلي مجرد تجربة بسيطة في احد المستشفيات الخاصة، وحالة الاستغلال التي تمارسها، فلا أقل من تحية لمستشفي التأمين في مدينة نصر هذه القلعة الضخمة التي لا يدفع فيها أي مواطن مليما واحدا، وأخشي أن ينقض عليها رجال الخصخصة، والجالسون في مكاتب مكيفة بعيدا عن هموم ومتاعب الآلاف الذين يترددون علي هذا المستشفي وغيره من مستشفيات التأمين الصحي التي تحتاج إلي حماية وتطوير ودعم وتشجيع.