بعد أزمة وقصص أولاد الشوارع ووصولها الي قمة الاهتمام الإعلامي.. ومناقشة جميع جوانبها.. بقي لي سؤال مرتبط بموضوع "بيئة نشأة الأطفال في المناطق الأشد فقرا والعشوائيات". العشوائيات ليست في المناطق السكنية فقط ولكنها في الصناعات الصغيرة ايضا.. والفقرهو اساس كل مشاكل البيئة والصحة والاقتصاد والسياسة.. وصدق قول علي بن ابي طالب (كرم الله وجهه) حين قال (لو كان الفقر رجلا لقتلته) فهو أصل البلاء واصل الجريمة.. وعشوائيات الصناعات الصغيرة تكمن في الصناعات البلاستيكية الرخيصة والتي تنتج آلاف من أشكال قطع البلاستيك في صور لعب أطفال أو بالونات.. وخطورة تلك المصنعات ان المادة الاساسية في التصنيع وهي بودرة البلاستيك يكون مصدرها نفايات المستشفيات الملوثة والتي بالقطع تحمل أمراضا خطيرة. ويستخدمها الأطفال كلعب ودمي وأواني أكل.. وجميعها تستخدم مرات ومرات.. وتؤدي الي الاصابة بأخطر أمراض العصر (السرطان والأيدز). وساعد علي انتشار تلك الصناعات رخص التصنيع من آلات ومعدات.. ورخص سعر البيع للعائلات الفقيرة والتي تبحث عن سد الحاجة باقل الاسعار.. فهم يعيشون تحت خط الفقر وبالكاد يستطيعون توفير الغذاء لهم ولأطفالهم.. وعشوائيات إنشاء المصانع التي تقوم بتصنيع تلك المنتجات (مصانع تحت السلم) والغير مراقبة من الدولة تحتاج منا الي وقفة جادة من المؤسسات الإنمائية التي تدعم الصناعات الصغيرة والتي تقرض أموالا لإنشاء صناعات بيئية ومحلية من المنح الدولية... فهي تحتاج الي مزيد من التوعية الإعلامية من خلال التليفزيون لتعريف اصحاب تلك العشوائيات الصناعية من تطوير وتدعيم منشآتهم لتتلاءم مع المواصفات العالمية في منتجاتها.. وهذا ليس بالصعب.. فإنشاء جهاز شبابي خاص بالتوعية في مجال تطوير الصناعات العشوائية وجعلها صناعات لها مواصفات علمية سليمة يعتبر واحدا من المشروعات التي تخلق فرص العمل وتحقق طفرة في المجال الصناعي.. فالعمالة ذات حجم كبير ولكنها غير مدربة وتحتاج الي فرصة لاثبات الوجود. هونج كونج وتايوان.. تلك الاسماء التي تمثل القلاع الصناعية العالمية الان.. كانت من قبل كلها صناعات بير السلم! وهي نفس مانحن فيه الآن.. ولكنهم طوروها وزادوا من اعدادها ولم يخجلوا من الاعتراف بها.. صنعوا (وشوش فوانيس سيارات.. وصنعوا كماليات السيارات.. التي لاتؤثر علي السلامة المباشرة.. وأطلقنا نحن عليها.. ماركات مضروبة) وأسعار رخيصة.. واستخدمناها.. ما نحن فيه الآن.. ليس عيبا.. ولكنه اذا استمر علي هذا النمط من الاستسهال والتواكل وعدم التطوير سيصبح قنبلة موقوتة.. وأخطر من مياه الشرب الملوثة.. التي تدخل قري كثيرة في دلتا مصر وصعيدها..