سألني صديقي العلماني: هل ما زلت تتابع كرة القدم التي كنت تمارسها في شبابك قلت له في مرح قليلا جدا لكنه باغتني لقد قرأت لك من سنوات مقالا فريدا لرؤيتك حول أزمة كرة القدم في مصر نشرته صحيفة مصرية مستقلة وقتها في صفحتها الأولي، وأقرأ مقالاتك حول الزمالك فعرفت أنك محتفظ بزملكاويتك، فلم أشأ أن استرسل في دفاعاتي الحصينة الرافضة لمتابعة شؤون كرة القدم وكبحت داخلي رغبة في أن أستمر في انتحال صفة ناقد رياضي بأن أعبر له عن امتعاضي علي المستوي الهزيل الذي وصل إليه فريق الزمالك الذي كنت أشجعه في صباي وأن حاله لن ينصلح إلا بالاحتكام إلي الجمعية العمومية ليقول الأعضاء كلمتهم في ظل المتغيرات التي وقعت منذ الجمعية العمومية السابقة، بدلا من محاولات الترقيع التي تجري وتزيد الأزمة اشتعالا، فبدلا من تنفيذ الحكم برمته كما هو والذي قضي بوقف تنفيذ قرار وزير الشباب السابق بحل مجلس إدارة نادي الزمالك، إلا إن المهندس حسن صقر أو مستشاريي السوء من حوله أشاروا عليه بتنفيذ بعض الحكم وإهدار بعضه فأعادوا مرتضي منصور كرئيس ورفضوا تنفيذ الحكم بالنسبة للأعضاء الذين سبق ورفضت استقالتهم وتم تعيين بعض المقربين من صقر، واحتدم الموقف علي النحو الذي تابعنا لست من أنصار أن تدس الجهة الإدارية أنفها في شئون التجمعات والنقابات والأندية وكافة المؤسسات الديمقراطية المستقلة، فالجمعية العمومية هي التي ينبغي أن تكون صاحبة الكلمة العليا في شئون الأندية والنقابات، هي التي تقرر عدم صلاحية الرئيس أو عدم صلاحية بعض أعضاء المجلس وهكذا، المشكلة مركبة فالذوق العام فسد إلي حد كبير، وعجزت بعض هذه المؤسسات عن إصلاح شأنها داخليا فرخصت للسلطة أن تتمكن داخلها فهي لا تعدم الأنصار، وإلا فما تفسير ما يجري في نقابة عريقة مثل نقابة المحامين التي عجزت عن توفيق أوضاعها، وأصبحت أضحوكة وسط مؤسسات المجتمع المدني بعد أن كانت قبلة المستضعفين والمظلومين والمعتقلين، انقسمت بين فريقين وسط سلبية أعضائها وسكون شيوخها وحكمائها، وهو وضع لو بذلت السلطة ملايين لما وصلت إلي هذه النتائج المهمة بالنسبة لها، وأي مبالغ يمكن أن تعوض ضعف قلعة الحريات وغيابها عن المشهد؟. لكن صديقي العلماني المشاغب بادرني لا تحاول جري إلي أوضاع أخري وقل هل ستحول موقفك السياسي والديني المعادي للولايات المتحدةالأمريكية داخل الملعب ؟ فاجأني وفغرت فاهي لكنه عاودني سريعا في المونديال الماضي تعاطفت دوائر كثيرة شعبية شرق أوسطية مع الفريق الإيراني في مباراته ضد الفريق الأمريكي وانتهي بفوز الإيرانيين واستطرد العلماني قائلا إقحام السياسة في الرياضة أمر فيه تزيد _ الرياضة هدفها خلق نوع من العلاقات بين الشعوب بعيدا عن توترات السياسة ومشاكلها المعقدة بين الحكومات أو الحكام _ كلام العلماني شجعني أن أخلع قليلا برقع الحياء من الكلام حول كرة القدم وقلت كيف تطلب مني أن أنسي هموما أنتسب إليها وأفصل بين الرياضة و السياسة وأشجع مثلا الفريق الأمريكي وهو يلعب ضد فريق السعودية !! فالشعب الأمريكي هو الذي يرسم سياسات إدارته ضد العرب والمسلمين وكل استطلاعات الرأي توضح هذا التأييد العنصري المأزوم ? لذلك تشجيع الفريق الأمريكي غير وارد بالمرة تحت أي مسمي أو أي تبريرات، كما أن حال الفريق الامريكي ظهر في حال متواضعة فلم يكن بأحسن حال من الفريق السعودي أو التونسي اللذين خرجا من الأدوار الأولي فاستوي العالم الثالث مع القوي العظمي في العالم التي لم تستطع صنع فريق قوي في كرة القدم . قلت لصديقي دعنا من السياسة في الكرة ومن الكرة في السياسة، سأتابع فريقي المفضل البرازيل صاحب الأداء الجميل السهل الممتنع وإن كانت حالته في الفترة الأخيرة غير مطمئنة لكنه يبقي الأحظي انتشارا وقبولا من جماهير كرة القدم، قلتها قبل أن يطيح الديك الفرنسي بأحلام البرازيليين خارج المونديال، ففقدنا البرازيل وهو من يعطي لكرة القدم بريقا خاصا كما فقدنا قبله متابعة الفريق الأخضر بحكم القبيلة ومعه الفريق التونسي، مكتوب علينا الفشل في السياسة والاقتصاد والفشل، يعني حضارتنا المعاصرة مهزومة أمام الحضارة الغربية رغم أننا أبناء حضارة منتصرة ورثناها حاضرة مؤثرة في الدنيا رغم آلاف السنين، المشكلة أننا نستهدي هوي الحضارة الغربية بالمحاكاة وطبيعة الأشياء أن التقليد غير الأصل، رغم أننا نملك رصيدا وتراثا زاهرا من أصل حضارتنا التي تتماشي مع تقاليدنا وقيمنا التي لو سلكنا فيها طريقا جادا لحزنا مكانا علي الخارطة بين الأمم، لكن كثيرا من هؤلاء الذين يستهوون هوي الغرب لا يرون في الإسلام صلاحية ليسوس شئون الدنيا، ويطالبون مجددا بفصل الدين عن الدنيا أو السياسة. غزة الجريحة: حاولت الهروب من الكتابة حول ما يجري في غزة، فالوضع خارج نطاق الوصف أو الاحتمال، حاولت كما تري عزيزي المشاهد أن أتجول في الرياضة تارة وفي نقابة المحامين تارة أخري، عسي أن أنسي تلك المشاهد التي نجترها صباح مساء علي شاشة التلفاز، أصبحنا امة بليدة، نتابع ما يجري في غزة من قسوة وقتل وتدمير كأننا نتابع فقرة أكشن من فيلم مثير سرعان ما نتحول بعدها بالريموت إلي قناة أخري تثير البهجة، والغريب أنه لم تعد الحكومات وحدها بليدة وإنما تجاوزتها إلي الشعوب، أعني شعوبنا العربية بالمعايشة وطول الأمد صارت غائبة بليدة لا تكترث بما يجري في فلسطين أو بغداد ولا حتي القاهرة .. ويجعله عامر.