هل تستطيع أن تقف ضد الحس الشعبي الجارف حتي لو كنت "باشا" أو رئيس شبكة إذاعة؟ وهل تنبع المواقف من رغبة ذاتية أو أمزجة شخصية أم بناء علي تعليمات عليا؟! أسئلة فرضها الموقف العجيب الذي تبنته سهير الباشا رئيس شبكة الشباب والرياضة في الأيام القليلة الماضية، وأثار الكثير من علامات الاستهجان وآيات الاستنكار. ففي الوقت الذي حقق حزب الله انتصارات متوالية علي العدو الصهيوني تباهي بها الموضوعيون وفرح بها جمهور المستمعين والمشاهدين في ربوع مصر المحروسة، وتسابق أبناء الشعب المصري لإعلان دعمهم الكامل لأبناء المقاومة اللبنانية، وكان لهذا الموقف الشعبي دوره في استجابة الموقف الرسمي، بعد طول تردد في البداية، فيما انتظر الكثيرون موقفا إيجابيا داعما من الإعلام المصري، ولو بالكلام، كانت سهير الباشا رئيس شبكة الشباب والرياضة تتبني موقفا صادما وعجيبا ومخيبا للآمال، حيث فوجيء العاملون بالشبكة بها توبخ وتعاقب كل من يحاول إظهار مشاعره المتعاطفة أو المؤيدة للموقف اللبناني، أو حتي تقديم أغان وطنية في برامجه، بما في ذلك الأغاني التي تقترب من هذا المحور في تجاهل صارخ لمشاعر الشعب المصري!! حدث هذا في فقرة يوم الاثنين 31 يوليو الماضي؛ أي في وقت احتدام العدوان البربري الإسرائيلي علي الجنوب اللبناني، وتحديدا في الساعة الثالثة فجرا حين طرحت رضا الكرداوي سؤالا علي جمهور مستمعي الشبكة بعنوان "ماذا تفعل للوقوف بجانب لبنان؟"، وبالطبع كان السؤال يحمل نبرة تعاطفية لا يمكن، أبدا، أن تعد تحريضية، وبالتالي حدث تجاوب كبير عبر عن نفسه في المكالمات الهاتفية الكثيرة التي توالت علي الهواء؛ حيث اقترح المستمعون البدء بجمع تبرعات مالية من خلال رقم حساب علي أي بنك مصري يتم تحديده، فيما اقترح آخرون أشكالا أخري للدعم، لكن شيئا من هذا فيما يبدو لم ينل إعجاب "الباشا" بعد وشاية من إحدي المقربات لها، وعلي الفور قامت باستدعاء رضا الكرداوي ، ووبختها بشدة قائلة إنها بما فعلته تثير الرأي العام، وتتسبب في إحداث بلبلة (!) وعاقبتها بإسناد الفقرة التي تقدمها إلي زميل آخر لها في نفس الشبكة!! بحيث يصبح المسئول الأول وتتحول "رضا" إلي "مستمعة" مما دفع العاملين في الشبكة للقول إنها تحولت علي أيدي "الباشا" إلي إقطاعية أو سجن للتأديب والتهذيب والإصلاح. العجيب أن الموقف نفسه تكرر بشكل آخر مع مذيعة أخري بنفس الشبكة يوم الجمعة 28 يوليو في الفترة الصباحية، وتحديدا في العاشرة صباحا، أثناء تقديمها لفقرة إذاعية بعنوان "غلطة بورطة" فطرحت سؤالا عن المذابح التي ارتكبتها إسرائيل وآلتها العسكرية الهمجية ضد أبناء الشعب العربي، سواء في فلسطين أو لبنان أو مصر، وقالت في سؤالها: "متي كانت مذبحة قانا الأولي؟ ومتي قصفت الطائرات الإسرائيلية مدرسة بحر البقر وأبو زعبل؟". ولم يكن موقف "الباشا" بأقل حدة وغضبا من مواقفها العجيبة التي تصدر عنها في مثل هذه المناسبات؛ حيث انزعجت بشدة، وعلي الفور أمرت بحذف البرنامج من الخريطة واستبدلته بفقرة أخري بعنوان "أصله ورد بريحة اليود" (!) علي غرار البرامج الخفيفة التي تطرح أسئلة مثل من هو "فرقع لوز"؟! ونظرا لتفاهة الفقرة تساءل جمهور المستمعين عن المكان الذي ذهبت إليه مذيعة "قانا" خشية أن تكون قد تعرضت هي الأخري لمذبحة علي يد سهير الباشا، فما كان من رئيس الشبكة سوي أن أعادت الفقرة مع التنبيه بعدم ارتكاب "الأخطاء" السابقة. موقف آخر أكثر إثارة جرت أحداثه في الشبكة نفسها، التي تترأسها سهير الباشا، في الفقرة الصباحية التي تذاع من الثامنة إلي الحادية عشرة صباحا، بعنوان "كابتشينو" وتقدمها فجر عباس، شقيقة سعد عباس نائب رئيس قطاع الأمن بالتليفزيون، وكانت الفقرة تتضمن تقديم بعض الأغاني ذات الإيقاع الهادئ، الذي يتناسب مع مشاعر الحزن التي تجتاح جمهور المستمعين نتيجة لما يحدث علي أرض لبنان من مذابح، لكن الأغنية التالية اتسمت بالصخب والضجيج، فما كان من المذيعة سوي أن اتجهت بالسؤال لرئيس الشبكة عما إذا كانت تستغني عن الأغنية ذات الإيقاع الصاخب حتي لا تصدم مشاعر المستمعين، لكن "الباشا" رفضت هذا الرأي "العاقل"، وطالبت بالإفراط في تقديم هذه النوعية من الأغاني الزاعقة لينسي الناس ما يجري هناك في لبنان (!!) نتيجة لكل هذا غابت إذاعة الشباب والرياضة، أو تم تغييبها بفعل رئيستها، عن ملاحقة الأحداث الساخنة، وعمدت إلي عزل جيل الشباب عنها، وكأن المطلوب منهم أن يستمتعوا باللهو والترفيه والرياضة فقط، بعكس ما كان يحدث علي بعد خطوات من "الباشا" في الإذاعات والشبكات الأخري مثل الشرق الأوسط والبرنامج العام وصوت العرب، حين أكثرت من تقديم أغنيات "بحبك يا لبنان" لفيروز، و"الحرية" لجوليا بطرس، فيما خصصت إذاعة الأغاني الفترة من الثامنة إلي التاسعة مساء كل يوم سبت للأغاني الوطنية. فهل جاء تصرف سهير الباشا نابعا من ق