بالرغم من أن تعديلات قانون الحبس الاحتياطي أعطت العديد من المحبوسين علي ذمة قضايا لفترات طويلة حق الخروج من السجن حتي تتم محاكمتهم، إلا أن هناك العديد من السلبيات التي ظهرت بعد بدء تطبيق القانون. رصدت منظمات حقوق الإنسان هذه السلبيات حيث أكد العديد من نشطاء حقوق الإنسان التعديلات التي قامت بها الحكومة لم ترض طموح العديد من القانونيين ورجال السياسة ممن توقعوا أن تقدم الحكومة مشروعاً يتماشي مع الرؤية الإصلاحية التي ترددها الحكومة. وقال جمال بركات مدير الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات أن تنفيذ تعديلات قانون الحبس الاحتياطي الأخيرة تمت بشكل أخل بمبدأ التساوي في الحقوق أمام القانون لافتاً إلي استخدام التعديلات لصالح المتهمين في بعض القضايا مثل المتهمين في قضايا فساد أو استثناء المتهمين في قضايا سياسية مثل قضايا الإخوان. وأوضح بركات أن عمليات إخلاء السبيل الأخيرة تتم دون صدور لائحة تنفيذه لتعديلات القانون وهي سابقة قانونية خطيرة مشيراً إلي أن هذا أعطي الفرصة لاستخدام هذه التعديلات لصالح متهمين في بعض القضايا دون قضايا أخري. وأكد بركات أن منظمات حقوق الإنسان والمجلس القومي لحقوق الإنسان طالبوا بالعديد من التعديلات في القانون الجديد ولكن ذلك لم يتم مثل أن يقتصر حق النيابة في الحبس الاحتياطي علي الجرائم التي يصل الحد الأدني فيها لعقوبة الحبس لمدة عام حيث ان الحبس الاحتياطي شرع لحماية إجراءات التحقيق وضمان أمن الأدلة وهذا المبرر غير متوافر في المتهم المرتكب لجرائم الجنح البسيطة والتي تصل عقوبتها إلي ثلاث سنوات وكذلك جرائم الجنايات الدنيا والتي يصل الحد الأدني فيها ثلاث سنوات، مشيراً إلي عدم ورود أي نص يؤكد الأحقية في الضمانات التعويضية لمن يحبس احتياطياً بعد صدور حكم ببراءته هو موقف متشدد لا مبرر له، كما أنه يعد ضمانة قوية لعدم توسع النيابة العامة وتعسفها في استخدام سلطاتها في الحبس الاحتياطي. وأضاف أن التعديلات الجيدة الموجودة في المشروع كان أهمها إعطاء الحق لمعاوني النيابة في الإفراج وإن كان من الأفضل أن يصدر هذا القرار بعد العرض علي المحامي العام للنيابة المختصة، خاصة أنه يمكن إجازة أن يكون الحبس الاحتياطي في الجرائم التي يصل الحد الأدني للعقوبة فيها لثلاث سنوات. وقال بركات: إن هناك معايير دولية يجب تحقيقها في التعديلات الجديدة لقانون الحبس الاحتياطي وهي مبادئ روما التي صدرت عام 1953 والتي نصت علي افتراض البراءة للمتهم حتي يحكم عليه نهائياً وأن الحبس قد لا يكون ضرورياً ولكن يجب النظر إليه علي أنه استثناء، كما لا يجوز حبس شخص بقيد أمر مسبب من القاضي المختص. وأضاف أنه يجب أن يمكن المحبوس احتياطياً من الطعن في الأمر بحبسه في الأدوار المختلفة التي تمر بها الدعوي وفي حالة الخطأ الظاهر يجب أن تسأل الدولة عن تعويض من أمر بحبسه خطأ حتي يتبين أنه قد تعسف في استعمال سلطته. ومن جانبه يوضح طارق خاطر مدير جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان أن تعديلات القانون استثنت منذ اليوم الأول المحبوسين أمام القضاء العسكري أو المتهمين في قضايا النشر وهو ما أخرجنا منذ اليوم الأول عن الأصل العام للحبس الاحتياطي الذي كان يجب أن يكون إجراء سيئا نلجأ له في الظروف الطارئة فقط وحسب ظروف الجريمة حيث تلجأ الدول للحبس الاحتياطي إذا كان المجرم يستطيع بخروجه التأثير في أدلة الجريمة أو باستطاعته الهروب خارج البلاد. وأضاف أن النيابة العامة أسرفت منذ زمن بعيد في استخدام هذه القاعدة الاستثنائية في مواجهة مواطنين عاديين، وفي جرائم غير مؤثرة وكذلك المعارضين السياسيين وجماعات الضغط من أجل التغيير فيها غضت الطرف عن جرائم الفساد الكبيرة والتي كان آخرها حادثة العبارة وهروب المتهم الأول فيها خارج البلاد وعدم خضوعه لأية إجراءات تحقيق أو خلافه، كما ظهر أيضاً عند بداية تطبيق التعديلات الحالية والتي استفاد منها كبار المتهمين في قضايا الفساد وخرج معظمهم بينما ظل المتهمون في قضايا ذات صبغة سياسية داخل السجون مشيراً إلي وجود العديد من المعتقلين الذين لم توجه لهم أي تهم منذ سنوات داخل السجون تحت ذمة الحبس الاحتياطي وصلت في بعض الاحيان إلي أكثر من 11سنة. وأشار خاطر إلي أن أكثر السلبيات التي شابت المشروع هي عدم توافق التعديلات مع وجود آليات جديدة للتنفيذ في مراقبة الموجودين تحت ذمة قضايا كبيرة لضمان عدم هروبهم، فما زالت إدارات التنفيذ تعمل بنفس أسلوبها القديم الذي يشوبه العديد من السلبيات والتي يمكن أن تتسبب في هروب العديد من المتهمين من أصحاب النفوذ أو المتهمين في قضايا فساد خارج البلاد حتي مع صدور قرارات منع من السفر، فعدم تطوير الآليات يمنح هؤلاء المتهمين فرصاً قوية أخري لخرق هذه التعديلات دون صعوبة تذكر. ويري إيهاب سلاح مدير العمل الميداني بجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء أن التعديل الذي تم علي قانون الحبس الاحتياطي لم يلب رغبة نشطاء حقوق الإنسان في إجراءات تعديلات جيدة في جوهر الحبس الاحتياطي حيث لا يزال المحبوسون احتياطياً يدخلون الحجز مع المجرمين وهو ما يؤثر علي نفسيتهم كثيراً خاصة البرئ منهم، وقال إن المنظمات طالبت منذ زمن بعيد بالفضل داخل السجون وإنشاء أماكن احتجاز جديدة لهم وهو ما لم يتم حتي الآن رغم استجابة الحكومة ولكن دون تنفيذ واقعي لها مشيراً إلي أن تخفيض المدة من ستة أشهر إلي ثلاثة فقط كان خطوة للأمام ولكنها لم تمس أصل الموضوع وهي أن المتهم خلال الثلاثة أشهر يعامل وكأنه مجرم ومدان حيث لم تظهر حتي الآن أي مؤشرات علي تحسن معاملتهم داخل أماكن الاحتجاز. وأكد سلام أنه من خلال متابعة المركز لإجراءات تنفيذ التعديلات ظهرت سلبيات كثيرة كان أبرزها عدم استعداد أقسام الشرطة لإجراء متابعات دقيقة للخارجين من جرائم خطيرة، حيث لم يطرأ أي تطوير علي آليات المراقبة والمتابعة مصاحباً لهذا التعديل لافتاً إلي أن هذا الأمر يجري في دول أقرت من خلال إجراءات احترازية متقدمة مثل وجود أجهزة حساسة تسهل علي أجهزة الشرطة مراقبة المدانين في جرائم خطيرة والذين يخشي هروبهم عن أعين رجال الشرطة خلال فترة وجودهم خارج السجن. كما أن حركتهم خارج محافظتهم ليس من السهل ضبطها مشيراً إلي أن لدينا في مصر حالات كانت ممنوعة من السفر بقرار، واستطاعوا الهرب. وأشار سلام إلي أن المؤشرات الأولية لتنفيذ التعديلات أكدت وجود انتقائية في تنفيذ التعديلات علي حالات معينة حيث لم يصمم التعديل علي كل المحبوسين احتياطياً داخل مصر، كما أن إجراءات انتقال الموجودين علي ذمة الحبس الاحتياطي تخضع لإجراءات روتينية معقدة ولتقدير وكيل النيابة وكذلك آليات التظلم من قرار النيابة بالحبس الاحتياطي ومدته. وأوضح سلام أن فترة الثلاثة أشهر الخاصة بإجراءات الإفراج عن أول دفعة لم تنته ولكن هناك سلبيات كثيرة ظهرت من خلال تنفيذ هذه التعديلات وهو ما أكد أنها مجرد إجراءات شكلية وأن الانتهاكات القديمة مازالت موجودة في الحبس الاحتياطي خاصة من جانب المواطنين في التظلم من قرارات الحبس لافتاً إلي أن حصول المحامين في بعض الأحيان علي تفويض من أحد المتهمين للتظلم والنظر فيه استغرق أكثر من شهر وهو ما أكد أن ضمان التظلم ليس لها ارتباط أيضاً بواقع تطبيق هذه التعديلات.