قدم تقرير لمنظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية "يونيدو" رؤية من سبعة محاور بشأن معالجة الفقر المدقع التي يعاني منه حوالي مليار من سكان العالم، وهي رؤية تعتمد بشكل أساسي علي المدخل الصناعي باعتبار تخصص المنظمة. وقال ممثل يونيدو بمصر إن الرؤية المضمنة في تقرير المنظة لسنة 2009 موجهة لصانعي السياسة وأصحاب القرار، حتي يمكنهم وضع الخطط المناسبة للنهوض بالصناعة في البلدان التي تعاني الفقر المدقع ويقع معظمها في إفريقيا وآسيا. وفي مؤتمر صحفي بالقاهرة صباح الخميس، قدم بول ماكين الخطوط العريضة للتقرير مستعرضا محاوره الرئيسية وهي ما يلي: * مساعدة البلدان الأشد فقرا في زيادة تحقيق الكفاءة الاقتصادية باختيار المنتجات المناسبة للتصنيع داخل هذه البلدان. * مساعدة هذه البلدان في النفاذ إلي الأسواق العالمية من خلال تحسين قدراتها التصديرية الخاصة بالجودة، واستيفاء شروط السلامة والصحة. * تقديم السياسات التي يجب أن تتبناها الدول الأشد فقرا من أجل تسريع وتيرة النمو الصناعي. * العمل بتصنيف جديد تأخذ به الأممالمتحدة وهو البلدان المصنعة الأقل نموا لكي تستخدمه منظمة التجارة العالمية فيما يتعلق بالتعامل مع هذه البلدان. * مساهمة الدول المتقدمة من خلال معاملة تجارية تفضيلية للبلدان الأشد فقرا، والتغاضي إلي حد ما عن قواعد المنشأ بشكل مؤقت أمام المنتجات الصناعية للبلدان الأشد فقرا. * منح المساعدات في إطار المساعدات مقابل التجارة ومساعدة البلدان الفقيرة في انتاج سلع تستوفي المعايير البيئية. وركز ماكين علي دور الصناعات الصغيرة والمتوسطة في تنفيذ البرامج الصناعية، وقدرتها علي إيجاد فرص عمل بشكل أفضل. وأكد أيضا ضرورة أن يكون هناك توجه للتخصص الدقيق في التصنيع بمعني اختيار جزء من سلعة لتجويد التصنيع فيه. وأورد في هذا السياق مثال مقاطعة كياتو الصينية التي تنتج 65% من انتاج العالم من الذرة والخاصة بصناعة الملابس. ويري د. أنور النقيب الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات أن القضية لدي هذه الدول ليست في وجود رؤية أو استراتيجية، ولكن في مصادر تمويل استثماراتها، وكيف تصرف منتجاتها في ظل تراجع حركة التجارة بالأسواق العالمية. وتصاغ المبادرات العالمية "كما يوضح النقيب" في ظل معرفة غير جيدة بيئة البلدان الفقيرة، فمثلا مسألة المنتجات المستوفاة للشروط البيئية قضية مهمة، ولكن السؤال هو: هل تمتلك هذه الدول مشروعات تتيح فرص عمل من الأصل، سواء كانت تتفق أو لا تتفق مع المعايير البيئية؟. ويقول "الواقع أن هناك فراغا كبيرا في حجم المشروعات وكذلك توفير الاستثمار بهذه الدول، وما إذا كانت هناك نوايا جادة في مساعدة الدول الفقيرة، فلنقدم لها استثمارات حقيقية تتناسب مع إمكانياتها ومواردها الطبيعية والبشرية، ثم بعد ذلك يأتي الحديث عن تنمية وتيرة التصنيع أو زيادة فرص التجارة وخلافه". وردا علي سؤال عما إذا كان هناك جديد في تقرير يونيدو، أجاب النقيب بالنفي وقال "إن الرؤية مطروحة منذ أكثر من ثلاثة عقود، والدول الأشد فقرا تأخذ بهذه التوصيات ولكن بقية المعالجات الحقيقية لمشكلة الفقر في البلدان بعيدة عن عالم الواقع". من جهته يري الخبير الاقتصادي عبدالخالق فاروق أن هذه الرؤية تعتمد علي تجاهل دور الدولة في التصنيع، وهو أمر يجب أخذه في الحسبان خلال المرحلة المقبلة بعدما تغير المنحي بهذه القضية بالدول المتقدمة في ظل الأزمة المالية العالمية. ويوضح "من هنا يجب إعادة النظر في برامج الخصخصة في البلدان الأشد فقرا والبلدان النامية بوجه عام، كما أن فكرة الصناعات الصغيرة والمتوسطة يرتبط نجاحها بوجود روابط بينها وبين الصناعات الكبيرة، ولا تسبح الصناعات الصغيرة والمتوسطة في فضاء مستقل عن الصناعات الكبيرة". ويتابع فاروق "هذا هو الفارق بين نجاح التجربة في البلدان المتقدمة والنامية"، ووفقا للخبير ذاته فإن رؤية يونيدو تقليدية وتدور في إطار المساعدات وحرية التجارة، وهي رؤية يقف الجميع منها الآن موقف الحذر.